الأحد، 21 يناير 2024

شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة ترجمة مختصرة للمصنف

كتاب اخر شرح متن البناء شرح متن البناء -1- شرح متن البناء -2- شرح متن البناء -3- شرح متن البناء -4- شرح متن البناء -5- شرح متن البناء -6- شرح متن البناء -7- شرح متن البناء -8- ================== ( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات ) شرح متن البناء ـ[شرح متن البناء]ـ المؤلف: أحمد بن عمر الحازمي مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشيخ الحازمي http://alhazme.net [ الكتاب مرقم آليا، ورقم الجزء هو رقم الدرس - 8 دروس] (/) ________________________________________ عناصر الدرس * المراد بالبناء. * علاقة الصرف بالنحو. * أربع مقدمات للصرف. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فكما هو معلوم ومقرر أننا سنبدأ في هذه الليلة بإذن الله تعالى في ((متن البناء)) في فن الصرف في متن البناء المسمى بالبناء والمراد به بناء الأفعال لأن البحث كما سيأتي في مبحث أبنية الأفعال. وهذا الكتاب غير معروف النسب، مجهول النسب يعني: عالمه غير معروف كاتبه غير معروف وإن نسب للزنجاني نحوه لكنه ليس بالصواب، هذا مشهور لأنه طبع معه تصنيف علمي ومتن البناء جمع بينهما في طبعة واحدة وكتب عليهما للزنجاني فاشتهر أن متن البناء للزنجاني لكن هذا ليس بصواب، بل صاحبه مجهول النسب، وهذا لا يضر، إذا نظر في الكتاب وعُلم أنه ليس فيه ما يخالف أصول العلم نقول: إذا علم ما في الفن من أو ما في الكتاب من صلاحيته أو موافقته لأصول الفن لا يضر كونه غير معروف الكاتب. هذا المتن على شهرته ومكانته عند أرباب الفن لقلة المتون المختصرة في هذا الفن، الصرف وهو شقيق للنحو إلا أن قلة المتون الصرفية ليست كالمتون النحوية، كثر شارحوه، بل أوصل بعضهم عدد الشروح والحواشي أكثر من مائة وأكثرها مخطوط ولم يخرج فيما اطلعت عليه إلا ((تلخيص الأساس))، و ((تلخيص الأساس)) هذا لصاحبه علي بن عثمان مطبوع ومعه شرح الكفوي أو نحو ذلك مختصر أيضًا ولا أعرف أكثر من هذين الشرحين. والصرف كما هو معلوم أنه شقيق للنحو، واللغة العربية بأثرها شرط في المجتهد عند أهل العلم، وذكروا أن المجتهد الناظر في الكتاب والسنة لا بد أن يكون مشتملاً على أدوات وآلات الاستنباط، وهذه الآلات وهذه الأدوات لا بد أن تكون راسخةً في المجتهد وأصلها ولبها وجامعها هو اللغة العربية لأن الناظر في الكتاب والسنة إنما يريد الاستنباط وحينئذٍ لا بد أن يكون عن علم وعلى قدرة تامة باللغة العربية لماذا؟ لأن القرآن والسنة كما هو معلوم مبناهما أو أصلهما اللغة العربية {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [الشعراء: 195] بل أعلى درجات اللغة فحينئذٍ لن يستطيع من أراد الاستنباط والتحرر عن التقليد إلا إذا كان مليًّا باللغة العربية. وهذه اللغة العربية فرض عين على المفسر، فإذا أراد المفسر أن يفسر كلام الله فلا بد أن يكون مليًّا باللغة كما حكى الإجماع السيوطي رحمه الله تعالى. النحو الصرف - لا نريد أن نطيل في المقدمة - النحو والصرف شقيقان لذلك اشتهر عند أرباب الحواشي أن أبا العربية النحو وأمها الصرف، أم وأب لا غنى لأحدهما عن الآخر، ولذلك على الترتيب أن جرى المتقدمون بتقديم الصرف على النحو لماذا؟ لأنه متعلق الصرف هو المفردات ومتعلق النحو هو المركبات، ومعلوم أن العلم بالمركبات هذا فرع عن العلم بالمفردات، وقدموا علم الصرف على النحو، ولكن عند المتأخرين عكسوا نظرًا لأن النحو أحوج إليه طالب العلم من الصرف أحوج إليه من الصرف لماذا؟ (1/1) ________________________________________ لأن بالنحو يستطيع أن يميز الكلام بعضه عن بعض، ويقع التفاهم - كما هو معلوم - والتخاطب بالكلام، وتميز الكلام بعضه عن بعض إنما يكون بواسطة النحو وهذا أهم، ونظر طالب العلم الشرعي في النحو أحوج لماذا؟ لأنه أمس به من المفردات ولا غنى عن العلم بالمفردات، فحينئذٍ شاع عند المتأخرين تقديم النحو على الصرف وهذا أنسب لطالب العلم، وأنسب من حيثية أخرى في عصرنا هذا أن الطالب لو نظر في النحو ثم مل فترك حينئذٍ يكون قد حصل شيئًا مما يحتاجه الكتاب والسنة، لكن لو نظر في الصرف أولاً والصرف من المعلوم أنه أصعب بكثير جدًا من النحو وعليه من استصعب النحو مباشرة سيكون الصرف عنده من الصعوبة بمكان. فإذا نظر في الصرف ثم ترك مل حينئذٍ سيفوته كثير من النحو، ولذلك النظر في النحو أولى من النظر في الصرف. قبل الشروع في الكتاب هذا لا بد من مقدمة أولها نعرف ما حقيقة الصرف والتصريف. وما موضوع فن الصرف. وما حكمه في الشرع. ثم نختم بالمقدمة الرابعة وهي ميزان الصرف. وهذه لا بد لها من فهم؛ لأن الكتاب إذا لم تذكر هذه الأمور لن يفهم، وبعد ذلك سنسير إن شاء الله طريقتي في الشرح ستكون متوسطة لكن الليلة تصبرون عليَّ إن شاء الله. نقول: الصرف والتصريف هذان لفظان مترادفان عند المتأخرين، أما معناهما من جهة اللغة يعني في لسان أهل اللغة فلها معانٍ تجمعها أو مدارها على التغيير والتحويل، ولذلك شاع أن الصرف هو التغيير وعند بعضهم هو التحويل لكن كل المعاني التي تدور هذه المادة حولها هي التغيير والتحويل، ولذلك قالوا: تصريف الرياح. أي: تغيرها من حال إلى حال ومن جهة إلى جهة، وتصريف الأمور يعني: تغيرها وتحويلها من حال إلى حال، وتصريف المياه ونحو ذلك. وقالوا أيضًا: صرفت فلانًا عن وجهه إذا حولته وغيرته عن جهة ما إلى جهة أخرى وصرفت الصبيان وصرف الله عنك الأذى إذا غيره إلى محل آخر كل ذلك يُراد به معنًى واحد ألا وهو التحويل والتغيير. إذًا المادة مادة الصاد والراء والفاء تدور حول التحويل والتغيير، وهو التحويل من وجه إلى وجه ومن حال إلى حال أخرى {انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ} [الأنعام: 46] {نُصَرِّفُ الآيَاتِ} يعني: نغيرها ونحولها من حال إلى حال، {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ} ... [البقرة: 164] أي: تغييرها من حال إلى حال. (1/2) ________________________________________ هذا معنى الصرف والتصريف في اللسان العربي، وأما في الاصطلاح عند أرباب الفن فثَمَّ تفريق عند المتقدمين بين الصرف والتصريف، الصرف هو عينه الصرف عند المتأخرين، وأما التصريف فلهم اصطلاح خاص فيه وهو المراد به باب التمارين، وهو أن يقال فيه أخذك من كلمةٍ ما بناءً لم تبنه العرب يعني: يأتون بكلمة فيقول للطالب المعلم: ايت بهذه الكلمة على وزن ما، ثم هذا الوزن الآخر الذي يُراد به الإتيان بتلك الكلمة عليه لم يسمع في لغة العرب وإنما المراد به التمرين فحينئذٍ، يقال: ضَرْب هذا مصدر ايت به على وزن سفرجل فيقول: ضَرَبْرَب. ضَرَبْرَب هذا ما سمع بلغة العرب، مرادهم بهذا تثبيت القواعد في ذهن الطالب فحينئذٍ إذا جيء بضرب ضَرَبْرَب ما فيه أي إشكال، لكن مثل الوؤل ايت به على وزن قُفْلٍ وُؤْلٌ بضم الأول وإسكان الثاني وقلب الهمزة أو كتابتها على واو فحينئذٍ يحصل نوع تغيير، هذا يسمى التصريف عند المتقدمين، يسمى بالتصريف عند المتقدمين، فحينئذٍ يكون التصريف جزءًا من الصرف، وأما عند المتأخرين فالصرف والتصريف سيان مترادفان، وجَعْلُ باب التمارين في ضمن الصرف والتصريف هذا حكموا عليه بأنه من باب التكلف والتعسف وليس من باب التأصيل والجري على القياس، لأن القواعد العامة يمكن العلم بها دون أن يكون للطالب أي مدخل في هذا الباب. والصرف والتصريف يقال تصريف هذا تفعيل من فَعَّلَ يُفَعِّلُ تَفْعِيلاً ومرادهم بذلك إذا كان الصرف معناه التغيير فالتفعيل يدل على المبالغة، فلذلك بُنِيَ الصرف على زنة التفعيل للدلالة على ماذا؟ على الكثرة في التغيرات التي تطرأ في هذا الفن ولذلك سمي تصريفًا، وأكثر إطلاقهم إذا أرادوا الفن قالوا: علم الصرف. وقد يُطلق عليه التصريف وهما بمعنى واحد، لكن الثاني فيه زيادة معنى لماذا؟ لأن مادة التفعيل تدل على الزيادة، مثل التخريج وخَرَّج يُخَرِّجُ تَخْرِيجًا حينئذٍ نقول: التخريج هذا فيه زيادة معنى، والتصريف (ال) هذه للمح الصفة لأنه في الأصل منقول عن المصدر و (ال) إذا كانت في جمع الصفة حينئذٍ يراد به المعنى الأصلي الذي نُقل عنه. التصريف والصرف له معنيان من جهة الاصطلاح، قد يراد به الجهة العلمية، وقد يرى به الجهة العملية، لأنه إما أن يكون علمًا نظريًا، وإما أن يكون علمًا مرادًا به العمل وهو التمارين يعني التطبيق، وعلى الثاني إذا أريد به العمل نُعَرِّفَهُ بأنه تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعاني مقصودة لا تحصل إلا بها. تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لا تحصل إلا لمعاني مقصودة لا تحصل إلا بها، هذا حد الصرف الذي عنون به الزنجاني في التصريف العزي. (1/3) ________________________________________ تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة، تحويل المراد به التغيير تحويل مصدر حَوَّلَ يُحَوِّلُ تَحْوِيلاً فحينئذٍ التحويل نقول المراد به التغيير وفيه معنى النقل لماذا؟ لأن المصرف يصرف المصدر إلى الفعل الماضي مثلاً حينئذٍ ينقل حروف المصدر إلى الفعل ماضي فإذا قيل: الضرب. هذا مصدر ايت بفعل ماضي من المصدر الضرب نقول: ضَرَبَ. هل ضَرَبَ الحروف هي عينها في الضرب أم نقلها؟ الثاني حصل تحويل وحصل تغيير مع النقل فنقلت حروف ضَرْبٍ التي في المصدر إلى الفعل الماضي ونقلت كذلك إلى يضرب وإلى اضرب فحينئذٍ نقول: تحويل وهو متضمن لمعنى النقل، تحويل الأصل واحد الأصل في اللغة ما يُبْنَى عليه غيره، والمراد به هنا المصدر لأن أصل الاشتقاق على مذهب البصريين وهو الأصح مصدر. وَالْمَصْدَرُ الأَصْلُ وَأَيُّ أصلِ ... ومنْهُ يَا صاحِ اشْتِقَاقُ الفِعْلِ (1) فأصل المشتقات كلها الفعل وسائر المشتقات الأصل أنها مشتقة مأخوذة من المصدر والمصدر هو الأصل وسائر المشتقات ومنها الأفعال فهي فرع. __________ (1) ((ملحة الإعراب البيت الأول في باب المصدر. (1/4) ________________________________________ تحويل الأصل الواحد لِمَ عَبَّرَ بالأصل ولم يقل بالمصدر مباشرةً ما دام أن المصدر هو الذي يُحَول؟ هذا مراعاة لمذهب المخالف، ليشمل هذا الحد مذهب الكوفيين ومذهب البصريين لأن أصل الاشتقاق عند البصريين هو المصدر، حينئذٍ إذا أراد المصرف أن ينصرف الكلمة فيبدأ بالمصدر لأنها هي الأصل وكل الأفعال وسائر المشتقات هي فرع فينطلق من المصدر إلى سائر المشتقات الفعل وصفاته، وعند الكوفيين العكس أصل الاشتقاق هو الفعل الماضي والمصدر فرع عنه وهو مذهب ضعيف - إذا جاء وقت مناسب لذكر الأدلة ذكرناها - وليشمل هذين المذهبين القائلين بأن الأصل أصل الاشتقاق هو المصدر والقائلين بأن أصل الاشتقاق هو الفعل الماضي ليشمل هذين المذهبين قال: تحويل الأصل الواحد. ولم يقل: تحويل المصدر. لأنه لو قال: تحويل المصدر. وكان القارئ كوفيًا قال: لا، هذا خطأ التعريف هذا ليس بصواب لأن المصدر هذا ليس أصلاً للاشتقاق بل هو فرع. ولو قال: تحويل الفعل الماضي. لقال الكوفي: هُوَ هو هذا هو الحد الصحيح. ولقال البصري: هذا حد ليس بصواب لأن الفعل الماضي فرع وليس بمشتق. فحينئذٍ عدولاً عن هذه النزاعات وليرضي الفريقين قال: تحويل الأصل الواحد. جمع بينهما توحيد الصف. فحينئذٍ تحويل الأصل الواحد والأولى أن يقال المراد بالأصل الواحد هنا المصدر وغيره والمراد به المصدر وغيره لماذا؟ ليشمل المصدر وهو أصل للمشتقات - ولا إشكال في ذلك - ويشمل غير المصدر لأن مبحث الصرف قد يكون في التسمية وقد يكون في الجمع بأنواعه وقد يكون في التصغير وقد يكون في النسب ونحو ذلك، فحينئذٍ هذه ليس فيها تحويل للمصدر فإذا قيل: ضَرْبٌ هذا مصدر الضرب حوله إلى فعل ماضي. تقول: ضَرَبَ. حوله إلى الفعل المضارع قلت: يَضْرِبُ نَضْرِبُ أَضْرِبُ وتَضْرِبُ، حوله إلى فعل الأمر تقول: اضْرِب. حوله إلى اسم الفاعل تقول: ضارب. حوله إلى اسم المفعول تقول: مَضْرُوب ضاربون ضُرَّاب نَضْرِب نَضْرَب إذًا حولته وصار هو مصدر ولا إشكال لكن إذا قيل: زيد حوله إلى تثنية. فتقول: الزيدان. حوله إلى جمع تصحيح تقول: زيدون. هند حوله إلى تثنية فتقول: هندان هندات هنود جمع تكثير قريش حوله إلى كونه منسوبًا إليه فتقول: قرشي. غيرته قرشي هذا مبحث يبحث في أي شيء في أي باب؟ في النسب، والنسب من مباحث الصرف باب كبير طويل عريض عند الصرفيين يسمى باب النسب وأصله ليس بمصدر مثل قريش مكة تقول: مكي. مدينة مدني فحينئذٍ ليس عندنا فيه تحويل للمصدر بل تحويل لاسم جامد، فليشمل المصدر وغيره ليدخل معنى التثنية وجمع التصحيح بأنواعه والتصغير تصغير جبل تقول: جبيل. غيرته فرس فريس، غيرته إذًا ليس عندنا هنا مصدر كذلك باب النسب فحينئذٍ ليشمل هذا الحد كل أبواب الصرف فالأولى أن يقال: تحويل الأصل الواحد المراد بالأصل الواحد هو المصدر وغيره ليشمل كل الأبواب إلى أمثلة، تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة، إلى أمثلة هذا جار ومجرور متعلق بقوله: تحويل. (1/5) ________________________________________ إلى أمثلة فحينئذٍ المراد بالأمثلة هذا جمع مثال والمراد به الأبنية جمع بناء ويقال بناء وبنية وصيغة ووزن وزنة، والأبنية هذه المختلفة مراد بها الصِّيَغ التي تدل على المعاني الخاصة مثل ماذا أمثلة؟ مثل الفعل الماضي وفعل المضارع وفعل الأمر والنهي واسم الفاعل واسم المفعول واسم الآلة واسم المكان واسم الزمان هذه كلها أمثلة وصيغ لها أوزان معينة، تحويل الأصل الواحد إلى أي شيء أنت حولت الضرب إلى أي شيء؟ إلى أوزان وصيغ هذه الصيغ معينة تدل على معنى خاص فإذا أردت مثلاً تحول الفعل المصدر الضرب إلى فعل ماضي متى يُشرع لك أن تأتي بالضرب وهو مصدر على زنة الفعل الماضي، هذا لا بد أن يكون مرتبطًا بمعنى في النسخ فأنت تريد أن تعبر عن إيقاع هذا الحدث الذي هو الضرب عن إيقاعه في زمن قد مضى وانقطع عندك ضرب اسم فحينئذٍ إذا أردت أن تنذر وتخبر بأن هذا الضرب قد وقع في زمن قد انقطع وانقضى فتأتي به على زنة فَعَلَ ضَرَبَ، إذًا ضَرَبَ حولت الضَّرْبِ إلى ضَرَبَ أليس كذلك؟ لأي غرض؟ لمعنى خاص أو بدون معنى؟ لمعنى خاص، هذا المعنى هو الذي قام بالنفس، فحينئذٍ ضرب له صيغة معينة فعل ماضي له صيغة معينة إما أن يكون من باب فَعَلَ أو فَعِلَ أو فَعُلَ كما سيأتي فإذا أردت الدلالة على الفعل الماضي فتأتي به على زنة من هذه الأوزان الثلاثة ولا يمكن أن تأتي به على زنة يَفْعُلُ أو يَفْعِلُ أو يَفْعَلُ لماذا؟ لأن الصيغة الثانية هذه لها دلالة غير الدلالة السابقة لأنها تدل على إيقاع الحدث في زمن الحالي، وفرق بين أن تدل بالكلمة بالصيغة بالزنة والبناء على حدث وقع في الزمن الماضي أو يقع في الزمن الحال أو مطلوب إيقاعه في الزمن المستقبل. إذًا قوله: بلا أمثلة. أي أبنية وصيغ، فيقال: بِنَاء وبِنْيَة وصِيغَة وَوَزْن وَزِنَة كلها أسماء مترادفة، والمراد بالبنية والزنة هيئة الكلمة يعني عدد حروفها وتركيبها وحركاتها المعينة وسكناتها والحروف الأصلية من الزائدة - وهذا سيأتي بيانه في مبحث الميزان الصرفي -. (1/6) ________________________________________ إذًا الأمثلة المراد بها الصيغ الفعل الماضي، والفعل المضارع، وفعل الأمر، واسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، واسم التفضيل، واسم الزمان، واسم المكان والآلة هذا المراد بها من السياق، لمعاني هذا جار ومجرور متعلق بقوله: تحويل. لأي غرض؟ لإفادة المعاني المقصودة يعني ليست أو ليس النظر في الصرف فقد يكون البحث فيه لفظيًا وقد يكون معنويًا، كل الصيغ التي ذكرتها الآن البحث فيها من جهة المعنى يعني: ما تأتي بزنة فَعَلَ وَيَفْعُلُ وفاعل ومفعول والمعاني متحدة أليس كذلك؟ فَعَلَ وَيَفْعُلُ وفاعل ومفعول وَمَفْعِل ومَفْعَل هذه أوزان صِيَغُ لو جعلت في ضمن هذه الصيغ مادة حروف قلت: ضَرَبَ وَيَضْرِبُ وَاضْرِب وضَارِب وَمَضْرُوب وَمَضْرِب أو مَضْرَب هل المعاني متحدة، سؤال هل المعاني متحدة؟ الجواب: لا، إذًا هذه المعاني مقصودة، لماذا غَيَّرت بين ضَرَبَ ويَضْرِب والحروف واحدة لأي شيء؟ للصيغة للزنة للوزن هو الذي غيرت بين ضَرَبَ ويَضْرِب الحروف واحدة ضَرَبَ يَضْرِب ضَارِب اضْرِب مَضْرِب مَضْرَب ضُرَّاب هذه كلها الحروف واحدة المادة واحدة، كيف فرقت بين المعاني؟ لو قيل لك: زيد ضَرَبَ زيدٌ عمرًا يَضْرِبُ زيدٌ عمرًا اضْرِب يا زيد هل المفهوم كله واحد تفهمها مرة واحدة والمعنى واحد أو بمعاني مختلفة؟ بمعاني مختلفة، ما الذي دل على الخلاف أو اختلاف هذه المعاني هي الصيغ. إذًا ما وظيفة الصرف؟ يأتي إلى الوزن أو المصدر نفسه ويحوله إلى أبنية، هذه الأبنية التي ذكرناها المشتقات العشرة كل بناء كل وزن له معنى خاص، أنت يكون في نفسك الإخبار باسم فاعل فتأتي بضَارِب لأنك دللت به على ذات متصلة بحالة وهو الضرب إذا أردت لها العكس أنه وقع عليه الضرب فتقول: مَضْرُوب زيد مَضْرُوب. إذًا لا يمكن ضارب ومضروب هما مفترقان والذي فرق بينهما هو الزنة الوزن تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة بمعالم، معالم هذا جمع معلم وهو في الأصل مصدر ميمي من العناية نقل إلى معنى المفعول وهو ما يراد من اللفظ، المعنى هو ما يُقْصَدُ من اللفظ. لو قيل لك: ما الذي يقصد من ضرب؟ تقول: الإخبار على إيقاع ضَرْبٍ قد وقع وانقطع في الزمن الماضي. ما المقصود مِنْ يَضْرِب؟ الإخبار بإيقاع ضَرْبٍ يقع في الزمن الحال أو الاستقبال، ما المقصود يضرب؟ تقول: طلب إيجاد الضرب في الزمن المستقبل. ما المقصود بضارب؟ دلالته على ذات متصفة بحدث هي التي أوجدت الحدث أوقعت الحدث على الغير، مضروب ما المقصود بها؟ تقول: دلالة على ذات متصفة بحدث قد أُوقِعَ عليها. إذًا فرق بين هذه المعاني، لمعاني مقصودة لا تحصل إلا بها، لا تحصل هي أي: المعاني. إلا بها بالأمثلة، لا تحصل إلا بها يعني: لا تحصل تلك المعاني المقصودة إلا بها يعني: بتلك الأمثلة، إلا بها أي: بتلك الأمثلة. هذا حد علم التصريف أو الصرف من حيث ماذا؟ من حيث الصناعة والعمل وهذا الذي يحتاجه عمليًّا طالب فن الصرف. (1/7) ________________________________________ وأما من حيث العلم فهو علم بأصول يُعرف بها أحوال أبنية الكلمة التي ليست بإعراب ولا بناء. علم يعني: إدراك. علم المراد به إدراك، ويمكن أن يكون مراد به المسائل نفسها، ويمكن أن يكون المراد به الْمَلَكَة، ولكن نقول: الأصل حمله على الإدراك وهو وصول النفس إلى المعنى بتمامه. ودائمًا الأولى أن يفسر العلم في حدود العلوم أن يكون المراد به الإدراك. والإدراك المراد به وصول النفس إلى المعنى بتمامه، يعني: يقع في النفس إدراك ووصول للمعاني المرادة بمتعلق العلم، وهنا علق العلم بأصول باء حرف جر وأصول مجرور والجار مجرور متعلق بقوله: علم. ولذلك عُدِّيَ هنا علم بأصول وإن كان الأصل أن مادة العلم تتعدى بنفسها وقد تتعدى بحرف الجر، تتعدى بنفسها مثل ماذا؟ {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ}، {يَعْلَمُ مَا} ما اسم موصول بمعنى الذي في محل نصب مفعول به {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} [البقرة: 255]، {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ} [العلق: 14] تَعَدَّى بماذا؟ بالباء إذًا قد يتعدى بنفسه فينصب مباشرة وقد يتعدى بالباء، إذا عُدِّيَ بالباء يحتمل وجه آخر وهو أنه ضُمن العلم معنى الإحاطة لأن الإحاطة تتعدى بالباء. إذًا علم بأصول علم الإدراك مع الإحاطة، وهذا لا بأس به. وهنا التضمين هو أن يُشرب اللفظ معنى لفظ الآخر فيُعَدَّى بما يُعَدَّى به ذلك اللفظ، وهنا الإحاطة تتعدى بالباء، فحينئذٍ عُدِّيَ العلم بالباء لأن الأصل وهو الإحاطة يَتَعَدَّى بالباء {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ} [البقرة: 255] لا يحيطون بشيء تعدى بالباء حينئذٍ ما ضمن معنى الإحاطة يتعدى بالباء، مثل الشرب شربت كذا يتعدى بنفسه {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا} لِمَ قال: {يَشْرَبُ بِهَا}. لأنه ضمن معنى الارتواء، ارتوى بها فحينئذٍ عُدِّيَ بما يُعَدَّى به الأول، علم بأصول أصول جمع أصل والأصل في اللغة ما يُبنى عليه غيره. فَالأََصْلُ مَا عَلَيْهِ غَيْرُهُ بُنِي ... وَالْفَرْعُ مَا عَلَى سِوَاهُ يَنْبَنِي (1) وفيه الاصطلاح يُطلق ويراد به أربعة معاني، والمراد به هنا عندنا القاعدة المستمرة ويطلق الأصل مرادًا به القاعدة وهو المراد هنا، علم بأصول أي: بقواعد. جمع قاعدة أو بضوابط أو بأسس والأساس، والقاعدة، والضابط، والقانون كلها ألفاظ مترادفة اصطلاحًا ويجمعها قضية كلية يتعرف بها أحكام الجزئيات في موضوعها. __________ (1) نظم الورقات للعمريطي البيت 11. (1/8) ________________________________________ إذًا قضية كلية بمعنى أن موضوعها كلي لا يختص بواحد دون آخر بل يشمل أفرادًا كثيرة، مثل اللفظ العام يشمل أفرادًا كثيرة، قضية كلية لا جزئية يتعرف بها أحكام الجزئيات في موضوعها لأن النظر في النحو مثلاً في قاعدة الفاعل مرفوع هذه قاعدة أصل كما نقول في النحو: علم بأصول يعرف بها أحوال وأواخر الكلم إعرابًا وبناء مثله علم بأصول، من أصول النحو تقريبًا لأن النحو واضح الفاعل مرفوع هذه قاعدة أصل مطرد قاعدة عامة لا يخرج عنها فرد من أفرادها أبدًا، قضية كلية هل اختصت بزيد دون غيره هل اختصت بإنسان واحد دون غيره يعني: يصدق كل فاعل تحت قولنا: الفاعل المرفوع؟ كل فاعل إذًا قضية كلية لا خاصة يتعرف بواسطتها بالنظر فيها أحكام جزئيات موضوعها، ما هو الموضوع؟ ما هو المبتدأ في الفاعل المرفوع ما هو المبتدأ؟ الفاعل نقول: الفاعل مرفوع لجملة اسمية مبتدأ وخبر الفاعل مرفوع حكمنا عليه بأنه مرفوع، فالفاعل مبتدأ هنا ومرفوع خبر وهذه قضية كلية لفظ عام فحينئذٍ نقول: الفاعل مرفوع قضية كلية إذا نظرنا فيها نستطيع أن نستنبط منها أحكام جزئيات موضوعها لأن الفاعل هذا لفظ عام يشمل أو له آحاد وجزئيات بلا نهاية، فتقول: جاء زيدٌ، قام زيدٌ، مات عمروٌ، ذهب خالدٌ، سافر محمدٌ، فنقول: محمدٌ وخالدٌ وبكرٌ ووو .. إلى آخره هذه ما نوعها في باب النحو؟ فاعل حكمنا عليها بأنها فاعل بتطبيق الحد، فحينئذٍ إذا أردنا أن نكشف حكمه من جهة الإعراب فنقول: جاء زيدٌ. زيدٌ هذا فاعل، زيدٌ فاعل ما حكمه؟ الرفع، من أين أخذت أنه فاعل وحكمه الرفع؟ من قولك: الفاعل مرفوع وزيد فاعل حينئذٍ يلزم منه أن يكون زيد مرفوعًا، وهذا يركب تركيب قياس من الشكل الأول فيقال زيدٌ من قولك: جاء زيدٌ فاعل، وكل فاعل مرفوع فزيد مرفوع لأنه فاعل. إذًا بواسطة هذه القاعدة تستطيع أنت تستنبط أحوال كثيرة لكل ما حكمت عليه بأنه فاعل لأن الحكم على الشيء بالوصف الذي هو تحديد أنه فاعل أو مفعول به هذا يؤخذ من جهة الحد، ثم إذا حكمت عليه بالحد وعينته على غيره لأنه يلتبس عليه جاء زيد، زيد يحتمل أنه فاعل في الذهن ابتداءً أو أنه مفعول به أو تمييز أو حال ما الذي يُمَيِّزُ لك هذا عن هذا؟ تطبيق الحد، تطبق الحد أولاً فإذا طبقت الحد على زيد من قولك: جاء زيد. فإذا به فاعل، ثم يرد السؤال ما حكم الفاعل؟ فنحتاج إلى قاعدة هذه قاعدة مستنبطة من كلام أهل اللغة العرب وقيل: الفاعل مرفوع. كذلك المفعول به .. إلى آخره. (1/9) ________________________________________ مثله الصرف علم بأصول يعني: بقواعد. هذه القواعد عامة كالفاعل مرفوع بها يتعرف أحكام الجزئيات موضوعها، كمثال مثلاً نقول: الواو إذا تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألف. هذه قاعدة عامة عندهم أصل إذا تحركت الواو أو الياء وانفتح ما قبلهما قلبت ألفًا هذا من مشتهرات القواعد، فإذا تحركت الواو هل حددت أي كلمة؟ لم تحدد مثلها مثل الفاعل هل حددت كلمة الفاعل زيد من قولك: جاء زيد. أو عمرو من قولك: مات عمرو. ما حددت، إذًا كل ما يصلح أنه فاعل فيدخل في قوله: الفاعل مرفوع. كذلك هنا الواو إذا تحركت الواو أي واو لم تعين أي واو وإنما كل واو تحركت وانفتحت ما قبلها بشروطها الثمان فحينئذٍ تدخل تحت القاعدة. قَوَلَ قال أصله قَوَلَ، تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا لماذا؟ نقول: قَوَلَ هذه واو متحركة انفتح ما قبلها هذه مقدمة صغرى وكل واو تحركت وانفتح ما قبلها وجب قلبها ألفًا فقيل: قال. بيع باع، بَاع أصل الألف هذه منقلبة عن ياء كيف انقلبت عن ياء؟ تطبيقًا للقاعدة الأصل الذي معنا أصله بَيَعَ تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا فتقول: بَيَعَ. تُنطق بالأصل تحركت الياء وانفتح ما قبلها، وكل ياء - هذه قاعدة - وكل ياء تحركت وانفتح ما قبلها وجب قلبها ألفًا، فحينئذٍ صار باع ومثله صام ودعا ... إلى آخره. فحينئذٍ نقول: علم بأصول بقواعد عامة عند الصرفيين كما أن عند الأصوليين قواعد عامة، وعند الفقهاء قواعد عامة، وعند النحويين قواعد عامة، كذلك عند الصرفيين قواعد عامة. العلم بهذه الأصول يتعرف بها أحكام جزئيات موضوعها التي ليست بإعراب وقال: علم بأصول يعرف بها أحوال أبنية الكلمة. أحوال جمع حال والمراد بها الصفة وأبنية الكلم جمع بناء، وسبق لنا معرفة أو المراد بالبناء عدد الحروف وهيئيتها .. إلى آخره. أحوال أبنية الكلمة. أحوال جمع حال والذي يمكن أن تتعلق به أبحاث الصرفيين الأوائل والأواسط والأواخر. الأوائل يعني: مبحث الصرفيين قد يتكلم عن أول الحروف مثل فَلْس صغره فُ تضم الفاء، إذًا حكم لك الصرف بوجوب ضم أول الاسم المصغر إذًا مبحثه يتعلق بأوله، وبالثواني يعني الأواسط وزيادة ياء قبل آخره فقيل: فُلَيْس فَلْ كان سكانًا أليس كذلك؟ فَلْسٌ ضم أوله في التصغير إذًا تعلق مبحث الصرفيين بالأوائل، وتحرك اللام فُلَيْس وزيدت الياء فُلَيْسٌ إذًا الصرفي يبحث عن الأوائل ويبحث عن الأواسط، الأواخر هنا يشترك النحوي مع الصرفي لأن مبحث النحوي هو الكلمات العربية مفردة الكلمات العربية بعد تركيبها من حيث الإعراب والبناء، كون الكلمة مبنية وأين تظهر علامة البناء وحركة البناء؟ آخر الكلمة، لا تظهر في الأول ولا في الأثناء، وأين تظهر حركة الإعراب؟ في الآخر إذًا لا في الأول ولا في الأثناء. إذًا النحوي انقطعت علاقته بالأوائل والأواسط وبقي له بعض الأواخر. (1/10) ________________________________________ الصرفي يشترك مع النحوي في الأواخر، لكن لا من حيث الإعراب والبناء وإنما من حيثيات أخرى كالإدغام شدة {قَالَت طَّائِفَةٌ} هنا حصل إدغام {قُمِ اللَّيْلَ} [المزمل: 2] {قُمِ} أصلها ساكنة التقى ساكنان ومبحث التقاء الساكنين هذا يبحث عنه الصرفيون فيحكم لك بأن الأول الأصل أنه يحرك بالكسر فقيل: {قُمِ اللَّيْلَ} الكسرة هذه من مبحث الصرفيين أو النحاة؟ الصرفيين لأنها ليست بكسرة إعراب وليست بكسرة بناء فإذا لم تكن كسرة إعراب ولا بناء ارتفع علم النحو واختص بالصرف. إذًا قد يشترك الصرفي مع النحوي في الحرف الأخير من حيث ماذا؟ الصرفي ينفرد من حيث عدم النظر إلى الإعراب والبناء في الأواخر، الكلام في الأواخر، الأوائل والأواسط انتهينا النحوي ارتفع لا علاقة له، لكن يشترك النحوي مع الصرفي في الأواخر نظر النحوي من حيث الإعراب والبناء فإن كانت الحركة حركة إعراب فهي من مبحثه وإن كانت الحركة حركة بناء فهي من مبحثه، إذا لم تكن كذلك فليست من مبحث النحوي، مثل دعا أصله دَعَوَ تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا، هذا مبحث متعلق بالأخير هل النحوي له مدخل في هذا؟ الجواب: لا، لكن كون هذه دعا فعل ماضي مبني على فتح المقدر هنا نظر النحوي لماذا؟ لأنه من حيث البناء. إن كان متعلق الحرف الأخير البناء والإعراب فهذا مختص بالنحوي إن لم يكن كذلك فهو مختص بالصرفي. اشترك النحوي في قوله: أحوال أبنية الكلم. لأن هذا عام يشمل ماذا؟ الأوائل والأواسط والأواخر لما اشترك علم النحو هنا وخرجت بقوله: علم بأصول يعرف به أحوال أبنية الكلم. خرجت كل مباحث أو علوم اللغة ولم يبق معنا إلا الصرف والنحو فدخل النحو معنا في قوله: أحوال أبنية الكلم. فأخرجه بقوله: التي ليست بإعراب ولا بناء. إذًا عرفنا الآن حد ماذا؟ الصرف لغةً واصطلاحًا لكن الذي عليه العمل هو تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعاني مقصودة لا تحصل إلا بها، لأن الطالب إنما يحتاج هذا لفهم ما تتعلق به تلك المعاني المقصودة. موضوعه علم الصرف في أي شيء؟ ما موضوع علم الصرف؟ ما متعلقه؟ المفردات العربية كعلم النحو، مبحث علم النحو الكلمات العربية لكن الكلمات العربية بعد تركيبها لأن الكلمة قبل التركيب ليست معربة ولا مبنية والإعراب والبناء طارئان بعد التركيب، فحينئذٍ مبحث النحو أو النحاة أو موضوع علم النحو هو الكلمات المفردة العربية أو المفردات العربية لكن من حيث الإعراب والبناء وإنما يكون الإعراب والبناء بعد التركيب، إذًا قبل التركيب لا إعراب ولا بناء. (1/11) ________________________________________ مبحث الصرفي في الكلمات العربية وهذه قبل التركيب ولذلك نقول: دعا زيدٌ عمرًا. دعا، دعَا فعل ماضي مبني على فتح المقدر أنت ركبتها وهي دَعَا ولا دَعَوَ؟ دَعَوَ؟ دعا، قلت: دعا زيد. وقبل التركيب حصل إعلال للقلب وهو كون هذه الألف منقلبة عن واو أصلها دَعَوَ فأجري عليه مبحث الصرفيين بتطبيق القاعدة السابقة فقلبت الواو ألفًا ثم ركبت فحينئذٍ لا يشترط في مبحث الصرفيين في تعلقه بالكلمات العربية أن تكون بعد التركيب وإنما النظر إلى المفردات من حيث هي لأن متعلق القواعد العامة التي عندهم لا ترتبط بالتركيب لأن الذي يرتبط بالتركيب هو الإعراب والبناء، حينئذٍ نقول: الكلمات العربية هي موضوع فن الصرف والكلمات هذه جمع كلمة والمراد بالكلمة قول مفرد وهي: اسم، وفعل، وحرف. إذًا هي ثلاثة أنواع: اسم، وفعل، وحرف. هل كل الكلمات العربية تكون متعلقة بمبحث فن الصرف أم بعضها دون بعض؟ الجواب: الثاني. ليس كل اسم يتعلق به فن الصرف، وليس كل فعل يتعلق به فعل مبحث الصرفية، وإنما بعض الأسماء دون البعض وبعض الأفعال دون البعض والحرف لا تعلق له أصلاً، حينئذٍ يعرف طالب العلم أن المبحث هنا ليس متعلقًا بكل ما هو كلمة لأن الكلمة ثلاثة أنواع: اسم، وفعل، وحرف. بل هو متعلق ببعضها دون بعض والذي يتعلق به مبحث الصرفيين شيئان أو أمران لا ثالث لهما: الاسم المتمكن، والأفعال المتصرفة. الاسم المتمكن، والفعل المتصرف وإن شئت قل: الأفعال المتصرفة ما عدا ذلك وهو الحرف بأنواعه والاسم المبني والفعل الجامد لا مبحث للصرفيين فيها البتة. الاسم المتمكن المراد به المعرب، ولذلك سُمِّيَ الْمُتَمَكِّن ويقال: الأمكن لماذا؟ لأنه تمكن في باب الإعراب بحيث لم يشبه الحرف فيبنى ولا الفعل فيبنى أو ينصرف أليس كذلك؟ .. لا، الاسم الْمُتَمَكِّن هو مقابل للاسم غير المتمكن لأن الاسم إما أن يكون متمكنًا وإما أن يكون غير متمكن، الاسم غير المتمكن هذا هو المبني وهو ما أشبه الحرف، الاسم غير المتمكن هو المبني وهو ما أشبه الحرف شبهًا قويًا، لذلك قسم ابن مالك الاسم إلى معرب ومبني. وَالاسْمُ مِنْهُ مُعْرَبٌ وَمَبْنِي ... لِشَبَهٍ مِنَ الْحُرُوفِ مُدْنِي (1) إذًا القسمة ثنائية ولا ثالث لهما وخطئوا من أثبت الواسطة، فالاسم الذي أشبه الحرف هذا مبني إذًا المعرب هو الذي لم يشبه الحرف، الذي لم يشبه الحرف هو المعرب وهذا قسمان ويسمى بالمتمكن وهو قسمان: متمكن أمكن. ومتمكن غير أمكن. المتمكن الأمكن هذا الذي يدخل تنوين التمكين، المصروف كزيد وعمرو وبيت ومسجد ... إلى آخره هذه نقول: أسماء معربة متمكنة ويدخلها تنوين التمكين وهو التنوين الدال على تمكن الاسم في باب الاسمية أو باب الإعراب بحيث لم يشبه الحرف فيبنى ولا الفعل فيمنع من الصرف، يقابله المتمكن غير الأمكن وهو الذي أشبه الفعل وهو الممنوع من الصرف. __________ (1) ألفية ابن مالك البيت 15. (1/12) ________________________________________ الاسم المتمكن بنوعيه مبحث للصرفيين الاسم المبني لا تعلق للصرفيين بالاسم المبني، الحرف بأنواعه لا علاقة للصرفيين به، الفعل إما أن يكون متصرفًا أو جامدًا، والمراد بالمتصرف سواء كان تصرفًا تامًا أو ناقصًا، وهو ما، مَا هو المتصرف؟ ما جيء بالماضي والمضارع والأمر واسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة وأفعل التفضيل من مصدره. إذًا له مصدر وله ماضي وله مضارع وله أمر وله اسم فاعل يسمى المتصرف لأنه يدخله التحويل والتغيير، وقد يكون بعض أنواع الفعل المتصرف غير تام يعني: لم يسمع منه إلا الماضي والمضارع، أو سمع منه المضارع والأمر مثلاً مع الأصل فحينئذٍ يكون متصرفًا غير تام لكن أصل التصريف والتغيير والتحويل إلى أمثلة وهذه الأمثلة ولو كانت بعض دون بعض فحينئذٍ يسمى متصرفًا لكنه متصرف تصرفًا ناقصًا إذًا مبحث الصرفيين يتعلق بالاسم المتمكن خرج الاسم المبني، الاسم المبني لا علاقة للصرفيين به لم يمر عليك في باب الصرف أي بحث للاسم المبني فترتاح، الفعل المتصرف أخرج الفعل الجامد الذي لم يُسمع إلا الفعل الماضي ولم يسمع له مصدر أو فعل مضارع أو أمر .. إلى آخره، مثل ليس، ليس هذا فعل جامد ليس له مصدر وليس له فعل مضارع وليس له فعل أمر ولا اسم فاعل .. إلى آخره، بل هو جامد فإذا كان جامدًا كيف نطبق عليه تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة ممكن؟ ما يمكن هو جامد باقٍ على حاله لم يُسمع له مصدر حتى يحول إلى أمثلة، ولم يسمع له فعل مضارع حتى يأتي المتكلم بالفعل المضارع، ومثله عسى ونعمة وبئس هذه كلها أفعال جامدة، إذًا امتنع الاشتقاق فيها لماذا؟ لعدم تطبيق حدِّ الصرف عليها، وهو تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لا يمكن تطبيقها على عسى ونعمة وليس .. إلى آخره إذًا ما عدا ذلك لا يكون من مباحث علم الصرفيين. سُمِعَتْ بعض الألفاظ تصغيرها وتثنيتها وهي مبنية ذا وتا والذي والتي هذا كما هو مشهور في باب الأسماء الإشارة والموصولات اختلف النحاة فيها هل هي مثناة حقيقة أو لا؟ هل هي معربة أو مبنية لكن على القول بالبناء أسماء الإشارة مبنية كلها سُمِعَ ذَانِ في الرفع وذَيْنِ في النصب والجر، وتَانِ في الرفع وتَيْنِ في النصب والجر، واللذان وهو اسم موصول وهي مبنية في الرفع واللذين في النصب والجر، واللتان في الرفع واللتين في النصب والجر. ومعلوم أن ذا اسم إشارة للمفرد مذكر وتا اسم إشارة للمفردة مؤنثة، والذي اسم موصول للمفرد المذكر خاص والتي اسم موصول للمفردة المؤنثة وهو موصول خاص، وهي موصلة أسماء الإشارة، ومعلوم أن التثنية من أبواب التصريف، والتصغير من أبواب التصريف لأنه سُمِعَ ذَيَّ وتَيَّ والذَيَّ والتَّيَّ تصغيرها فكيف صغرت هذه وهي أسماء مبنية وقلنا: المبنيات لا مدخل للصرفيين فيها، وكيف ثُنِّيَتْ وذكرنا أن المثنى من أبواب الصرف ولا مدخل لمباحث الصرفيين في الاسم المبني؟ (1/13) ________________________________________ الجواب: إما أن نقول: هذه ليست من مثناة الحقيقة وليست مصغرة حقيقية وإنما هي ألفاظ وضعت لإرادة الاثنين بالمثنى وللدلالة على المصغرة ابتداء وضعت هكذا، وضعت ذان ووضعت ذَيْنِ ووضعت تَانِ وتَيْنِ واللذان واللذين واللتان واللتين مباشرةً وبقيت على ما هي عليه، فاللذان مبني على الألف واللذين مبني على الياء كما سُمِعَ (نحن اللَّذون صَبَّحوا الصَّباحا) (1) اللذون والذين فالذين مبني على الياء واللذون مبني على الواو مثل هذه لأنها لو كان مثناة حقيقة لقيل في ذا تصغيره لقيل في ذا يصغر على ذوات بلقب الألف واو لأن عصا اسم تصغير بالتثنية لو قيل: ذا تثنيته على ذَوَانِ وذَوَيْنِ، ذَوَانِ في الرفع وذَوَيْنِ في النصب والجر لكن ما سُمِعَ هذا فدل على ماذا؟ على أنها ليست مثناة حقيقة، لأن عصا يقال فيه: عصوان بقلب الألف واوًا، وذا القاعدة لو كانت تصح تثنيته لوجب قلب ألفه واوًا فقيل ذَوَانِ لكن لم يسمع هذا فدل على ماذا؟ على أنه ليس بمثناة حقيقة وإنما وضع في أول ما وضع عليه مثنى، وهذا لا بأس به، لا بأس أن يوضع اللفظ مباشرة ابتداءً مثنى على صيغة المثنى، كذلك ذَيَّ وتَيَّ واللذيَّ واللتيَّ تصغير لو كان قياسيًّا لضم أوله فالس تصغيره على فُلَيْس ولم يكن ذُوَيَّ هنا بضم الذال وإنما قيل ذَيَّ بفتح الدال فدل على ماذا؟ على أنه ليس مصغرًا حقيقةً لو سُلِّمَ بأنه مثناة بأن هذه الألفاظ مثناة حقيقة أو مصغرة حقيقة فهي شاذة فهي ألفاظ تحفظ ولا يُقاس عليها، فحينئذٍ القول بأن الصرف لا يدخل الأسماء المبنية لا اعتراض عليه البتة، ولو سُمِّيَ ذَا وتَا والذي والتي نقول: هذه ليست من مثناة حقيقة، ولو سلم أنها مثناة حقيقة وحينئذٍ نقول: هذه شاذة وشذوذها من جهتين: من جهة الإقدام عليها لأنها مبنية ولا يصح تثنية إلا المعربات. ومن حيث الصورة لم تجر على سَنَنِ وقاعدة العرب، لأن قاعدة العرب في التثنية لها متحدة لقلب الألف واوًا وكذلك في المصغر له قاعدة مطردة متحدة لا تختلف في باب دون باب حينئذٍ ذُوَيَّ هذا أصل فيه ولا يقال ذَيَّ. وَلَيْسَ هَذَا بِمِثَالٍ يُحْذَى ... فَاتَّبِعِ الأَصْلَ وَدَعْ ما شذَّا (2) إذًا عرفنا بهذا الموضوع فن الصرف وأن مبحثه الألفاظ العربية والمراد به الاسم المتمكن والفعل المتصرف. __________ (1) وتتمة البيت: نحن اللَّذون صَبَّحوا الصَّباحا ... يومَ النُّخِيلِ غارةً مِلحاحا والبيت مذكور في خزانة الأدب (6/ 23) من أرجوزة أوردها أبو زيد. # # (2) ملحة الإعراب آخر بيت في فصل الحروف الزائدة. (1/14) ________________________________________ حكمه: فرض كفاية كما ذكرناه في أول المقام، وعلى المفسر فرض عين كالنحو وكالبلاغة لأن هذه الفنون كلها يخدم بعضها بعضًا، فالصرف يتعلق بالمفردات، والنحو يتعلق بالتراكيب من حيث إفادة الإعراب لأنه الذي يقصر به التفاوض والتخاطب بين الناس وكذلك يفهم به كلام الوحي، والبلاغة هي كان ما يُسمى الآن بالترميم ونحو ذلك، فالأصل أن تقام المفردات كاللبنة البناء ثم نُشَيَّدُ بالنحو، ثم بعد ذلك يُتَمَّم و .. إلى آخره بفن البلاغة، أشبه ما يكون بالبيت البناء الآن، تأتي باللبنة تضعها هذا هو الصرف لأن متعلقه المفردات، ثم إذا تممت البيت ونحوه فهذا هو متعلق النحو، ثم إذا رممت وحسنت وصلحت وتممت هذا فن البلاغة، ولذلك لا تسكن بيتًا هكذا دون أن يرمم أليس كذلك؟ فلا يقال أنه خارج عنه البلاغة يعني بعضهم يتعدى عليها ويسميها البلاهة، وهذا خطأ وهذا ليس بصحيح. الميزان الصرفي وهو المبحث الرابع لأنه مهم ولن يفهم هذا الكتاب إلا بفهم الميزان الصرفي الميزان الصرفي عرفنا أن الأبنية والأمثلة المختلفة هي الصيغ، هي الصيغ، والمراد بها عدد الحروف وهيئتها وترتيبها وحركاتها المعينة وسكناتها والحروف الأصلية والزائدة كل في موضعه لا يتقدم حرف على حرف، أراد الصرفيون أن ينظروا في هذه الأبنية وأن يحكموا على كل حرف بما نُطق به أولاً، وأن يحكموا على الحرف بكونه زائدًا أو أصليًّا وبكونه مقدمًا أو متأخرًا، فاخترعوا واستنبطوا ما يُسَمَّى بالميزان الصرفي مأخوذ من الوزن ميزان أصله ميوزان سكنت الواو وكسر ما قبلها فقلبت ألفًا هذا من قواعده إذا سكنت الواو وانكسر ما قبلها وجب قلب الواو ياءً فقيل: ميزان. لأنه مأخوذ من الوزن أين الواو؟ هي الياء التي انقلبت ياءً، الواو هي الياء التي انقلبت في كلمة ميزان. إذًا أرادوا أن ينظروا في هذه الحركات وهذه الهيئات وهذه الحروف فاخترعوا هذا الميزان الصرفي لأن الميزان مأخوذ من الوزن ما يعرف به قيمة الشيء أو كمية الشيء فحينئذٍ أرادوا أن يزنوا هذه الألفاظ الثلاث الأول الأسماء المتمكنة والأفعال المتصرفة فاخترعوا هذا ما يُسمى بالميزان فحينئذٍ فائدة الميزان أمران لا ثالث لهما، فائدة الميزان لماذا وضع الصرفيون الميزان؟ أولاً: أن يفرق بين الحرف الأصلي والزائد في الأكثر باختصار لماذا؟ لأنه لو قيل ضَرَبَ على وزن ماذا؟ فَعَلَ أين الوزن؟ فَعَلَ ما الموزون؟ ضَرَبَ، إذًا عندنا وزن وعندنا موزون، مثل ما تضع الميزان، الميزان الحسي هذا تضع كيلو تفاح فيه الموزون هو التفاح والوزن هو عين ما يُوزَن به، فَعَلَ هو الميزان، وضَرَبَ هو الموزون. إذًا لو قيل لك: أين الحروف الأصول في ضَرَبَ؟ تقول: الضاد والراء والباء أصول. لكن لو قلت: ضَرَبَ على وزن فَعَلَ حصل اختصار أو لا؟ وحكمت على أن هذه الحروف الثلاثة كلها أصول لماذا؟ (1/15) ________________________________________ لأنك قابلت الضاد بالفاء فدل على أنه أصلي، وقابلت الراء بالعين فدل على أنها أصلي، وقابلت الباء باللام فدل على أنها أصلي، لأن ما يقابل فاء الميزان أصلي وما يقابل عين الميزان أصلي وما يقابل لام الميزان أصلي، فحينئذٍ باختصار وفرقت أو حكمت على كون ضَرَبَ كلها من الأصول، وَأَكْرَمَ على وزن أَفْعَلَ إذًا ليس كضرب ضَرَبَ أقصر ومع ذلك احتجنا إلى الميزان لأن ضَرَبَ كلها أصول لكن أَكْرَمَ فيه أصول وفيه زوائد، أَكْرَمَ لو قيل: ميز ما حروف الأصول وما حروف الزوائد؟ فقلت: الهمزة زائدة، والكاف أصلية، والراء أصلية، والميم أصلية. هذا كلام طويل لكن لو قلت: أَفْعَلَ. حكمت بالميزان ما هو الزائد إذًا نطقت أَفْعَلَ مباشرةً السامع الذي يفهم ويعرف القواعد يحكم مباشرة أن الهمزة زائدة أليس كذلك؟ لأن ما قابل الفاء أصل وهو الكاف، وما قابل العين أصل وهو الراء، وما قابل اللام أصل وهو الميم، والهمزة نزلت كما هي في الميزان فدل على ماذا؟ على أنها زائدة أم أصل؟ زائدة لأنها لم تقابل بالفاء ولا العين ولا اللام وكل موزون لم يقابل بالفاء أو العين أو اللام حكمنا عليه بأنه زائد، إذًا لو قيل لك ما الزائد والأصل في قولك: أَكْرَمَ. فقلت: أَفْعَلَ على وزن أَفْعَلَ. حصل الاختصار اسْتَفْعَلَ اسْتَغْفَرَ مثلاً، اسْتَغْفَرَ واسْتَخْرَجَ على وزن اسْتَفْعَلَ بدلاً من أن تقول: الألف والسين والتاء زوائد، والغين والفاء والراء أصول قلت على وزن اسْتَفْعَلَ السامع يحكم مباشرة أن الثلاثة الأول زوائد والثلاثة الأخر أصلية. إذًا فائدة الميزان أن يُمَيَّزَ عند السامع الحرف الأصلي عن الزائد، قد تكون كلها أصول فحينئذٍ إذا سمع السامع فَعَلَ أو فَعْلَلَ كدعرج يحكم بأن الكلمة كلها أصول وإذا سمع أَفْعَلَ أو اسْتَفْعَل أو انْفَعَلَ حكم بماذا؟ أن الكلمة مشتملة على أصول وعلى زوائد. باختصار يعني: بدلاً أن يشرح فيقول: الألف زائدة والسين زائدة والتاء زائدة والغين أصلية والفاء أصلية والراء أصلية، هذه سلسلة جمل فبدلاً من هذا اختصر وقال: استغفر على وزن استفعل في الأكثر هذا لأنه قد لا يميز في الوزن الزائد عن الأصلي كما في قَطَّعَ على وزن فَعَّلَ هنا العين الطاء الثانية زائدة وليست بأصلية لكن لم يميز في الوزن لما سيأتي بيانه. (1/16) ________________________________________ الأمر الثاني: بيان محل الحرف الأصلي. بيان محله في الوزن بأن يبقى كما هو إن كن متأخرًا وإن كان متقدمًا فحينئذٍ في الوزن يجب أن يكون كما هو الحال في موزنه فإن تقدم حرف على حرف في الموزون وجب أن يتقدم كذلك في الوزن فمثلاً أَيِسَ على وزن أَيِسَ على وزن فَعِلَ هكذا الظاهر يكون فَعِلَ مباشرةً لكن نقول: أيس ما مصدره؟ اليأس الهمزة متقدمة عن الياء أم الياء متقدمة عن الهمزة؟ الياء يأس الياء متقدمة إذًا في المصدر يَأْسٌ على وزن فَعْلٌ إذًا الياء هي الفاء والهمزة هي العين طيب وأَيِسَ الهمزة صارت ماذا؟ صارت فاءً والياء صارت عينًا واليَأْسُ يَأْسُ الياء هي الفاء والهمزة هي العين وأَيِسَ الهمزة هي الفاء والياء هي العين إذًا فيه قلب فحينئذٍ أَيِسَ على وزن عَفِلَ وليس على وزن فَعِلَ، ما الذي دلنا على ذلك؟ المصدر، بالنظر إلى المصدر إذًا من فوائد الميزان أنه يبين المتقدم من المتأخر، فَأَيِسَ لها أمثلة طويلة ذكرناها في شرح ((المقصود)) وهنا نختصر فقط ما ذكرناه في ... ((المقصود)) فَأَيِسَ قد يظن الظان أنه من باب فَعِلَ نقول: لا، رحمك الله ليس من باب فَعِلَ لأنك لو نظرت تقول: هذا فيه قلب مكاني جاءت العين فاء والفاء عين فحينئذٍ وزن أَيِسَ عَفِلَ بتقديم العين على الفاء وتأخير الفاء على العين لماذا؟ لأنه مأخوذ من اليَأْس، واليَأْس وزنه فَعْلٌ مثل ضَرْبٌ مثل الضَّرْبٌ، وضع الميزان في أصله على ثلاثة أحرف الأصل أنه على ثلاثة أحرف فَعْل اختاروا له الفاء والعين وماذا؟ واللام ثلاثة أحرف، فَعْلٌ فَعَلَ، أو فَعْلٌ في الأسماء وفي الأفعال مع أن الكلمة في الأصول - لأن المبحث الصرفيين يتعلق بالأفعال وبالأسماء - من الكلمات ما هو ثلاثي، ومنها ما هو رباعي، ومنها ما خماسي، فاختاروا الصرفيون أن يضعوا المصدر على ثلاثة أحرف مع أن المتبادر إلى الذهن أن قد وضع على خمسة أحرف لماذا؟ لأن عندنا من الكلمات ما هو على ثلاثة وهي الأصول وهذا يشترك فيه الفعل والاسم لأن الاسم يكون ثلاثيَّ الأصول والفعل يكون ثلاثيَّ الأصول، والرباعي وهذا أيضًا يشترك فيه الاسم والفعل لأن الاسم يكون رباعي الأصول مثل جعفر ويكون رباعي والفعل كذلك يكون رباعي الأصول، والخماسي هذا يختص به الاسم دون الفعل فالفعل لا يكون خماسي الأصول أبدًا، وإذا وجد من الأفعال ما هو على خمسة أحرف نحكم بأن الخامس هو زائد. (1/17) ________________________________________ طيب لِمَ اختار الصرفيون كون الفعل الوزن على ثلاثة أحرف فلم يكن أربعة أو خمسة قالوا: لأنا لو وضعناه على خمسة وأردنا أن نزن الرباعي فماذا نصنع؟ نحذف منه حرفًا لأن الوزن على خمسة أحرف والموزون رباعي إذًا لم يطابق لا بد من حذف حرف، وإذا وضعناه على خمس وأردنا أن نزن الثلاثي لا بد من حذف حرفين، ولو وضعناه رباعيًا ووزن به الخماسي لا بد من زيادة حرف، ولو وضعناه رباعيًا ووزننا به الثلاثي لا بد من حذف الحرف، إذًا لو وضع خماسيًا لا بد من الحذف ولو وضع رباعيًا لا بد من الحذف، ولو وضع ثلاثيًا ووزن به الرباعي زيد حرفًا ولو وزن به الخماسي لزيد حرفان ولم ينقص منه، وعندهم قاعدة أن الزيادة أسهل من الحذف حينئذٍ ارتكاب ما يؤدي إلى الأسهل أولى من ارتكاب ما يؤدي إلى ما هو دونه، فوضعوه على ثلاثي لأنه لا حذف فيه البتة وإنما فيه زيادة، هذا نظر من حيث التعليل، وما هو أدق من هذا أن يقال أكثر الكلمات ثلاثية فراعوا الكثرة من حيث وضع الوزن، حينئذٍ يكون وضعوا الميزان على ثلاثة أحرف لسببين: - لأن أكثر الكلمات ثلاثية، وهذا بالتتبع والاستقراء، وهذا صحيح أكثر الكلمات ثلاثية، الثلاثي أكثر من الرباعي لأن الرباعي ثقيل على اللسان لزيادة حرف، والرباعي أكثر من الخماسي والخماسي قليل باعتبار النوعين. - من حيث التعليل يقال: إن الثلاثي إذا وزن به الرباعي أو الخماسي يزاد به حرفًا أو حرفان ولا يحذف منه شيء بخلاف الرباعي أو الخماسي لو وزن منه لا بد من الحذف، والزيادة عندهم أسهل من الحذف. لِمَ اختاروا الفاء والعين واللام دون غيرها من الحروف لماذا قالوا: فَعَلَ؟ اختاروا الفاء والعين واللام نقول: لا، أخذوا من كل مخرج حرفًا فَعَلَ، والمخارج ثلاثة أخذوا من كل حرفٍ مخرجًا لأن المخارج ثلاثة وأريد أن يشارك كل مخرج بحرف فقيل فَعَلَ، هذا تعليل وبعضهم لم يسلم بهذا. أيضًا الفعل أو معنى الفعل أعم الأحداث كلمة فَعَلَ أو فِعْل نقول: هذه تصدق على كل حدث لو قيل: هل صمتَ؟ تقول: قد فعلتُ. هل قمتَ؟ قد فعلتُ، هل ذهبتَ؟ قد فعلتُ، هل سافرتَ؟ قد فعلتُ، يصح أن تجيب عن كل حدث بهذه اللفظة أليس كذلك؟ فحينئذٍ صارت أعم الأحداث صام هذا يتعلق بحدث معين ولا يشمل القيام وغيره لكن الفعل يصدق على كل الفعل {الَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} [المؤمنون: 4] والأصل يكون مزكون صحيح؟ لِمَ قال فاعلون؟ لأن الفعل يصدق على الزكاة وغيرها حينئذٍ يصح هذا الوصف قد فعلتُ أن يقع جوابًا في كل سؤال عن حدث ما، وهذا لا خلاف عند الصرفيين في هذا. عرفنا الآن لماذا اختاروا الفاء والعين واللام. كيفية الوزن: كيف نزن الموزونات، ذكرنا أن عندنا وزن وعندنا موزون والوزن هو الذي نبحث فيه، عندنا وزن وعندنا موزون فَعَلَ هو الوزن وضَرَبَ هو الموزون ما كان على ثلاثة أحرف وافق الوزن موزونه أليس كذلك؟ وافق الوزن موزونه فتجعل ضَرَبَ على وزن فَعَلَ، فالضاد قوبلت بالفاء، والراء قوبلت بالعين، والباء قوبلت باللام. فحينئذٍ يقال في الضاد: فاء الكلمة. تسمى الضاد ضَرَبَ تسمى فاء الكلمة، والراء تسمى عين الكلمة لأنها قوبلت بالعين في الوزن، والباء تسمى لام الكلمة. (1/18) ________________________________________ إذًا ما قوبل به وكان متساويًا معه فَعَلَ وضَرَبَ نقول: هذا مراد لموزنه، اتفق العدد، اتفق عدد الحروف فحينئذٍ لا إشكال من حيث الحكم على الموزون على كل حرف بأنه أصل لأن أقل ما يكون عليه الفعل والاسم ثلاثة أحرف، ولا يكون على حرفين إلا لعلة تصريفية في الأفعال وفي الأسماء لو وجد على حرف أو حرفين حينئذٍ يكون مبنيًا ولا يكون متمكنًا وعليه خرج عن حد أو مبحث الصرفيين هذا إن كان ثلاثيًا، إذًا من جهة المقابلة الحروف في الوزن يقابل فاء الكلمة بالفاء في الوزن وعين الكلمة بالعين في الوزن واللام كذلك، والحركات لأن فَعل فَ هذه لا بد من حركة، والعين حرف لا بد من حركته، واللام لا بد من حركته لماذا تحركوا الوزن؟ تحركه بما حُرِّكَ به الموزون ضَ بالفتح إذًا فَ ضَرَ إذًا العين تكون بالفتح اللام هذا محل إعراب عَلِمَ وزنه فَعِلَ إذًا العين فاء الكلمة واللام عين الكلمة واللام عَلِمَ لام الكلمة، وحركت فاء الكلمة الفتح وحركت عين الكلمة الكسر فحينئذٍ تُكْسر في الوزن فيقال: عَلِمَ على وزن فَعِلَ، كَرُمَ على وزن فَعُلَ، إذًا تحرك الوزن بما حرك به الموزون، هذا في الثلاثي. طيب لو كانت الكلمة مشتملة على حرف زائد باعتبار الوزن يعني: الموزون على أربعة أحرف والوزن على ثلاثة أحرف ماذا نصنع؟ نقول: الزيادة التي تكون في الموزون لا تخلو عن ثلاثة أحوال هذه لا بد من ذكرها ستأتينا في الفعل - لا تظنوا أن هذا خروج عن الأصل - لا تخلو عن ثلاثة أحوال تلك الزيادة التي تكون في الموزون وهو أربعة أحرف وزيادة لا تخلو عن ثلاثة أحوال: - أن تكون الزيادة فيه من أصوله وهذا متى؟ إذا كان الموزون رباعي الأصول أو خماسي الأصول، لأن الرباعي من الكلمة قد يكون على أربعة حروف الأصول مثل دحرج هذا أربعة أحرف وكلها أصول وهو فعل ماضي لأنه كما سبق الفعل قد يكون ثلاثيًا وقد يكون رباعيًا، والرباعي منه ما هو رباعي الأصول ومنه ما هو رباعي بالزيادة والكلام في الأصول، فدحرج لو أردنا أن نزنه نقول: دَحْرَجَ الجيم هذه زائدة على الوزن لأن الفاء تقابل الدال الأولى، والعين تقابل الحاء، واللام تقابل الراء، والجيم ماذا لها؟ لم يكن في الوزن ما يقابل الجيم الذي هو الحرف الأصلي فحينئذٍ ننظر في هذا الحرف هل هو أصلي أم زائد باعتبار الوزن هو زائد على الوزن لا إشكال لكن باعتباره نفسه وهو موزون حرف أصلي قالوا: إذا كانت الزيادة فيه من أصل الكلمة تزاد لام ثانية في الوزن فيقال: دَحْرَجَ على وزن فَعْلَلَ زادوا لامًا ثانية، فصارت اللام الأولى دالة على كونها أصلاً والثانية دالة على كونها أصل، جَعْفَر على وزن جَعْفَرٌ فَعْلَلٌ هذا في الأسماء وذاك في الأفعال، إذًا أن تكون الزيادة فيه من أصوله وهذا النوع يوزن بهذا الميزان فَعَلَ مع زيادة لام ثانية إن كانت رباعية نحو جَعْفَر فَعْلَل ودِرْهَمٌ فِعْلَلٌ ومثله دَحْرَجَ # 1.12.22 .... لأنها رباعي في الأسماء وفي الأفعال والزيادة هذا الحرف الرابع هو حرف أصلي من أصل الكلمة. (1/19) ________________________________________ النوع الثاني من الزيادة: أن تكون الزيادة ناشئة عن تكرير حرف أصلي سواء كان هذا التكرير من إلحاق أم لغيره من المعاني. الإلحاق سيأتي شرحه في موضعه مثل ماذا؟ جَلْبَبَ قالوا: هذا فعل ماضي على وزن فَعْلَلَ، لكن الأصل فيه أنه يوزن بفعل وهو على أربعة أحرف جَلْبَبَ الجيم هو فاء الكلمة واللام هو عين الكلمة والباء الأولى هو لام الكلمة، الحرف الرابع الزائد وهو الباء هذا ليس بحرف أصلي ليس مثل الجيم في دحرج ولكن هذه الزيادة هذا الحرف زائد للإلحاق - وسيأتي معنى الإلحاق والكلام فيه يطول - فحينئذٍ في مثل هذا قالوا: نزيد لامًا ثانية فنقول: جَلْبَبَ على وزن فَعْلَلَ. فحينئذٍ ورد الإشكال فيما ذكرناه في السابق أن الوزن في أصل وضعه عند الصرفيين أنه يُمَيِّزُ الأصلي عن الزائد، وهل حصل التمييز في هذا؟ الجواب: لا، ولذلك قلنا هناك لا بد من القيد في الأكثر، لا بد أن نقول: تمييز الحرف الأصلي عن الزائد في الأكثر في الغالب أنه مميز وقد لا يميز مثل المثال الذي معنا فَجَلْبَبَ على وزن فَعْلَلَ، فَعْلَلَ هذا يوزن به دَحْرَجَ والحرف الثاني أصلي ويوزن به جَلْبَبَ والحرف الباء الثاني زائد ليس بأصلي، حينئذٍ لم يحصل التميز بفَعْلَلَ ولكنه هذا قليل لأنه في الرباعي والخماسي وليس في الثلاثي، التكرير بغير الإلحاف كتكرير العين في قَطَّعَ وَقَتَّلَ، قَطَّعَ على وزن فَعَّلَ حينئذٍ إذا كان التكرير من جنسِ العين يعني: من جنس الحرف فماذا يحصل؟ قالوا: في الميزان نكرر الحرف الذي زيد الحرف وهو من جنسه كما فعلنا في الأول جَلْبَبَ الباء الثانية زائدة أليس كذلك؟ هل هي من جنس اللام أو لا أم مغايرة؟ من جنسها أو لا كيف من جنسها؟ باء مثلها هي باء واللام باء فحينئذٍ نضعف اللام فنقول: جَلْبَبَ على وزن فَعْلَلَ ضعفنا اللام، قَطَّعَ كم حرف هذه؟ أربعة قاف وطاء وطَاء وعين، الطاء الأولى أصلية وهي عين الكلمة، والطاء الثانية زائدة هل هي من جنس العين؟ جنس العين في الوزن، حينئذٍ نأتي بالحرف الذي سابق لها فالذي سابق لها وهو الطاء وزناه بماذا؟ بالعين كذلك يوزن هذا بالعين كما وزنت الباء هنا باللام لأن الباء سابق وزنت باللام فنقول: فاء قَطَّعَ على وزن فَعَّلَ جماهير الصرفيين على هذا أن اللام إذا كررت من جنسها كالباء في جَلْبَبَ والعين إذا كررت من جنسها فيضعف العين أو اللام فتقول في جَلْبَبَ فَعْلَلَ وفي قَطَّعَ وَقَتَّلَ وَخَرَّجَ فَعَّلَ وذهب بعضهم إلى أنك تقول في الأول جَلْبَبَ على وزن فَعْلَبَ وليتهم يختارون هذا لينطبق حد الميزان على ما ذكرناه سابقًا، وفي فَعَّلَ قَطَّعَ على وزن فَعْطَلَ لماذا؟ لأن الطاء الحرف الثاني حرف زائد وليس بأصلي فحينئذٍ كيف يقابل بالعين؟ لكن الجماهير على هذا فنسلك مسلكهم فنقول: قَطَّعَ على وزن فَعَّلَ ولكن الرضي في شرح الشافي ما يرتضي هذه الأشياء إذًا نقول: إذا كانت الزيادة ناشئة عن تكرير حرف أصلي كُرر الحرف الأصلي سواء كان عينًا أو لامًا ماذا نصنع؟ نقابله بما قوبل ذات الحرف الأصلي سواء كانت الزيادة للتكرير أو للإلحاق. (1/20) ________________________________________ الثالث: أن تكون الزيادة غير أصلية - هذا خرج النوع الأول - ولا ناشئة عن تكرير ولا إلحاق - خرج النوع الثاني كما تقول هذا لم يكن باسم ولا فعل فهو حرف الزيادة إن لم تكن من أصل الكلمة وإن لم تكن ناشئة عن تكرير ولا إلحاق فحينئذٍ تكون من النوع الثاني وهو أن يوزن ذات الحرف الزائد بنفسه في الوزن، ينقل كما هو كما تقول: أَكْرَمَ. الهمزة هذه ليست من أصل الكلمة ليست مثل دحرج إذًا هي زائدة وهذه الزيادة ليست لتكرير ولا إلحاق إذًا من النوع الثالث ماذا نصنع؟ نزن الكاف والراء والميم بالأصول فعل فنقول: الكاف هي فاء الكلمة والراء هي عين الكلمة والميم هي لام الكلمة، والهمزة نُنْزِلُهَا كما هي في الوزن، فنقول: أَكْرَمَ على وزن أَفْعَلَ. انطلق الطاء هي فاء الكلمة واللام هي عين الكلمة والقاف هي لام الكلمة، والهمزة زائدة والنون زائدة فنقول: انطلق على وزن انْفَعَلَ. وتَكَلَّمَ على وزن تَفَعَّلَ، ما الذي حصل هنا؟ اجتمع نوعان من الزيادتين التاء هذه زائدة ليست بأصل وليست بتكرير ولا إلحاق فنزلت كما هي في الوزن فقيل: تَكَلَّمَ على وزن تَفَعَّلَ أو تَعَلَّمَ على وزن تَفَعَّلَ، تَفَعَّلَ ولم شددت العين تَكَلَّمَ؟ لأن اللام كُرِّرَت وهي من جنس العين، مثل قَطَّعَ وخَرَّجَ حينئذٍ اجتمع زيداتان ومثله اعْشَوْشَبَ واغْدَوْدَنَ على وزن - كله سيأتي هذا - افْعَوْعَلَ اغْدَوْدَنَ حصل تكرير للعين اغْدَوْ افْعَوْ إذًا العين هي الواو وكررت من جنسها اغْدَوْدَ كررت من جنسها فأعيدت العين مرة أخرى لكن بفاصل لم تدغم فيها لوجود فاصل بخلاف قَطَّعَ لأن الأول صار ساكنًا والثاني متحركًا فأدغم الأول في الثاني لكن اغْدَوْدَنَ على وزن افْعَوْعَ إذًا فصل بين العينين والفاء المكررة من جنس العين الأولى فصل بينهما بالواو، والواو حرف زائد نزل كما هو في الوزن فقيل: اغْدَوْدَنَ افْعَوْعَلَ. وسيأتي هذا في موضعه إذا أعيد الموزون جئت به في الوزن كما لو جئت بالوزن على الأصل قلت: قَوَلَ على وزن فَعَلَ، وقول هذه هل بقيت الواو كما هي؟ لا قلبت ألفًا إذًا قَالَ وإذا جئت تزن تقول فَالَ أو فَعَلَ؟ إن قلت: فَالَ. راعيت الفرع وهو بعد قلب الواو ألفًا، وإذا قلت: فَعَلَ. راعيت الأصل قبل قلب الواو ألفًا، فحينئذٍ أيهما أولى بالمراعاة؟ نقول: يراعى الأصل لأن أصل الفعل قَوَلَ وبَيَعَ فتقول: وزن قَالَ فَعَلَ ولا تقل فَالَ وأصل وزن بَاعَ فَعَلَ ولا تقل فَالَ، وغَزَا أصل غَزَوَ على وزن فَعَلَ هل تقول فَعَا أو فَعَلَ؟ غزا لو راعيت اللفظ لقلت وزنه فَعَا بالألف دون اللام قلبت اللام ألفًا لكن نقول: تراعي الأصل فنقول: قال أصله قَوَل فوزنه فَعَلَ ومثله بَاعَ بَيَعَ فوزنه فعل. (1/21) ________________________________________ إذا حصل حذف في الموزون لزم الحذف في الوزن، يعني: ما يقابله في الوزن قُلْ على وزن فُلْ أين العين؟ حذفت العين أصلها قول هكذا فما تنطق بهذا قُول الواو ساكنة واللام ساكنة لأنه فعل أمر مبني على السكون قُلْ اللام الساكن مثل {قُمِ اللَّيْلَ} [المزمل: 2] قم قول اللام ساكنة والوا التي عين الكلمة ساكنة التقى ساكنان حُذِفَتِ الواو فصار قُل فالوزن هل تراعي به النهاية أو تراعي به الابتداء؟ قالوا: لا، هنا لا، لبيان المحذوف لا بد أن تذكر الوزن للفعل الموزون بعد الحذف فتقول: قُلْ على وزن فُلْ قَاضٍ على وزن فَاعٍ لأن اللام محذوفة قاضٍ بالتنوين أصلها قاضي ثم التنوين التقى ساكنان الياء ياء قاضي والتنوين فحذفت الياء فصار قاضٍ حذفت الياء وهي لام الكلمة حذفت لعلة تصريفية كما قُلْ فُلْ حذفت العين لعلة تصريفية يعني لسبب تطبيقًا للقاعدة، فحينئذٍ تقول: قاضٍ على وزن فاعٍ بحذف اللام لماذا؟ لأن القاعدة عندما ينكر أن يحذف من الوزن ما حذف من الموزون فتقول: فاعٍ، داعٍ، قاضٍ. هِبَة وعِدَة على وزن عِدَةٌ على وزن عِلَةٌ، لأن عدة مأخوذ من الوعد من وَعَدَ أليس كذلك؟ وَعَدَ من الوعد إذًا عدة هذا المصدر أين الواو؟ حذفت عِدَةٌ وزنه عِلَةٌ تحذف الفاء والفاء هو الواو لأنه مأخوذ من الوعد، هبة وَهَبَ يَهِبُ وَهَبَ حينئذٍ أصله مثال واوي حذفت الواو في المصدر وعُوِّضَ عنها التاء عدة انتهى بعوض عن الفاء المحذوفة وهبة هذا عوض عن التاء عن الواو المحذوفة، ودِيَةٌ، دية من الودى مثل وعد حذفت الواو في كل الكلمات هذه وهي فاء الكلمة وعوض عنها التاء، إذا جئت تزن المصدر تقول وزن عِلَةٌ، مثل الاسم اسم هذا عند الكوفيين مأخوذ من الوسم حذف الواو التي فاء الكلمة اعتباطًا وعوض عنها على قول الهمزة أو سكنت ثانيه من الوزن الثاني ساكن جيء بهمزة الوصل، وزنه على مذهب الكوفيين اعْلٌ اسْمٌ اعْلٌ حذفت الفاء اعتباطًا، وعلى مذهب البصريين مأخوذ من السمو لأن أصل السمة أو السمو # 1.25.46 [هل هكذا] حذفت الواو وهو لام الكلام اعتباطًا لغير علة تصريفية وسكن أوله فاجتلبت همزة الوصل للتمكن والابتداء بالساكن وصار وزنه افْعٌ، إذًا لفظ اسم على مذهب البصريين اعْلٌ افْعٌ على مذهب البصريين افْعٌ بحذف اللام، وعلى مذهب الكوفيين اعْلٌ بحذف الفاء. هذا ما يتعلق بالميزان الصرفي. ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). وهذا يحتاج إلى وقفة معه ونكمل غدًا بإذن الله تعالى. وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. (1/22) ________________________________________ ( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات ) شرح متن البناء عناصر الدرس * سبب إيراد البسملة دون الحمدلة. * عدد أبواب التصريف. * تعريف اللازم والمتعدي. * أوزان فَعَلَ وفَعِلَ وفَعُلَ وعلاماتها. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: عرفنا فيما سبق حد الصرف وموضوعه، وعرفنا أن مبحث الصرفيين في الكلمات العربية المفردات، والمراد بالمفردات هو الأفعال المتصرفة والأسماء المتمكنة، هذا الكتاب على جهة الخصوص بحث في الأفعال المتصرفة. إذًا متن البناء بناء كما قلنا المراد بالبناء هنا هو الزنة والصيغة وما يُسمى بالزنة أو الميزان، حينئذٍ متن البناء لذلك جاء في بعض النسخ بناء الأفعال هكذا بالاسم بناء الأفعال لماذا؟ لأن بحثه إنما هو في أبنية الأفعال على جهة الخصوص لماذا؟ تعلق الصرف - كما سبق - هو تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعاني محصولة لا تحصل إلا بها. هذا التحويل وهذا التعلق تعلق الصرف إنما يكون بالأفعال أكثر من تعلقه بالأسماء المتمكنة لماذا؟ لكثرة تغيرها، لأن التغيير والتحويل إنما يقع في الأفعال أكثر من وقوعه في الأسماء، وظهور معنى الاشتقاق في الأفعال أكثر من ظهور معنى الاشتقاق في الأسماء، بل الأسماء أكثرها جوامد، والأفعال الأصل فيها أنها مشتقة، ولو خرج بعضها عن كونه مشتقة إلى كونه جامدًا فهذا على خلاف الأصل بأن الفعل كما هو معلوم مشتق من المصدر والأسماء المصادر إنما هي جوامد إنما هي أسماء أجناس وهي جامدة، والأسماء الجوامد فيها كثيرة يعني في الأسماء فتعلق الصرف بها ليس بطريق الأصالة وإنما بطريق التبعية، ولذلك أكثر ما يقع الصرف في الأسماء إنما هو في الأسماء المتصلة بالأفعال وهي أسماء الفاعلين والمفعولين والصفات المشبهة وأفعال التفضيل هذه كلها تدل على ذوات وعلى أحداث، وهذا أشبه ما يكون بماذا؟ بالفعل وأكثر ما يدخل التصريف في باب الأسماء إنما يكون في الأسماء التي هي متصلة بالفعل لكن فيها معنى الفعل، فحينئذٍ يدل هذا على ماذا؟ يدل على أن الأصل في باب الصرف هو الفعل وهو الأساس، فدخول باب الصرف الأفعال بالأصالة وفي الأسماء بالتبعية للتبعية، لأن الأصل في الأفعال الاشتقاق والأصل في الأسماء الجمود، ولذلك الأكثر في الأفعال كونها مشتقة وقليل الجامدة بعضهم أوصلها إلى خمس عشرة أو خمسة عشرة فعلاً أو إلى عشرين لا تزيد وسائر ذلك أو سائر الأفعال تكون مشتقة، والأسماء الأصل فيها أنها جامدة وما جاء مشتقًا فهو لكونه متصلاً بالفعل يعني فيه من معنى الفعل كأسماء الفاعلين والمفعولين ونحو ذلك، لذلك كان هذا البحث في الأفعال دون غيرها، ولذلك ابن مالك نظم اللامية في باب الأفعال لأن من أتقن باب الأفعال في الصرف فقد أتقن جمهور مسائل الصرفيين. وَبَعْدُ فَالْفِعْلُ مَنْ يُحْكِمْ تَصَرُّفَهُ ... يَحُزْ مِنَ اللُّغَةِ الأَبْوَابَ وَالسُّبُلاَ (1) فَهَاكَ نَظْمًا مُحِيطًا بِالْمُهِمِّ وَقَدْ ... يَحْوِي التَّفَاصِيلَ مَنْ يَسْتَحْضِرُ الْجُمَلاَ وبعد فالفعل من يحكم تصرفه من يتقن تصرفات الفعل يحذ من اللغة الأبواب والسبل حاذَّ الكثير من الأبواب. __________ (1) لامية الأفعال لابن مالك، البيت الثالث والرابع. (2/1) ________________________________________ فَهَاكَ نَظْمًا مُحِيطًا بِالْمُهِمِّ وَقَدْ ... يَحْوِي التَّفَاصِيلَ مَنْ يَسْتَحْضِرُ الْجُمَلاَ يعني: عليك بالقواعد العامة فمن يستحضرها يستحضر التفاصيل وهذه قاعدة عامة في كل الفنون، إذًا لا غرابة أن يكون هذا المتن خاصًا بالأفعال لما ذكرناه. قال رحمه الله تعالى: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). هذا من كلام المصنف حينئذٍ نقول: افتتح المصنف كتابه بالبسملة ابتداءً بالكتاب العزيز وامتثالاً أو اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في السنة الفعلية حيث كان يفتتح كتبه ورسائله بالبسملة، وأيضًا اقتداءً بسنة المصنفين فقد كانوا إذا افتتحوا كتبهم إنما يفتتحون بالبسملة، وعند بعضهم امتثالاً لقول - صلى الله عليه وسلم - إن صح - «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بـ بسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر» أبتر يعني: كالأبتر، يعني قليل البركة فهو إن تم تحس إما أنه ناقص من جهة المعنى، بهذه المعاني افتتح المصنف رسالته بالبسملة ولم يذكر الحمدلة مع أنه من باب الاكتفاء، اكتفى بالبسملة عن الحمدلة إثارًا لرواية: «كل كلام لا يبدأ فيه بذكر الله». ولم ينص على ذكر معين وإنما هو عام، فحينئذٍ يكون قد ذكر البسملة دون الحمدلة إعمالاً لهذا الحديث أن المراد هو الافتتاح بالذكر ولذلك ذكر أو جاء في البخاري رحمه الله في الصحيح أنه فتح بالبسملة ولم يذكر حمدلة وفي النسخ المشهورة في كتاب ((التوحيد)) للشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب افتتح بالبسملة ولم يذكر الحمدلة - في النسخ المشهورة - في بعضها ذكر الحمدلة، هذا مثله فيقال من باب الاكتفاء اكتفاءً ببعض الروايات التي دلت على أن المراد افتتاح الكلام بذكر الله مطلقًا بقطع النظر عن كونه بسملة أو حمدلة، ويمكن أن يقال أيضًا أنه الحديث الذي فيه «كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد الله». لا، ليس في نص على أنه لا بد أن يكتبه بل المراد به أن يأتي به فيحتمل أنه جاء بالبسملة كتابةً وترك أو جاء بالحمدلة لفظًا، فيكون جمع بين الكتابة والحمدلة. وأما مفردات هذه الجملة وقد ذكرنا ما يتعلق بفن الصرف في شرح ... ((نظم المقصود)) فلا عودة ولا إعادة سنتركها اختصارًا لضيق الوقت. (2/2) ________________________________________ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قال: (اِعْلَمْ أَنَّ أَبْوَابَ التَّصْرِيفِ خَمْسَةٌ وَثَلاثُونَ بَابًا) (اِعْلَمْ) هذا فعل أمر من العلم وهو خطاب عام لكل من يتأتى منه العلم، فحينئذٍ يكون المراد به كل مخاطب فيتناول الجميع على جهة البدل فيكون المخاطب به واحد أو اثنين أو أكثر الذكر والأنثى .. إلى آخره لماذا؟ لأن المراد توجيه الخطاب إلى المخاطب أو توجيه الأمر بالعلم بإيجاد العلم إلى المخاطب أيًّا كان ذلك المخاطب فلو كان القارئ ذكرًا لقيل: اعلم يا زيد. ولو كان القارئ أنثى لقيل: اعلمِ يا هند، ونحو ذلك. إذًا صَدَّرَ نقول: صَدَّرَ الكتاب بقوله: (اِعْلَمْ). تنبيهًا على أن ما يُذكر فيما بعد في كتابه مما يُعْتَنَى بشأنه، ولذلك تصدر به الأمور المهمة، ويهتم لتحصيله ففيه حينئذٍ حس لطالب العلم على التعلم والحفظ والضبط اعلم ماذا؟ (اِعْلَمْ أَنَّ أَبْوَابَ التَّصْرِيفِ خَمْسَةٌ) أبواب أَن هذا مفتوحة الهمزة (أَبْوَابَ التَّصْرِيفِ خَمْسَةٌ وَثَلاثُونَ بَابًا) أبواب جمع باب وأصله بَوَبٌ تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا والمراد به هنا الأنواع الباب قد يطلق ويراد به النوع (اِعْلَمْ أَنَّ أَبْوَابَ التَّصْرِيفِ) أي: أنواع التصريف. و (أَبْوَابَ التَّصْرِيفِ) أبواب هذا اسم أَن والتصريف مضاف إليه و (خَمْسَةٌ وَثَلاثُونَ) هذا خبر أن. (2/3) ________________________________________ (اِعْلَمْ) هذا مما يتعدَّى إلى مفعولين ينصب مفعولين ولكن سبق كما في شرح الأجرومية أنه قد يُقام مقام المفعولين أَنَّ المفتوحة أو أَنْ المصدرية ... {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا} [العنكبوت: 2] {أَحَسِبَ} قلنا: تتعدى إلى مفعولين {أَن يُتْرَكُوا} أَنْ وما دخلت عليه بتأويل مصدر والمصدر مفرد حينئذٍ نقول: سدَّ مَسَدّ مفعولي حسب، كذلك ظننتُ أن زيدًا قائمًا ظننتُ قيام زيد هذه أَنَّ دخلت على مبتدأ وخبر فحينئذٍ أقيم مفعول أَنَّ من المبتدأ والخبر بعد التأويل أقيم مَقام مُقام مفعولي ظن، وهذا مثله الآن (اِعْلَمْ أَنَّ أَبْوَابَ التَّصْرِيفِ خَمْسَةٌ $ وَثَلاثُونَ بَابًا) اعلم كون - لا بد من الإتيان بالكون هنا - اعلم كون أبواب التصريف خمسةً وثلاثين بابًا، التصريف هذه (أل) نقول: للمح الصفة والمراد به هنا عنوان الفن لأنه كما يقال يقال الصرف ويقال التصريف، فالتصريف هذا علم للفن الذي حددناه بالأمس، و (أل) فيه زائدة للمح الصفة أي بالإشارة إلى أنه وصف في الأصل لأنه منقول من المصدر فحينئذٍ تكون الألف التي هي (أل) يجوز دخولها وعدمه على العلم المنقول لماذا؟ لأنه إذا نقل قد ينقل عن مصدر أو ينقل عن اسم فاعل أو ينقل عن اسم مفعول، فإذا أريد به المعنى الذي نقل عنه وأشير إليه فحينئذٍ يؤتى بـ (أل) للدلالة على ماذا؟ على المعنى السابق المنقول عنه، كما لو قيل: فضل. فضل المراد به الزيادة الخير فإذا نقلت هذا المصدر إلى الْعَلَمِيَّة فقلت: جاء الفضل. وأتى به الإشارة إلى أن الاسم هنا وافق مسماه فكأن المسمى فيه فضل وزيادة في الخير حينئذٍ تسمى (ال) هذه للمح الصفة. إذًا عباس هذا مأخوذ من العبوسة والأصل فيه أنه جامد لكن لو أردت أن المعنى قد وافق على مسماه وقد جاء الرجل المسمى بعباس عابس الوجه وفيه عبوس فتقول: جاء العباس. وتشير بـ (أل) إلى أن العبوس أن الرجل المسمى بهذا الاسم قد جاء وقد وافق معنى الاسم مسماه هذه تسمى ماذا (أل) للمح الصفة، فاللام حينئذٍ تكون عارضة غير لازمة لأن العلم إذا نقل من المصدر دخلته اللام جوازًا لا اطرادًا كما نص على ذلك غير واحد من أهل العلم. (اِعْلَمْ أَنَّ أَبْوَابَ التَّصْرِيفِ خَمْسَةٌ وَثَلاثُونَ بَابًا) على تعريف الزنجاني التصريف بأنه تحويل الأصل الواحد .. إلى آخره يكون المعنى اعلم أن أنواع الكلمات المتصرفة، وإذا أريد به على حدٍّ من حال العلم بأصول وهو كونه علمًا لا عملاً فحينئذٍ يكون المراد اعلم أن أن أبواب التصنيف أي: أن أنواع الكلمات المبينة في علم الصرف ... (خَمْسَةٌ وَثَلاثُونَ بَابًا) هذا على مقتضى ما ذكره المصنف يعني فيما يراه هو من باب التقريب والاختصار والاكتفاء وإلا ليست محصورة في خمسة وثلاثين بل هي أكثر بكثير ولكن هذا من مشاهير الأبواب وإلا هي أكثر من ذلك لأنه ذكر الملحق بالرباعي ذكر خمسة ذكر ستة أبواب وأوصلها بعضهم إلى السبعين وبعضهم إلى الثمانين وبعضهم إلى التسعين، إذًا كيف يقال: خمسة وثلاثون؟ (2/4) ________________________________________ إذُا نقول: هذا من باب الاقتصار والاختصار والاكتفاء، وإنما هي أكثر من ذلك، لكن أكثر ما يزال يكون غير مشهور، قليل الاستعمال والغالب أنهم يذكروا في التقعيد والتأصيل ليتبع في باب القياس إنما يكون ما اشتهر على لسان أو ألسنة العرب (خَمْسَةٌ وَثَلاثُونَ بَابًا) بابًا هذا ما إعرابه؟ تمييز، والمراد به التمييز مؤكد لأن مراد به تمييز التأكيد هنا، كما التمييز في الحال فتكون مؤكِدًا وقد يكون مؤكَدًا {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ} [التوبة: 36] هذا معلوم أن {اثْنَا عَشَرَ} ماذا؟ شَهْراً ماذا استفدنا منه؟ التأكيد لأن الكلام في ماذا؟ في الأشهر {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً} (أَبْوَابَ التَّصْرِيفِ خَمْسَةٌ وَثَلاثُونَ) إذًا ... (بَابًا) هذا نقول: تمييز من باب التأكيد. (سِتَّةٌ مِنْهَا لِلثُّلاثِيِّ المُجَرَّدِ) ستة للثلاثي المجرد (اِعْلَمْ أَنَّ أَبْوَابَ التَّصْرِيفِ خَمْسَةٌ وَثَلاثُونَ بَابًا) لأنه عد الثلاثي ستة كما سيأتي وما زيد عليه ما زيد على الثلاثي خمسة وعشرون بابًا، والرباعي المجرد باب واحد وما زيد عليه ثلاثة، فالمجموع حينئذٍ يكون خمسةٌ وثلاثين بابًا (سِتَّةٌ مِنْهَا) أي من تلك الأبواب الخمسة والثلاثين (لِلثُّلاثِيِّ المُجَرَّدِ) لَمَّا كان المقام مقام البحث في الفعل فحينئذٍ نقول: الفعل نوعان: إما أن يكون مجردًا. وإما أن يكون مزيدًا. لأنه ذكر ثلاثي وهو مجرد، ثلاثي لا رباعي، ومجرد لا مزيد، وعليه نقول: الفعل نوعان: مجرد، ومزيد. مُجَرَّد مُفَعَّل مأخوذ من التَّجْرِيد أي الخالي عن الزيادة لأن التجريد بمعنى التجرد والخلو تجريد التوحيد أي: تصفيته وتهذيبه وتخليصه عن أي شائبة داخلة عليه، كذلك المجرد بمعنى الْمُخَلَّص والخالي عن أي حرف زائد، فنقول: الفعل نوعان: مجرد وهو الأصل يعبر عنه بعضهم بالأصلي، ومزيد فيه أو ذي الزيادة، الثلاثي المجرد ما كان ماضيه على ثلاثة أحرف، أو قبل ذلك قبل الثلاثي المجرد نقول: المجرد هو ما تجرد ماضيه عن الزائد، وذو الزيادة ما اشتمل ماضيه على الزائد إذًا الفعل نوعان: مجرد، ومزيد فيه. حقيقة المجرد ما تجرد ماضيه عن الزائد، وحقيقة المزيد ما اشتمل ماضيه على الزائد. ثم نقول: المجرد نوعان أو الأصلي نوعان: ثلاثي، ورباعي. والثلاثي: ما كان ماضيه على ثلاثة أحرف أصول. والرباعي: ما كان ماضيه على أربعة أحرف أصول. إذًا التسمية هنا وافقت المسمى ثلاثي: ما كان ماضيه على ثلاثة أحرف أصول، رباعي: ما كان ماضيه على أربعة أحرف أصول. (2/5) ________________________________________ إذًا كل منهما جُرِّد! عن الحرف الزائد، ولما كان عدد الثلاثي ثلاثةُ أحرف أو ثلاثةَ أحرف وكلها أصول بحيث ماذا؟ لا تسقط في أحد التصاريف تصاريف الكلمة إلا لعلة تصريفية، فحينئذٍ نقول: الثلاثي هذا دل على ماذا؟ دل على أن الفعل مؤلف من ثلاثة أحرف ولذلك قيل: ثُلاثِي هذا شاذ. النسبة شاذة وإنما الأصل أن يقال ثَلاثِي نسبة إلى ثلاثة أليس كذلك؟ إذا قيل: ثَلاثة تنسب إليه تقول: ثَلاثيٌّ ولا تقل ثُلاثي أليس كذلك؟ صحيح؟ ثَلاثة تنسب إليه ثَلاثي بفتح الثاء، إذًا ضم الثاء في الثُلاثي هذا شاذ ولكن جرى عليه الاصطلاح عند الصرفيين لأن الثُلاث هذا يفيد التكرار معدول عن ثَلاثة ثلاثة فحينئذٍ لا يكون إلا مؤلفًا من ستة إذا أخذناه على حقيقته ما أفاد التكرار {مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] مثنى يعني: اثنين اثْنين. وثُلاث يعني: ثلاثة ثَلاثة. ورباع يعني: أربعة أرْبعة. وهذه نسبة إلى ما يفيد التكرار أو دون ذلك؟ دون ذلك، فحينئذٍ نقول: الثُلاثي هذا شاذ، كذلك الربُاعي هذا منسوب أربعة وفيه ثلاث شذوذات: - إسقاط الهمزة، الأصل أن يقال أربعي. إسقاط الهمزة هذا شاذ. - ثم ضم الراء رُ. - ثم المادة التي بعد الباء. أربعي بعد الباء عين مباشرة أين المادة هذه من أين جاءت؟ لو قالوا: ربُاعي. ففيه ثلاث شذوذات. إذًا نقول: الأصلي نوعان: ثلاثي، ورباعي. والثلاثي: ما كان ماضيه على ثلاثة أحرف أصول. والرباعي: ما كان ماضيه على أربعة أحرف أصول. فرق بين الزائد والأصلي، فحينئذٍ الزائد ما اشتمل ماضيه على ماذا؟ على الزائد ويفرق بين المجرد والمزيد فيه لماذا؟ متى نحكم على كون هذا الحرف أصلي أو أنه زائد؟ نقول: بالتصاريف، للتصاريف إن يلزم الحرف في كل التصاريف حينئذٍ نقول: هذا حرف أصلي. وإن سقط في بعض التصاريف لا لعلة تصريفية فحينئذٍ نحكم عليه بأنه زائد فَكَتَبَ أو عندك مثلاً يَكْتُبُ لا تدري ما الحرف الأصلي من الزائد نقول: ائت بالتصاريف الأبنية ائت بالماضي ائت بالأمر ائت باسم الفاعل ائت بالجمع ائت بالتثنية، فالحروف التي تكون موجودة في جميع التصاريف تحكم عليها بأنها حرف أصلي وما يسقط في بعض التصاريف - لا لعلة تصريفية - فاحكم عليه بأنه زائد، كَتَبَ يَكْتُبُ اكْتُب كَاتِبٌ كَتَبْتُ كُتَّابٌ مَكْتَبٌ كُتَيِّبٌ كُتُبٌ هذه التصاريف كِتَابَان كُتَيِّبَات كل هذه تنظر فيها فإذا بالكاف والتاء والباء موجودة في جميع التصاريف، فتحكم بأصلية الكاف وتحكم بأصلية التاء وبأصلية الباء، وما سقط في بعض التصاريف دون بعض - لا لعلة تصريفية - فتحكم عليه بأنه زائد. (2/6) ________________________________________ إذًا كَتَبَ هذه الحروف لأنه مشتق من الْكَتْبِ وهو المصدر يَكْتُبُ تحكم على أن الياء زائدة لأنها غير موجودة في كَتَبَ، كَاتِبٌ تحكم على أن الألف زائدة لأنها ليست موجودة في يَكْتُب ولا في كَتَبَ، مَكْتُوبٌ تحكم على أن الميم زائدة والواو زائدة لأن غير موجودة في الْكَتْبِ وفي كَتَبَ وفي يَكْتُبُ وكَاتِب، فحينئذٍ نحكم على الحرف بأنه أصلي إذا وجد في جميع التصاريف فإن سقط في بعض التصاريف ويشترط فيه ألا يكون سقوطه لعلة تصريفية، فإن كان العلة تصريفية فهذا لا ينفي أصالته وقيد يكون الحرف أصليًّا وسقط لعلة تصريفية مثل ماذا؟ وَعَدَ يَعِدُ، وَعَدَ مأخوذ من الْوَعْدِ إذًا الواو أصلية والعين أصلية والدال أصلية، وحكمنا بأن الحرف يكون أصليًّا إذا وجد في جميع التصرفات، طيب يَعِدُ سقطت الواو عِدَةٌ سقطت الواو سقطت من المضارع يَعِدُ وسقطت من المصدر عِدَةٌ أين الواو؟ غير موجودة هل نقول: الواو هذه زائدة لكونها سقطت في بعض التصاريف؟ الجواب: لا، وإنما نقول: هي أصلية وسقوطها في يَعِدُ لعلة تصريفية وفي عِدَةٍ لعلة تصريفية، وما سقط لعلة تصريفية فهو كالثابت، يعني يعامل معاملة الحرف الموجود، إذًا عرفنا بهذا أن الحكم على الحرف بكونه أصليَّا وبكونه زائدًا باعتبار سقوطه في بعض التصاريف، والذي يلزم في جميع التصاريف حينئذٍ نحكم عليه بأنه أصلي وما سقط نقول: هذا نوعان: - إن سقط لعلة تصريفية فهو ماذا؟ فهو أصلي، لأن المحذوف لعلة تصريفة كالثابت. - وما سقط لغير علة تصريفية فهو زائد هذا فائدته ماذا؟ فائدته تعرف الفعل المجرد عن المزيد، متى تحكم على الفعل بأنه مجرد؟ إذا اشتمل ماضيه على أو كان ماضيه كله أصول ومتى تحكم عليه بأنه مزيد؟ إذا اشتمل ماضيه على حروف زائدة، فإذا لم تفرق بين المزيد وبين الزائد وبين المجرد بهذه التفرقة يصعب عليك الحكم على الفعل بأنه مجرد أو مزيد. والمزيد فيه ثلاثة أنواع: رباعي، وخماسي، وسداسي. هذا مزيد فيه، وسيأتي تفصيله في موضعه. يرد السؤال إذا قيل خماسي في الفعل وهو مزيد فيه، ومعلوم أن الاسم يكون ثلاثيًا ورباعيًا وخماسيًا هل في الفعل ما هو خماسي مجرد؟ الجواب: لا، فحينئذٍ ينحصر الفعل المجرد في الفعل في الفعل مطلقًا في الثلاثي وفي الرباعي وليس عندنا في الفعل مجرد وهو على خمسة أحرف، وإنما يكون الفعل خماسي في الخماسي مجردًا إنما يكون في باب الأسماء قالوا: لماذا؟ قالوا: لأن الفعل يطرأ عليه التغيرات فيزاد حرف ويزاد حرفان أو حرفين ويزاد ثلاثة. فحينئذٍ لو زيد وهذا أقصى ما يكون من الزيادة ثلاثة أحرف لو زيد على الخماسي وهو مجرد ثلاثة أحرف لصار ثمانية أحرف وهذه يزيد الفعل ثقلاً الفعل ثقيل في نفسه لأنه يدل على الحدث وعلى الزمن وهو يستلزم فاعلاً بخلاف الاسم لما خف الاسم لم يستثقل مجيئه على خمسة أحرف مجردة، ولما ثقل الفعل استقلوا مجيئه على خمسة أحرف لأنه إذا اتصل به تاء الفاعل أو المخاطب أو نون الإناث منزل منزلة ماذا؟ (2/7) ________________________________________ الجزء من الكلمة فكأنه صار على ماذا؟ ستة أحرف، فلئلا يرتفع الفعل عن الاسم رتبةً ومعلوم من القاعدة العامة أن الاسم أشرف من الفعل لئلا يرتفع الفعل على الاسم بدرجة قالوا: إذًا لا يكون على خمسة أحرف. لأن الفاعل ينزل منزلة الجزء من الكلمة، فحينئذٍ لو كان على خمسة أحرف واتصل به الفاعل حينئذٍ صار ستة أحرف فزاد على ماذا؟ على الاسم فصار الفعل أشرف من الاسم، والعكس هو الأصح. إذًا لخفة الاسم ولكونه أشرف من الفعل امتاز بكونه وجد على خمسة أحرف، ولدنو مرتبة الفعل ولثقل الفعل جعلوا له مرتبتين وسلبوا عنه الخماسي المجرد. قال: (سِتَّةٌ مِنْهَا لِلثُّلاثِيِّ المُجَرَّدِ). عرفنا المراد بالثلاثي والمراد بالمجرد، الثلاثي هذا منسوب إلى ثَلاث بفتح الثاء والمجرد كما علمنا أنه الخالي عن الزيادة بدأ المصنف بذكر ما يتعلق بالفعل الثلاثي على الفعل الرباعي يعني: قدم المجرد الثلاثي على المجرد الرباعي لماذا؟ لأنه مقدم عليه بالطبع فقدم وضعًا ليوافق الوضع الطبع، وقيل: لأن الثلاثي أصل بالنسبة للرباعي فشأنه حينئذٍ التقديم فلا حرج. قال: (سِتَّةٌ مِنْهَا). (سِتَّةٌ) هذا مبتدأ (مِنْهَا) هذا صفة كَعِلَة، ... (مِنْهَا) أي من الأبواب الخمسة والثلاثين (لِلثُّلاثِيِّ) هذا هو خبر المبتدأ ... (المُجَرَّدِ) هذا صفته لماذا كان حظ الفعل الثلاثي المجرد ستة أبواب باعتبار المضارع لأنه قسم هذه الستة أو ذكر ستة أبواب من الخمسة والثلاثين هذه مختصة بالمضارع الذي يكون للفعل الماضي وهي ستة لماذا؟ لأن النظر يكون باعتبار الأصل الذي هو الماضي وباعتبار الفرع الذي هو المضارع إذًا نظران: عندنا ثلاثي مجرد، وعندنا مضارع الثلاثي المجرد، هذه الأبواب الستة ذكرها في أي شأن؟ في شأن المضارع لذلك قال: (فَعَلَ يَفْعُلُ). فَعَلَ يَفْعَلُ فَعَلَ يَفْعِلُ، كَبَرَ فَعَلَ وغاير بين المضارع فحينئذٍ مقصوده ماذا؟ مقصوده ذكر المضارع في باب فعل ومعلوم بالتتبع والاستقراء أن الفعل الماضي الثلاثي المجرد يكون على ثلاثة أحوال: - إما أن يكون مفتوح العين. - وإما أن يكون مكسور العين. - وإما أن يكون مضموم العين. (2/8) ________________________________________ إما من باب فَعَلَ، وإما من باب فَعِلَ بكسر العين، وإما من باب فَعُلَ بضم العين ثلاثة بالتتبع والاستقراء لا رابع لها، وباب فَعَلَ هذا أخف الأبواب لماذا؟ لكون عينه مُحركةً بأخف الحركات وهي الفتحة. لأنك تلحظ ماذا؟ تلحظ أن الفاء ثابتة فَعَلَ فَعِلَ فَعُلَ الفاء ثابتة على الفتح وسيأتي تعليله باقي التحريك في ماذا؟ في العين فَعَلَ هذا أكثر في الاستعمال لماذا؟ لكون عينه محركةً بأخف الحركات وهي: الفتحة. فلما كثر استعماله حينئذٍ استعملوه متعديًا ولازمًا، والتعدي فيه أكثر من لزومه، لا بد من حفظ هذه القواعد تقول: فَعَلَ هذا هو الأكثر في لغة العرب، لماذا؟ لأنه أكثر خفة، ومعلوم أن في لغة العرب عندهم قاعدة كبرى ملاحظة في جميع الأبواب وهي: التماس الخفة أو طلب الخفة، طلب الخفة والتماس الخفة، فحينئذٍ كل ما كان ما خف على اللسان فهو أكثر استعمالاً كل ما كان أخف على اللسان فهو أكثر استعمالاً ومعلوم أن فَعَلَ أخف من فَعِلَ لأن الفتح أخف من الكسر، والفتح أو الكسر أخف من فَعُلَ بضم العين فلذلك كان باب فَعَلَ أكثر استعمالاً ولذلك عُدِّيَ وصار لازمًا يعني: يكون متعديًا ويكون لازمًا، والتعدي فيه أكثر من لزومه هذا المرتبة الأولى. المرتبة الثانية: يليه وهو أقل منه استعمالاًَ في لغة العرب بسبب الثقل الذي حدث للعين بالكسر وهو باب فَعِلَ، كسرت العين والكسر أثقل من الفتح فلذلك هو أقل لذلك الأفعال في اللغة العربية في لسان العرب التي على وزن فَعِلَ بكسر العين أقل من الأفعال التي تكون على وزن فَعَلَ لأنه لما ثقل قل استعمالهم له، وكذلك يُستعمل لازمًا ومتعديًا إلا أن اللزوم فيه أكثر من التعدي حسب فَعَلَ، يليه في الرتبة باب فَعُلَ بضم العين فلثقله بتحريك العين بالضم والضم معلوم أنه أقوى الحركات وأثقل الحركات صار أقل استعمالاً من باب فَعِلَ ولذلك الأفعال التي تكون على وزن فَعُلَ أقل الأبواب الثلاثة، ولذلك لا يستعمل إلا لازمًا لأنه اختص بمعنىً واحد لا يكون إلا عليه باب فَعُلَ وهو ما كان من شأن الطبائع والسجايا كشَرُفَ وكَرُمَ وحَسُنَ هذه صفات لازمة لمحلها الشرط لازم لا يكون في الصباح شيء وفي المساء خفيفًا تقول: شَرُفَ إذًا هذا من الطباع أو الصفات اللازمة التي لا توجد في وقت دون وقت وإنما تكون ملازمةً لموصوفها فما كان كذلك فيجيء وزنه على باب فَعُلَ فلذلك لا يُستعمل إلا لازمًا ولا يكون متعديًا لماذا؟ قالوا: ليوافق العمل المعنى ليحصل تتطابق بين العمل والمعنى لأن العمل معناه أنه يلزم فاعله ولا يتعدَّى إلى مفعول وهذا معنى اللزوم، وكونه يدل على صفة لازمة هذا من جهة المعنى فلزم عملاً ومعنًى، لزم من جهة العمل ومن جهة المعنى، فقيل باب فَعُلَ كله لازم، ورَحُبَتك الدار وهذا شاذٌّ أو على جهة التضمين إذًا هذه أربعة أو ثلاثة أبواب للفعل الماضي المجرد. (2/9) ________________________________________ ومن جهة القسمة العقلية يقتضي ماذا؟ أن يكون الفعل الماضي المجرد على اثني عشر وزنًا لكنه لم يُسمع إلا ثلاثة أوزان فقط اثني عشر وزنًا لماذا؟ لأن الفاء تحتمل ثلاثة حركات والعين تحمل مع الثلاث حركات السكون ثلاثة في أربعة باثني عشر وزنًا نشرحها أو نتجاوزها؟ نشرحها طيب. فَعَلَ نقول: لا يمكن أن يُبتدئ بساكن حينئذٍ يتعذر أن يكون الفاء ساكنًا إذًا لعدم أو لعدم التمكن من الابتداء بالساكن سقط سكون الفاء فحينئذٍ لا يكون ساكنًا ويقابل السكون ماذا؟ التحريك فيحتمل ماذا؟ الفتحة أو الضمة أو الكسرة إما أن يكون مفتوح الفاء، أو مكسور الفاء، أو مضموم الفاء، امتنع الضم والكسر للثقل امتنع أن تكون الفاء فاء الفعل الماضي الثلاثي المجرد مضموم لماذا؟ لأن الضمة ثقيلة الابتداء بالحرف الثقيل دائمًا يكون مجتنبًا عند العرب فحينئذٍ أُسقط الضم والكسر لأن فيهما كُلْفَة ولأن فيهما استثقالاً ولأن الطبائع لا تميل إليهما فماذا بقي؟ بقي الفتح، لأنه خفيف فسقط السكون لعدم الابتداء بالساكن لأن العرب لا تبتدئ بساكن كما أنها لا تقف على متحرك، لا يمكن التحريك بالضم أو بالكسر للثقل لأن الكسر ثقيل والضم ثقيل والطبائع لا تميل إليهما فتعين له الفتح لماذا؟ للخفة، طلبًا للخفة. يَرِدُ الإشكال على إسقاط الضم وهو الفعل المغير الصيغة، إذا قيل أن الفاء في الفعل الماضي المجرد لا تضم حينئذٍ ضَرَبَ لا يمكن أن تضم الضاد لماذا؟ لعدم السماع وللثقل ولكونه فيه كلفة، طيب ضُرِبَ زيد وهو مسموع فحينئذٍ أمكن النطق بالضمة في أول الكلمة؟ أجيب عن هذا بأن الأصل ضَرَبَ، وضُرِبَ فرع، والتأصيل والتقعيد إنما يكون تبعًا للأصول لا للفروع، والضمة هنا للمناسبة وهي لإبداء الفرق بين ما أُسْنِدَ للفاعل وبين ما أُسْنِدَ للمفعول لأن الأصل بقاء الفعل على ما هو عليه، ضَرب زيدٌ عَمْرًا حُذِفَ الفاعل وأريد إقامة المفعول به مُقَامَهُ فقيل: ضَرَبَ عَمْرًا ارتفع ارتفاعه لو بَقِيَ الفعل كما هو فحينئذٍ التبس الْمُسْنَد إلى الفاعل من الْمُسْنَدِ للمفعول، ضَرب زيدٌ عمرًا هذا هو الأصل فحذفت الفاعل وأقمت المفعول به مقامه فارتفع ارتفاعه فقلت: ضَرَبَ عَمْرٌا، السامع ما الذي يدريه أن عَمْرًا هذا فاعل أو نائب فاعل إذًا التبس فلا بد من فرق فعمدوا إلى الفعل فضموا أوله وكسروا ما قبل آخره في الماضي وضموا أوله وفتحوا ما قبل آخره في المضارع إذًا ضُرِبَ هذا لعلة وليس للأصالة، والتقعيد إنما يكون والتأصيل للأصول لا للفروع بل يعكس لماذا؟ لم يُجْعَل ضُرب للمبني للمعلوم وضَرب للمبني للمجهول لأن الأول أكثر يعني: المبني للمعلوم أكثر والمبني للمجهول أو الذي لم يسم فاعله هذا أقل وأيهما أولى أن يُجْعَل الثقيل للأقل أو يجعل الثقيل للأكثر؟ للأقل فحينئذٍ ضُرب بضم أوله ثقيل فيجعل للأقل وهو الْمُسْنَد إلى نائب الفاعل ويُجْعَل الخفيف الذي هو ضرب بفتح أوله للأكثر لماذا؟ (2/10) ________________________________________ سلوكًا مسلك التعادل والتناسب، أن يُعْطَى الخفيف للأكثر ويعطى الثقيل للأقل، هذا قاعدة مطردة في كل الأبواب، ولذلك نُصِبَ المفعول به ورُفِعَ الفاعل لأن المفعول به قد يتعدد وأما الفاعل لا يتعدد، فأُعْطِيَ الثقيل الذي هو الضم لِمَا لا يتعدَّد وهو الفاعل، وأُعْطِيَ النصب وهو الخفيف لما يكون متعددًا سلوكًا مسلك التعادل والتناسب. إذًا عرفنا الجواب عن ما أُورِدَ عن إسقاط الضم للفاء بقي ماذا؟ بَقِيَ الكسر أورد عليه بـ شِهِد وشِهْدَة، شِهِد هذا بكسر أوله والفعل قلنا الثلاثي المجرد لا يُكْسَرُ أوله فبماذا نجيب؟ نقول: أصله شَهِدَ على وزن فَعِلَ، وإنما لغة تميم تخفف هذا الفعل وتُلْحِقُ أو تُتْبِع فاءه عينه أصله من باب فَعِلَ فأتبعت تميم من باب التخفيف أتبعت الفاء حركت العين والفاء هنا بالفتح وحركت العين الكسر فقيل: شِهِد. فحينئذٍ شِهِد هي أصل أم فرع؟ فرع، والتقعيد والتأصيل إنما يكون بالأصول لا بالفروع. إذًا شِهِد أو شِهْدَة فهذه نقول: ليست بأصل وإنما هي فرع من باب طَلَبِ التخفيف. هذا ما يتعلق بالفاء، إذًا سقط الضم وسقط الكسر وسقط السكون وبقي الفتح، فالتزم. لذلك نقول دائمًا: فَعَلَ فَعِلَ فَعُلَ ولا يوجد عندنا ضم أوله أو كسره. بَقِيَ العين، العَين تضم وتكسر وتفتح ولا إشكال فيه وإنما يمتنع فيه السكون لماذا؟ قالوا: لأنه لو سُكِّنَ ثم اتصل بالفعل ضمير متكلم أو مخاطب أو نون إناث لسكن آخره وهو اللام لأنه يمكن أن يكون عندنا فَعْلَ ضَرْبَ بإسكان العين وفتح الضاد وفتح اللام، طيب لو اتصل به باللام أو بالفعل تاء المتكلم معلوم أن الفعل الماضي إذا اتصل به ضمير رفع المتحرك سكن آخره فإذا سكنت اللام والعين ساكنة ماذا حصل؟ التقى ساكنان، قاعدة التخلص من التقاء الساكنين تحريك الأول نحن نقول: عندنا في الأصل فَعْلَ بإسكان العين إذًا هو وزن مستقل بنفسه فإذا سكنت العين واللام وحركنا العين بالتخلص بالتقاء الساكنين بالكسر أو الفتح أو الضم لسقط البناء كيف سقط البناء؟ اشتبه؟ لأنك لو حركته بالكسر لاشتبه بباب فَعِلَ، ولو حركته بالفتح لاشتبه بباب فَعَلَ، ولو حركته بالضم لاشتبه بباب فَعُلَ، إذًا لو تُخُلِّصَ بتحريك الساكن الأول سقط البناء من حيث الاشتباه. ثم ننتقل إلى المرحلة الثانية وهي حذف الساكن الأول وهذا أيضًا ممتنع لأنه لو حذف لسقط البناء لماذا؟ لأنه يُشترط في حذف الساكن الأولى أن يبقى دليل عليه وهنا ليس عندنا دليل لأن الفاء لا تكون إلا مفتوحة فحينئذٍ لو سقط العين الساكنة للتخلص من التقاء الساكنين لسقط البناء، فحينئذٍ سقط تسكين العين فلزم ماذا؟ التحريك إما بالفتح أو الضم أو الكسر. اللام هل مبحث الصرفيين يتعلق باللام؟ يتعلق؟ (2/11) ________________________________________ لا، من حيث الحركات هنا، لا مبحث للصرفيين في اللام ولذلك ما قال بعض الكتب المختصرة تقول: الفاء تحتمل أربعة أوجه، والعين تحتمل أربعة أوجه، واللام تحمل أربعة أوجه. هذا غلط موجود في بعض الشروحات المطلوب شرح المقصود فنقول: هذا ليس بصحيح هذا ساكن لماذا؟ لأن اللام كيف تحتمل أربعة أوجه؟ وإنما هي مبنية إما على فتحٍ أو على السكون، والأصح أن نقول: مبنية اللام مبنية على الفتح مطلقًا ظاهرًا أو مقدرًا. هذا باعتبار الفعل إذًا خلص عندنا ماذا؟ فَعَلَ وفَعِلَ وفَعُلَ وليس عندنا بناء رابع البتة. باعتبار الفعل المضارع فَعَلَ قلنا هذا كثير الاستعمال لخفته، فلما كثر استعماله مكنوه من أبواب الفعل المضارع الثلاثة ولم ينقصوه أي باب من أبواب الفعل المضارع لماذا؟ لأن فَعَلَ المضارع يحتمل والكلام في العين، الكلام في الاعتبار هنا مقابلة العين بالعين يحتمل ماذا؟ يحتمل أن يكون عين مضارعه مفتوحًا أو مكسورًا أو مضمومًا، وكل جاءت في باب فَعَلَ، فَعَلَ يَفْعُلُ بضم العين، فَعَلَ يَفْعِلُ بكسر العين - وهذين من الدعائم - وَفَعَلَ يَفْعَلُ بفتح العين وهذا شاذ، ولذلك له شرط. لماذا نقول: هذا من الدعائم وهذا من الشواذ؟ لأن الأصل في فعل المضارع باعتبار ماضيه الأصل يخالف حركة عين المضارع لحركة عين الماضي، الأصل تخالف حركة عين المضارع لحركة عين الماضي فما كان مفتوح العين في الماضي القياس في مضارعه أن يكون مضمومًا أو مكسورًا والفتح يكون شاذًا، وفَعِلَ بكسر العين الماضي القياس أن يكون مضارعه مفتوحًا أو مضمومًا والكسر يكون شاذًا، وفَعُلَ الأصل في قياس عين مضارعه أن يكون مكسورًا أو مفتوحًا والضم يكون شاذًا هذا هو الأصل لماذا؟ قالوا: ليُجْعَل الحركة أو تُجْعَل الحركة دليلاً على تغير المعنى، فإذا قيل: فَعَلَ يَفْعُلُ. دل على أن تغيرًا في المعنى قد حصل وهو دلالة على الماضي مفارقة للدلالة على المضارع، وفَعَلَ يَفْعِلُ أيضًا حصل تغيير في المضارع بماذا؟ بحصول التغيير في الحدث والزمن، وأما فَعَلَ يَفْعَلُ قالوا: الأصل هنا مخالف هذا على خلاف القياس، فلذلك حكموا عليه بأنه شاذ، فحينئذٍ نقول: الدعائم الأصول التي جاءت على القياس في فعل الماضي أو المضارع الفعل الماضي المجرد هي: ثلاثة فقط، فَعَلَ يَفْعَلُ وفَعَلَ يَفْعِلُ وفَعِلَ يَفْعَلُ، هذه الثلاثة هي الدعائم الأصول وما عداها فهو شاذ، شَاذ يعني على خلاف القياس وليس المراد أنه لا يستعمل نطرحه، لا، إنما المراد أنه على خلاف القياس، فَفَعَلَ يَفْعَلُ شاذ، وفَعِلَ يَفْعِلُ شاذ، وفَعُلَ يَفْعُلُ الباب كله شاذ، بمعنى أنه على خلاف القياس. (2/12) ________________________________________ إذًا فَعَلَ يَفْعُلُ وفَعَلَ يَفْعِلُ وفَعَلَ يَفْعَلُ جاءت الثلاثة بماضي فَعَلَ هذه ثلاثة أما باب فَعِلَ - وسيأتي تفصيلها في موضعها - وأما فَعِلَ فالأصل فيه أن يأتي على ثلاثة أبواب بجامع أن فَعِلَ مقيسًا على فَعَلَ لأنه محرك العين، وإذا حُرِّكَتْ عين فَعِلَ كما هو محركة في فَعَلَ فحينئذٍ الأصل أن يكون مثله فما جاء من باب فَعَلَ ثلاثة أوجه في المضارع فالأصل أن يكون مثله في باب فَعِلَ لكنه المسموع فَعِلَ يَفْعَلُ - وهذا على القياس - وَفَعِلَ يَفْعِلُ وهو شاذ، ولم يُسمع فَعِلَ يَفْعُلُ هذا ساقط البناء، الانتقال من كسر إلى ضم في حرف واحد قالوا: هذا يلزم منه الثقل الخروج من كسر إلى ضم هذا ثقيل، والقاعدة العامة التماس الخفة، فحينئذٍ بطل هذا البناء. وأما يَضْرِبُ بكسر الراء وضم الباء انتقال من كسر إلى ضم نقول: المراد بالضم هنا ماذا؟ الضم اللازم، وأما يَضْرِبُ هذه الضمة ليست بلازمة هذه في معرض الزوال لأنها تسقط إذا دخل عليه ناصب فتصير فتحة أو جازم فتصير سكون فحينئذٍ لا اعتراض لمثل هذا، وأما الانتقال من كسر فَعِلَ يَفْعُلُ إلى الضم قالوا: هذا ثقيل لئلا يلزم منه تحريك حرف واحد بالأثقلين أو بالثقيلين وهما الكسر والضم فسقط هذا البناء. فما سُمِعَ من ذلك فلا بد من توجيه فَضِلَ يَفْضُلُ سُمِعَ فيه فَضِلَ يَفْضُلُ فحينئذٍ نقول: هذا إما إنه شاذ أو من باب التداخل والثاني أفصح وسيأتي في موضعه. الثالث: فَعُلَ. الأصل أن يأتي على وزن يَفْعَلُ أو يَفْعِلُ ولكن علة عدم وجود فَعُلَ يَفْعِلُ هي علة عدم فَعِلَ يَفْعُلُ لئلا يتحرك الحرف الواحد بالثقيلين، وعدم وجود فَعُلَ يَفْعَلُ قالوا: هذا لم يوجد إلا في لغة رديئة ولم يعلل لأنه أخف، ولم يعلل إلا لكونه لم يُسمع وقد وجد في لغة رديئة، إذًا سقط بناء من باب فَعُلَ وسقط بناءان من باب فَعُلَ كم هذه ثلاثة ماذا بقي؟ ستة، لأن الأصل في كل واحد أن يأتي منه ثَلاثة، ثلاثة في ثلاثة بتسعة، فالقسمة العقلية تقتضي أن يكون باب المضارع من باب فَعَلَ وَفَعِلَ وَفَعُلَ الثلاثي المجرد أن يكون على تسعة أبواب لكن المسموع هو ستة من تسعة لذلك قال: (سِتَّةٌ مِنْهَا لِلثُّلاثِيِّ المُجَرَّدِ). عرفنا القاعدة العامة الآن، ثم نشرع في بيان هذه الأبواب الستة وكلها تحفظ وتكون قياسًا مطردًا في كل الأبواب، فما أشكل عليك من باب فَعَلَ فالأصل أن تأتي به على يَفْعُلُ أو يَفْعِلُ أو يَفْعَلُ، ويَفْعَلُ هذا له شرط خاص وإن كان لكل منها بعض الشروط قد يأتي بيانها في وقت آخر. (البَابُ الأَوَّلُ) (2/13) ________________________________________ يعني: النوع الأول من هذه الأنواع الستة التي مبناها على السماع لتتبع كلام العرب واستقرائه (البَابُ الأَوَّلُ) يعني الأسبق، فَعَلَ يَفْعُلُ، نقول: هذا من الدعائم من الأصول لماذا؟ لتخالف حركة عين مضارعه لحركة عين ماضيه، الأصل التخالف تنظر في حركة عين الماضي وحركة عين المضارع إن كانت عين هي نفسها فَتحة فتحة فاحكم عليه بأنه شاذ، إن كانت كسرة كَسرة فاحكم عليه بأنه شاذ، ضَمة ضمة فاحكم عليه بأنه شاذ، إذا اختلفا فاحكم عليه بأنه أصل ولا نخرج من الستة هذه إلا ثلاثة هي الدعائم الأصول وثلاثة شاذة، فَعَلَ يَفْعُلُ جاء على أصله (مَوْزُونُهُ نَصَرَ يَنْصُرُ)، (مَوْزُونُهُ) أي: موزون والمراد بالوزن هنا ماذا؟ الوزن أو الميزان التصريفي الذي ذكرناه بالأمس (فَعَلَ يَفْعُلُ) هذا وزن موزون عندنا وزن وموزون (فَعَلَ يَفْعُلُ) مَثِّلْ له ما موزونه؟ (نَصَرَ يَنْصُرُ) فَنَصَرَ كَفَعَلَ في عدد الحركات والحروف، في عدد الحروف وهيئة الحركات فَعَلَ نَصَرَ أين فاء الكلمة؟ فاء الكلمة؟ النون. وعين الكلمة؟ الصاد. ولام الكلمة؟ الراء ويَفْعُلُ هذا موزونه يَنْصُرُ في عدد الحروف وهيئة الحركات يَفْعُلُ يَنْصُرُ لِمَ قال: يَفْعُلُ. الياء هذه لما أخرجها كما هي في الميزان؟ لأنها زائدة والأصل في الزائد أن يذكر بلفظه. وزائد بلفظه (1) إذًا يذكر بلفظه في الميزان كل زيادة زَيادة ليست بأصل في أصل الكلمة، ليست من أصل الكلمة وليست بالتكرير ونحوه، وما عدا ذلك يَنْصُرُ النون والصاد والراء فهي أصول إذًا (فَعَلَ يَفْعُلُ) هذا ميزان (مَوْزُونُهُ نَصَرَ يَنْصُرُ) لِمَ خصص الصرفيون (نَصَرَ يَنْصُرُ)؟ قال: لأنه لا يلتبس في كل كتب الصرف تجد (فَعَلَ يَفْعُلُ) لا يمثلون إلا بهذا الميزان هل أنه لا يوجد غيره؟ خَرَجَ يَخْرُجُ وقَتَلَ يَقْتُلُ وقَعَدَ يَقْعُدُ، لا يوجد غيره كثير لكن طردًا للباب وتوحيد الأمثلة في كتب الصرف طردًا للباب وتوحيد للمثال في كتب الصرف لأنه إذا قيل: (نَصَرَ يَنْصُرُ). وتكلم المتن هذا بـ (نَصَرَ يَنْصُرُ) فإذا جاءت كلمة قالوا: هذا من باب (نَصَرَ) فحينئذٍ الطالب لا يتلبس في جميع الأبواب، لكن لو مَثَّلَ هذه بقَتَلَ وآخر بنَصَرَ والسادس بِخَرَجَ لتُوهم أن الأبواب مختلفة ولكن لَمَّا وُحِّدَ المثال تَوَحَّدَ الباب أليس كذلك؟ (نَصَرَ يَنْصُرُ) أيضًا يقال: أن (يَنْصُرُ) هذه لا يلتبس على أحد حتى الْمُبتدئ يعرف (نَصَرَ يَنْصُرُ) يعرف أن مضارع (نَصَرَ يَنْصُرُ) بضم العين فلا يلتبس عليه لهذين السببين يُعَيِّنُون هذا المثال، (وَعَلاَمَتُهُ) أي: علامة الباب الأول أي: ما يُعَلَّمُ به الباب الأول كيف نعلمه؟ كيف نعرفه؟ (أَنْ يَكُونَ عَيْنُ فِعْلِهِ مَفْتُوحًا فِي المَاضِي) في الفعل الماضي، فَعَلَ (أَنْ يَكُونَ عَيْنُ فِعْلِهِ مَفْتُوحًا فِي المَاضِي وَمَضْمُومًا فِي المُضَارِعِ) يعني النظر يكون في الفعل الماضي وفي الفعل المضارع، يكون مفتوحًا في عين الفعل في الماضي تكون مفتوحة، ومضمومًا في الفعل المضارع لماذا؟ __________ (1) جزء من البيت 926 ألفية ابن مالك. (2/14) ________________________________________ لأنه جاء على الأصل، الأَصل هو التخالف، وجاء عن الأصل، فحينئذٍ علامته بهذا لا ينافي ما شاع عند الصرفيين. (وَبِنَاؤُهُ لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا). (وَبِنَاؤُهُ) أي الباب الأول. (لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا) يعني أن يكون معدًّا بحيث ينصب مفعولاً به بعد أن يرفع الفاعل فحينئذٍ يحتاج إلى فاعل وإلى مفعول به لأن هذا شأن الفعل في الأصل، الفعل حدث وقد يلزم محله فلا يحتاج إلى محل يكون أثرًا لذلك الحدث، فهذا ما يُسمى باللازم لم يتجاوز فَاعِلَهُ من حيث المعنى تقول: جلس أو قعد زيدٌ. القعود لا يتعدَّى إلى الغير وإنما يستقر في النفس فقط قَعَدَ أنا قعدتُ، لكن ضَرَبَ لا بد من محل يتعدَّى به الضرب لا بد من مضروب، وقتل لا بد له من مقتول، ونصر لا بد له من منصور، أما جلس وخرج فهذا وصف يكون للفاعل ولا يتعدَّى إلى غيره. (وَبِنَاؤُهُ لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا). (غَالِبًا) يعني في الغالب، يعني ليس مطردًا وإنما يكون في الأكثر متعدِّيًا. (وَقَدْ يَكُونُ لازِمًا) قد هذه للتقليل، قد يكون باب نَصَرَ يَنْصُرُ أو فَعَلَ يَفْعُلُ قد يكون لازمًا فيرفع فاعلاً ولا ينصب مفعولاً كما هو شأن الفعل اللازم لأن الأفعال من حيث التعدي واللزوم قسمان على قول الجمهور: - فعل متعدي. - وفعل لازم. وليس عندنا واسطة وقد أثبت بعضهم الواسطة وهي: شَكَرَ ونَصَحَ. ومثلها ما يتعدَّى أو سمع تعدِّيه بحرف شَكَرْتُ لَهُ وشَكَرْتُهُ نَصَحْتُ له ونَصَحْتُهُ، فهذا قال بعضهم ونسب إلى الجمهور إلى أنه متعدٍّي ولازم، ينصب بواسطة لا، عفوًا عفوًا، لا يكون متعديًا ولا لازمًا لا يوصف بهذا ولا بذاك والأصح أن يقال إن عدِّيَ بنفسه دخل في المتعدِّي وإن تعدى باللام فهو لازم أو نقول: اللام هذه زائدة. لأن ما تعدَّى بنفسه إذا عُدِّيَ بحرف وكان معموله متأخرًا صارت اللام جائزة كما في ضربت لزيد، لزيد ضربت هذا على القياس، ضربت لزيد هذا على خلاف القياس لماذا؟ لأن ضرب يتعدَّى بنفسه فإذا تعدَّى بحرف قلنا: الحرف زائد ووجود الحرف اللام هنا لا يخرج الفعل عن كونه متعدِّيًا. إذًا الفعل إما أن يكون متعديًا أو لازمًا فما رفع ونصب فهو متعدي، وما رفع ولم ينصب فهو لازم. هذا من حيث العمل. وأما من حيث المعنى فما له محل يستقر فيه ويتعدَّى فاعله كالنصر والقتل فهذا نقول: متعدِّي. وما لزم الفاعل وليس له محل يكون فيه ذلك الأثر يعني لم يتجاوز الفاعل فذلك نسميه لازمًا وهذا بالنظر إلى المعنى. (وَبِنَاؤُهُ لِلتَّعْدِيَةِ) (وَبِنَاؤُهُ) يعني: الباب الأول. (لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا وَقَدْ يَكُونُ لازِمًا مِثَالُ المُتَعَدِّي) يعني: مثال الفعل المتعدي (نَحْوُ: نَصَرَ زَيْدٌ عمْرًا) نَصَرَ فعل ماضي وهو من باب فَعَلَ وحينئذٍ يكون مضارعه على وزن يَفْعُلُ (نَصَرَ زَيْدٌ) زيدٌ هذا فاعل مرفوع بنصر، وعمرًا هذا مفعول به إذًا نصر متعدٍّ أو لا؟ نقول: متعدِّي من جهتين من جهة المعنى لأن النصر لا بد له من منصور ولا بد له من ناصر فحينئذٍ رفع الفاعل وتعدى الفاعل يعني أثره وتجاوزه فنصر مفعولاً به، ومن حيث المعنى كذلك قوله: (مِثَالُ المُتَعَدِّي نَحْوُ). (مِثَالُ) ما المراد بالمثال؟ (2/15) ________________________________________ بدئيٌّ يذكر لإيضاح القاعدة، و (نَحْوُ) ما المراد بالنحو هنا؟ مثال مثل (قَصْدٌ وَمِثْلٌ) زيدٌ نحو عمرو يعني: مثل عمرو. فإذا قال: المثال المتعدِّي نحو. قيل: هذه نحو زائدة حشو لأنه يستغني عنها بالمثال، وقيل: لا، المراد به إلى أن الأمثلة هنا كثيرة وأصل التذكير (مِثَالُ المُتَعَدِّي نَصَرَ زَيْدٌ عمْرًا) ونحوه فحُذف الضمير ثم جُعل المضاف الذي هو نحو مقدمًا على المثال فصار مفيدًا لأي شيء؟ مفيدًا لكون ماذا؟ لكون الأمثلة كثيرة لكن هذا فيه تكلف، ذكر صاحب ((التلخيص)). (وَمِثَالُ الَّلازِمِ) يعني الفعل اللازم. (نِحْوُ) أيضًا نفسها (خَرَجَ زَيْدٌ) خرج هذا على وزن فَعَلَ مضارعه يكون على وزن يَفْعُلُ وخرج هذا لازم أو متعدٍّ؟ نقول: لازم من جهتين: - من جهة المعنى وهو أن الخروج ليس له أثر يتعدَّى الفاعل نفسه، وإنما يستقر ويلزم فاعله ولا يتجاوزه إلى غيره هذا من جهة المعنى. - ومن جهة العمل ليس له مفعولاً به، فخَرَجَ فعلٌ ماضي وزيدٌ فاعلٌ. والمتعدِّي حقيقته هو ما يتجاوز فعل الفاعل إلى المفعول به، يتجاوز إذًا له أثر يتعدَّى يتجاوز بمعنى يتعدَّى كما أن النصر تعدَّى زيدٌ إلى عمرو تقول: قتل زيدٌ عمرًا نصر زيدٌ عمرًا. فنصر هنا تعدَّى الفاعل تجاوزه بعد أن رفعه فنصب المفعول به، إذًا تجاوز له معمولات معمول الذي هو الفاعل فرفعه ومعمول الذي هو مفعول به فنصبه (مَا يَتَجَاوَزُ) ما اسم موصول بمعنى الذي أي فعل اصطلاحي لقرينة المقام يتجاوز ويتعدَّى (فِعْلَ الْفَاعِلِ) يعني فِعْلَ فَاعِلهِ (إِلى المَفْعُولِ بِهِ). فالفاعل والمفعول به المراد به الفاعل الاصطلاحي والمفعول به الاصطلاحي، فحينئذٍ الفعل الذي هو الاصطلاحي إذا رفع فاعلاً وكان له محلاً يستقر فيه تعدَّى الفاعل فنصبه (وَالَّلازِمُ) (مَا لَمْ يَتَجَاوَزْ فِعْلَ الفَاعِلِ إِلَى المَفْعُولِ بِهِ بَلْ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ) يعني: ليس له محل يحتاج إلى أن يستقر فيه بعد فعل الفاعل له، مثل: خَرَجَ زيد. زيدٌ فعل الخروج هل هناك أثر للخروج إلى الغير؟ ليس له أثر، ليس كالقتل قتل زيد زيدٌ فعل القتل لكن لا بد له من محل يكون مقتولاً فحينئذٍ (مَا لَمْ يَتَجَاوَزْ) ما أي الفعل الاصطلاحي الذي لا يتجاوز فعل الفاعل إلى المفعول به اصطلاحًا يعني لا ينصب مفعولاً به (بَلْ وَقَعَ) ذلك الفعل (فِي نَفْسِهِ) سواء كان بتأثير من الفاعل أو لا، يعني قد يكون الفاعل مؤثرًا لهذا الحدِّ كخرج زيد، زيدٌ فعل الخروج إذًا أَثَّرَ في الحدث أليس كذلك؟ بتأثيره لكن مات عمرو قائم به ليس له تأثير في الموت وقع عليه الموت حينئذٍ ليس له تأثير هذا هو الباب الأول (فَعَلَ يَفْعُلُ) تحفظ (مَوْزُونُهُ نَصَرَ يَنْصُرُ) ويكون متعدِّيًا كنصر ويكون لازمًا كخرج. (2/16) ________________________________________ (البَابُ الثَّانِي فَعَلَ يَفْعِلُ) وأيضًا هذا من الدعائم لمخالفة عين حركة عين مضارعه لحركة عين ماضيه (فَعَلَ يَفْعِلُ، مَوْزُونُهُ ضَرَبَ يَضْرِبُ) قيل فيه كما قيل في الأول لماذا قيل: (ضَرَبَ يَضْرِبُ)؟ لتوحيد المثال وأيضًا لكون كل طالب يعرف أن ضَرَبَ مضارعه يَضْرِبُ يعرف أن ضَرَبَ هذا مشهور حتى العرب يعرفون ضَرَبَ يَضْرِبُ ونَصَرَ يَنْصُرُ لكن وَأَى ما نعرف. (وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ عَيْنُ فِعْلِهِ مَفْتُوحًا فِي المَاضِي) فَعَلَ لأن المقام الآن الحديث عن فَعَلَ مفتوح الماضي (وَمَكْسُورًا فِي المُضَارِعِ) فَعَلَ يَفْعِلُ (وَبِنَاؤُهُ أَيْضًا لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا، وَقَدْ يَكُونُ لازِمًا) إذًا قد يكون فَعَلَ يَفْعِلُ متعدَّيًا - وعرفنا معنى المتعدِّي -وقد يكون لازمًا، وهذا التعدي واللزوم في باب فَعَلَ مطلقًا التعدي فيه أكثر من اللزوم سواء كان مضارعه يَفْعُلُ أو يَفْعَلُ أو يَفْعِلُ مطلقًا فالتعدِّي هنا لأثر الفعل الماضي لأثر فعل ماضي فيه حينئذٍ لا يشكل عليك فتحفظ أن كل باب فَعَلَ التعدِّي فيه أكثر من لزومه يأتي متعديًا ويأتي لازمًا إلا أن التعدي أكثر من لزومه (وَبِنَاؤُهُ) أي هذا الباب باب ... (فَعَلَ يَفْعِلُ) بكسر العين في المضارع (أَيْضًا) آضَ يَئِضُ أيضًا (لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا) كما أن باب (فَعَلَ يَفْعِلُ) للتعدية غالبًا، (وَقَدْ يَكُونُ لازِمًا) قد هذه للتقليل (مِثَالُ المُتَعَدِّي نَحْوُ: ضَرَبَ زَيْدٌ عمْرًا) ضَرَبَ يَضْرِبُ مضارعه يَضْرِبُ (ضَرَبَ زَيْدٌ عمْرًا) (ضَرَبَ) فعل ماضي وهو من باب فعل و (زَيْدٌ) هذا فاعله و (عمْرًا) هذا مفعول به لماذا؟ لأن ضرب هذا من جهة العمل يرفع وينصب بالاستقراء والتتبع، ومن جهة المعنى هو حدث يتصف به فاعله ولا بد له من محل يقع عليه ذلك الحدث، فالضرب لا بد من ضارب أليس كذلك؟ ضرب في الهواء لا بد له من محل يقوم به أليس كذلك؟ فلا بد من مضروب، فالمضروب هو المفعول به هو الذي وقع عليه فعل الفاعل (وَمِثَالُ الَّلازِمِ نَحْوُ: جَلَسَ زَيْدٌ) (جَلَسَ) فعل ماضي وهو من باب فَعَلَ مضارعه على الوزن يَجْلِسُ يَفْعِلُ إذًا فَعَلَ يَفْعِلُ يكون متعدِّيًا كضَرَبَ يَضْرِبُ ويكون لازمًا كجَلَسَ يَجْلِسُ ونَعَمَ يَنْعِمُ هذا هو الباب الثاني. البَابُ الثَّالِثُ قال: (فَعَلَ يَفْعَلُ). أيضًا لا زال الحديث في باب فَعَلَ، (مَوْزُونُهُ) يعني ما يوزن به ذلك الميزان الصرفي وهو (فَعَلَ يَفْعَلُ مَوْزُونُهُ فَتَحَ يَفْتَحُ) (فَعَلَ يَفْعَلُ) هل هو من الدعائم أم لا؟ ليس من الدعائم لماذا؟ لعدم مخالفة حركة عين مضارعه لحركة عين ماضيه اتحدا فَعَلَ بفتح العين في الماضي يَفْعَلُ بفتح عين المضارع، فَعَلَ بفتح عين الماضي يَفْعَلُ بفتح عين المضارع، إذًا اتحدا على خلاف القياس، فحينئذٍ إذا جاء المضارع غير مخالف بل متحد في حركته مع حركة عين الماضي لا بد من شرطٍ وقيدٍ، ولا بد من سؤال. الأول فَعَلَ يَفْعُلُ بلا قيد ولا شرط. وَفَعَلَ يَفْعِلُ بلا قيد ولا شرط. (2/17) ________________________________________ أما فَعَلَ يَفْعَلُ لَمَّا خالف القاعدة لا بد من. . . . #1.08.49 خالفت القاعدةلم دخلت علينا وأفسدت علينا القاعدة لا بد من سؤال، قال هنا: (وَعَلاَمَتُهُ). أي: علامة هذا الباب البابَ الثالث (فَعَلَ يَفْعَلُ) (أَنْ يَكُونَ عَيْنُ فِعْلِهِ مَفْتوحًا فِي المَاضِي) لا إشكال فيه (وَالمُضَارِعِ) (أَنْ يَكُونَ عَيْنُ فِعْلِهِ مَفْتوحًا فِي المَاضِي وَالمُضَارِعِ) لكن هل هو على الإطلاق؟ الجواب: لا، قال: (بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَيْنُ فِعْلِهِ أَوْ لامُهُ وَاحِدًا مِنْ حُرُوفِ الحَلْقِ) (فَعَلَ يَفْعَلُ) (فَعَلَ) لا يكون من باب يَفْعَلُ إلا إذا كانت عينه فَعَل العين حرف من حروف الحلق الستة التي سيذكرها المصنف أو تكون لامه حرفًا من حروف الحلق الستة فحينئذٍ إذا جاء فَعَلَ الماضي والمضارع يَفْعَلُ مباشرة تنظر في عين الفعل الماضي فَعَلَ هل هو حرف من حروف الحلق أو لا، بلا قطعًا لا بد وأن يكون حرفًا من حروف الحلق الستة وكذلك اللام إذا وجدته من باب فَعَلَ يَفْعَلُ لا بد أن تكون اللام أو العين ليس بشرط أن يجتمعا إنما المراد عين لذا قال: (عَيْنُ فِعْلِهِ أَوْ لامُهُ). (أَوْ لامُهُ) ليس المراد أن يجتمعان وإنما المراد أن يُوجد أن تكون عين فعل الماضي حرفًا من حروف الحلق فإن لم تكن كذلك فتنظر في اللام بشرط والمضارع أن يكون عين فعله مفتوحًا في الماضي والمضارع، لكن لا مطلقًا بل حال كون ذلك الفعل مشروطًا (بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَيْنُ فِعْلِهِ أَوْ لامُهُ - لام فعله - وَاحِدًا مِنْ حُرُوفِ الحَلْقِ، وَهِيَ سِتَّةٌ: الحَاءُ، وَالخَاءُ، وَالعَيْنُ، وَالغَيْنُ، وَالهَاءُ، وَالهَمْزَةُ) هذه ستة لماذا خالف العرب قاعدة العامة من تخالف حركة عين المضارع لحركة عين الماضي؟ الجواب: أنه هذه الحروف الستة وهي حروف الحلق تخرج من مخرج وهو من أبعد المخارج وأصعبها وأبعدها عن أول الفم، الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء. تخرج من أقصى الحلق فحينئذٍ الحرف باعتبار مخرجه ثقيل في نفسه مخرج الحرف هو ثقيل، إذًا الحاء نقول: حرف ثقيل، والهمزة حرف ثقيل، والغين والعين أيضًا حرف ثقيل. باعتباره هو فحينئذٍ لو جيء به على القاعدة على الأصل وهو التخالف إما أن يضم أو يكسر والضمة والكسرة ثقيلان فيجتمع ماذا؟ ثقل الحرف مع ثقل الحركة وعندنا قاعدة كبرى مطردة في كل أبواب اللغة سواء النحو والصرف والبيان ... إلى آخره وهي: التماس الخفة. فعندنا قاعدة كبرى وعندنا قاعدة صغرى وهي الأصل التخالف أيهما أولى بالمراعاة؟ إن خالفنا الكبرى فحينئذٍ جمعنا ثقلاً إلى ثقل وأخرجنا الحاء مضمومة أو مكسورة لاجتمع عندنا ثقلان ثقل الحرف وثقل الحركات، وإذا أسقطنا الحركة وهي الضمة أو الكسرة وراعينا الخفة وجئنا بالفتحة راعينا القاعدة الكبرى، وإذا تعارضت قاعدتان كبرى وصغرى أيهما أولى بالتقديم؟ (2/18) ________________________________________ الكبرى، لذلك جاء هذا الباب على وزن يَفْعَلُ وشُرِطَ في فعله أن يكون عينه أو لامه حرفًا من حروف الحلق، فكلما وجدت فَعَلَ يَفْعَلُ فاقطع بأن عينه أو لامه حرف من حروف الحلق وليس كل فَعَلَ يكون عينه أو لامه حرفًا من حروف الحلق لا بد أن يأتي به على وزن يَفْعَل، بل القضية عكسية كلما كان من باب فَعَلَ يَفْعَل سُمِعَ من لغة العرب فحينئذٍ تقطع ماذا؟ بأن عينه أو لامه حرف من حروف الحلق من غير عكس، دَخَلَ عينه حرف من حروف الحلق لكن مضارعه يَدْخُلُ ما تقول: يَدْخَلُ. لماذا؟ لأنه هكذا سُمع في لغة العرب فإذا سُمع دَخَلَ يَدْخُلُ فحينئذٍ إذا سمع دَخَلَ يَدْخُلُ لا يلزم منه أن يكون عينه حرفًا من حروف الحلق لا بد أن يأتي بيَدْخَلُ، لا، وإنما العكس إذا سمع فَعَلَ يَفْعَلُ حكمنا بكون عينه أو لامه حرفًا من حروف الحلق صَرَخَ يَصْرَخُ بَدَأَ يَبْدَأُ لماذا؟ لأنه جاء على وزن فَعَلَ يَفْعَلُ فلا بد أن تكون عينه أو لامه حرفًا من حروف الحلق هنا قال: (بِشَرْطِ) إذًا هذا الباب فَعَلَ يَفْعَلُ خرج عن الأصل، وكل ما خرج عن الأصل فالأصل فيه أنه يقيد ولا يطلق بخلاف باب فَعَلَ يَفْعُلُ وفَعَلَ يَفْعِلُ هنا قال: (بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَيْنُ فِعْلِهِ أَوْ لامُهُ وَاحِدًا مِنْ حُرُوفِ الحَلْقِ، وَهِيَ سِتَّةٌ). وذكرها (وَبِنَاؤُهُ أَيْضًا لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا) يعني: من باب فَعَلَ وكل باب فَعَلَ الأكثر فيه أن يكون متعديًا (وَقَدْ يَكُونُ لازَمًا. مِثَالُ المُتَعَدِّي) (فَتَحَ زَيْدٌ البَابَ) فَتَحَ فعل ماضي من باب فَعَلَ ومضارعه يأتي على وزن يَفْعَلُ بفتح العين لماذا؟ لكون لامه حرفًا من حروف الحلق وهو الحاء فَتَحَ تقول: يَفْتَحُ. لماذا جاء على وزن يَفْتَحُ؟ تقول: لأن لامه حرف من حروف الحلق. فَتَحَ فعل ماضي وزيد فاعل والباب مفعول به لأن الفتح يقتضي فاتح ومفتوح (وَمِثَالُ الَّلازِمِ نَحْوُ: ذَهَبَ زَيْدٌ) ذَهَبَ يَذْهَبُ على وزن يَفْعَلُ لأن عينه حرف من حروف الحلق. (2/19) ________________________________________ إذًا عرفنا أن هذا الباب يُشترط فيه أن يكون ماضيه عينه أو لامه حرفًا من حروف الحلق وليس كل ما كان عينه أو لامه حرفًا من حروف الحلق لا بد أن يأتي به على زنة يَفْعَلُ، ولذلك نقول: بَدَأَ يَبْدَأُ على وزن فَعَلَ يَفْعَلُ لأنه سمع هكذا ما كان خارجًا عن الأصل فالأصل وقفه على السماع ولذلك نقول: شاذ. يعني يحفظ ولا يقاس عليه، وإنما القياس في باب فَعَلَ هو الباب الأول والثاني فَعَلَ يَفْعُلُ وفَعَلَ يَفْعِلُ بابان من الدعائم يعني: من أبواب القياس. فَعَلَ يَفْعَلُ بالفتح هذا سماعي ولا يقاس عليه وإلا لو كان قياسًا لقيل يجوز في دَخَلَ يَدْخَلُ وطَرَقَ يَطْرُقُ لكن نحن نقول: لا، نقل هكذا بَدَأَ يَبْدَأُ وذَهَبَ يَذْهَبُ وسَحَبَ يَسْحَبُ ولَعَبَ يَلْعَبُ قَدَحَ يَقْدَحُ وسَلَخَ الْجِلْدَ يَسْلَخُ كلها بالفتح لأنها سمعت هكذا فحينئذٍ تعلل الخروج هذا ومخالفة القياس بكون ماضيه عينه أو لامه حرفًا من حروف الحلق ومن غير عكس فَدَخَلَ يَدْخُلُ وطَرَقَ يَطْرُقُ وقَعَدَ يَقْعُدُ وأَخَذَ يَأْخُذُ وبَلَغَ الصَّبِيُّ يَبْلُغُ وطَلَعَتِ الشَّمْسُ تَطْلُعُ وَنَحَبَ يَنْحِبُ وجَاءَ يَجِيءُ كلها تجد أن العين أو اللام حرفًا من حروف الحلق وجاءت من باب يَفْعُلُ ومن باب يَفْعِلُ لماذا؟ لأن ذاك شرط ولا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط، هذا الباب الثالث. أما أَبَى يَأْبَى فَعَلَ يَفْعَلُ نقول: فَعَلَ يَفْعَلُ بفتح العين فيهما في الماضي وفي المضارع هل عينه أو لامه حرفًا من حروف الحلق؟ أصله أَبَا أَبَيَ العين الباء واللام الياء وهل هذان حرفان من حروف الحلق؟ الجواب: لا، كيف نقول: أَبَى يَأْبَى؟ شذَّ أََبَى يَأْبَى عَنِ الرَّوِيه (1) شذ شاذ هذا شاذ بمعنى أنه خارج شذوذ عن شذوذ، باب فَعَلَ يَفْعَلُ شاذ، وشذ في أَبَى يَأْبَى فهو شذوذ وراء شذوذ، كيف نقول: شاذ ويقول الله تعالى: {وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ} [التوبة: 32]. ورد في فصيح الكلام، كيف نقول: شاذ وهذا كثير عند الصرفيين يحكمون بكون الكلمة شاذة ويوجد في فصيح الكلام وهو القرآن؟ نقول: الشاذ عندهم ثلاثة أقسام - هذا لا بد من ذكره - الشاذ عندهم ثلاثة أقسام: قسم مخالف للقياس والاستعمال. وقسم مخالف للقياس دون الاستعمال. وقسم مخالف للاستعمال دون القياس. عندنا قياس وعندنا استعمال، إما المخالفة تكون القياس دون الاستعمال أو الاستعمال دون القياس أو الاستعمال والقياس معًا. قسم مخالف للقياس دون الاستعمال. خالف القياس يعني خالف قواعد الصرفيين ولكن استعمال العرب موجود مثل ماذا؟ مثل عَوِرَة قال: عَوِرَة تحركت الواو وانفتح ما قبلها والأصل أنها تقلب ألفًا لكنها لم تقلب ألفًا إذًا خالف القياس أو لا؟ خالف القياس، خالف الاستعمال؟ لا، الاستعمال على هذا فحينئذٍ نقول: هذا مثال لما خالف القياس ولم يخالف الاستعمال. __________ (1) الوافية بنظم الشافية الشطر الأول من البيت 132. (2/20) ________________________________________ ما خالف الاستعمال دون القياس. يعني في استعمال لغة العرب لم يستعملوه هكذا لم يكن مطردًا وإن كان الأصل في قواعد الصرفيين أن يكون على ما سُمِعَ قليلاً ونادرًا كقول الراجز: (فإنه أهل لأن يُأَكْرَمَ). يأكرم أصله يُكْرَم أَكْرَمَ هذا فعل ماضي والأصل فيه إذا أريد المضارع منه ماذا نصنع؟ نزيد حرف الْمُضَارَعة على ماضيه هذا الأصل مثل ما تقول: خَرَجَ أَخْرُجُ وَيَخْرُجُ وَنَخْرُجُ وَتَخْرُجُ أليس كذلك؟ هذا الأصل فتأتي إلى أَكْرَمَ فتزيد الهمزة تقول: أُأَكْرِمُ وَيُأَكْرِمُ وَتُأَكْرِمُ وَنُأَكْرِمُ هذا الأصل لكن هل هذا القياس الذي يقتضيه القياس هل هذا مستعمل في لغة العرب؟ ليس مستعملاً، وإنما المستعمل أُكْرِمُ بهمزة واحدة مضمومة وَنُكْرِمُ بنون دون الهمزة حذفت الهمزة وَيُكْرِمُ وَتُكْرِمُ بحذف الهمزة إذًا أصله كَرُمَ أَوْ أَكْرَمَ أصله أَكْرَمَ أين الهمزة؟ قالوا: استثقلت في المبدوء بهمزة المتكلم فحذفت ثم طردًا للباب حذفت من بقية الأنواع فأصله أُأَكْرِمُ بهمزتين أُأَكْرِمُ فحذفت الهمزة الثانية طلبًا للخفة - القاعدة الكبرى - فقيل: أُكْرِمُ. هذه الهمزة تكون: مضمومة للدلالة على ماذا؟ على المتكلم لأنه رباعي، يُكْرِمُ أصله يُأَكْرِمُ تُأَكْرِمُ نُأَكْرِمُ لكن طردًا للباب لئلا يُثْقَل قالوا: طردًا للباب حملاً يُأَكْرِمُ على أُأَكْرِمُ حذفت الهمزة من الكل هذا وافق يُأَكْرِمُ وافق القياس أم لا؟ وافق القياس لأن الأصل في القاعدة عندهم أن يزاد حرف المضارعة على الماضي ويبقى الماضي كما هو أُأَكْرِمُ هذا قياس لكن الاستعمال أُكْرِمُ، يُأَكْرِمُ هذا القياس والاستعمال يُكْرِمُ وَنُكْرِمُ وَتُكْرِمُ والقياس أن يكون بالهمز. طيب قول الراجز: (فإنه أهل لأن يُأَكْرَمَ). هذا خالف الاستعمال ولم يخالف القياس هذا سموه شاذًا هذان النوعان يقعان في القرآن ووجوده لا ينافي كون الكلام فصيحًا فحينئذٍ أَبَى يَأْبَى أي النوعين؟ شاذ قياسًا لا استعمالاً فَأَبَى يَأْبَى هذا شاذ قياسًا لا استعمالاً. طيب بقي القسم الثالث وهو: ما خالف القياس والاستعمال معًا هذا لا يجوز وقوعه في القرآن مردود كل كلام فصيح هذا مردود مثل ماذا؟ قالوا: دخول (أل) على الفعل المضارع. مَا أَنْتَ بِالحَكَمِ التُرْضَى حُكُومَتُهُ ... وَلاَ الأَصِيلِ وَلاَ ذِي الرَّأْيِ وَالجَدَلِ (1) ما أنت بالحكم الترضى دخلت (أل) على الفعل المضارع نقول: هذا شاذ استعمالاً وقياسًا لأن (أل) هذه من لوازم وعلامات الاسم فلا تدخل على الفعل ولذلك لم يُسمع في النثر أبدًا لم يسمع في النثر دخول (أل) على الفعل المضارع وإنما سُمِعَ دخولها على الفعل المضارع في الشعر خاصة، ولذلك قيل وحكاه ابن هشام في شروح الشذور عن الجورجاني بأن دخول (أل) على الفعل المضارع شاذ بالإجماع ولذلك لم يوافقه ابن مالك رحمه الله على قوله: وَصِفَةٌ صَرِيحَةٌ صِلَةُ ألْ ... وَكَوْنُهَا بِمُعْرَبِ الأَفْعَالِ قَلَّ (2) __________ (1) البيت من قول الفرزدق وقد ذكره ابن عقيل في شواهده في شرحه على ألفية ابن مالك. (2) ألفية ابن مالك البيت 98. (2/21) ________________________________________ الصواب لا، لذلك لم يجعل (أل) الموصولة من علامة الأسماء، والصواب أنها من علامة الأسماء ودخولها على الترضى واليتقفع ونحو ذلك نقول: هذا شاذ ولذلك لم يُنقل أنه استعمل في النثر. إذًا أَبَى يَأْبَى نقول: هذا شاذ. ولو وجد في القرآن فإنما المراد به الشاذ المخالف للقياس دون الاستعمال لأنه استعمل كثير في لغة العرب، هذا الباب الثالث. البَابُ الرَّابِعُ (فَعِلَ يَفْعَلُ) إذًا انتهى من فَعَلَ، فَفَعَلَ له كم باب؟ ثلاثة أبواب فَعَلَ يَفْعُلُ، وفَعَلَ يَفْعِلُ وهذان من الدعائم، وفَعَلَ يَفْعَلُ بشرطه وهذا شاذ يحفظ ولا يقاس عليه. (2/22) ________________________________________ انتقل إلى بيان فَعِلَ، وفَعِلَ قلنا من جهة القياس العقلي يقتضي ثلاثة أبواب فَعِلَ يَفْعُلُ، وفَعِلَ يَفْعَلُ، وفَعِلَ يَفْعِلُ ثلاثة لكن الذي سُمِعَ بابان فقط، وهو فَعِلَ يَفْعَلُ وهذا على القياس بمخالفة حركة عين المضارع لحركة عين الماضي (فَعِلَ يَفْعَلُ) وأما فَعِلَ يَفْعِلُ فهذا شاذ ولذلك الذي جاء عليه ألفاظ محفوظة تعد تحفظ ولا يقاس عليها، كل ما قيل من الأبواب الستة شاذ فالأصل السماع فليس من باب القياس وسقط فَعِلَ يَفْعُلُ لئلا يلزم الانتقال من الضم إلى الكسر وما عدا ذلك فهو شاذ، يعني لو جاء في لغة العرب مثل فَضِلَ يَفْضُلُ نقول: هذا شاذ أو من تداخل اللغات لأنه سُمِعَ فَضِلَ يَفْضُلُ لكنه لغة رديئة لماذا؟ لأن فَضِلَ من باب عَلِمَ وضَرَبَ فَضِلَ من باب عَلِمَ وماذا؟ وضَرَبَ أليس كذلك؟ عَلِمَ ونَصَرَ فَضِلَ يَفْضَلُ وفَضَلَ يَفْضُلُ فيه لغتان قد يكون في اللفظ الواحد يأتي من بابين ففَضَلَ هذا له بابان يأتي من باب نَصَرَ ومن باب عَلِمَ، فنَصَرَ تقول فَضَلَ بفتح الضاد مضارعه يَفْضُلُ إذًا هذا قياس فَضَلَ يَفْضُلُ قياس وجاء من باب عَلِمَ فَضِلَ مضارعه يَفْضَلُ وهذا على القياس، إذًا عندنا لغتان فَضَلَ يَفْضُلُ وهذا على القياس وفَضِلَ يَفْضَلُ وهذا على القياس التداخل هذا من باب التأويل فقط وإلا إثباته فيه نوع صعوبة تداخل ماذا؟ أن يكون العربي قد نطق بباب فَضَلَ بالمضارع فَضَلَ ثم بدلاً من أن يأتي بيفضُل انتقل إلى اللغة الثانية فقال: يَفْضَلُ. فَضِلَ من باب عَلِمَ بدلاً من أن يقول: فَضِلَ يَفْضَلُ انتقل إلى الباب الثاني فقال: فَضِلَ يَفْضُلُ. فتداخلت اللغتان لكن إثبات هذا صعب إذًا (البَابُ الرَّابِعُ فَعِلَ يَفْعَلُ، مَوْزُونُهُ عَلِمَ يَعْلَمُ) عَلِمَ بكسر العين في الماضي يَعْلَمُ بفتحها في المضارع وهذا من الدعائم (وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ عَيْنُ فِعْلِهِ مَكْسُورًا فِي المَاضِي، وَمَفْتوحًا فِي المُضَارِعِ) يعني: في الفعل المضارع وهذا على الأصل في التخالف بين حركتين (وَبِنَاؤُهُ أَيْضًا لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا، وَقَدْ يَكُونُ لازِمًا) فَعِلَ بِنَاؤُهُ لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا (وَقَدْ يَكُونُ لازِمًا). [هو يقول أنا أريد أن أختبركم تكون عبارة تأملوا (وَبِنَاؤُهُ أَيْضًا لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا)] العكس لأنه لو كان كذلك لكان مطابقًا ومساويًا لباب فَعَلَ فحينئذٍ صواب العبارة أن يقال: وبناؤه للازم غالبًا وقد يكون بالتعدية. هذا صالح اعكسها تعكس العبارة وبناؤه للزوم غالبًا وقد يكون متعديًا لأن باب فَعِلَ إنما يكون متعدِّيًا قليلاً أو غالبًا؟ قليلاً ويكون لازمًا وهو الأصل فيه، عكس باب فَعَلَ، ويقال: إن كثرة اجتهاد الكتاب تؤدي إلى الخطأ عند النسخ. لأن في بعض الأخطاء هنا لشهرة الكتاب كثر ناسخوه والكتاب إذا كثر ناسخوه كثرت أخطاؤه هذا مشهور وهو حق (وَبِنَاؤُهُ أَيْضًا لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا، وَقَدْ يَكُونُ لازِمًا. (2/23) ________________________________________ مِثَالُ المُتَعَدِّي نَحْوُ: عَلِمَ زَيْدٌ المَسْأَلَةَ) عَلِمَ فعل ماضي وهو من باب فَعِلَ حينئذٍ تعلم أن مضارعه يأتي من باب يَعْلَمُ يَفْعَلُ زيد فاعله والمسألة هذا مفعول به لأن العلم تعدَّى زيد وتعلق بالمسألة فالمسألة هي المعلوم (وَمِثَالُ الَّلازِمِ نَحْوُ: وَجِل زَيْدٌ) وَجِلَ يَوْجَلُ وَيَجِلُ ويَوْجَلُ ... (وَجِل زَيْدٌ) يَوْجَلُ فيها أربعة لغات (وَجِل زَيْدٌ) زيدٌ هذا فاعل بمعنى خاف (وَجِل زَيْدٌ) زيد هذا فاعل فلا يتعدَّى إلى غيره هذا باب فَعِلَ يَفْعَلُ. بقي ماذا؟ فَعِلَ يَفْعِلُ لم يذكره فيما يتلوه وإنما أخره لأنه شاذ خارج عن القياس وباب (فَعُلَ يَفْعُلُ) أقرب منه ولذلك ذكره تاليًا له. البَابُ الخَامِسُ من الأبواب الستة النوع الخامس (فَعُلَ يَفْعُلُ) (مَوْزُونُهُ حَسُنَ يَحْسُنُ) هنا طابق أو طابقت حركة عين المضارع حركة عين الماضي تساوتا وقلنا: لا بد من تعليل لا بد من فائدة، لَمَّا كان باب فَعُلَ مختص بما يدل على الطبائع والغرائز والسجايا والأمور الْخِلْقِيَّة التي تُلازِمُ صاحبها ولا تنفك عنه جيء به مضموم العين فهو لازم من جهة المعنى ولازم من جهة المعنى ومن جهة العمل، لازم من جهة المعنى ولازم من جهة العمل، والقاعدة عندهم إذا أريد كل باب فَعَلَ أو فَعِلَ إذا أريد به الدلالة على اللزوم نُقل إلى باب فَعُلَ نُقل إلى باب فإذا قيل: ضَرَبَ. هذا من باب فَعَلَ وعَلِمَ هذا من باب فَعِلَ، طيب ضَرَبَ يدل على إحداث الضرب ثم انقطع يدل على إحداث الضرب ثم انقطع لكن لو أردت أن أدل على أن هذا الضرب صار سجيةً له مثل الْخِلْقَة التي تكون ملازمة يعني: يضرب في الصباح والمساء ضَرَّاب حينئذٍ تنقل باب ضَرِبَ إلى فَعُلَ فتقول: ضَرُبَ زيدٌ. يعني كثير الضرب حتى كأنه صار سجية له مثل الْحُسْنِ والشرف والكرم، فيجوز بالاتفاق يجوز أن يُنقل باب فَعَلَ إلى باب فَعُلَ للدلالة على كون الصفة صارت لازمة لأن الأصل في فَعَلَ وفَعِلَ أن يدل على الصفات المنفكة، وفَعُلَ أن يدل على الصفات اللازمة فإذا كان الوصف المنفك قد صار كالوصف اللازم جاز أن ينطق بباب فَعَلَ على أنه فَعُلَ، قالوا: ضَرُبَ زَيْدٌ، وعَلُمَ زَيْدٌ. إذًا صار العلم له سجية لا ينفك عنه في وقت دون وقت، ولذلك قيل: فَقِهَ وفَقُهَ فَقُهَ هذا جوزه أهل اللغة فَقِهَ وفَقَهَ وفَقُهَ، فَقِهَ إذا اتصف بالفقه، وفَقَهَ هذه ذكرها ابن حجر ولم يذكرها أصحاب المعاجم فَقَهَ بمعنى سبق غيره في الفقه، وفَقُهَ بالضم إذا صار الفقه له سجيةً، وإلا ليس أصله فَقُهَ وإنما فَقِهَ هذا هو الأصل فَقِهَ يَفْقَهُ ولماذا قيل: فَقُهَ؟ للدلالة على أن هذا الوصف صار كالسجية كالصفة اللازمة كذلك كل ما كان من باب فَعَلَ أو فَعِلَ يجوز نقله إلى باب فَعُلَ للدلالة على أن هذا الوصف صار كالصفة اللازمة المستقرة التي لا تنفك عن صاحبها وهل يجوز العكس أن ينقل باب فَعُلَ إلى باب فَعَلَ أو فَعِلَ؟ الجواب: لا، لأن الصفة الملازمة هذه لا تنفك شرف لا ينفك في وقت دون وقت، والكرم الأصل فيه أنه لا ينفك في وقت دون وقت. (2/24) ________________________________________ إذًا فَعُلَ يَفْعُلُ إذًا لا يجيء إلا في الأفعال أفعال الغرائز والطبائع والأوصاف الْخِلْقِية أي: التي لها مكثٌ واستقرار في محلها (مَوْزُونُهُ حَسُنَ يَحْسُنُ) والْحُسْن هل هو مستقر أو لا؟ قد يكون وقد لا يكون، قيل: إن كان المراد به تناسب الأعضاء فهو مستقر. الحسن يطلق بمعنيين يطلق بمعنى تناسب الأعضاء فحينئذٍ هذا وصف لازم كالجمال مثلاً قد يكون ذاتيًّا فهذا يكون وصفًا لازمًا ويحمل عليه المعنى هنا (حَسُنَ يَحْسُنُ) وإذا كان المراد به من باب التزين حسن زيد الليلة فقط وما عداه على أصله هذا نقول: ليس من باب فَعُلَ يَفْعُلُ لأنه ليس بصفة لازمة ومثله حَصُنَ يَحْصُنُ وكَرُمَ يَكْرُمُ وشَرُفَ يَشْرُفُ (وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ عَيْنُ فِعْلِهِ مَضْمُومًا فِي المَاضِي وَالمُضَارِعِ) استويا (وَبِنَاؤُهُ لاَ يَكُونُ إِلاَّّ لاَزِمًا) لأن فَعُلَ لا يكون إلا لازمًا (نَحْوُ: حَسُنَ زَيْدٌ) حَسُنَ على وزن فَعُلَ مضارعه يَفْعُلُ وزيد هذا فاعل (لاَ يَكُونُ إِلاَّّ لاَزِمًا) لأنه من أفعال الغريزية والأفعال الطبيعية، والنعوت فلا يتجاوز تعلقه بالمفعول بل يختص بالفاعل فهو لازم من حيث المعنى ولازم من حيث العمل فهذان لزومان فناسب أن يكون هناك لزوم آخر ثالثٌ وهو الضمة، فلزمت الضمة في المضارع للدلالة على أن الفعل كما هو لم يتغير لأن الأصل كما ذكرناه في السابق التخالف لماذا الأصل التخالف؟ ليدل على تغاير في المعنى لأن خَرَجَ ويَخْرُجُ بينهما فرق في المعنى في الدلالة على الحدث والزمن لكن لو كان عين المعنى الذي دل عليه المضارع هو عينه في الماضي حينئذٍ الأنسب أن تكون الحركة واحدة فلما لم يتغير فَعُلَ ويَفْعُلُ من حيث الدلالة على اللزوم العملي والمعنوي لزم منه أن تكون حركة واحدة للدلالة على هذين اللزومين، هذا الباب الخامس. البَابُ السَّادِسُ (2/25) ________________________________________ (فَعِلَ يَفْعِلُ) وهذا شاذ لعدم تخالف حركة عين المضارع لحركة عين الماضي، ولذلك يصير ماذا؟ إذا صار شاذًا يصير محفوظًا موقفٌ على السماع ألفاظ تحفظ ولا يجوز القياس عليها (مَوْزُونُهُ حَسِبَ يَحْسِبُ) حَسِبَ من الحسبان بمعنى الضد وهو الاعتقاد الراجح (حَسِبَ يَحْسِبُ وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ عَيْنُ فِعْلِهِ مَكْسُورًا فِي المَاضِي وَالمُضَارِعِ) مكسورًا في الماضي وفي المضارع (وَبِنَاؤُهُ أَيْضًا لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا وَقَدْ يَكُونُ لاَزِمًا) خطأ ثاني؟! وبناؤه للزوم غالبًا وقد يكون متعدَّيًا (مِثَالُ المُتَعَدِّي)، (حَسِبَ زَيْدٌ عَمْرًا فَاضِلاً) لأنه يتعدَّى إلى مفعولين حَسِبَ فعل ماضي يعني من باب ظَنَّ من أخوات ظَنَّ ويتعدى إلى (حَسِبَ زَيْدٌ عَمْرًا فَاضِلاً) زيدٌ فاعل وعمرًا هذا مفعول أول لحَسِبَ وفاضلاً هذا مفعول ثانٍ إذًا تعدَّى الاعتقاد إلى الْمُعْتَقِد وشيء مُعْتَقَد (وَمِثَالُ الَّلازِمِ نَحْوُ: وَرِثَ زَيْدٌ) وَرِثَ فعل ماضي وزيد فاعل، هو يقول: (مِثَالُ الَّلازِمِ) والله عز وجل يقول: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} [النساء: 11]. أبواه هذا فاعل والهاء الضمير {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل: 16] أوضح هذا {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} إذًا متعدِّي أو لا؟ متعدِّي إذًا المثال هذا قد نقول فيه خلل ولذلك قيل: ولعل المثال الصحيح وثق زيدٌ ببكر. ليس ورث وثق هي قريبة منها تحتمل النسخ التحريف وثق زيد ببكر فصار ماذا؟ فصار لازمًا أما (وَرِثَ زَيْدٌ) هذا ليس بجيد. إذًا (فَعِلَ يَفْعِلُ) نقول: هذا شاذ. ثم هذا النوع هذا الباب على قسمين: - منه ما سمع فيه الشذوذ مع الأصل. يعني: سمع فيه الوجهان (فَعِلَ يَفْعِلُ) و (فَعِلَ يَفْعَلُ) وهذا معدودة يعني: سُمِعَ فيه الأصل. يعني: جاء بالكسر مع ماذا؟ مع الفتح سمع فيه الأصل (فَعِلَ يَفْعَلُ) وسمع فيه الشذوذ مثل ماذا؟ (حَسِبَ) هذا (فَعِلَ) سمع فيه الفتح فقيل: حَسِبَ يَحْسَبُ شاذٌ أو قياس؟ قياس، وسُمِعَ فيه (حَسِبَ يَحْسِبُ) على الشذوذ هذا يقال في النوع هذا ما سمع فيه الشذوذ والأصل يعني جاء بالوجهين بالكسر وبالفتح وهذا اثنا عشر فعلاً معدودة، حَسِبَ يَحْسَبُ وَيَحْسِبُ، وَوَضِرَ يَضِرُ وَيَوْضَرُ، وَوَحِرَ يَوْحَرُ وَيَحِرُ، وَنَعِمَ يَنْعَمُ وَيَنْعِمُ، وَوَلِهَ يَلِهُ وَيَوْلَهُ، وَيِئَسَ يَيْئَسُ وَيَيْئِسُ بالكسر وبالفتح يَيْئَسُ وَيَئِسَ وَيَيْئَسُ بالفتح، وَيَبِسَ الشجر يَيْبَسُ وَيَيْبِسُ بالكسر والفتح، وَوَهِلَ يَوْهَلُ وَيَهِلُ، وَوَلِغَ فيه لغة وَلَغَ وَوَلِغَ، وَلِغَ الكلب يَلِغُ وَيَوْلَغُ، وَوَبِقَ يَوْبَقُ وَيَبِقُ، وَوَحِمَتِ الحبلى تَوْحَمُ وَتَحِمُ، وبَئِسَ يَبْئَسُ وَيَبْئِسُ، هذه اثنا عشر فعلاً سمع فيها الوجهان قد يزيد البعض فعلين أو ثلاثة وقد ينقص بعضهم. (2/26) ________________________________________ النوع الثاني: ما جاء بالكسر على الشذوذ فقط ولم يُسمع فيه الفتح، وهذا تسعةُ أو تسعةَ عشر فعلاً: وَرِثَ يَرِثُ فقط ولم يسمع يَوْرَثُ وإنما وَرِثَ يَرِثُ، وَوَلِيَ الأمر يَلِيهِ، وَوَلِمَ الجرح يَلِمُ، وَوَرِعَ الرَّجُلُ مِنَ الشُّبُهَاتِ يَرِعُ، وَوَمِقَ يَمِقُ، وَوَفِقَت وَوَفِقَ وَوَفِقْتَ أَمْرَكَ تَفِقَهُ، وَوَثِقَ بِهِ يَثِقُ تَثِقَهُ، وَوَعِقَ عَلَيْهِ يَعِقُ، وَوَثِقَ بِهِ يَثِقُ، وَوَلِيَ الْمُخُّ يَلِي، وَوَجِدَ به يَجِدُ، وَوَعِقَ يَعِقُ، وَوَلِكَ يَلِكُ، وَوَكِمَ يَكِمُ، وَوَقِهَ لَهُ يَقِهُ، وآنَ يَأِينُ، وَتَاهَ يَتِيهُ، وَوَفِقَ الْفَرَسُ يَفِقُ، وَوَهِمَ يَهِمُ، وَوَعِمَ يَعِمُ وَطَاحَ يَطِيحُ. هذه تسعة عشرة لا تحفظوها ولا شيء لكن ابن مالك نظم بعضها. وَجْهَانِ فِيهِ مِنِ (احْسِبْ) مَعْ (وَغِرْتَ) وَ (حِرْ (انْعِمْ) (بَئِسْتَ) (يَئِسْتَ) (اوْلَهْ) (يَبِسْ) (وَهِلاَ) وَأَفْرِدِ الْكَسْرَ فِيمَا مِنْ (وَرِثْ) وَ (وَلِيْ) (وَرِمْ) (وَرِعْتَ) (وَمِقْتَ) مَعْ (وَفِقْتَ حُلاَ) (وَثِقْتَ) مَعْ (وَرِيَ) الْمُخُّ احْوِهَا وَأَدِمْ كَسْرًا لِعَيْنٍ مُضَارعٍ يَلِي فَعَلاَ (1) نظم بعضها ثمانية ونظم بعضها تسعة تحفظ أنت. . . 1.44.00 إذًا (أَبْوَابَ) قوله: (سِتَّةٌ مِنْهَا لِلثُّلاثِيِّ المُجَرَّدِ). إذًا الثلاثي المجرد الماضي ثلاثة أبواب: فَعَلَ، وَفَعِلَ، وَفَعُلَ. على هذا الترتيب فَعَلَ أخفها وأكثرها دورانًا على الألسنة ولذلك المتعدي منه أكثر من اللازم، وفَعِلَ أخف منها يعني: أقل دورانًا على الألسنة من باب فَعَلَ لماذا؟ لوجود الثقل في الكسرة لأنها أثقل من الفتح، ولذلك جاء منه اللازم أكثر من المتعدِّي، وَفَعُلَ أقلها استعمالاً، ولذلك لزم لماذا؟ لدلالته على الطبائع والأفعال أو الصفات الغريزية الْخِلْقِية ففَعَلَ أكثر الجميع دورانًا على الألسنة، وفَعِلَ باعتبار فَعَلَ أقل وباعتبار فَعُلَ أكثر، وَفَعُلَ أقل الجميع. المضارع يكون بالاستقراء لكلام العرب ستة: فَعَلَ يَفْعُلُ، وَفَعَلَ يَفْعِلُ، وَفَعَلَ يَفْعَلُ. إذًا استوفى الثلاثة لماذا؟ لكون أكثر دورانًا على الألسنة فمكنوه من الأبواب الثلاثة إلا أن فَعَلَ يَفْعُلُ هذا من الأصول والدعائم وعلى القياس، وَفَعَلَ يَفْعِلُ هذا من الأصول والدعائم على القياس، وباب فَعَلَ يَفْعَلُ هذا شاذ يحفظ ولا يقاس، ويشترط فيه أن يكون عينه أو لامه حرفًا من حروف الحلق. والباب الثاني فَعِلَ وهذا سُمِعَ منه فَعِلَ يَفْعَلُ وهذا على القياس وهو من الدعائم، وَفَعِلَ يَفْعِلُ وهذا شاذ يحفظ ولا يقاس عليه، وهو نوعان: - شذوذ مع الأصل. - وشذوذ فقط. __________ (1) لامية الأفعال لابن مالك. (2/27) ________________________________________ يعني ما أخذ فيه الكسر وما جاء الكسر مع الفتح ولم يُسمع فَعِلَ يَفْعُلُ، لم يسمع للثقل لانتقاله من الكسر إلى الضم وَفَضِلَ يَفْضُلُ نقول: هذا من باب التداخل. فَعُلَ لم يُسمع فيه يَفْعَلُ ولم يعلل إلا بأنه لغة رديئة وإلا القياس لا يمنع ذلك لأنه لم يُسْمَع، وَفَعُلَ يَفْعِلُ لئلا ينتقل من ضم إلى كسر من ثقيل إلى ثقيل مثله وبقي فَعُلَ يَفْعُلُ وهذا شاذ، لذلك كله من باب القياس من باب الحفظ يعني: يُسمع ويحفظ ولا يقاس عليه، وعُلِّلَ ذلك بكون الفعل المضارع اتَّحد مع الماضي في المعنى كون كل منهما يدل على وصف لازم لا ينفك عن صاحبه والوصف اللازم الذي لا يتعدى يقتضي ماذا؟ يقتضي أن الفعل الذي صِيغ منه الفعل الاصطلاحي أن يرفع فاعلاً ولا ينصب مفعولاً به فلذلك صار لازمًا من جهة المعنى ولازمًا من جهة العمل فلزم لزومًا ثالثًا وهو من جهة الحركة فأُعطي الضمة كأصله. ثم ذكر المزيد فيه، ويأتينا إن شاء الله في موضعه. وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد. (2/28) ________________________________________ ( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات ) شرح متن البناء عناصر الدرس * أنواع الفعل الأصلي. * أنواع الفعل الثلاثي. * أنواع لما زاد على الثلاثي حرف وحرفان وثلاثة أحرف. * النوع الأول مازيد على الثلاثي المجرد حرف واحد. * أبوابه: أفْعَلَ ـ فَعَّلَ ـ فَاعَلَ وعلاماتها. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: قد سبق بيان أن الفعل .. # [قطع في الشريط] لا تسقط في أحد التصاريف إلا لعلةٍ تصريفية، وهذا ما يفرق فيه بين الحرف الأصلي والحرف الزائد، فما سقط لعلة تصريفية هذا لا يقال فيه: إنه زائد بل هو أصلي كما في وَعَدَ يَعِدُ، وَوَصَلَ يَصِلُ، هنا الواو سقطت ولا نقول: إنها حرف زائد لأن [0.34# قطع آخر] بل ساقطٌ لعلةٍ تصريفية فهو كالثابت. وبالزيادةٍ ما اشتمل ماضيه على الزائد - بمعنى أن فيه حرفًا زائدًا - مثل: أَكْرَمَ. أَكْرَمَ هذا مشتمل ماضيه على الزائد لماذا؟ لأن أصله كَرُمَ على وزن فَعُلَ فزيدت الهمزة في أوله فصار على وزن أفْعَل حينئذٍ اشتمل ماضيه على الزائد بخلاف كَرُمَ فإنه مجرد عن الزائد. ثم الأصلي نوعان: ثلاثي. ورباعي. قلنا: الثلاثي ما كان ماضيه على ثلاثة أحرفٍ أصول، إذًا يُنظر في الفعل الماضي فإذا بنه على ثلاثة أحرف لماذا؟ لأنه كما هو مقرر عندهم أن الفعل وكذلك الاسم لا يقل عن ثلاثة أحرف، ولذلك الفعل من حيث الأصول نوعان فقط ثلاثي، ورباعي. لم يقل عن الثلاثي لأن أصل ووضع الفعل وكذلك الاسم على ثلاثة أحرف، قالوا لماذا؟ قال: لأنه لا بد من حرفٍ يُبتدئ به وحرفٍ يوقف عليه وحرفٌ يكون واسطةً بين المبتدئ به والموقف عليه، حرف يبتدئ به ولا يبتدئ إلا بمتحرك لا يبتدئ بساكن، وحرفٌ يوقف عليه ولا يوقف إلا على ساكن، والمتحرك والساكن ضدان حينئذٍ لا بد من أن ينتقل المتكلم من ضدٍ إلى ضده هذا قالوا: فيه مشقة فلا بد حينئذٍ أن يأخذ نَفَسَهُ بعد أن يبتدئ بحرفٍ متحرك فيجد حرفًا ثم بعد ذلك ينتقل إلى الضد فيكون قد فصل بين الضدين بحرف وهذا أقل ما يكون عليه الفعل، كذلك الفعل يطرأ عليه النقصان والحذف سواء كان لعلة أو لغير علة فإذا كان ثنائيًا ولم يكن ثلاثيًا لضعف وهزل بالحذف فحينئذٍ قالوا: إذا وجد فعلٌ على حرفٍ أو حرفين حينئذٍ لا بد أن يكون لعلةٍ تصريفية يعني حصل محذوف لا بد أن يكون لعلةٍ تصريفية وما عدا ذلك فالأصل وضع الفعل وكذلك الاسم المتمكن على ثلاثة أحرف، ونقول: الاسم المتمكن لأن ما كان على حرفٍ أو حرفين من الأسماء فهو غير متمكن فهو مبني، لأن من علل البناء شبه الاسم بالحرف في الوضع لأن الحرف أقل ما يوضع عليه حرفٌ واحد أو حرفان، والفعل والاسم أقل ما يوضع عليه ثلاثة أحرف، فإذا أشبه أو وضع الاسم على حرفٍ أو حرفين قالوا: أشبه الاسم الحرف في الوضع لأن من شأن الحرف أن يوضع على حرفٍ أو حرفين. إذًا نأخذ من هذا نقول: إذا وجد فعلٌ على حرفٍ أو حرفين فلا بد حينئذٍ من حرفٍ محذوفٍ لعلةٍ تصريفية، مثل قِهْ وَقَى يَقِي الأمر منه قِهْ، الهاء هذه زائدة للسكت، إذًا هو على حرف واحد هل وضع على حرفٍ ... واحد؟ الجواب: لا، لأن هذا حذف منه الأول والأخير وَقَى يَقِي حُذفت الياء وحذفت الياء، حذفت الياء من أوله وهي ياء المضارعة لأنه فعلٌ أمر إذا أريد فعل الأمر يحذف أوله وبني على حذف حرف العلة، وصار قِي والوقف عليه يكون بهاء السكت فقيل: قه، إذًا هذا فعل وضع على حرفٍ واحد؟! (3/1) ________________________________________ نقول: لا لم يوضع على حرفٍ واحد، وإنما نطق به على حرفٍ واحد، وإلا في الأصل وهو وَقَى، هذا أصل وضعه، ولذلك الأصل فيه في الأفعال أن يكون على صيغة الماضي ثم المضارع ثم الأمر، فالأمر فرع وليس بأصل. إذًا الثلاثي ما كان ماضيه على ثلاثة أحرف أصول، هل يقل عن الثلاثة؟ الجواب: لا، لماذا؟ لأن أقل ما وضع عليه الفعل وكذلك الاسم ثلاثة أحرف، وأكثر ما وضع عليه الفعل بالأصالة أربعةُ أحرف، وسيأتي أنه الرباعي المجرد، وأكثر ما وضع عليه الاسم بالأصالة الخماسي، فحينئذٍ في المجرد الفعل يكون ثلاثيًا ورباعيًا ولا يكون خماسيًا إلا بالزيادة، ومن بابٍ أولى لا يكون سداسيًا إلا بالزيادة، وأما الاسم فيكون ثلاثيًا ورباعيًا وخماسيًا وكلها أصول ولا يكون سداسيًا إلا بالزيادة، لماذا؟ قالوا: لأن الفعل أدنى مرتبةً من الاسم فحينئذٍ لا بد أن يرتفع الاسم. الاسم مشتق من السمو وهو العلو فلا بد أن يكون مرتفعًا يعني إلى درجة عالية وأرفع من الفعل، فكل قاعدة أو كل وصف للاسم فالأصل فيه إما أن يشارك الفعل أو لا، فإن لم يشارك الفعل فحينئذٍ لا إشكال فإن شارك الفعل فلا بد أن يكون ذا وصفٍ أو صلةٍ أو درجة تكون أعلى يرتفع بها عن الفعل لأنه يوجد منه في الكلام أو ينفرد الاسم في الكلام دون العكس يعني: أعظم دليل وأجل دليل يدل على أن الاسم أشرف من الفعل أن الكلام يوجد باسمين ولا يوجد معهما فعل، تقول: زيدٌ عالمٌ، العلم نافعٌ، زيدٌ قائمٌ، هذا كلامٌ مؤلف من كلمتين مبتدأ وخبر ولم يوجد فيه فعلٌ، إذًا استغنى الاسم عن الفعل وإذا استغنى عنه حينئذٍ ما يستغني - هذا أرفع درجة مما لا يستغني لكن هل يوجد جملة فعلية وفيها فعلٌ سواءً كان ماضيًا أو مضارعًا أو أمرًا وليس فيها اسم؟ لا يمكن، لماذا؟ لأنه لا تقوم جملة فعلية إلا مع الفاعل أو نائب الفاعل - والفاعل ونائب الفاعل اسمٌ - إذًا لا يستغني الفعل عن الاسم، والاسم يستغني عن الفعل وأيهما أشرف؟ (3/2) ________________________________________ الذي يستغني ولا يحتاج إلى غيره ولا يفتقر إلى غيره هذا أعلى درجة، فلذلك مُيِّزَ عن الفعل بأشياء مثيرة منها في باب الصرف أنه جُعل له صيغة خاصة مؤلفة من خمسة أحرفٍ أصول بخلاف الفعل فإنه لا يُؤَلَّفُ من خمسة أحرفٍ أصول إذًا الثلاثي ما كان ماضيه على ثلاثة أحرف أصول والرباعي ما كان ماضيه على أربعة أحرفٍ أصول وسيأتي بحث الرباعي، بالزيادة، قلنا: ما اشتمل ماضيه على الزائد، إذًا سواءٌ كان ثلاثيًا أو رباعيًا والبحث هنا في الثلاثي فحينئذٍ نقول: الثلاثي هو ما اشتمل ماضيه على حرفٍ أو حرفين أو ثلاثة، وبالاستقراء أن الفعل الثلاثي المجرد لا يُزاد عليه إلا أحدُ ثلاثة أنواع - يعني: الزيادة الحرف الزائد الذي يدخل الفعل الثلاثي المجرد إما أن يكون حرفًا فيصير به الثلاثي رباعيًا، رباعيًا بالمزيد أو حرفين على الثلاثي - يعني: يزاد على الثلاثي المجرد حرفان - فيصير به الثلاثي خماسيًا، ثلاثة واثنين خمسة أو يزيد على ثلاثي المجرد ثلاثة أحرف فيصير به الثلاثي المجرد ستة أحرف، إذًا عندنا رباعيٌ وخماسيٌ وسداسي، وكلها أحرف زائدةٌ على الثلاثي المجرد ولذلك هنا قال: (وَاثْنَا عَشَرَ بَابًا مِنْهَا) أي من الخمسة والثلاثين لأنه ذكر منها ستة للفعل الثلاثي المجرد باعتبار ماذا؟ باعتبار ماضيه لأن الفعل الماضي الثلاثي المجرد لا يخلو عن ثلاثة أحوال: إما أنه من باب فَعَلَ أو فَعِلَ أو فعُلَ، ثم هذه باعتبار الفعل المضارع وما يصاغ منها أو ما يجيء صيغة المضارع منها فستةٌ: فَعَلَ يفعُلَ، وفَعَلَ يفَعِلَ، فَعَلَ يفَعَلَ هذه ثلاثة وفعِلَ يفعَلُ، وفعِلَ يفعِلُ، هذه اثنان، ثلاثة واثنان خمسة، وفعُلَ يفَعُلَ هذه ستة، ستةٌ منها قال: للثلاثي المجرد وشرع في بيان الثلاثي المزيد فيه قال له كم؟: (اثْنَا عَشَرَ بَابًا) بإسقاط بابين شاع ذكرهم عند الصرفيين وسيأتي بيانه: (وَاثْنَا عَشَرَ بَابًا مِنْهَا لِمَا زَادَ عَلَى الثُّلاَثِيِّ) لو زيد كلمة المجرد لكان أولى لأن الثلاثي قد يكون مجردًا وقد يكون مزيدًا فيه، وهو أي الثلاثي المزيد فيه: (ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ) (وَهُوَ) أي الثلاثي المزيد فيه (ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ) باعتبار ماذا التقسيم هنا؟ باعتبار ما يزاد على الثلاثي المجرد لأنه بالاستقراء أنه لا يزاد إلا حرفٌ أو حرفان أو ثلاثة ولا يزاد أربعة فحينئذٍ كم نوع؟ لكل نوع من هذه الأنواع أبواب خاصة فما زيد عليه حرفٌ واحدٌ له أبواب سيأتي ذكرها ثلاثة أبواب، وما زيد عليه حرفان سيأتي أنه أربعة أو خمسة، وما زيد عليه ثلاثة فهو أنواعٌ. إذًا الاعتبار هنا في التفصيل ثلاثة أنواع باعتبار الحرف نفسه، فإن زيد حرفٌ فهذا نوعٌ مستقل، وإن زيد حرفان هذا نوعٌ ثانٍ مستقل، وإن زيد ثلاثة أحرف فهذا نوعٌ ثالثٌ مستقل، والدليل هو الاستقراء والتتبع لأن باب الصرف بل باب اللغة الأصل فيها النقل والسماع وإنما العقل يستنبط ويرتب ويفهم فقط وليس له في مثل هذه الأمور مدخل. (وَاثْنَا عَشَرَ بَابًا مِنْهَا) أي: من الخمسة الثلاثين بابًا (لِمَا) أي: لفعلٍ (زَادَ عَلَى الثُّلاَثِيِّ) المجرد (وَهُوَ) أي الثلاثي المزيد فيه (ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ) باعتبار الحرف الزائد. (3/3) ________________________________________ (النَّوْعُ الأَوَّلُ: وَهُوَ مَا زِيدَ فِيهِ حَرْفٌ وَاحِدٌ عَلَى الثُّلاَثِيِّ) المجرد ... (وَهُوَ ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ). إذًا ما زيد فيه حرف واحد هذا المسمى عنهم بالرباعي المزيد، والرباعي المزيد لأن الرباعي نوعان: - رباعيٌ مجرد كدَحْرَجَ. - ورباعيٌ مزيد. رباعيٌ مجرد بمعنى: أنه تجرد ماضيه عن حرفٍ زائد دَحْرَجَ فَعْلَلَ هذه كلها أصول وقد يكون رباعيًا بالزيادة فيكون أصله الثلاثي المجرد ولكن يُزاد عليه حرفٌ فيصير به أربعةً، كَرُمَ أصله ثلاثي كَ رُ مَ ثلاثة أحرف زيد عليه الهمزة أَكْرَمَ فصار على وزن أفْعَلَ فحينئذٍ نقول: ثلاثي أو رباعي؟ ثلاثي أو رباعي؟ [أي أحسنت نعم] إذا لا نقول: ثلاثي ولا رباعي، نقول: باعتبار الأصل هو ثلاثي وبالنظر إلى الزيادة فهو رباعي، إذًا التفصيل. أَكْرَمَ نقول: هذا ثلاثيٌ باعتبار الأصل لأن أصله كَرُمَ على وزن فَعُلَ وبالزيادة بعد الزيادة زيادة حرف عليه صار أَفْعَلَ إذًا هو رباعيٌ مزيد بالنظر إلى الزيادة وهو ثلاثيٌ مجردٌ بالنظر إليه قبل الزيادة. إذًا الرباعيُ نوعان - هذا الذي أريد أن أبينه - الرباعيُ نوعان رباعيٌ مجرد - وهذا الذي سيأتي بحثه وهو كَدَحْرَجَ فَعْلَلَ - هذا كلها الحروف أصلية وليس فيها حرفٌ زائد ووزنه فَعْلَلَ، وأما الثلاثي المجرد الذي زيد عليه حرفٌ واحد فهو رباعيٌ مزيد قال: (وهو ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ). يعني: ثلاثة أنواع (ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ) أي ثلاثة أنواع لأنه إما أَفْعَلََ وإما فَعَّلَ وإما فَاعَل ثلاثة باب أَفْعَل ويُسَمَّى باب الإِفْعَال وباب فَعَّلَ ويسمى باب التَّفْعِيل وباب فَاعَلَ ويسمى باب الْمُفَاعَلَة (وَهُوَ مَا زِيدَ فِيهِ حَرْفٌ وَاحِدٌ عَلَى الثُّلاَثِيِّ وَهُوَ ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ) ولكل واحدٍ من هذه الأبنية معانٍ كل باب من هذه الأبواب الثلاثة أفْعَلََ وفَعَّلَ وفَاعَلَ لكل باب منها معانٍ يَرِدُ لها وبها يفارق معناه معنى الثلاثيٍ المجرد لأنه يَرِدُ السؤال كَرُمَ وأَكْرَمَ حصل فرقٌ من جهة اللفظ، أصله فَعُلَ فصار أَفْعَلَ، إذًا حصل مغايرة بين الثلاثي المجرد والثلاثي المزيد بالحرف الواحد هل تأثر المعنى أو لا؟ لا بد أن يتأثر المعنى لأن العرب القاعدة العامة الكبرى عندهم لا تزيد حرفًا إلا لمعنى، وعندهم زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى فحينئذٍ لا بد لكلٍ من أَفْعَلَ وفََعَّلَ وفَاعَلَ معانٍ ينفرد بها عن معناه الثلاثي المجرد قبل، وإلا لأستوى كَرُمَ وأَكْرَمَ وهذا باطل لماذا؟ لأنه يجعل الألف همزة، همزة القطع أَفْعَلَ يجعلها حشوًا وهذا باطل، العرب لا تزيد حرفًا إلا لمعنى، إذًا كل بابٍ من هذه الأبواب الثلاثة التي ستأتي - الأبنية الثلاثة - معانٍ يريد لها ذلك الوزن وبها يفارق معناه معنى الثلاثي المجرد. (3/4) ________________________________________ (البَابُ الأَوَّلُ) أي: النوع الأول، الباب هنا بمعنى ماذا؟ بمعنى النوع أَفْعَل يُفْعِلُ إِفْعَالاً، ويسمى باب الإِفْعَال، ولذلك يقال: من باب الإِفْعَال يعني الذي ماضيه أَفْعَلَ على وزن أَفْعَلَ، (أَفْعَلَ يُفْعِلُ إِفْعَالاً)، أولاً تلاحظوا ماذا هنا؟ قال: (أَفْعَلَ يُفْعِلُ) وزاد عليه ماذا؟ زاد المصدر، وهناك في الثلاثي المجرد وهو أولى - لأن المجرد أصل للمزيد عليه - لأنه قدمه هناك لماذا؟ لكونه أصلاً بالنسبة إلى المزيد وهنا قال: (فَعَلَ يَفْعُلُ) موزونه نَصَرَ يَنْصُرُ وما ذكر المصدر، وقال: ضَرَبَ يَضْرِبُ ولم يذكر المصدر وقال: عَلِمَ يَعْلَمُ ولم يذكر المصدر، كل الأبواب الستة السابقة لم يذكر مصادرها وكل ما ذكر في المزيد من الأنواع الثلاثة (أَفْعَلَ يُفْعِلُ إِفْعَالاً) ذكر المصدر و (فَعَّلَ يُفَعِّلُ تَفْعِيْلاً) ذكر المصدر و (فَاعَلَ يُفَاعِلُ مُفَاعَلَةً وَفِعَالاً وَفِيعَالاً) ذكر المصدر لِمَ؟ هل نَسِيَهُ في الأبواب الستة وذكره هنا أو لعلة؟ [ما عدا الثلاثي قياسي والثلاثي سماعي أحسنت] المشهور عند الصرفيين أن مصدر أو مصادر الفعل الثلاثي المجرد سماعية كلها موقوف على السماع وليست من باب القياس، فحينئذٍ ما الفائدة في أن يقول نَصَرَ يَنْصُرُ نَصْرًا وعَلِمَ يَعْلَمُ عِلْمًا إذا كان عِلْمًا ونَصْرًا هذا من باب السماع وليس من باب القياس، وإنما يذكر الصرفيون القواعد العامة التي تكون مجالاً للقياس، وأما المحفوظ فهذا بابه المعاجم وليس بابه كتب الصرف، إذًا لكون المصنف يرى أن مصادر الثلاثي المجرد سماعية وليست قياسية أسقطها، وأما [المزيد] الثلاثي المزيد فمصادره كلها قياسية وفي بعضها السماع لكن ما من بابٍ إلا وله مصدرٌ قياسي وقد يكون مصدر سماعي لهذه العلة ذكر هنا (أَفْعَلَ يُفْعِلُ إِفْعَالاً) فذكر المصدر لأن مصدر أفعل قياسي بخلاف مصدر (نَصَرَ يَنْصُرُ) فليس بقياسي بل هو سماعي، والسماعي هذا يوقف على السماع، لكثرة ما نُقل من اختلاف واضطراب المصادر في باب الثلاثي المجرد حكموا عليه بأنه سماعي وإن كان الأصح أنه قياسي - وسنتطرق إليه بعد أن ننتهي من الثلاثي المزيد فيه - الصحيح أنه قياسي وليس بسماعي كما ذكره ابن مالك رحمه الله ونُسب إلى سيبويه. (3/5) ________________________________________ (أَفْعَلَ يُفْعِلُ) لكن المشهور عند الصرفيين أنه سماعي ولذلك أسقطه المصنف - وهذا الذي أردت أن أبينه - (أَفْعَلَ) بزيادة ماذا؟ الهمزة (يُفْعِلُ) بضم الياء لماذا؟ لأن ياء المضارعة أو حرف المضارعة من الثلاثي حرف المضارعة إذا زيد على الثلاثي حرفٌ واحدٌ وكان ماضيه أربعة أحرف [عفوًا] إذا كان حرف المضارعة مزيدًا على ما أصله أربعةُ أحرف من الماضي ضمت أو ضم ذلك الحرف حرف المضارعة لأنك تقول: خرج هذا ثلاثي تزيد عليه ماذا؟ حرف المضارعة في الفعل المضارع تقول: يَخْرُجُ بفتح الياء لماذا؟ لكون الماضي مؤلفًا من ثلاثة أحرف وحينئذٍ تكون حركة حرف المضارعة الذي يزاد وهو الحرف من حروف (أنيت) حينئذٍ تكون حركته الفتحة فتقول: ذَهَبَ يَذْ يَذْ بفتح الياء وأَذْهَبُ ونَذْهَبُ ويَذْهَبُ وتَذْهَبُ هذا في الثلاثي، وأما إن كان رباعيًا في الأصل فحينئذٍ يُضم حرف المضارعة مثل ماذا؟ مثل دَحْرَجَ نقول في مضارعه: يُدَحْرِجُ ليس كيَذْهَبُ بفتح الياء وإنما بضمها فتقول: يُـ، يُـ يُدَحْرِجُ فحينئذٍ تضم حركة حرف المضارعة إذا كان ماضيه أربعة أحرف سواءٌ كان ماضيه أربعة أحرف أصولاً أم فيها ما هو زائد. أصولاً: مثل دَحْرَجَ، دَحْرَجَ فَعْلَلَ إذا أردت منه المضارع تقول: يُدَحْرِجٌ بضم الياء وأُدَحْرِجُ بضم الهمزة وتُدَحْرِجُ بضم التاء، ويُدَحْرِجُ بضم الياء، هذا فيما إذا كان ماضيه على أربعة أحرف سواءٌ كانت الحروف كلها أصول أم فيها ما هو زائد. أَكْرَمَ، نقول: هذا أصله ثلاثي لكنه صار رباعيًا بالزيادة فحينئذٍ تكون في مضارعه يُكْرِمُ بضم الياء يُكْرِمُ [طب] يُدَحْرِجُ بعد المضارع هو أربعة أحرف مع زيادة حرف المضارعة لكن يُكْرِمُ هو كَرُمَ نفسه يُكْرِمُ كَرُمَ لو كان من باب أَكْرَمَ لقيل: يُأَكْرِمُ، لكن هذا كما ذكرناه بالأمس في قول الراجز: فَإِنَّهُ أَهْلٌ لأن يُأَكْرَمَ (3/6) ________________________________________ الأصل فيه إسناده أو إلحاق همزة الْمُتَكَلِّمُ به أَكْرَمَ إذا أردت أن تنسبه إلى همزة الْمُتَكَلِّم فتقول: أُأَكْرِمُ أُأَ بضم الهمزة الأولى وفتح الهمزة الثانية التي هي أصل قالوا: استثقلوا مجيء همزتين متتاليتين لأن المخرج واحد والهمزة ثقيلة فحذفت الهمزة الثانية لماذا؟ لأن الهمزة الأولى حرف معنى وإن كانت الثانية أيضًا من جهة المعنى حرف معنى لكنها قد تأتي للتعدية وهذا أشبه ما يكون بحرف المبنى - لكن رُوعِيَ فيه أن حرف المضارعة إنما جيء به لنقل الماضي من الماضي إلى المضارع فحينئذٍ إذا نُقل من الماضي إلى المضارع انتقل معناه من الدلالة على الزمن الماضي إلى الزمن الحال أو الاستقبال مراعاةً لهذا؟ قالوا: إذًا الأولى أن يُحذف ماذا؟ الحرف الزائد على كَرُمَ ولا يُحذف الحرف الذي جيء به للدلالة على المتكلم لأنه ما جيء به إلا لماذا؟ إلا من أجل أن ينقل الفعل من الماضي إلى المضارع فلو حذفت همزة المتكلم وهي مضمومة قال: أَكْرَمُ هذا يشتبه بالماضي لأن الماضي أَكْرَمَ وهذا أَكْرَمَ لكن لما ابتدئ بضم الهمزة قالوا: ارتفع الشبه حينئذٍ الأولى الحكم بكون الهمزة التي هي داخلةٌ على الماضي الأولى الحكم بحذفها دون همزةٍ المتكلم فحينئذٍ اجتمع عندنا همزتان أُأَكرِمُ فحذفت الهمزة الثانية وإلا الأصل والقاعدة أنه يزاد على الثلاثي المجرد حرف المضارعة ويبقى فعل الماضي كما هو كما تقول: خَرَجَ يَخْرُجُ وأَخْرُجُ، هذا الأصل، كَرُمَ أَكْرَمَ، إذًا أُأَكْرِمٌ هذا الأصل فلاستثقال الهمزتين حذفوا الهمزة الثانية، وإن في باب لو هذا مستقيم في باب الهمزة حذفت الهمزة الثانية دفعًا للثقل لكن بقي ماذا؟ حروف المضارعة الهمزة والنون والياء والتاء، الثقل موجودٌ مع الهمزة ومنتفٍ مع النون والياء والتاء، إذًا يُأَكْرِمُ ليست فيه ثقل ونُأَكْرِمُ ليس فيه ثقل وتُأَكْرِمُ ليس فيه ثقل لكننا نقول: يُكْرِمُ ونُكْرِمُ وتُكْرِمُ بحذف الهمزة، قالوا: طردًا للباب لئلا يُفَصَّل في الباب فيقال: تحذف الهمزة مع الهمزة وما عداه لا تحذف طردًا للباب تحذف الهمزة من الجميع سواءٌ اتصل به تاء الخطاب أو الغائب أو النون الدالة على المتكلم ومعه غيره حينئذٍ أُكْرِمُ ونُكْرِمُ وتُكْرِمُ ويُكْرِمُ بضم حرف المضارعة مع حذف الهمزة في الكل والقاعدة السماع والذي دل على هذا التفسير أو هذا التحليل قول الراجز، جاء مؤكدًا ولذلك عند الصرفيين إذا جاء بيت أو شطر شاذ يتمسكون به ودليلهم المشهور عندهم في كتبهم لماذا؟ لأنه هو يفضح ويكشف المستور فلما جاء قول الراجز: فإنه أهلٌ لأن يُأَكْرَمَ هذا نطق بماذا؟ نطق بالمستعمل أو بالقياس؟ [بالمستعمل عفوًا] نطق بالقياس ولم ينطق بالمستعمل فحينئذٍ كأنه فضح القاعدة بأن أُكْرِمُ ويُكْرِمُ وتُكْرِمُ الأصل أنه يُأَكْرِمُ فحينئذٍ يتشبث بمثل هذا الشطر ويقال به إنه جاء على الشذوذ أصل مهجور يعبرون عنه هكذا يقال: يُأَكْرِمُ فإنه أهلٌ لأن يُأَكْرَمَ هذا أصلٌ مهجور لكنه هو الذي كشف الأصل المهجور به حصل كشف وظهور الأصل المهجور. (3/7) ________________________________________ إذًا قوله: (يُفْعِلُ) ضم حرف المضارعة لكون أصله رباعيًا وهذا مستثنًى في الرباعي فقط، وأما الثلاثي والخماسي والسداسي فهذا بفتح حرف المضارعة ولذلك تقول: خَرَجَ يَخْرُجُ انْطَلَقَ في الخماسي يَنْطَلِقُ يَـ يَـ بفتح الياء نَنْطَلِقُ أَنْطَلِقُ وتقول: اسْتَغْفَرَ يَسْتَغْفِرُ يَـ يَـ يفتح الياء وإنما يُستثنى ماذا؟ المضارع الرباعي باعتبار ماذا؟ [لا ليس الرباعي] إنما المستثنى حرف المضارع إذا كان ماضيه على أربعة أحرف فإن كان ماضيه على ثلاثة أحرف أو خمسة أو ستة فحينئذٍ تُفتح أوله: وضَمُّها مِن أصلِهَا الرُّباعي ... مثلُ يُجيبُ مِن أجابَ الدَّاعِي ومَا سِواهُ فَهْيَ منهُ تُفْتَتَحْ ... ولا تُبَلْ أخَفَّ وَزنًا أم رَجَحْ مثَالُهُ يذهَبُ زيدٌ ويَجِي ... ويَستَجِيشُ تَارَةً ويَلتَجِي (1) أَفْعَلَ (يُفْعِلُ) عرفنا لِمَ ضمت هذه الياء وكان الأصل فتحها (إِفْعَالاً) بكسر الهمزة أَفْعَلَ بفتح الهمزة هذه همزة قطع وكسرت في المصدر، إذًا مكسورة في مصدره قالوا: لأن لا يلتبس بالجمع، أَحْمَال أَفْعَال إذًا عندنا أَفْعَال وعندنا إِفْعَال، أَفْعَال هذا جمع مثل: حِمْلُ وأَحْمَال وأَجْمَال يوزن على أَفْعَال، وعندنا إِفْعَال قالوا: كسرت الهمزة لأنه في الماضي ماذا؟ أَفْعَلَ بالفتح، الأصل فيه أن يكون مفتوحًا كذلك في المصدر قالوا: كُسِرَتْ في المصدر لأن لا يلتبس الإِفْعَال بالأَفْعَال، والأَفْعَال هذا جمع والإِفْعَال هذا مصدر وهو مفرد لِمَ لَمْ يُعْكَسْ؟ __________ (1) ملحة الإعراب للحريري. (3/8) ________________________________________ قالوا: الأَفْعَال جمع وهو ثقيل، والكسر ثقيل والفتح خفيف، فأُعْطِي الخفيف الثقيل أعطي الخفيف الثقيل، إِفْعَال هذا خفيف وهو واحد أُعطي الثقيل وهو الكسر، وأعطي الثقيل الخفيف يعني الجمع أعطي ماذا؟ أُعطي الفتح فقيل أَفْعَال كونه جمع هذا ثقيل وأعطي الفتح وهو خفيف. إذًا مراعاةً لقاعدة التعادل والتناسب، والإِفْعَال هذا خفيف لأنه هو واحد أُعطي الثقيل وهو الكسر هذا ما يُعَبِّرُ عنه النحاة بـ جريًا على قاعدة التعادل والتناسب إعطاء الثقيل الخفيف والخفيف الثقيل، إِفْعَال هذا مصدر لكنه مقيس بشرط كونه في الصحيح نأتي له بعده (أَفْعَلَ يُفْعِلُ إِفْعَالاً)، (أَفْعَلَ يُفْعِلُ إِفْعَالاً، مَوْزُونُهُ أَكْرَمَ يُكْرِمُ إِكْرَامًا) هنا قال: (أَفْعَلَ) هذا بالزيادة كما نص عليه وعلامته أن يكون ماضيه على أربعة أحرف، ماضيه على أربعة أحرف؟ نحن نقول: بالثلاثي وهو يقول: على أربعة أحرف؟ بالزيادة أي: لأن مبحثنا فيه الثلاثي المزيد فيه بحرف فحينئذٍ صار أربعة إذًا أن يكون ماضيه على أربعة أحرفٍ إذًا أصله ثلاثيٌ مجرد ويُزاد عليه حرفٌ لكن (أَفْعَلَ) هذا الأصل فيه والمطرد الغالب الكثير أنه يُزاد على ماضيه المجرد الثلاثي المجرد الهمزة في أوله فيقال: (أَفْعَلَ) لكن سُمِعَ في بعض الآحاد والمفردات أَفْعَل وليس له ثلاثي مجرد مثل: أَنَابَ هذا على وزن أَفْعَلَ يُنِيبُ إِنَابَةً فحينئذٍ هو من باب (أَكْرَمَ يُكْرِمُ إِكْرَامًا) لكن ليس له ثلاثي لم يسمع له ثلاثيٌ مجرد كذلك أَلْفَى على وزن أَفْعَل ولم يسمع له ماضٍ مجرد وإنما هكذا وضع ابتداءً، وقد يُراعى في الوضع الحرف الزائد، الحرف الزائد قد يُسمع الأصل الثلاثي المجرد ثم يطرأ عليه أو تطرأ عليه الزيادة مثل كَرُمَ فزيدت عليه الهمزة وقد يُوضَعُ ابتداءً في أول الأمر مزادًا بالهمزة فيقال: أَلْفَى، أَلْفَى لم يسمع له ثلاثي مجرد فكيف حكمنا بكون هذه الهمزة الزائدة؟ (3/9) ________________________________________ نقول: لأنه على وزن أَفْعَلَ، والأصل في وضع الفعل أن يكون على ثلاثة أحرف - هذا هو الأصل - وحينئذٍ أَلْفَى هذا على أربعة أحرف حينئذٍ نحكم بكون هذه الهمزة الزائدة ولكنه لَمْ يُسْمَعْ له أصلٌ وهو ثلاثيٌ مجرد وهو ثلاثيٌ، ومثله أَفْلَح ليس عندنا فَلَحَ مثل كَرُمَ أَفْلَحَ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1]. نقول: أَفْلَحَ هذا فعلٌ ماضي على وزن أَفْعَلَ وهو مزيدٌ بالهمزة لأنه من باب الإِفْعَال، أين الثلاثي المجرد؟ ليس له ثلاثيٌ مجرد وإنما ابتداءً هكذا وضع، أَقْسَمَ نقول: ليس عندنا قَسَمَ في الأصل وإنما أَقْسَمَ هكذا وضع ابتداءً، إذًا قوله: (وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ) نقول: قد يكون في الأصل ثلاثي مجرد فيزاد عليه فيسمع الثلاثي المجرد ويُسمع الزيادة، وقد يكون ابتداءً على أربعةِ أحرف فيُسمع الثلاثي مزيدًا بهمزة قطع في أوله ولم يسمع له ثلاثيٌ مجرد، ولم يسمع مثل: أَقْسَمَ وأَفْلَحَ وأَلْفَى وأَنَابَ. قال: (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ فِي أَوَّلِهِ) يعني: بزيادة همزة القطع في أوله وهي مفتوحة (وَبِنَاؤُهُ) أي: بناء هذا الباب (لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا) يعني: أن يكون لتعدية الفعل من كونه لازمًا إلى كونه ناصبًا لمفعولٍ به واحد وقد يكون لتعدية الفعل المتعدي إلى واحدٍ فيتعدى إلى اثنين، أو المتعدي إلى اثنين فيتعدى إلى ثلاثة. إذًا قوله: (وَبِنَاؤُهُ لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا) أي في غالب الأمر (وَقَدْ يَكُونُ لاَزِمًا) هذا مفهومٌ أو تصريحٌ من مفهوم قوله: (غَالِبًا) (مِثَالُ المُتَعَدِّي نَحْوُ: أَكْرَمَ زَيْدٌ عَمْرًا) وسبق معنا أن المتعدي هو الذي تجاوز فعل فاعله فنصب مفعولاً به، تجاوز الفاعل الاصطلاحي فنصب المفعول به إذًا لا بد له من أثر من جهة المعنى. (أَكْرَمَ) هذا فعل ماضٍ مبني على الفتح لا محل له من الإعراب و (زَيْدٌ) فاعله (عَمْرًا) بالنصب على أنه مفعولٌ به، (وَمِثَالُ الَّلازِمِ) ومثله: أَخْرَجَ زيدٌ بكرًا، وأَسْقَطَ محمدٌ عليًا، مثله (وَمِثَالُ الَّلازِمِ نَحْوُ: أَصْبَحَ الرَّجُلُ.) يعني: دخل في الصباح (أَصْبَحَ) فعلٌ ماضٍ، و (الرَّجُلُ) فاعل وليست أصبح هذه من أخوات كان؟ هذه أصبح التامة وليست الناقصة، إذًا ليست من أخوات كان، التي تكون من أخوات كان هي التي لا تكتفي بمرفوعها وإنما تحتاج إلى منصوب تتعدَّى إليه فتنصبه. (3/10) ________________________________________ إذًا: (أَفْعَلَ يُفْعِلُ إِفْعَالاً) (إِفْعَالاً) هذا هو المصدر كما ذكره المصنف هنا لكن ينبغي تقيده بأنه للصحيحٍ، يعني إن كان (أَفْعَلَ) صحيحًا فحينئذٍ يأتي مصدره على الإفعال. إذًا (أَفْعَلَ) قياس مصدره على (إِفْعَالاً) ... (أَكْرَمَ يُكْرِمُ إِكْرَامًا) وأَعْطَى يُعْطِي إِعْطَاءً، وأَخْرَجَ يُخْرِجُ إِخْرَاجًا، فأما إن كان معتل العين، إن كان معتل العين فهذا ليس على إكرام، وإنما لا بد من التغيير - يعني: يطرأ عليه بعض التغيير - مثل أَقَامَ هذا مصدره هذا مثل أَكْرَمَ أَقَامَ أصله أَقْوَمَ أَكْرَمَ، إذا التبس عليك المعتل ايت بصحيح وزنه بزنته، أَقْوَمَ أَكْرَمَ، أَقْوَمَ لكن نحن لا نقول: أَقْوَمَ وإنما نقول: أَقَامَ كيف صار أَقَامَ؟ قالوا: أَقْوَمَ الواو مفتوحة وما قبلها حرفٌ صحيح ساكن حصل إعلالٌ بالنقل فنقلت حركة الواو التي هي الفتحة إلى القاف فتحركت القاف وسكنت الواو حينئذٍ لنا نظران: (3/11) ________________________________________ - أصل أَقْوَمَ هذا قبل النقل، ثم بعد النقل قبل النقل تحركت الواو وما قبلها ساكن بعد النقل نقول: ماذا؟ انفتح ما قبل الواو بالنظريين نقول: تحركت الواو بالنظر الأول وانفتح ما قبلها بالنظر الثاني فقلبت ألفًا، هذا هو المشهور عند الصرفيين أَقْوَمَ تحركت الواو هذا قبل العناية بالنقل ثم لما نقلت إلى ما قبلها القاف نقول: تحركت الواو باعتبار ما قبل النقل وانفتح ما قبلها باعتبار الألف قلبت الواو ألفًا فصار أَقَامَ، ولك أن نقول: أقوم أكتفي بجزء العلة لأن العلة مركبة تحرك الواو وانفتاح ما قبلها هذان جزءان قد يكتفي بجزء العلة فيقال: تحركت الواو فقلبت الواو ألفًا بقطع النظر عن كونها ماذا؟ انفتح ما قبلها بقطع النظر عن كون الواو قد انفتح ما قبلها هذا أيسر وفيه بعد عن التكلف والمشهور هو الأول، لماذا يقولون هذا؟ لأن الأصل أَقْوَمَ وأنت ما تنطق بهذا وإنما تنطق بماذا؟ أَقَامَ إذًا لا بد من التعليل، أَقْوَمَ يُقْوِمُ إِقْوَامًا هذا الأصل وأنت تقول: أَقَامَ يُقِيمُ إِقَامَةً فتقول: أَقْوَمَ يُقْوِمُ إِقْوَامًا. وأنت تقول: إِقَامَةً. يقال في المصدر ما قيل في أصله إِقْوَام تحركت الواو واكتفي بجزء العلة فقلبت الواو ألفًا، أو تقول: نقل حصل إعلال بالنقل نقلت حركت الواو التي هي الفتحة إلى ما قبلها إِقْوَام حصل إعلال بالنقل نقلت حركت الواو إلى ما قبلها يعني فتحت القاف. فحينئذٍ لك نظران فتقول: تحركت الواو باعتبار الأصل، وانفتح ما قبلها باعتبار الألف فقلبت ألفًا. فلما قلبت ألفًا حينئذٍ التقى عندنا ساكنان وهما ألفان لأن الألف الأخرى إِفْعَال ما قبل اللام هذه الألف تسمى ألف المصدر وهي زائدة، والألف المنقلبة عن الواو التي هي عين الكلمة هذه أصل لأن الألف المنقلبة عن أصل لها حكم الأصل هي لا تكون بذاتها أصلية هذا قطعًا ألف لا يمكن أن تكون أصلية وإنما ينظر باعتبار ماذا؟ إن انقلبت عن العين أو لام أخذت حكمه حينئذٍ نقول: هنا الألف منقلبة عن الواو وهذه الواو عين الكلمة، فاجتمع عندنا ألفان إِقَا الألف المنقلبة عن واو ثم جاءت الألف التي هي ألف المصدر لا يمكن أن تبقى كما معلوم لا بد من الحذف فحذفت إحدى الأَلِفَيْنِ وعُوِّض عنها تاء التأنيث فقيل: إِقَامَةً إِقَا أنت تنطق بألف واحد وجئت بالتاء هذه عُوِّض عن ماذا؟ عن ألف محذوفة فاختلف في أي الألفين هي المحذوفة هل هي ألف المصدر أم الألف المنقلبة عن الواو؟ هذا فيه خلاف قيل بالأول وقيل بالثاني، ذهب سيبويه إلى أن المحذوفة هي الألف الزائدة ألف المصدر هذا مذهب سيبويه أنها هي المحذوفة، وذهب والفراء والأخفش إلى أن الألف المنقلبة عن العين التي هي الواو هي المحذوفة والثاني أولى، يعني القول بأن الألف المنقلبة عن العين هي المحذوفة أولى من القول بأن المحذوفة هي الألف الزائدة لماذا؟ لأن الألف التي هي ألف المصدر حرف معنى وذاك حرف مبنى والقول بحذف ألف المبنى أولى من القول بحذف ألف المعنى. ثانيًا: أنه عُوِّضَ عن الألف المحذوفة بالتاء، ولا يعوض إلا عن أصل. (3/12) ________________________________________ إذًا بهذين الدليلين يرجح مذهب الأخفش والفراء، وهو: أن الألف التي هي منقلبة عن الواو عن عين الكلمة هي المحذوفة. ما هما الدليلان؟ كون الألف ألف المصدر حرف معنى، ما معنى حرف معنى؟ يعني يدل على معنى مثل: في، وعن. مثل (أل) التي للتعريف إذًا كلمة مستقلة نقول: الكلمة اسم وفعل وحرف جاء لمعنى، إذًا قسم من أقسام الكلمة. وحرف المبنى مثل زَ من زيد مثل الياء من زيد والدال إذًا هو ما كان جزءًا في كلمة وأما حرف المعنى هذا جزء أو كلمة برأسها وأيهما أولى القول بالحذف؟ الجزء أولى من القول بأن يحذف من الكل، أيضًا التعويض دليل على أن المحذوف له أصالة في الكلمة لأنه لا يُعَوَّضُ إلا عن أصل كما هو في عِدَةٍ. عِدَةٍ قلنا: هذا مصدر أليس كذلك؟ أصله من الوعد فحذفت الواو وعُوِّضَ عنها التاء عِدَةٌ هذه التاء عِوَض عن الواو المحذوفة، لِمَ عُوِّضَ عنها؟ لأنها أصل، سنةً التاء هذه عوض عن الواو أو الهاء لأن أصلها سَنَوٌ أو سَنَهٌ بدليل جمعه على سناهات وسنوات حينئذٍ سنوٌ حذفت اللام التي هي الواو اعتباطًا بغير علة تصريفية وعُوِّضَ عنها تاء التأنيث، إذًا إقامةً لَمَّا عُوِّضَ عن الألف المحذوفة تاء تأنيث دل على أنها أصل. إذًا مذهب الفراء والأخفش هو أرجح هذا معتل العين قلنا إذًا (أَكْرَمَ يُكْرِمُ إِكْرَامًا) جاء من باب الإِفْعَال لأنه الصحيح وإن كان معتل العين مثل أَقَامَ يُقِيمُ إِقَامَةً جاء على وزن ماذا؟ ما وزنه؟ إِفَالَةً لأن المحذوف هو العين هو الألف التي انقلبت عن العين وقد تحذف على قلة التاء هذه يعني: قد تحذف الألف ولا يُعَوَّض عنها أو نقول: عوض عنها التاء ولكنها حذفت قوله تعالى: {وَإِقَامِ الصَّلَاةِ} [النور: 37] وإقام الصلاة هذا مصدر إِقَامَ حذفت التاء هنا على قلة يعني: مسموع حذف التاء أو مسموع حذف الألف التي هي عِوَضُ عن المنقلبة عن العين ولم يُعَوَّض عنها التاء كقوله تعالى: {وَإِقَامِ الصَّلَاةِ}. أما المعتل الأول مثل: أَوْعَدَ يُوْعِدُ إِيعَادًا، ما الذي حصل؟ قلبت الواو ياءً إِوْعَادًا إِفْعَالاً إِوْعَادًا أليس كذلك هذا الأصل؟ أَوْعَدَ يُوعِدُ إِيعَ أَوْعَادًا هذا الأصل إِفْعَالاً ما الذي حصل؟ قلبت الواو ياءً لماذا؟ للقاعدة إذا سكنت الواو وانكسر ما قبلها قلبت الواو ياءً فقيل: إِيعَادًا. أَيْقَظَ يُوقِظُ إِيقَاظًا ما الذي حصل؟ قلبت الواو ياءً أَيْقَظَ [ما حصل شيء أحسنت] أَوْقَظَ أَيْقَظَ يُوقِظُ إِيقَاظًا ما حصل شيء هو يائي إذا كانت فاء الكلمة ياءً بقي كما هو وإن كان واوًا يعني: مثال واوي فهذا الذي يعتريه الإعلال، فَأَوْعَدَ يُوعِدُ إِيعَادًا أما أَيْقَظَ يُوقِظُ قلبت الياء واوًا لماذا؟ لسكونها وضم ما قبلها، إذًا الأصل يُوقِظُ أصل الواو ياء أصل الواو هذه منقلبة عن ياء لأنه من أَيْقَظَ أَفْعَلَ أَيْقَظَ أَفْعَلَ إذًا الفاء فاء الكلمة هي الياء فصارت الياء أصلاً، إذًا الياء أصلية في أَيْقَظَ أليس كذلك يُوقِظُ قلبت الياء واوًا لماذا؟ لسكونها بعد ضم إيِقَاظًا إِفْعَالاً لم يحصل شيء بخلاف أَوْعَدَ يُوْعِدُ إِيعَادًا أصلها أُوعادًا سكنت الواو إِثْرَ كَسْرٍ فوجب قلبها ياءً. (3/13) ________________________________________ أما المعتل اللامي كأَنْهَى أصلها أَنْهَيَ تقول: إِنْهَاءً أصلها إِنْهَايٌ ما الذي حصل؟ قلبت الياء همزة لماذا؟ لوقوعها متطرفة إِثْر ألفٍ زائدة إذا وقعت الواو أو الياء متطرفة ما معنى متطرفة؟ آخر الكلمة طرف الكلمة من الطرف، [إثر] بعد ألف زائدة وجب قلبها همزةً مثل سماءٌ، سَماءٌ هذه يظن البعض أنها ألف مثل صحراء فيمنعها من الصرف وهذا غلط، هذه الهمزة ليست زائدة ليست للتأنيث بل هي منقلبة عن واو سماوٌ هذا الأصل ولذلك تجمع على سماوات من أين جاءت الواو هذه هي التي أصلها في الهمزة ولذلك قال تعالى: {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ} [فصلت: 12] بالتنوين فلو كانت ممنوعة من الصرف كانت وأوحى في كل سماءَ لكنه قال {فِي كُلِّ سَمَاءٍ} فنونت دل على أنها مصروفة وصرفها يدل على أن هذه الهمزة ليست للتأنيث إذ لو كانت للتأنيث مثل صحراء وحمراء وجب المنع من الصرف لعلة واحدة تقوم مقام علتين. إذًا سماء أصلها سماوٌ وبناءٌ أصلها بنايٌ وقعت الياء طرفًا آخر الكلمة إثر ألفٍ زائدة فوجب قلبها همزةً كذلك أَنْهَى أصلها أَنْهَيَ على وزن أَفْعَلَ يُنْهِي إِنْهَاءً قلبت الياء همزةً لوقوعها طرفًا، أَرْضَى يُرْضِي إِرْضَاءً ما الذي حصل؟ [هاه تحركوا معي] أَرْضَى يُرْضِي، أَرْضَى ما أصله؟ أَرْضَيَ أو أَرْضَوَ؟ أَرْضَيَ؟ هذا مأخوذ من الرضوان والرضوان هذا واوي، قلبت الواو ياء ثم الياء ألفًا فحينئذٍ أَرْضَيَ يُرْضِي إرْضَاوٌ هذا الأصل، إِرْضَاوٌ وقعت الواو متطرفة إِثْر أو بعد ألف زائدة فوجب قلبها همزةً. أما الْمُضَعّف مثل مَدَّ تقول: أَمَدَّ. على وزن أَفْعَلَ أصله أَمْمَدَدَ لأنه على وزن أَفْعَلَ أليس كذلك؟ ما الذي حصل؟ كيف صار أَمَدَّ؟ ما الذي حصل؟ أَمْدَدَ اجتمع عندنا مثلان دالان فأريد الإدغام، وشرط الإدغام سكون الحرف الأول وهنا متحرك فحينئذٍ حصل إعلال بالنقل نقلت حركت الدال الأولى إلى ما قبلها لأن أصلها أَمْ أَمْدَ أَفْعَ، أَمْدَدَ أَفْعَلَ، ونحن نقول: أَمَدَّ. كيف تحركت الميم بالفتحة والأصل أنها ساكنة أَفْعَلَ فتقول: حصل إعلال بالنقل، نقلت حركت الدال الأولى إلى الميم قبل - التي هي فاء الكلمة - فحينئذٍ سكنت الدال الأولى مع تحرك الدال الثانية فأدغم في بعض فصار أَمَدَّ يُمِدُّ إِمْدَادًا، ما الذي حصل؟ فُكَّ الإدغام أَمَدَّ بتحريك فتح الميم وَإِمْدَادًا إِفْعَالاً رجعت الميم كما كانت لماذا؟ لعدم النقل، لماذا لعدم النقل؟ لأنه في الأول حصل عندنا مثلان متتابعان، أَمْدَدَ فشرط الإدغام موجود وهو توالي مِثْلَيْنِ ولكن إِمْدَاد فصل بين المثلين بألف الإفعال فتعذر الإدغام فحينئذٍ ليس عندنا حاجة إلى الإعلال بالنقل. إذًا (أَفْعَلَ يُفْعِلُ إِفْعَالاً) هذا المصدر أطلقه المصنف ولا بد من تقيده وأنه محمول على الصحيح، أما معتلَّ اللام كـ إِقَامَ أَقَامَ يُقِيمُ إِقَامَةً، أو مثال ما كان مثالاً واويًّا كـ أَوْعَدَ يُوْعِدُ إيِعَادًا، أو كان ناقصًا أَنْهَى يُنْهِي إِنْهَاءً فحينئذٍ يختلف الحكم، وأما المضعف هذا لا إشكال فيه. (3/14) ________________________________________ قال: (أَفْعَلَ يُفْعِلُ إِفْعَالاً). ذكر المصنف هنا التعدية، وقلنا: التعدية هذه مراده أنها الهمزة هذه تُصَيِّرُ الفعل اللازم الذي يَرْفَعُ فَاعِلاً فقط ولا يَنْصِبُ مفعولاً تُصَيِّرَهُ متعدِّيًا بواحدٍ، جَلَسَ زَيْدٌ، جَلَسَ هذا فعل ماضي وهو لازم ما معنى لازم؟ لا يتعدَّى لا يَنْصِبُ، لكن لو قلتَ: أَجْلَسْتُ. دخلت الهمزة هذه التي معنا همزة الصَّيْرُورَة أو همزة التعدية ما الذي حصل؟ تعدَّى صار اللازم متعدِّيًا لواحدٍ فَيَنْصِبُ بِنَفْسِهِ، أَجْلَسْتُ زيدًا جَلَسَ زَيْدٌ، فِعْلُ وفَاعِلٌ وهو لازم ليس عندنا مفعول به، فلما دخلت الهمزة أَجْلَسْتُ زَيْدًا صار متعديًا لواحد هي هذه الهمزة التي زيدت هنا، خَرَجَ زيدٌ أَخْرَجْتُ زَيْدًا تعدَّتْ إلى واحد، تُصَيِّرُ المفعول أو الفعل المتعدي لواحد متعديًا إلى اثنين، فَهِمْتُ الْمَسْأَلَةَ، فَهِمْتُ فعل وفاعل والمسألةَ مفعول به، أَفْهَمْتُ بَكْرًا المسألةَ، أَفْهَمْتُ دخلت الهمزة ماذا حصل؟ نَصَبَتْ مفعولين يعني: جعلت الفعل الذي يَنْصِبُ مفعولاً واحدًا جعلته ناصبًا لمفعولين، ما الفرق بين فَهِمْتُ المسألة وأَفَهَمْتُ بكرًا الْمَسْأَلَةَ؟ وجود الهمزة فقط، وهي التي تسمى همزة التعدية الصيرورة. عَلِمَ زَيْدٌ بَكْرًا فَاضِلاً هذا يتعدَّى إلى مفعولين، عَلِمَ فعل ماضي، زَيْدٌ فاعل، بَكْرًا مفعول أول، فَاضِلاً مفعول ثاني. أَعْلَمْتُ زيدًا بَكْرًا فَاضِلاً. أَعْلَمْتُ زيدًا، زَيْدًا هذا كان ماذا؟ كان فاعلاً فصار مفعولاً أول، وبَكْرًا كان مفعول أول صار ثاني، وفَاضِلاً كان مفعول ثاني فصار ثالثًا. إذًا صيرت الفعل المتعدي إلى اثنين متعديًا إلى ثلاثة. إذًا هذا هو المعنى الأول والغالب على باب أَفْعَل الذي أصله في الغالب فعل ثلاثي مجرد تزاد عليه الهمزة فحينئذٍ يصير متعدِّيًا، والمتعدي اللازم يصير متعديًا والمتعدي الواحد يصير متعديًا لاثنين، والمتعدي لاثنين يصير متعديًا لثلاثة. من المعاني التي تكون عليه صيغة أَفْعَلَ التعريض وهو أن تقصد الدلالة على أنك عَرَّضْتَ المفعول لأصل معنى الفعل باع ما أصله؟ [لا، من جهة المصدر] باع المراد به حصول البيع قد تزيد عليه الهمزة فحينئذٍ تدل هذه الهمزة على التعريض والمراد بالتعريض أنك عرضت المفعول به لمعنى أصل الفعل وهو البيع، أَبَعْتُ الثَّوْبَ، أَبَعْتُ الدَّارَ ماذا؟ أَبَعْتُ الدَّارَ بمعنى أنك عرضتها للبيع أَبَعْتُ قد تقول: بِعْتُ الدَّارَ. بِعْتُ الدَّارَ بمعنى أن البيع قد وقع وانتهى لكن أَبَعْتُ الدَّارَ هذا لم يستعمل عندنا لذلك تستنكروه، أَبَعْتُ الدَّارَ بمعنى عرضتها للبيع، حينئذٍ إذا عرضت شيء السيارة ونحوها للبيع فلا تقول: بِعْتُ السَّيَّارة. تقول: أَبَعْتُ السَّيَّارَة. بمعنى عرضتها للبيع فحينئذٍ قصدت بالهمزة التي زدتها هنا قصدت بها الدلالة على أنك عَرَّضْتَ المفعول لأصل معنى الفعل فالدار ماذا؟ عَرَّضْتَهُ لأي شيء؟ للبيع أَرْهَنْتُ الدَّارَ بمعنى أنك عَرَّضْتَ الدار للرهن ونحو ذلك، فحينئذٍ تأتي الهمزة هنا المراد بها التعريض. (3/15) ________________________________________ المعنى الثالث: الصيرورة يعني: صيرورة صاحب الشيء، وهو أن تدل على أن الفاعل قد صار صاحب شيء هو ما اشتق الفعل منه مثل ماذا؟ أَثْمَرَ البستان، أَثْمَرَ أصله ثَمَرَ أو ثَمِرَ أَثْمَرَ البستان بمعنى أن البستان صار ذا ثَمَرٍ فحينئذٍ الهمزة هذه تدل على ماذا؟ تدل على الصيرورة، صيرورة الشيء متصفًا مما اشتق منه الفعل صيرورة الشيء بماذا؟ مصاحبًا لما اشتق منه الفعل، أَثْمَرَ هذا مشتق من ماذا؟ من الثَّمَرِ، أثمر البستان فحينئذٍ البستان صار مصاحبًا لما اشتق منه الفعل وهو الثمر. أَغَدَّ البعيرُ أي: صار ذا غدة. فحينئذٍ المنسوب الذي هو المفعول به هنا قد صار منسوبًا إلى أصل ما اشتق منه الفعل وهو المصدر أَغَدَّ الْبَعِيرُ، أي: صار ذا غدة. أَتْمَرَ مُحَمَّدٌ أي: صار ذا تَمْرٍ. هذا يدل على ماذا؟ على أن هذه الهمزة أفادت الصيرورة أن تدل على أن الفاعل قد صار صاحب شيء هو ما اشتق الفعل منه وهو المصدر، أَثْمَرَ البستان بمعنى أنه صار ذا ثَمَرٍ، وصفت البستان في المعنى، في المعنى وصفت البستان بأنه متصف بمصدر الفعل وصفت البستان بما اشتق منه مصدر الفعل، الفعل هنا أثمر اشتق من ماذا؟ من مصدر وهو الثمرة. الرابع: المصادفة والوجود على صفة. أي أن يجد الفاعل المفعول موصوفًا بصفة مشتقة من أصل ذلك الفعل. أَبْخَلْتُهُ أي وجدتُه بَخِيلاً. يعني: جئتُ لزيد فَأَبْخَلْتُهُ. أي صادفته ووجدته متصفًا أو على حالة وهي صفة ما اشتق منه ذلك الفعل وهو: البخل. أَحْمَدْتُهُ يعني وجدته محمودًا. أعظمته وجدته عظيمًا. أكبرته {أَكْبَرْنَهُ} [يوسف: 31] أكبرته بمعنى وجدته كبيرًا. الخامس: السلب. وهو أن يزيل الفاعل على المفعول أصل الفعل، أَشْكَيْتُهُ بمعنى أَزَلْتُ شَكْوَاهُ، هذه الهمزة تسمى همزة السلب، وهو من باب أَفْعَلَ أي: أزلت شكواه. وأَعْجَمْتُ الكتابَ بمعنى أَزَلْتُ عُجْمَتَهُ، فحينئذٍ تأتي الهمزة للسلب. تأتي أيضًا للدخول في الشيء زمانًا أو مكانًا، أَتْهَمَ زَيْدٌ، أَنْجَدَ عَمْرو، ما معنى هذا؟ أَتْهَمَ ما معنى أَتْهَمَ، يعني: دخل تهامة. أَنْجَدَ أَشْأَمَ يعني دخل الشام. أَمْصَرَ يعني دخل مِصْرًا. أَصْبَحَ أي دخل في الصباح. أَمْسَى أَضْحَى يعني دخل في الضحى، ودخل في المساء. السابع: الحينونة ومعناه أن يقرب الفاعل من الدخول في أصل الفعل أَحْصَدَ الزَّرْعُ يعني قَرُبَ حَصَاده. وأَصْرَمَ النَّخَلُ أي قَرُبَ صِرَامُه. وقد يجيء أَفْعَل مثل فَعَلَ في المعنى وهذا قليل نحو: ظَلَمَ، وأَظْلَمَ، وسَقَاهُ، وأَسْقَاهُ. لأن قد يأتي أَفْعَلَ الأصل في أَفْعَلَ أن يكون مغايرًا في المعنى لفعل هذا الأصل، وإلا فما فائدة الزيادة؟! لا بد من حرف يزاد لا بد له معنى يزيد بهذا المعنى أو ينفرد ويتميز ويستقل عن الثلاثي المجرد، لكن قلة قد يأتي أَفْعَلْ مرادًا به فَعَلَ وليس بينهما فرق مثل أَظْلَمَ وظَلَمَ ليس بينهما فرق وسَقَاهُ وأَسْقَاهُ ليس بينهما فرق. إذًا (البَابُ الأَوَّلُ) هو (أَفْعَلَ يُفْعِلُ إِفْعَالاً، مَوْزُونُهُ أَكْرَمَ يُكْرِمُ إِكْرَامًا. وَعَلاَمَتُهُ) ما ذكره المصنف هنا. (3/16) ________________________________________ (البَابُ الثَّانِي: فَعَّلَ يُفَعِّلُ تَفْعِيْلاً، مَوْزُونُهُ فَرَّحَ يُفَرِّحُ تَفْرٍيحًا). (فَعَّلَ يُفَعِّلُ تَفْعِيْلاً) أيضًا ذكر المصدر هنا (تَفْعِيْلاً) لأنه قياسي وليس بسماعي و (يُفَعِّلُ) بضم الياء يعني: ياء المضارعة حرف المضارعة والعلة هي العلة التي ذكرناها في يُفْعِلُ السابقة (مَوْزُونُهُ: فَرَّحَ يُفَرِّحُ تَفْرٍيحًا. وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ بِزِيَادَةِ حَرْفٍ وَاحِدٍ بَيْنَ الفَاءِ وَالعَيْنِ مِنْ جِنْسِ عَيْنِ فِعْلِهِ). (وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ) يعني: الثلاثي في الأصل. (عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ بِزِيَادَةِ حَرْفٍ وَاحِدٍ بَيْنَ الفَاءِ وَالعَيْنِ) هنا حدد لك أن الحرف الزائد وقع بين الفاء والعين، وقيل: بين العين واللام. وهذا الحرف من جنس العين، كيف يعني من جنس العين؟ يعني: مثله إذا كان خاء فالحرف المزاد يكون خاءً، وإن كان فاء فالحرف المزاد يكون فاءً من جنسه فحينئذٍ إذا وزن في الميزان الصرفي يكون بماذا؟ كيف تزنه في مثل هذا؟ بالتضعيف أن نضعف العين أو اللام، خَرَجَ هذا على وزن فَعَلَ، فإذا أريد زيادته حرفًا من جنس عينه وهو الراء تكون ماذا؟ خَرَّجَ ماذا حصل؟ زدت راء ثانية، إما أن تكون الراء بين الخاء والراء بين الفاء والعين، وإما أن تكون بين الراء والجيم، فحينئذٍ اجتمع عندنا مثلان، الراء والراء، فوجب إدغام الأول في الثاني فقيل: خَرَّجَ على وزن فَعَّلَ، هنا المصنف اختار أن الحرف الزائد يكون بين الفاء والعين لأن أول المتجانسين يكون ساكنًا والساكن هو الأولى أن يكون مزادلاً لأن الأول مدغم في الثاني وعليه يكون الثاني متحركًا والأول ساكنًا ومعلوم أن الحرف المتحرك أقوى من الحرف الساكن فإذا قيل بالزيادة أيهما أولى؟ الأخف الأضعف أم الثقيل الأقوى؟ الأخف فحينئذٍ القول بأن الأول وهو الساكن أنه هو الزائد أولى من أن يقال بأن الثاني هو الزائد لماذا؟ لأن الأول قد أُدغم في الثاني وشرط الإدغام أن يكون الأول ساكنًا والثاني متحركًا فحينئذٍ القول بأن الأول هو الزائد هو أولى. (3/17) ________________________________________ وقيل بين العين واللام لأن الزيادة بالآخر أنسب والغالب في لغة العرب أن تزيد حرفًا في الآخر ولا تزيد في الأول فحينئذٍ تعارض عندنا أمران ولذلك جَوَّزَ سيبويه الأمرين لتعارض الدليلين وإن كان أكثر الصرفيين على أن الحرف الثاني هو الزائد وليس بالحرف الأول بناءً على ما ذُكر من أن العرب إنما تزيد الثاني يعني: أن يكون الحرف متأخرًا أو أن يكون هو الآخر أنسب من القول بأنه هو السابق. وقال الخليل: هو الأول. وهذا مذهب الخليل [خالف أو] خالفه تلميذه سيبويه وجوز الأمرين والجمهور على أن الثاني هو المزاد (بِزِيَادَةِ حَرْفٍ وَاحِدٍ بَيْنَ الفَاءِ وَالعَيْنِ) بين فاء الفعل وعينه (مِنْ جِنْسِ عَيْنِ فِعْلِهِ) فيدغم الأول في الثاني (وَبِنَاؤُهُ لِلتَّكْثِيرِ غَالِبًا) يعني: لا دائمًا للتكثير وسيأتي أن التكثير قد يكون في الفعل وقد يكون في الفاعل وقد يكون في المفعول (وَبِنَاؤُهُ لِلتَّكْثِيرِ غَالِبًا) يعني: لا دائمًا. (وَهُوَ) أي: التكثير. (فِي الفِعْلِ) يعني قد يكون في الفعل (نَحْوُ: طَوَّفَ زَيْدٌ الكَعْبَةَ) هذا فيه إشكال لأنه طَوَّفَ الأصل أنه يتعدَّى بالباء طَوَّفَ زَيْدٌ بِالْكَعْبَة هذا الأصل لكن يبحث في المعاجم على سُمِعَ تعدِّيه أو لا؟ (طَوَّفَ زَيْدٌ الكَعْبَةَ) طوف بمعنى ماذا؟ التكثير هنا حصل في أي شيء؟ في زيد أو في الكعبة أو في الطواف؟ في الطواف، إذًا التكثير وقع هنا في الفعل ولذلك قال: (وَقَدْ يَكُونُ فِي الفَعْلِ). يعني: كثرة وقوع الحدث وتضعيفها يكون في الفعل (طَوَّفَ زَيْدٌ) إذًا زيد واحد وهو فاعل والكعبة واحد فحينئذٍ وقع التطواف كثيرًا دل عليه قوله: (فَعَّلَ). لأن فَعَّلَ يقع للتكثير أي كثرة الطواف لأن الفاعل واحد والمفعول به واحد ومثله: قَطَّعْتُ الثَّوْبَ. الثَّوْبَ واحد والفعل الذي هو التقطيع هو محل التكثير {وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} [يوسف: 31] ... (وَقَدْ يَكُونُ فِي الفَاعِلِ) يعني: قد يكون التكثير في الفاعل (نَحْوُ: مَوَّتَ الإِبْلُ) أي: كثر الموت في الإبل. (مَوَّتَ الإِبْلُ) يعني: الإبل هو الذي وقع عليه الموت فحينئذٍ الموت شيء واحد ومحل الموت الذي هو الإبل متعدد بتعدد أفراده وآحاده وأما الموت فهو شيء واحد حينئذٍ (مَوَّتَ) هذا على وزن فَعَّلَ ودل على التكثير إلا أن التكثير ليس في الفعل وإنما في محله وهو الفاعل حينئذٍ (الإِبْلُ) هنا أي: كثر الموت في الإبل. (وَقَدْ يَكُونُ فِي المَفْعُولِ نَحْوُ: غَلَّقَ زَيْدٌ الأبْوَابَ) في بعض النسخ الباب وليس بصواب ... (غَلَّقَ زَيْدٌ الأبْوَابَ) هنا التكثير في أي شيء في الفعل أو في الفاعل أو في المفعول؟ (3/18) ________________________________________ في المفعول، أي وقد التكثير في الأبواب، يعني الأبواب المغلقة كثيرة وليست بابًا واحدًا، ولذلك على بعض النسخ غَلَّقَ زَيْدٌ الْبَابَ لا يصح أن يكون التكثير في المفعول قد يكون في الفعل نفسه غَلَّقَ الْبَابَ يعني: شدد إغلاق الباب. ممكن أن يحصل هذا أن يكون التغليق إغلاق الباب فيه نوع تكثير ولكن المراد أن يكون الإغلاق أو التغليق هنا الكثرة في المفعول حينئذٍ لا بد أن يكون المحل متعددًا (مَوَّتَ الإِبْلُ) لا بد أن يكون الإبل متعددًا ... (غَلَّقَ زَيْدٌ الأبْوَابَ) لا بد أن يكون الأبواب متعدد وإلا كيف يقع التكثير؟ إذًا نقول كما ذكر المصنف هنا (فَعَّلَ يُفَعِّلُ تَفْعِيْلاً) ذكر أن التفعيل مصدر لِفَعَّلَ، هذا متى؟ نقيده أيضًا إذا كان الفعل صحيحًا غير مهموز لأنه ليس على إطلاقه ليس كل ما كان على وزن فَعَّلَ يكون المصدر منه على التفعيل بل لا بد من تقييد، فمصدر فَعَّلَ الْمَقِيس إن كان فَعَّلَ صحيحًا غير مهموز فهو التفعيل قَدَّسَ تَقْدِيسًا كَلَّمَ تَكْلِيمًا {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيماً} [النساء: 164] ويأتي أيضًا على فِعَّال بكسر الفاء وتشديد العين {وَكَذَّبُواْ} كَذَّبَ فَعَّلَ {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّاباً} [النبأ: 28] فِعَّالَ، إذًا جاء على ماذا؟ على فِعَّالَ. وقُرِأَ (وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَاباً) بالتخفيف فيجيء أيضًا على فِعَال دون فِعَّال إذًا كم هذه {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيماً} جاء على التَّفْعِيل، وجاء على فِعَّال {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّاباً} وجاء على فِعَال بكسر الفاء وتخفيف العين، وقرأ أيضًا الآية بهذا السابق. وإن كان معتلاً فمصدره كذلك لكن تحذف ياء التَّفْعِيل ويُعَوَّضُ عنها التاء فيصير المصدر تَفْعِلَةً تَفْعِيل احذف الياء وعَوِّض عنه التاء صار تَفْعِلَةً، ذَكَّى تَذْكِيَةً تَفْعِلَةً وندر مجيئه بدون تاء. باتت تنزي دلوها تنزيَّا ... كما تنزي شهلة صبيَّ (1) يعني: ليس لإقام الصلاة الأصل هناك إقامة الصلاة هذا الأصل وندر مجيئه بدون تاء هنا كذلك الأصل فيما هو معتل أن يأتي على تَفْعِلَةً وقد يأتي على تَفْعِل بدون تاء وإن كان مهموزًا فمصدره يأتي على التَّفْعِيل والتَّفْعِلَة يأتي على النوعين خَطَّأَ تَخْطِئَةً وَتَخْطِيئًا فيه الاثنان، تَخْطِيئًا تَفْعِيلاً وتَخْطِئَةً تَفْعِلَةً، وجَزَّأَ تَجْزِيئًا تَفْعِيلاً وتَجْزِئَةً. إذًا نقول: مصدر (فَعَّلَ يُفَعِّلُ تَفْعِيْلاً) المصنف أطلق أن التَّفْعِيل يكون لِفَعَّلَ مُطْلَقًا والصواب التفصيل، أن التَّفْعِيل فقط دون التَّفْعِلَة إنما يكون للصحيح غير المهموز وأما ما كان معتلاً فتحذف الياء ويعوض عنها تاء التأنيث فيكون على تَفْعِلَةٍ، والمهموز يأتي على التَّفْعِيل والتَّفْعِلَة، ويزاد على الصحيح غير المهموز نوعان: فِعَّال، وَفِعَال. ومثله أو قوله تعالى: ... {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّاباً}. __________ (1) العين للخليل (3/ 401)، وشرح ابن عقيل (3/ 128)، والخصائص لابن جني (2/ 320). (3/19) ________________________________________ ذكر المصنف معنًى واحدًا من معاني فَعَّلَ وهو التكثير وسبق بيانه ويأتي أيضًا للتعدية فَرِحَ زيدٌ اجعله من باب فَعَّلَ تقول: فَرَّحْتُ زَيْدًا. صار ماذا؟ مثل أَخْرَجْتُ زَيْدًا خَرَجَ أَخْرَجْتُ زَيْدًا فَرِحَ فَرَّحْتُ زيدًا إذًا صار متعديًا، إذًا يأتي التضعيف فَعَّلَ للتعدية فَرَّحْتُهُ وَخَرَّجْتُهُ وَعَلَّّمْتُهُ وَفَهَّمْتُهُ ما كان متعدَّيًا لواحدًا يتعدى إلى اثنين. الثالث: نسبة المفعول إلى أصل الفعل نحو: كَذَّبْتُهُ. يعني: نسبته إلى الكذب. فَسَّقْتُهُ نسبته إلى الفسق، كَفَّرْتُهُ نسبته إلى الكفر، نعم صحيح فَسَّقْتُهُ، بَدَّعْتُهُ، يعني: نسبته إلى ما اشتق منه المصدر. الرابع: السلب قَرَّدْتُ الْبَعِيرَ وجَلَّدْتُهُ أي: أزلتُ قُرَادَهُ. قَرَّدْتُ البعير أي أَزَلْتُ قُرَادَهُ. جَلَّدْتُهُ أي: أزلت جلده. ومنه قَشَّرْتُ الفاكهة بمعنى أزلت قشرها قَشَّرْتُ الفاكهة [مش المراد هذا] بمعنى أزلت قشرها، السلب هذا. الخامس: التوجه. نحو ما أُخِذَ الفعل منه، توجه إلى ما أخذ الفعل منه، تقول: شَرَّقَ خالد بمعنى اتجه نحو الشرق، غَرَّبَ محمد بمعنى اتجه نحو الغرب. تأتي أيضًا لاختصار حكاية المركب هَلَّلَ هذا اختصار لقول: لا إله إلا الله. كَبَّرَ الله أكبر، سَبَّحَ إذًا جاء اختصارًا لحكاية المركب وقد يجيء فَعَّلَ مثل فَعَلَ في المعنى مثل ما جاء أَفْعَلَ مثل فَعَلَ في المعنى ولكنه قليل، قَطَبَ وَجْهُهُ أو وَجْهَهُ وقَطَّبَهُ بمعنى واحد وَفَتَشَ الْمَتَاعَ وَفَتَّشَهُ بمعنى واحد. (البَابُ الثَّالِثُ: فَاعَلَ يُفَاعِلُ مُفَاعَلَةً وَفِعَالاً وَفِيعَالاً). (فَاعَلَ يُفَاعِلُ مُفَاعَلَةً وَفِعَالاً وَفِيعَالاً) ذكر كم مصدر المصنف هنا؟ ثلاثة ظاهره أن الثلاثة كلها مقيسة وليس كذلك، بل الأول هو المقيس (وَفِعَالاً وَفِيعَالاً) الأصل فيهما السماع بل قيل فِيعَال بالياء هذا أصل أنه يكون في ضرورة الشعر دون النثر، إذًا الباب الثالث أو النوع الثالث من الثلاثي الذي زيد عليه حرف واحدٌ (فَاعَلَ) بزيادة الألف بين الفاء والعين مضارعه (يُفَاعِلُ) بضم الياء لما سبق، مصدره (مُفَاعَلَةً) قال: (وَفِعَالاً وَفِيعَالاً). من هذا تأخذ أن المصدر قسمان لباب فَاعَلَ قياسي وهو مُفَاعَلَةً وسماعي وهو: فِعَالاً وفِيعَالاً. وَفِيعَالاً هذا الأصل فيه أنه ناشئ عن فِعَال بكسر الفاء يعني: أشبعت الكسرة فتولدت عنها الياء، الإشباع هو أن تشبع الكسرة فتتولد عنها الياء أو تشبع الفتحة فتتولد عنها الألف أو الضمة فتتولد عنها الواو. هجوت زبان ثم جئت معتذرًا ... من هجو زبان لم تهجو ولم تدع (1) __________ (1) [لم تَهجُو ولم تَدَع] الشاهد أورده البدر في ((توضيح المقاصد)) (1/ 335) وقال محققه: قال العيني في شرح الشواهد (1/ 234): لم أقف على اسم قائله، وفي نشأة النحو ص 59 قائله أبو عمرو بن العلاء للفرزدق، وهو من البسيط. وكذا أورده في ((شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب)) وقال محققه: جزء بيت من البسيط، ينسب لأبي عمرو بن العلاء، يخاطب به الفرزدق وكان الفرزدق قد هجاه، ثم اعتذر إليه، والبيت بتمامه: هجوتَ زبّان ثم جئت معتذرًا ... من هجوِ زبَّان لم تهجو ولم تدع و (زبّان) اسم أبي عمرو بن العلاء على الصحيح. وقد نسب له هذا البيت في نزهة الألباء ص 31 ومعجم الأدباء (11/ 158). والبيت من شواهد معاني القرآن للفراء (1/ 162)، والإنصاف (1/ 24)، والأمالي الشجرية (1/ 85)، وشرح المفصل (10/ 104)، وضرائر الشعر ص 45، وشرح التسهيل لابن مالك 1/ 59، والارتشاف (3/ 277)، وتوضيح المقاصد (1/ 118)، والعيني (1/ 234)، والتصريح (1/ 87)، وهمع الهوامع (1/ 52)، وشرح الأشموني (1/ 103)، وشرح شواهد الشافية ص 406. والشاهد إثبات حرف العلة وهو الواو في (تهجو) مع وجود الجازم. وأورده كل من عباس حسن في النحو الواضح (1/ 185). (3/20) ________________________________________ قيل: الواو هذه إشباع لم تهجو لم حرف جزم وتهجو مثل تدعو لا بد أن يكون مجزومًا بحرف العلة والواو هنا مذكورة تهجو؟ قالوا: هذه الواو للإشباع. تهجو أصل الجيم مضمومة دليل على الواو المحذوفة حينئذٍ هذه الواو ليست أصلاً وإنما هي مزيدة. إذا العجوز غضبت فطلِّقِ ... ولا تَرَضَّاهَا ولا تَمَلَّقِ (1) إذا العجوز غضبت فطلق ولا تَرَضَّاهَا، الألف هذه للإشباع أشبعت ... [الألف] الفتحة ألفًا. ألم يأتيك والأنباء تَنْمِي ... بما لاقَتْ لَبُون بَنِي زياد (2) ألم يأتِكَ هذا الأصل لكن الشاعر يقول: ألم يأتيك. بإثبات الياء، واللام هذه حرف جزم، تقول: هذا جاء للإشباع أصلها كسرة هنا فِيعَال هذه بإشباع الكسرة وأصلها فِعَال حينئذٍ قِتَال قِيتَال أُشْبِعَتْ الكسرة فتولدت عنها الياء فليس وزنًا مستقلاً، إذا قيل بأن الياء هنا ليست من المصدر وإنما هي إشباع الكسرة فحينئذٍ لا يقال بأنه وزنٌ قياسي بل لا يقال: إنه وزن مستقل عن السابق. بل هو عين الأول فِعَال هو عينه فِيعَال ولكنه تفرع عنه بإشباع الكسرة. إذًا مُفَاعَلَةً هذا هو المصدر القياسي وَفِعَالاً وَفِيعَالاً هذا موقوفان على السماع والأصل فِعَال والفِعَال هذا ناشيء عنه بإشباع الكسرة ولذلك سُمِعَ في بعضها دون بعض، يقال مثلاً كما قيل هنا ولذلك يقال (قَاتَلَ يُقَاتِلُ مُقَاتَلَةً) هذا المصدر قياسي (قِتَالاً) هذا مصدر سماعي قِتَالاً (وَقِيتَالاً) هذا ناشئ عن الأول الدليل على أنه مُفَاعَل هو القياس أن كل باب فَاعَلَ قَاتَلَ له مصدر على مُفَاعَلَة وليس كل ما جاء منه مُفَاعَلَةً فله فِعَال ليس كل ما سُمِعَ فيه مُفَاعَلةً فحينئذٍ سُمِعَ فيه فِعَال أليس كذلك؟ فدل ذلك على ماذا؟ دل على أن الأصل هو الْمُفَاعَلَة، وأن الفِعَاَل وَالْفِيعَال هذان موقفان على السماع (قَاتَلَ يُقَاتِلُ مُقَاتَلَةً وَقِتَالاً وَقِيتَالاً) ولذلك ليس كل أيضًا ما سمع فيه قِتَال سمع فيه قِيتَال لأن الإشباع ليس مفتوحًا لكل متكلم الإشباع تشبع الكسرة ياءً بالنقل بالسماع لأن المصادر كلها سواء عللناها بإنها سماعية أو قلنا قياسية لا بد من السماع يعني لا بد من النقل عن العرب، ولذلك سُمِعَ جَاهَدَ يُجَاهِدُ مُجَاهَدَةً وَجِهَادًا ولم يسمع جِيهَاد ما سمع خَاصَمَ يُخَاصِمُ مُخَاصَمَةً وَخِصَامًا ولم يسمع خِيصَامًا، إذًا هل نقول: خِيصَاما؟ ما نقول هذا لماذا؟ لعدم السماع. (وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ بِزِيَادَةِ الأَلِفِ بَيْنَ الفَاءِ وَالعَيْنِ) والألف هذه تسمى ألف الْمُفَاعَلَة، والمراد بالْمُفَاعَلَة كما ذكرها هنا بقوله: __________ (1) اللباب في علل البناء (2/ 109)، والخصائص لابن الجني (1/ 307)، وسر صناعة الإعراب (1/ 78)، والإنصاف لابن الأنباري، وشرح الرضي على الكافية (4/ 25)، وشرح الشافية (3/ 185)، (4/ 409). (2) كتاب سيبويه (3/ 316)، شرح شذور الذهب للجوجري (1/ 222)، وسر صناعة الإعراب لابن جني (1/ 78)، (2/ 631)، وشرح الرضي على الكافية (4/ 26)، وشرح شافية ابن الحاجب (3/ 184)، (4/ 408)، ومغني اللبيب لابن هشام (1/ 146، 506). (3/21) ________________________________________ (وَبِنَاؤُهُ). أي: بناء هذا الباب فَاعَلَ (لِلْمُشَارَكَةِ بَيْنَ الاِثْنَينِ غَالِبًا) كـ (قَاتَلَ زَيْدٌ عَمْرًا) فَاعَلَ (قَاتَلَ زَيْدٌ عَمْرًا) هذه حصلت المشاركة أو لا؟ حصلت المشاركة، كيف حصلت المشاركة قَاتَل، إذًا القِتَال هنا لا بد أن يكون بين اثنين (قَاتَلَ زَيْدٌ عَمْرًا) حصلت المشاركة من حيث إن الفعل أسند في الظاهر إلى فاعل اصطلاحًا وهو في المعنى أيضًا مفعول به، وجُعِلَ المفعول به منصوبًا على جهة الاصطلاح وهو في المعنى أيضًا فَاعِل إلا أن القتال هنا قَاتَلَ إذا قيل: قَاتَل. فلا بد من اثنين كل منهما فَاعِلٌ ومفعول في المعنى، كل منهما فاعل ومفعول إذا قلت: (قَاتَلَ زَيْدٌ عَمْرًا). زيدٌ هذا فاعل اصطلاحًا تقول: (قَاتَلَ) فعل ماضي، و (زَيْدٌ) فاعل وهو في المعنى هو مفعول به، و (عَمْرًا) هذا في الاصطلاح مفعول به وهو في المعنى فاعل، لأن كل منهما قَاتِل ومَقْتُول لا بد أنه حصل عليه شيء من الْمُقَاتَلَة، وأوضح تقول: ضَارَبَ زيدٌ عمرًا. ضَارَبَ فَاعَلَ ضَارَبَ زَيْدٌ عَمْرًا زَيْدٌ ضَارِب وَمَضْرُوب وعَمْرًا كذلك ضَارِب وَمَضْرُوب إذًا كل منهما في المعنى فَاعِل وَمَفْعُول لكن في الاصطلاح لا يمكن هذا، لا يمكن أن يكون للفعل فاعلان بل لا بد من فاعل واحد هذا مجرد الاصطلاح وإلا في المعنى يمكن أن يكون حدث له فاعلان مثل إيجاد الضرب هنا، فَضَرَبَ زَيْدٌ، زَيدٌ هذا في الاصطلاح فاعل وهو في الضمن يعني في المعنى مفعول به، وعَمْرًا هذا في الاصطلاح مفعول به وفي المعنى فاعل، غالبًا وقد يكون للواحد مثل سافر زيدٌ ليس عندنا مشاركة، هاجر عمرو ليس عندنا مشاركة دافع راقب ... إلى آخره عاقب زيد اللص ليس عندنا مشاركة بل هو من واحد. (مِثَالُ المُشَارَكَةِ بَيْنَ الاِثْنَيْنِ نَحْوُ: قَاتَلَ زَيْدٌ عَمْرًا. وَمِثَالُ الْوَاحِدِ نَحْوُ: قَاتَلَهُمُ اللهُ) إذًا المعنى الأول الذي يَرِدُ له فَاعَل هو الْمُفَاعَلَة الْمُشَارَكة وهي نسبة الحدث حدث الفعل الثلاثي إلى المرفوع بالقيام به متعلقًا بالمفعول صراحةً، وإلى المنصوب المفعول به للوقوع عليه متعلقًا بالفاعل ضمنًا على ما ذكرناه. النوع الثاني أو المعنى الثاني الذي يأتي له مُفَاعَل على التكثير ضَاعَفْتُ أجره، مرادًا به التكثير كاثرت إحساني إليه. الثالث: الموالاة. تَابَعْتُ القراءة، يعني وَالَيْتُ بين القراءة. تَابَعْتُ القراءة وَوَالَيْتُ الصَّوْم أي: تابعت بين الصوم. هذه ثلاث معاني مشهورة لباب فَاعَل إذًا الباب الثالث من النوع الأول من الثلاثي المجرد الذي زيد عليه حرف واحد هو باب فَاعَلَ حينئذٍ تتم الأبواب ثلاثةً. فالنوع الأول: ما زيد على الثلاثي المجرد حرف واحدٌ ثلاثة أبواب: باب أَفْعَلَ ويسمى باب الإِفْعَال (أَفْعَلَ يُفْعِلُ إِفْعَالاً، مَوْزُونُهُ: أَكْرَمَ يُكْرِمُ إِكْرَامًا). (البَابُ الثَّانِي) باب (فَعَّلَ) ويُسمَّى باب التَّفْعِيل (فَعَّلَ يُفَعِّلُ تَفْعِيْلاً، مَوْزُونُهُ: فَرَّحَ يُفَرِّحُ تَفْرٍيحًا). (3/22) ________________________________________ (البَابُ الثَّالِثُ: فَاعَلَ) ويُسمى باب الْمُفَاعَلَة بالنسبة إلى المصدر ... (فَاعَلَ يُفَاعِلُ مُفَاعَلَةً) وإلى هنا تقف، وتزيد (وَفِعَالاً وَفِيعَالاً) سماعًا ... (مَوْزُونُهُ قَاتَلَ يُقَاتِلُ مُقَاتَلَةً وَقِتَالاً وَقِيتَالاً). ونقف على هذا. وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. (3/23) ________________________________________ ( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات ) شرح متن البناء عناصر الدرس * النوع الثاني: ما زيد فيه حرفان على الثلاثي المجرد. * أبوابه: انْفَعَلَ ـ افْتَعَلَ ـ افْعَلَّ ـ تَفَعَّلَ ـ تَفَاعَلَ وعلاماتها. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: ذكرنا أن الفعل الثلاثي نوعان: ثلاثيٌ مجرد، وثلاثيٌ مزيدٌ فيه. وذكرنا أن الثلاثي المزيد فيه منحصرٌ في ثلاثة أنواع لأنه بالاستقراء والتتبع أن الزيادة إما أن تكون بحرفٍ واحدٍ فقط، وإما بحرفين اثنين، وإما بثلاثة أحرف، فصارت حينئذٍ الأنواع ثلاثة لأن لكل نوعٍ أوزان تخصه. شرعنا في النوع الأول وهو ما زيد فيه حرفٌ واحد عن الثلاثي المجرد وهو ثلاثة أبواب: الباب الأول: الذي يسمى باب الإِفْعَال، هكذا يعبر عنه الصرفيون قد يمر بك أنت تقول هذا مصدره من باب الإفعال، يعني: من باب أَفْعَلَ يُفْعِلُ إِفْعِالاً، فتعلم أن ماضيه على أربعة أحرف وهو أَفْعَلَ، قلنا سواءٌ كانت الأربعة الأحرف أَفْعَل كلها أصول أم فيها ما هو زائد، هذا في مُفْعِل لَيْسَ في أَفْعَل، أَفْعَل حينئذٍ لا يكون إلا مزيدًا أَفْعَلَ لا يكون إلا مزيدًا يُفْعِلُ إِفْعَالاً، أَفْعَلَ يُفْعِلُ إِفْعَالاً. والباب الثاني: قلنا: إِفْعَالاً هذا فيه تفصيل من جهة كونه للصحيح، وأما إن كان معتلاً أجوف فحينئذٍ له تغيرات تطرأ عليه. الباب الثاني: باب التَّفْعِيل، يُسَمَّى باب التَّفْعِيل لأن ماضيه فَعَّلَ يُفَعِّلُ تَفْعِيْلاً، والتَّفْعِيل هذا ذكرنا أنه للصحيح غير المهموز وما عداه فيه تفصيل. والباب الثالث: الْمُسَمَّى باب الْمُفَاعَّلَة الذي عنون له بقوله: فَعَّلَ يُفَعِّلُ مُفَاعَلَةً وذكر أنه ثلاثة أنواع من المصادر مُفَاعَلَة، وفِعَالاً، وفِيعَالاً، وذكرنا أن الأصل مُفَاعَلَة، هذا هو القياس وما عداه فهو سماعي، بل قيل: إن فِعَال هذا كاد أن يكون كالقياس لكثرته، والفيعال هذا هو فرعٌ عن الأول لماذا؟ لأنه إشباع الكسرة، أراد به إشباع كسرة الفاء فِيعَال، ولذلك الذي يدل على أنه سماعي أن ما كان على وَزْنِ فَاعَلَ فهو مطردٌ في الْمُفَاعَلَة، وبعضها مما كان على وَزْنِ فَاعَلَ سُمِعَ فيه الْمُفَاعَلَة وهو القياس وبعضها وقف عنده ولم يسمع فيه انْفِعَال ولا انْفِيعَال، كوَاعَدَ يُوَاعِدُ مُوَاعَدَةً، وقف هنا ولم يُسمع فيه وِعَاد ولا وِيعَاد بالياء لم يسمع هذا ولا ذاك، وسُمِعَ فيه مُوَاعَدَة فقط فدل على ماذا؟ دل على أن الْمُفَاعَلَة هو القياس وما عداه ليس بقياس، وبعضها سُمِعَ فيه الْفِعَال ولم يُسْمَعْ فيه الْفِيعَال مثل جَاهَدَ يَجُاهِدُ مُجَاهَدَةً، هذا القياس، وسُمِعَ فِعَال جِهَاد ولم يُسمعْ جِيهَاد، فدل على أنه سماعي وليس بقياسي، وبعضها سُمِعَ فيه ثلاثة كقَاتَل يُقَاتِل مُقَاتَلَةً وقِتَالاً وقِيتَالاً قِيتَالاً هذه نقول ماذا؟ الْقِتَال والْقِيتَال قِيتَال هذا إشباع الياء هذه إشباعٌ لكسرة القاف قِيتَال كأنه صَيَّرَهَا ياءً. إذًا دلَّ على ماذا؟ (4/1) ________________________________________ دَلَّ على أن القياس هو الأول مُفَاعَلَة، وما عداه وهو الْفِعَال، والْفِيعَال هذا سماعي وليس بقياسي، وانْفِعَال يَرِدُ في النَّثْرِ وفي الشِّعْرِ، والْفِيعَال بالكسرة قيل هذا خاصٌ بالشِّعْرِ، لكن المشهور عند الصرفيين إطلاقه إذ لا يقيدونه بالشعر، لكن شيخ مثل الحسن # 4.47 يقول: لا بد بتقييده بالشعر ولا يعمم. والْمُفَاعَلَة هذا الْمُفَعَالَة وزن أو مصدرٌ مقيسٌ في الصحيح كَاتَبَ يُكَاتِبُ مُكَاتَبَةً، ومثل الصحيح المهموز سَائَلَ يُسَائِلُ مُسَائَلَةً، ومثله المثال الوَاوِيّ وَاعَدَ، يُوَاعِدُ، مُوَاعَدَةً، ومثله الأَجْوَف قَاوَمَ يُقَاوِمُ مُقَاوَمَةً، هذه كلها لا تختلف لم يطرأ عليها أي تغيير وإنما طرأ تغيير في الناقص فقط في الناقص، رَابَى يُرَابِي مُرَابَاةً، مُرَابَاة، والأصل مُرَابَيَةٌ تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلب الياء ألفًا. إذًا حصل إعلالٌ بالقلب حَابَى يُحَابِي، مُحَابَاةٌ، مُحَابَاة هذا مُفَاعَلَة كيف جاء؟ تقول: أصله مُحَابَيَةٌ تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت الياء ألفًا، قلبت الياء ألفًا. إذًا باب يُفَاعَلَ يستوي فيه جميع الأنواع أنواع الفعل الصحيح والمهموز والمثال الواوي والأجوف، ويبقى ماذا؟ الناقص يحصل إعلالٌ بالقلب، وهو قلب الياء ألفًا، هذا ما يتعلق بباب المُفَاعَلَة. النوع الثاني: من الأنواع الثلاثة التي هي ما زيد على الثلاثي - قلنا ثلاثة أنواع: ما زاد أو زيد عليه حرفٌ واحدٌ، وهذا ثلاثة أبواب، وشرع في بيان ما زِيد فيه حرفان على الثلاثي. النوع الثاني: من الأنواع الثلاثة: (وَهُوَ مَا) أي الفعل الذي (زِيدَ فِيهِ حَرْفَانِ عَلَى الثُّلاثِيِّ الْمُجَرَّدِ) فصار به، بهذه الزيادة خمسة أحرف، إذًا هذا الخماسي والذي هو النوع الأول الرباعي وذكرنا أن الرباعي نوعان: رباعي مجرد، ورباعي مزيدٌ فيه، وهنا الخماسي كم نوع؟ [نوعان]؟ كيف نوع واحد؟ ... قلنا الخماسي قلنا: الرباعي نوعان: رباعيٌ مجرد، ورباعيٌ مزيدٌ فيه، وهو الثلاثي الذي زيد عليه حرفٌ، وهنا الخماسي نوعان صحيح؟ نوعٌ واحد لماذا؟ لأن الفعل ليس فيه خماسيٌ مجرد. كل فعلٍ على خمسة أحرف فاحكم بأن حرفًا منها زائد، وإنما هذا في الأسماء فقط، الفعل الأصول الذي لا حرف فيه زائد نوعان فقط ولا ثالث لهم: إما ثلاثة أحرف. وإما أربعة أحرف. وأما خمسة أحرف فلا وجود له في الفعل، إذًا النوع الثاني هذا خماسي ولا يكون إلا مزيدًا فيه (وَهُوَ) أي النوع الثاني وهو الخماسي (خَمْسَةُ أَبْوَابٍ) يعني معدودةٍ بالخمسة، (خَمْسَةُ أَبْوَابٍ) الباب هنا المراد به النوع بحسب الاستقراء والتتبع لو قال قائل ما الدليل على أنها محصورةٌ في خمسة؟ نقول: هذا هو المشهور في لسان العرب بحسب التتبع الاستقراء نظر الصرفيون في ما نُقِلَ عن العرب فإذا به لا يكون إلا واحدًا من هذه الخمسة الأبواب. (4/2) ________________________________________ (البَابُ الأَوَّلُ) باب الانْفِعَال يُسَمَّى باب الانْفِعَال دائمًا تُسَمَّى بالمصادر، الأبواب كلها باب الإِفْعَال، وباب التَّفْعِيل، وباب الْمُفَاعَلة تضاف إلى المصادر لماذا؟ لأن المصدر هو الأصل بدلاً من أن يقال باب فَعَّلَ، وفَعَّلَ هذا فعلٌ ماضي ومعلومٌ عن البصريين أن الفعل مشتقٌ من المصدر والمصدرُ الأصلُ وأيُّ أصلِ ... ومنهُ يا صاحِ اشتقاقُ الفعلِ (1) وَكَوْنُهُ أَصْلاً لِهَذَيْنِ انْتُخِبْ (2) إذًا المصدر أصل والفعل فرع، والمشهور أنه يذكر ثالثًا فَعَّلَ يُفَعِّلُ تَفْعِيْلاً، أَكْرَمَ يُكْرِمُ إِكْرَاْمًا يذكر في اللفظ ثالثًا لكنه من جهة الاشتقاق هو الأول، ولذلك يصح أن يقال مُفَاعَلَةً فَاعَل يُفَاعِلُ يصح أن تأتي بالمصدر أولاً، ... بل هو هذا الأصل ولكن طرد البصريون أو جَرَوا على ما جَرَى عليه الكوفيون من ذكر المصدر ثالثًا، وهو الذي يُذكر ثالثًا في تصريف الفعل، يذكر من جهة الذكر فقط وليس المراد أنه يكون مُشتقًا مما سبق، فإذا قيل ضَرَبَ يَضْرِبُ ضَرْبًا ليس المراد أن ضَرْبًا هذا مشتق من ضَرَبَ، وإنما يذكر ثالثًا، ولذلك لو قيل الضَّرْبَ ضَرَبَ يَضْرِبُ لصح ولا إشكال، فحينئذٍ هنا يقال باب الانْفِعَال بالإضافة إلى المصدر يعني: يسمى الباب بالمصدر، لأنه الأصل في الاشتقاق، المصدر هو الأصل في الاشتقاق فحينئذٍ (انْفَعَلَ يَنْفَعِلُ) هذان الفعلان مشتقان من الانْفِعَال. (البَابُ الأَوَّلُ) باب الانْفِعَال (انْفَعَلَ) أصله فَعَلَ، الفاء والعين واللام أصول وقد زيد عليهم حرفان وهو الهمزة همزة الوصل والنون، إذًا زيد عليه حرفان من أوله الهمزة همزة الوصل والنون، (يَنْفَعِلُ) بفتح الياء للقاعدة أن الفعل المضارع حرف المضارعة الأصل فيه أنه ساكن فحينئذٍ لا بد من تحريكه لأنه يُبتدئ بساكن فينظر إلى ماضيه إن كان ثلاثيًا أو خماسيًا، أو سداسيًا حينئذٍ تُفتح أو يُفتح حرف المضارعة فيقال ذَهَبَ يَذْهَبُ بفتح الياء، ... و (انْفَعَلَ) انْطَلَقَ يَنْطَلِقُ بفتح الياء، وكذلك في السداسي اسْتَغْفَرَ يَسْتَغْفِرُ أَسْتَغْفِرُ نَسْتَغْفِرُ يَسْتَغْفِرُ كلها بفتح حرف المضارعة ولا يستثنى إلا الرباعي فقط إذا كان ماضيه رباعيًا فحينئذٍ تُضم أو يُضم حرف المضارعة وَضمُّهَا مَنْ أَصْلِهَا الرُّبَاعِي ... مثلُ نُجِيبُ مِنْ أَجَابَ الدَّاعِي وما سواه ما سوى الرباعي وَمَا سِوَاهُ فَهْيَ مِنْهُ تُفْتَتَحْ ... ولا تُبَلْ أَخَفَّ وَزْنًا أَمْ رَجَحْ (3) إذًا إذا قيل: (انْفَعَلَ يَنْفَعِلُ) ليس هو كَأَفْعَلَ يُفْعِلُ الحرف حرف المضارعة واحد ضُمَّ هناك ولم يُضَمّ هنا بل فُتِحَ نقول: هذا طردًا للقاعدة، وهو أن الحرف المضارعة إذا كان ماضيه ثلاثيًا أو خُماسيًا أو سُداسيًا يُفتح، والرباعي يُضم. __________ (1) ملحة الإعراب باب المصدر البيت 133. (2) الألفية بيت 287. (3) ملحة الإعراب البيتان 38، 39. (4/3) ________________________________________ (انْفِعَالاً) انْفِ بكسر الهمزة همزة الوصل وكسر الفاء كانت مفتوحة في الماضي انْفَ كانت مفتوحة في الماضي يَنْفَ في المضارع كذلك انْفِ بكسر الثالث ولذلك يقال ما كان في أوله همزة وصلٍ فمصدره يكون حينئذٍ بزيادة همزة الوصل أيضًا مع كسر ثالثه وزيادة حرف مدٍ قبل آخره، هذه قاعدة عامة هنا في باب الانْفِعَال والافْتِعَال والاسْتِفْعَال قاعدة واحدة، كل فعلٍ ماضٍ افتُتِح بهمزة الوصل فحينئذٍ المصدر يكون بماذا؟ بكسر ثالثه ويبقى كما هو بهمزة الوصل بكسر ثالثه مع زيادة حرف مدٍ قبل آخره، انظر (انْفِعَال) انفِ (انْفَعَلَ) انظر (انْفَعَلَ) اكسر الفاء انفِ ثم زد ألفًا بين العين واللام فصار (انْفِعَالاً) صار الانفعال، هذا هو الضابط في الخماسي والسداسي، وكذلك باب افْتَعَلَ يكون المصدر على زنة ماضيه يعني: مفتتحًا بهمزة الوصل ويكسر ثالثه مع زيادة حرف مدٍ قبل آخره، فقيل (انْفِعَالاً) انظر (انْفَعَلَ) و (انْفِعَالاً) هذا المصدر والفعل الماضي كما هو بهمزة الوصل ولم يتغير، ولذلك نقول الهمزة في (انْفَعَلَ) والانْفِعَال كذلك في الأمر والمصدر والماضي كلها نقول على أنها همزة وصل وليست بهمزة قطع، ولذلك يقال انْفَعَلَ انْفَعِلْ، انْطَلِقْ نقول هذه الهمزة همزة وصلٍ لماذا؟ لأن الماضي ننظر إلى الماضي إن كان مفتتحًا بهمزة وصلٍ فحينئذٍ نحكم عليه في ماضيه $ 16.06 ومضارعه إن كان وخماسييه ومصدره. في الماضي الذي هو خماسي انْفَعَلَ وفي الأمر وفي المصدر ثلاثة أشياء، في الماضي وفي الأمر منه انْطَلِقْ وفي المصدر، ثلاثة أشياء، وأما المضارع فهمزته همزة قطع أَنْطَلِقُ، هذه الهمزة همزة قطع لماذا؟ لأن الهمزة التي للمتكلم تزاد في ((أنيت)) نقول: هذه الهمزة همزة قطع وليست بهمزة وصلٍ، إذًا نقول القاعدة ما كان مفتتحًا وهو ماضي ما كان مفتتحًا بهمزة الوصل فأمره ومصدره مع ماضيه همزته همزة وصل، وأما المضارع فلا فتكون همزته همزة قطعٍ. (انْفَعَلَ يَنْفَعِلُ انْفِعَالاً) هذا باب الانْفِعَال وهو هذا البناء لا يتعدى البتة وإنما يكون لازمًا لا يكون مُتَعَدِّيًّا وإنما يكون ملازمًا للزوم فلا ينصب مفعولاً به. (مَوْزُونُهُ) يعني: ما يُوزَنُ ذلك ميزان (انْكَسَرَ) موزنه أي موزون ... (انْفَعَلَ يَنْفَعِلُ انْفِعَالاً)، (انْكَسَرَ يَنْكَسِرُ انْكِسَارًا) هذا مثال، وليس المراد الحصر في هذا وإنما عنون الصرفيون لكل باب مثالاً يَخْتَصُ به فإذا أطلق فحينئذٍ انصرف إليه فإذا قيل هذا من باب انكسر أو من باب الانكسار تعلم أنه من باب (انْفَعَلَ يَنْفَعِلُ انْفِعَالاً) وإن كان (انْفَعَلَ يَنْفَعِلُ) هو الأصل لأنه هو الميزان هو الذي يوزن به الشيء وانكسر هذا موزونه، والأصل في التقعيد أنما يُعلم الميزان أو الموزون؟ الميزان هذا هو الأصل، إنما يذكر الموزون مثالاً فقط، مثال ولذلك لا يذكر في كتب النحاة وفي كتب الصرفيين والبيانيين أيضًا لا يكثرون من الأمثلة لأن هذا من شأن الطالب، إنما يُذكر له التأصيل وتُذكر له القاعدة ويُمَثَّلُ له بمثالٍ واحدٍ فقط بمثالٍ فقط ولا يشترط أن يأتي بمثالين أو ثلاث (4/4) ________________________________________ مُبْتَدَأٌ زَيْدٌ وَعَاذِرٌ خَبَرْ ... إِنْ قُلْتَ زَيْدٌ عَاذِرٌ مَنْ اعْتَذَرْ (1) في مثال واحد ولا يطلب التعدد لماذا؟ لأنه لو جاء بمثالين أو ثلاثة وأربعة في الكتب لخرجت عن أصلها من جهة الاختصار وإنما هذا من شأن الطالب، وليس من شأن المعلم أيضًا أن يُكثر من الأمثلة - كما أُلام في النحو وفي غيره - ليس من شأن المعلم أن يكثر من الأمثلة وإنما من شأن الطالب يأخذ القواعد الصرفية والبيانية والنحوية ثم يذهب في بيته ويستخرج سواء كان من نصوص شعرية، من نصوص نثرية يأخذ صورة ويطبق عليها قواعده الصرفية قواعده النحوية قواعده البيانية .. إلى آخره. (مَوْزُونُهُ انْكَسَرَ يَنْكَسِرُ انْكِسَارًا. وَعَلاَمَتُهُ) التي تُمَيِّزُ هذا الباب عن غيره من الأبواب (أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى خَمْسَةِ أَحْرُفٍ) ثلاثة أصلية ... وحرفان زائدان، (عَلَى خَمْسَةِ أَحْرُفٍ) يعني: معدود بالأحرف، ولذلك جاء بأَفْعُل ولم يقل حروف لأنه جمع قِلَّة وما كان على خمسة أحرف حينئذٍ يعبر عنه بجمع القلة وهو أولى ويصح أن يقال خمسة حروف على الصحيح وهو أن مبدأ جمع القلة وجمع الكثرة الثلاثة وباعتبار الانتهاء [لا نهاية] جمع الكثرة لا نهاية له وجمع القلة يقف عند العشرة، والمشهور عن النحاة أهل اللغة أن جمع الكثرة يبدأ من أحد عشر وجمع القلة يبدأ من الثلاثة، وهذا خلاف الصواب (وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى خَمْسَةِ أَحْرُفٍ) يعني: ثلاثة أصلية وحرفان زائدان، (بِزِيَادَةِ)، (عَلَى خَمْسَةِ أَحْرُفٍ بِزِيَادَةِ) الباء سببية يعني: كان على خمسة أحرف بسبب ليست أصلية كلها وإنما بسبب زيادة (الهَمْزَةِ) همزة الوصل (فِي أَوَّلِهِ) (وَالنُّونِ فِي أَوَّلِهِ) يعني: على جهة التتابع وإلا الأول هو الهمزة همزة الوصل والثاني هو النون، إذًا ... (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ وَالنُّونِ فِي أَوَّلِهِ) يعني: في محلٍ قريبٍ من أوله، ليس في الأول لأن الأول هو الطاء وإذا زدت الألف والنون في الأول يعني محل الأول هو الطاء هل أزلت الطاء وجئت بالألف والنون؟ __________ (1) الألفية البيت 113. (4/5) ________________________________________ الجواب: لا. إنما في المحل القريب من أوله هكذا ذكر الشراح، (وَبِنَاؤُهُ لِلمُطَاوَعَةِ) بفتح الواو (وَبِنَاؤُهُ) أي: بناء هذا الوزن (لِلمُطَاوَعَةِ)، ... (وَبِنَاؤُهُ) يعني: هذه الصيغة لما جعلها العرب زِيدت على الثلاثي المجرد الألف والنون في أوله الهمزة والنون فقيل (انْفَعَلَ) بأي شيءٍ جعلوا هذا الوزن قال: (لِلمُطَاوَعَةِ). (وَبِنَاؤُهُ) أي صيغته كائنٌ لأن يكون مطاوعًا، وهي عبارةٌ عما لم يمنع عن قبول الأثر، (وَمَعْنى المُطَاوَعَةِ) هنا فسرها في اللغة الموافقة مطاوعة طاوعه يعني وافقه (وَمَعْنى المُطَاوَعَةِ) في اللغة الموافقة، وأما في الاصطلاح عندهم عند الصرفيين إذا أطلق الصرفيٌ لفظ المطاوعة فحينئذٍ ينصرف إلى ما ذكره المصنف وهو (حُصُولُ أَثَرِ الشَيْءِ عَنْ تَعَلُّقِ الفِعْلِ المُتَعَدِّي بِمَفْعُولِهِ). (حُصُولُ) بمعنى إيجاد (أَثَرِ الشَيْءِ) الذي هو مدلول الفعل المطاوَعة بفتح الواو (عَنْ تَعَلُّقِ) هذا جار مجرور متعلق بقوله: (حُصُولُ). (عَنْ تَعَلُّقِ الفِعْلِ المُتَعَدِّي) الذي هو الإيجاد والتأثير كالكسر (بِمَفْعُولِهِ) بمفعول الفعل المطاوعة، مثاله - بالمثال يتضح المقال - (نَحْوُ: كَسَرْتُ الزُّجَاجَ فَانْكَسَرَ) انكسر هو انفعل هو محل الشاهد هو الذي وقع مطاوعًا وانكسر هو المطاوِع و (كَسَرْتُ) هو المطاوَع بفتح الواو، إذًا عندنا مطاوِع ومطاوَع أليس كذلك (كَسَرْتُ الزُّجَاجَ فَانْكَسَرَ) انكسر هذا دل على قبول وتأخير الفعل الذي هو كَسَرْتُ في محله الكسر أين محله؟ (الزُّجَاجَ) لو قيل لك هل كل كسرٍ يُؤَثِّر؟ قد لا يؤثر يأتي ضعيف يكسر الخشب فلا ينكسر، أقول: كسرته فلا ينكسر إذًا لم يقبل أثر قولي كسرته لأن ليس كل حدث حينئذٍ يحصل يكون متعديًا فيكون المحل الذي نزل به الحدث يكون قابلاً له، إن قَبِلَ وتأثر فحينئذٍ سمي مطاوعًا، نقول: ... (كَسَرْتُ الزُّجَاجَ) الكسر معلومٌ معناه وقع على أي شيء على الزجاج قد تكسر الزجاج من أول مرة فلا ينكسر اشمعنى لا ينكسر؟ يعني لا يقبل الكسر، إذا قبل الكسر حينئذٍ نقول: تأثر الزجاج فقبل ماذا؟ الحدث الذي عَبَّرَ عنه بقوله: (كَسَرْتُ). (حُصُولُ أَثَرِ الشَيْءِ) ما هو أثر الشيء هنا الذي هو التأثر والقبول، (حُصُولُ أَثَرِ الشَيْءِ) وجود وقبول وتأثير (عَنْ تَعَلُّقِ الفِعْلِ المُتَعَدِّي) مثل كسرت الزجاجة (بِمَفْعُولِهِ) بالزجاج، فحينئذٍ إذا ترتب الأثر لكسرت على المفعول به نقول: انكسر الزجاج، والمعتدي الأول كَسَرْتُه هذا متعدي وانكسر الزجاج هذا لازمٌ، والمطاوِع لا يكون إلا لازمًا فدل على أن الذي قَبِلَ الأثر أثر الكسر هو الذي يُعَبَّر عنه بكونه مطاوعًا، و (كَسَرْتُ) هذا مطاوَعًا فتحت الباب فلم ينفتح يصح الكلام؟ فتحت الباب ولم ينفتح يصح؟ يصح الكلام لماذا؟ الباب قد يقبل الفتح وقد لا يقبل، فحينئذٍ هل طاوَع فعلي فتحت، هل طاوَع؟ هل قبل الأثر؟ لم يقبل الأثر. فَتَحْتُ الْبَابَ فانْفَتَحَ الْبَاب، إذًا قبل التأثير أو لا؟ قبل. (4/6) ________________________________________ هذا هو المراد بالمطاوَعة هذا المراد بالمطاوِع إن كان الحدث الذي نزل على المفعول به تقبله المفعول به وصار متأثرًا وقابلاً لذلك الحدث سمي مطاوِعًا وإلا فلا يسمى مطاوِعًا. (حُصُولُ أَثَرِ الشَيْءِ) قال الأول: (بِنَاؤُهُ لِلمُطَاوَعَةِ) (بِنَاؤُهُ) أي بناء هذه الصيغة (انْفَعَلَ) (لِلمُطَاوَعَةِ) المراد وعرفننا الآن المطاوعة حقيقتها إذًا قوله: (وَبِنَاؤُهُ لِلمُطَاوَعَةِ) أي للدلالة على التأثر وقبول الأثر، فإن قبل أثر الفعل المتعدي سمي مطاوِعًا وإلا فلا (وَمَعْنى المُطَاوَعَةِ: حُصُولُ أَثَرِ الشَيْءِ عَنْ تَعَلُّقِ الفِعْلِ المُتَعَدِّي بِمَفْعُولِهِ) (حُصُولُ أَثَرِ الشَيْءِ) هو هذا التأثير هو هذا القبول ما سبب هذا الحصول؟ ما سبب هذا القبول؟ هذا التأثير؟ (تَعَلُّقِ الفِعْلِ المُتَعَدِّي) كسرت تعلق بماذا؟ (بِمَفْعُولِهِ) الذي هو الزجاج لأنه إذا قيل كسرت وإذا لم يتعلق بشيء لا يمكن أن يحصل انكسار، هل يمكن؟ ما يمكن، فتحتُ، فتحت ماذا؟ لا بد من مفعولٍ به يقبل هذ الفتح، فحينئذٍ (كَسَرْتُ الزُّجَاجَ) لا بد أن يكون متعديًا وانكسر الزجاجُ لا يكون إلا لازِمًا (نَحْوُ: كَسَرْتُ الزُّجَاجَ فَانْكَسَرَ) هذا محل الشاهد وهو المطاوِع بكسر الواو و (كَسَرْتُ) هذا مطاوَع (تَعَلّقِ) ماذا؟ (كَسَرْتُ) بـ (الزُّجَاجَ) لماذا؟ لأنه مفعول به له، وانكسر هذا حصل أثر الشيء عن تعلق الفعل المتعدي بمفعوله، أثر. إذًا (كَسَرْتُ) مؤثر (الزُّجَاجَ) مُتَأَثِرْ (فَانْكَسَرَ) هذا هو الأثر (كَسَرْتُ) هذا مؤثر (الزُّجَاجَ) هذا محلٌ لقبول الأثر أو المتأثر (فَانْكَسَرَ) أي قبل الأثر (فَانْكَسَرَ ذَلِكَ الزُّجَاجُ، فِإِنَّ انْكِسَارَ الزُّجَاجِ أَثَرٌ) مترتبٌ وحاصلٌ (عَنْ تَعَلُّقِ الكَسْرِ الَّذِي هُوَ الفِعْلُ المُتَعَدِّي بِمَفْعُولِهِ) لأن القاعدة العامة أنه ليس كل فعلٍ متعدٍ يتأثر به مفعوله، ليس كل فعلٍ متعدٍ ينصب مفعولاً به فحينئذٍ يقبل المفعول أثر ذلك الحدث، لا، قد يقبل وقد لا يقبل، إذا قبل فحينئذٍ نقول: هذا المطاوِع وإلا فلا (عَنْ تَعَلُّقِ الكَسْرِ الَّذِي هُوَ الفِعْلُ المُتَعَدِّي بِمَفْعُولِهِ.) وذلك الحصول هو المطاوَعة وقد يعبر عنها بالتأثر وقبول الأثر، إذًا نقول المطاوَعة التي بُنِيَ لها الفعل (انْفَعَلَ يَنْفَعِلُ انْفِعَالاً) صار بها لازمًا وملازمًا للفاعل فلا يتعداه إلى مفعولٍ به. لا يبنى هذا الفعل في المطاوَعة إلا في الأفعال العلاجية يُعبر عنها بالأفعال العلاجية لأنه إذا قيل انكسر، كسرت الزجاجة فانكسر أمرٌ حسي أو معنوي؟ حسي، إذا هناك كانت هناك علاج كسرتُ فانكسر فتحتُ فانفتح، قد لا ينفتح من مرة واحدة أليس كذلك؟ إذًا لا بد من معالجة وهذه المعالجة تكون باليد بالرجل .. إلى آخره بالحواس تكون حسية أمور ظاهرة، (انْفَعَلَ) مبنيٌ على .. (4/7) ________________________________________ إذا كانت المطاوعة في الأفعال العلاجية الحسية الظاهرة البيّنة، وأما الأمور المعنوية التي لا تُدرك بالحس فلا يأتي المطاوِع إلى وزن انفعل بل له أوزانٌ أُخر، عَلَّمْتُهُ لا يقال فانعلم عَلَّمْتُهُ إذًا هذا مثل فتحتُ وكسرتُ عَلَّمْتُ زيدًا هل يتعلم أو لا يتعلم؟ يحتمل عَلَّمْتُه سنين فلم يتعلم يحتمل أو لا؟ يحتمل، وعَلَّمْتُهُ فتعلم، فتعلم هذا سيأتي أنه مطاوِعٌ لعَلَّمَ فَعَّلَ، لكن لا يأتي منه فانعلم لماذا؟ لأن العلم أمرٌ معنوي هو مثل (كَسَرْتُ الزُّجَاجَ فَانْكَسَرَ) من جهة كون ماذا؟ كون المفعول به يقبل التأثير فزيد هذا محلٌ لإلقاء العلم يتلقى العلم عنده إدراكات، فحينئذٍ إذا عَلَّمْتُ زيدًا مثل كسرتُ الزجاجَ فانْكَسَرَ هنا جاء على وزن انْفَعَلَ لماذا؟ لأن العلاج هنا أمر حسي ولكن هل يقال عَلَّمْتُهُ فانْعَلَمَ مثل انْفَعَلَ هناك في انْكَسَرَ؟ الجواب: لا، لا لكون لا يقبل المطاوعة، لا يقبل المطاوعة لأنه قد يتأثر زيد فيتعلم وقد لا يتأثر، قد يقبل وقد لا يقبل مثل الزجاج ينكسر ولا ينكسر، لكن لما كان العلم من الأمور المعقولة والمعنوية وهذه المطاوَعة إذا كانت في الأمور المعنوية التي لا تُدرك بالعلاج بالحس فلا يأتي على وزن انْفَعَلَ. فحينئذٍ نقول: المطاوَعة نوعان: - مطاوَعةٌ في الأفعال العلاجية الحسية. - ومطاوعةٌ في الأمور المعنوية التي لا تدرك بالحس وإنما تكون من قبيل المعقول. باب انفعل بناؤه للمطاوَعة مطلقًا للنوعين؟ نقول: لا، بل بالنوع الأول وهو الذي يكون بالعلاج، الأفعال العلاجية، إذًا انْفَعَلَ لا يُبْنَى في غير الأفعال العلاجية التي لها آثار ظاهرةٌ للحسِ لأن وضعه لَمَّا - هكذا علل الصرفيون - لأن وضعه لَمَّا كان بمعنى التأثير خصوه بفعلٍ يظهر أثره تقويةً للمعنى الموضوع له، فلا يقال انْعَلَمَ عَلَّمْتُ زيدًا فانْعَلَمَ ولذلك خَطَّئوا انْعَلَمَ، عَلَّمْتُهُ يعني ممكن تعلمها # 33.50 ... إلى آخره، تقول: فانعدم؟ قالوا: لا لأن الانعدام إذا عبر عنه بهذا أمرٌ معنوي أمرٌ معقول وليس بحسي لأنه إذا عدم الشيء خرج من الوجود إلى العدم والعدم لا يدرك بالحس وإنما يُدْرَكُ بالعقل لا يدرك بالحس فلذلك خطئوا أن يقال انْعَدَمَ، ولا يقال انْعَلَمَ ولا يقال فَهَّمْتُ زيدًا فانْفَهَمَ لماذا؟ لأن هذه كلها أمور غير حسية فلا يقال انْعَلَمَ ومن ثم قيل انْعَدَمَ خطأٌ. إذا عرفنا أن انْفَعَلَ يأتي مطاوِعًا يعني يُطلق الفعل فيأتي انْفَعَلَ في مقابلته، هل كل فعلٍ يطاوِعه انْفَعَلَ أم أنه خاص؟ خاص بثلاثة أفعال المشهور، يعني تقول: انْفَعَلَ مطاوِعٌ لثلاثة أبوابٍ أو أنواع، يأتي مطاوِعًا لباب فَعَلَ بفتح العين فَعَلَ كَسَرْتُهُ فانْكَسَرَ، إذًا انْكَسَرَ جاء مطاوِعًا، ما هو المطاوَع؟ كَسَرَ على وزن ماذا؟ على وزن فَعَلَ الآن كلامنا في فَعَلَ نفسه، هل انْفَعَلَ يكون مطاوِعًا لكل فِعْلٍ لكل وَزْنٍ؟ الجواب: لا، وإنما يغلب في ثلاثة أبواب: كَسَرْتُهُ فانْكَسَرَ، إذًا انْكَسَرَ وقع مطاوِعًا لباب فَعَلَ، صَرَفْتُهُ فانْصَرَفَ، قَطَعْتُهُ فانْقَطَعَ هذه كلها من باب فَعَلَ. (4/8) ________________________________________ الثاني: فَعَّلَ عَدَّلْتُهُ فَانْعَدَلَ. فَانْعَدَلَ يكون غير مستقيم تقول: عَدَّلْتُهُ فَانْعَدَلَ، ثم تراه مستقيمًا إذًا انْعَدَلَ هذا أمر حسي تراه بعينك مستقيم، عَدَّلْتُهُ من باب فَعَّلَ فَانْعَدَلَ إذًا وقع انْفَعَلَ مطاوِعًا لباب فَعَّلَ، ويأتي على قلة مطاوِعًا لباب أَفْعَلَ أَزْعَجْتُهُ فَانْزَعَجَ، أَفْجَرْتُهُ فَانْفَجَرَ، أَغْلَقْتُ الباب فانْغَلَقَ. إذًا هذه ثلاثة أبواب فَعَلَ وهذا هو الأكثر والشائع في لسان العرب أن يكون انْفَعَلَ مطاوِعًا لباب فَعَلَ، وقد يكون لباب فَعَّلَ، وقد يكون لباب أَفْعَلَ. إذًا عرفنا أن باب الانْفِعَال هنا إنما يكون مطاوِعًا ولا يُبنَى في غير الأفعال العلاجية التي تدرك بالحس، ومثل هنا المصنف بالكسر والانكسار. الكسر هذا مصدر والانكسار هذا أيضًا مصدر، الكَسْر هذا مصدرٌ لكَسَرَ والانْكِسَار مصدرٌ لانْكَسَرَ. الكسر هذا مصدرٌ بمعنى الإيقاع والتأثير فهو مطاوِع، والانْكِسَار هو التأثر وقبول الأثر فهو مطاوَعٌ هذا هو الباب الأول. قال: (البَابُ الثَّانِي). من الأبواب الخمسة (افْتَعَلَ يَفْتَعِلُ افْتِعَالاً) ... (افْتَعَلَ) الفاء أصلية والعين أصلية واللام أصلية، فحينئذٍ زيد عليه حرفان - هذه ثلاثة أحرف - زيد عليه حرفان الهمزة همزة الوصل في أوله والتاء بين الفاء والعين، فصار خمسة أحرف فسمي خُماسيًا بهذا، (يَفْتَعِلُ) هذا هو المضارع بفتح حرف المضارعة لما ذكرناه لأنه خماسي (افْتِعَالاً) بكسر ثالثه أليس كذلك؟ افتِ كسر الثالث افْتِعَا زيدت الْمَدَّ قبل آخره اللام، وهذا هو المصدر، ومثله أو هذا مثل باب انْفَعَلَ في كون ماضيه همزتُه همزة وصل وكذلك الأمر منه والمصدر، وهذه قاعدة عامة في كل فعلٍ ماضٍ مبدوءٍ بهمزة وصل، الأمر منه والمصدر يكون بهمزة الوصل. (4/9) ________________________________________ (البَابُ الثَّانِي: افْتَعَلَ يَفْتَعِلُ افْتِعَالاً، مَوْزُونُهُ اجْتَمَعَ يَجْتَمِعُ اجْتِمَاعًا). (اجْتَمَعَ) على وزن افْتَعَلَ، زِيدت الهمزة والتاء وأصله جَمَعَ من باب فَتَحَ، جَمَعَ الشَّمْلَ، جَمَعَ الْفُرْقَة .. إلى آخره (يَجْتَمِعُ) هذا المضارع (اجْتِمَاعًا وَعَلاََمَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى خَمْسَةِ أَحْرُفٍ) ثلاثة أصلية وحرفان زائدان. (بِزِيَادَةِ) هذه الباء سببية يعني: صار خمسة أحرف بسبب زيادة (الهَمْزَةِ) همزة الوصل (فِي أَوَّلِهِ) في محلٍ أو مكانٍ قريبٍ من أوله (وَالتَاءِ) يعني وزيادة حرف التاء (بَيْنَ الفَاءِ وَالعَيْنِ) والتاء هذه لها أحكامٌ كثيرة في باب الصرف (وَبِنَاؤُهُ) أي: هذا الوزن افْتَعَلَ (بِنَاؤُهُ لِلمَطَاوَعَةِ) وعرفنا معنى المطاوَعة، حصول أثر الشيء عن تعلق الفعل المعتدي بمفعوله، لكن هذا يزيد على الباب السابق أن المطاوَعة هنا عامة يعني: ليست خاصة بالأمور العلاجية، ولذلك قيل لما كان باب انْفَعَلَ هو الأصل في المطاوعة #40.18 لذلك ليس له إلا معنًى واحد لم نذكر له معاني مثل ما ذكرنا في فَعَّلَ وَفَاعَل وأَفْعَلَ، وكما سنذكره في باب افْتَعَلَ لماذا؟ لأنه ليس له إلا معنًى واحد وهو المطاوَعة فهو لازمٌ لهذا المعنى، وأما باب افْتَعَلَ فلا، لم يوضع أصلاً - وإن كان أصله في وضعه هو المطاوعة - لكن خرج عن المطاوعة في معانٍ أخر سيأتي ذكرها وعُمِّمَ من جهة المعنى في المطاوَعة فصار يأتي لماذا الأفعال العلاجية وغيرها. (4/10) ________________________________________ (اجْتَمَعَ يَجْتَمِعُ اجْتِمَاعًا) هذا أمرٌ حسي أو معنوي؟ حسي ولذلك قال: (جَمَعْتُ الإِبْلَ فَاجْتَمَعَتْ). إذًا هذا أمرٌ حسي لكن غَمَمْتُهُ فاغْتَمَّ هذا أمرٌ معنوي حينئذٍ جاء للمطاوَعة في العلاجيات التي تدرك بالحس وجاء في المطاوعة التي لا تدرك بالحس وإنما تدرك بالمعنى والعقل. (وَبِنَاؤُهُ لِلمَطَاوَعَةِ أَيْضًا) كما بُنِيَ باب انْفَعَلَ، ولكن باب انْفَعَلَ لَمَّا لم يكن بغير العلاجيات قيل وُضِعَ له هذا الباب مكملاً للباب السابق، ولذلك بعضهم يُعَبِّرُ يقول: يُغْنِي عن انْفَعَلَ في ما كان غير علاجي باب افْتَعَلَ يغني عن باب انْفَعَلَ فيما كان غيرَ علاجيًا لأن العلاجي هناك وُضِعَ له باب انْفَعَلَ وباب افْتَعَلَ جاء مكملاً لأنه يَرِدُ السؤال إذا كان انْفَعَلَ خاصًا بمطاوَعة العلاجي طيب إذا أردنا غير العلاجي وحصلت المطاوَعة ماذا نصنع؟ لا بد به، معنى هذان أن يوضع له لفظ في لغة العرب فوضع له باب افْتَعَلَ فجاء للمعنيين معًا. (وَبِنَاؤُهُ) أي بناء هذا الوزن (افْتَعَلَ يَفْتَعِلُ افْتِعَالاً) (لِلمَطَاوَعَةِ أَيْضًا) كما وُضِعَ انْفَعَلَ (أَيْضًا) آضَ يَئِيضُ أَيْضًا، أيضًا هذه دائمًا تعرب على أنها مفعولٌ مطلق لا تأتي أيضٌ ولا أيضٍ وإنما تكون ملازمةٌ للنقل والعامل فيها فعلٌ محذوفٌ وجوبًا تقديره آضَ يَئِيضُ أَيْضًا بمعنى رجعنا إلى ذكر المطاوَعة كما ذكرناها في باب انْفَعَلَ فنذكرها هنا. (نَحْوُ) مثل ... (جَمَعْتُ الإِبْلَ)، (جَمَعْتُ الإِبْلَ) فعل وفاعل ومفعولٌ به (فَاجْتَمَعَتْ) أكثر النسخ الموجود فاجتمع ذلك الإبل (فَاجْتَمَعَ ذَلِكَ الإِبِلُ) والأصح ... (فَاجْتَمَعَتْ) ولا داعي إلى ذكر أيضًا الفاعل وإنما نقول: فَتَحْتُ البابَ فانْفَتَحَ ولا نحتاج أن نقول: انْفَتَحَ الباب يعني: الأصل بإضمار لا الإظهار، فالأصل الإضمار لا الإظهار، فتقول: كَسَرْتُ الزُّجاجَ فانْكَسَرَ، وإذا قلت كَسَرْتُ الزجاجَ فانْكَسَرَ الزجاجُ هذا صار عجمة صار لكنة غير موافق للغة العرب، الفصيح حذف الفاعل لأنه دُلَّ عليه من السابق، وحذف ما يعلم جائزٌ، بل قد يكون الأبلغ الحذف ومثله هذا الموضع الذي معنا، فحينئذٍ الفعل المطاوِع إذا ذكر في سياق الكلام - وهذا هو الأصل فيه - الأصل أن لا يُظهر الفاعل وإنما يُضمر، وإذا أظهر كما هو معنا هنا حينئذٍ لا بد أن يكون مطابقًا للسابق (جَمَعْتُ الإِبْلَ). (الإِبْلَ) هذا اسم جمعٍ لا واحد له من لفظه المشهور عند الصرفيين أن عود الضمير عليه لا بد أن يكون مؤنثًا وحينئذٍ (فَاجْتَمَعَ ذَلِكَ الإِبِلُ) الأصل أن نقول: فاجتمعتْ تلك الإبل، لماذا؟ لأن الضمير يعود على الإبل وهي اسم جمعٍ لا واحد له من لفظه هكذا قال الشارح. (4/11) ________________________________________ (نَحْوُ: جَمَعْتُ الإِبْلَ فَاجْتَمَعَ ذَلِكَ الإِبِلُ) يعني فاجتمعتْ وهذا حاصل به في ما كان حسي أو معنوي؟ حسي، لكن قوله (مَوْزُونُهُ اجْتَمَعَ يَجْتَمِعُ اجْتِمَاعًا) هنا مثل بماذا؟ بالحسي والأصل فيه أن بمثل بماذا؟ بالمعنوي لأنه يفارق الباب السابق، لذلك لو مثل بغَمَمْتُه فاغْتَمَّ لكان أولى لأن هذا الباب في أصل وضعه أنه يُغني عن باب انْفَعَلَ في غير العلاجي، فحينئذ لا يؤتي بمثال المطابق لباب الانْفِعَال، وإنما يؤتي بمثال ينفردُ به باب افْتَعَلَ عن غيره، ولكن أجيب بأن ذكر الشيء لا ينافي ما عداه لكن يبقى الأولوية، ذكر الشيء لا ينافي ما عداه يعني إذا قلنا باب افْتَعَلَ للمُطَاوَعة عام حسية أو معنوية ومَثَّلَ بالحسي هل يلزم منه أن غير الحسي منفي؟ لا يلزم، فذكر الشيء حينئذٍ لا ينافي ما عداه لكن نقول في التأصيل والتقعيد أن هذا الباب مكمل للباب السابق فحينئذ يُمَثَّل في الأولوية يُمَثَّلُ بما انفرد به هذا الباب عن الباب الثاني، إذا عرفنا أن باب افْتَعَلَ يأتي لماذا؟ للمطاوعة. هل هو منحصر في باب المطاوعة فقط؟ الجواب: لا. فالمعنى الأول الذي يأتي له باب افْتَعَلَ المطاوعة ويطاوع الثلاثي سواء أكان دالاً على علاج أم لا كما ذكرناه، جَمَعْتُهُ فاجْتَمَعَ ويُطَاوِع باب أَفْعَلَ أَنْصَفْتُهُ فانْتَصَفَ. ويطاوِع باب فَعَّلَ قَرَّبْتُهُ فاقْتَرَبَ. إذًا كم باب؟ يطاوِع افْتَعَلَ يطاوع ثلاثة أبواب جَمَعْتُهُ جَمَعَ قلنا من باب فَتَحَ يطاوِع فَعَلَ ويطاوِع أَفْعَلَ ويطاوِع فَعَّلَ. هل افترق عن باب انْفَعَلَ؟ باب انْفَعَلَ يطاوِع كم؟ ثلاثة أبواب فَعَلَ وفَعَّلَ وأَفْعَلَ، إذًا لم يغايره فصار مثل باب انْفَعَلَ، باب افْتَعَلَ في كونه يطاوِع فَعَلَ وأَفْعَلَ وفَعَّلَ متحدة. المعنى الثاني الذي يجيء له باب افْتَعَلَ زيادة على المطاوَعة، ولذلك يُقَيَّدُ هناك ويأتي بالمطاوعة أيضًا لكنه غالبًا، ومن عادة المصنف هنا في هذا الكتاب أنه يذكر المعنى الأشهر والأغلب والأكثر ويطلقه فيظن الظان أنه لم يأتِ إلا لهذا المعنى، ولكن الأولى أن يُقَيَّدُ هناك فيقال: (وَبِنَاؤُهُ لِلمَطَاوَعَةِ) غالبًا أيضًا بخلاف باب انْفَعَلَ فحينئذ باب انْفَعَلَ لا يأتي إلا للمطاوَعة وباب افْتَعَلَ في الغالب يأتي للمطاوعة، وقد يأتي لغير المطاوعة كما في المعنى الثاني الذي نذكره الآن. الثاني: اتخاذ فاعله ما تدل عليه أصول الفعل. اشْتَوَى أي اتَّخَذْتُ ... شِواءً، تَخَتَّمْتُ أو تَخَتَّمَ زيد تَخَتَّمْتُ نقول: هذا بمعنى اتَّخَذْتُ خَاتَمًا خَاتِمًا خَاتَمًا وجهان. إذًا اتِّخَاذ فاعله ما تدل عليه أصول الفعل اشتوى واخْتَتَمَ بمعنى اتَّخَذَ خَاتَمًا واتَّخَذَ شِوَاءً. الثالث: التشارك اخْتَصَمَ زيدٌ وعمروٌ اخْتَصَمَ على وزن افْتَعَلَ زيدٌ وعمرو الأول فاعل في الاصطلاح والثاني معطوف عليه وفاعل في المعنى، إذا حصل تشارك في مادة هذا الفعل وهو الاخْتِصَام. (4/12) ________________________________________ الرابع: التصرف باجتهاد وعمل ومبالغة. مثل ماذا؟ اكْتَسَبَ افْتَعَلَ، دلَّ على ماذا؟ على أن الكسب هنا حصل بعمل وجُهد وبذل وسعة .. إلى آخره. واكْتَسَبَ أيضًا دلَّ على أن الفعل هنا قد حصل باجتهاد وعمل. الخامس: الدلالة على الاختيار. اصْطَفَى، اصْطفى طاء هذه الطاء هي أصلها التاء قلبت طاءً. واجْتَبَى، وانْتَقَى كلها دالة على ماذا؟ على الاختيار. هذا أشهر ما يُذكر في معاني افْتَعَلَ، خمسة معاني. وقد جاء افْتَعَلَ بمعنى فَعَلَ وهو قليل. الأصل في الفعل الثلاثي المطلق والمزيد الأصل في أن يغاير المعنى الثلاثي المجرد، هذا هو الأصل، فإذا جاء مساويًا له نقول: جاء على خلاف الأصل، أليس كذلك؟ لماذا نقول الأصل المباينة والمفاصلة بين المعنيين؟ لأن زيادة المبني تدل على زيادة المعنى، فحينئذ لما قال العربي: كَرُمَ، وقيل أَكْرَمَ زادوا عليه همزة، لا بد أن تكون هذه الهمزة لها معانٍ، أما إذا كَرُمَ وأَكْرَمَ صارا بمعنى واحد حينئذ صارت الهمزة هذه حشو، ولماذا نثقل اللسان بحرف زائد ولا معنى له؟ كذلك فَعَّلَ خَرَجَ وخَرَّجَ لا يمكن أن يستويا في المعنى، زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، فحينئذ إذا جاء فَعَّلَ بمعنى فَعَلَ، نقول: هذا على خلاف الأصل، لكنه دائمًا يكون على قلة، وهنا جاء افْتَعَلَ بمعنى فَعَلَ على قولٍ ومَثَّلُوا له بكَسَبَ واكْتَسَبَ يعني قد يطلق هذا اللفظ اكْتَسَبَ ولا يراد به التصرف باجتهاد وعمل ومبالغة، بل المراد به أحداث وإيجاد الكسب فقط، وكَحَلَ واكْتَحَلَ، كَحَلَ واكْتَحَلَ قالوا بمعنى واحد لكنه قليل ولا يسمع ولا يقاس عليه. الباب الثالث من النوع الثاني: وهو المزيد بحرفين. (افْعَلَّ يَفْعَلُّ افْعِلَالاً) وهذا الباب لا يكون إلا لازمًا لا يكون متعدِّيًا لأنه لا يأتي إلى من الأفعال الدال على الألوان والعيوب هذا الباب مخصص للأفعال الدالة على الألوان والعيوب لغرض واحد وهو قصد المبالغة فيها وإظهار قوتها. هذا الباب خاص بماذا؟ بالأفعال الدالة على العيوب والألوان ما المقصود بها؟ المبالغة في، قصد المبالغة فيها وإظهار قوتها، إذًا [افْعَالَّ لا ليس افْعَالَّ] (افْعَلَّ) [افْعَالَّ سيأتينا] (افْعَلَّ) (احْمَرَّ) ليس هو كحَمِرَ حَمِرَ وَجْه زَيْدٍ يعني فيه نوع حُمْرَة فإذا قلت: (احْمَرَّ) هذا فيه مبالغة، فيه زيادة أليس كذلك؟ فحينئذ نقول: باب (افْعَلَّ) هذا موضوع للدلالة على الألوان أو هو مأخوذ من الأفعال الدالة على الألوان والعيوب، ما المراد به؟ المبالغة، مبالغة في الفعل اللازم حَمِرَ وَجْه زيد أردنا مبالغة في الفعل اللازم حَمِرَ فجيء باحْمَرَّ وحينئذ إذا كان فرعًا عن اللازم فلا يكون هو إلا لازمًا، ما كان لمبالغة اللازم لا يمكن أن يكون متعدِّيًا لأن أصله لازم فحينئذ يكون الفرع لازمًا. (4/13) ________________________________________ (البَابُ الثَّالِثُ: افْعَلَّ يَفْعَلُّ افْعِلالاً، مَوْزُونُهُ احْمَرَّ يَحْمَرُّ احْمِرَارًا). (احْمَرَّ) هذا بإدغام الراء الأولى في الثانية، وهذا البناء لا يتعدَّى يعني لا يكون إلا لازمًا (وَعَلاََمَتُهُ) التي تميزه عن غيره من أبواب (أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى خَمْسَةِ أَحْرُفٍ) يعني معدودًا بخمسة أحرف ثلاثة الأصول وحرفان زائدان. (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ) بسبب زيادة الهمزة يعني حصل أو صار خمسة أحرف بسبب الزيادة، (زِيَادَةِ الهَمْزَةِ) همزة الوصل (فِي أَوَّلِِهِ) يعني في مكان قريب من أوله (وَحَرْفٍ) يعني وزيادة حرف آخر من جنس لام فعله في آخره، ذكر لك اثنين في هذا القيدين (وَحَرْفٍ آخَرَ) يعني وزيادة حرف آخر (مِنْ جِنْسِ لاَمِ فِعْلِهِ) والمراد بالجنس هنا المثل يعني: إذا كان راء فهو راء، وليس المراد الجنس لأن الجنس أعم فيشمل ما اشتركا في الصفة ولو كان من مخرج واحد، مثل الثاء والتاء هذا من جنس لكن صفتهما مختلفة، وأما ما يريده المصنف هنا مراده المثل الذي يدغم فيه الأول في الثاني، (وَحَرْفٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِ) يعني من مثل لام فعله، فننظر في اللام حَمِرَ ... [زِيد في أوله] أو زِدْ في أوله همزة وصل وزِدْ قال حرف آخر من جنس لام فعله، ما هو حَمِرَ لامه الراء من جنس يعني مثل الراء يعني راءً ثانية زده راءً ثانية، لكن أين موضعها إذا قيل احْمَرَّ حينئذٍ السماع هكذا احْمَرَّ سُمِعَ من لغة العرب إذا عندنا راءان أيهما اللام وأيهما الحرف المزيد، المصنف قال: (فِي آخِرِهِ). دل على ماذا؟ على أن الحرف الثاني الراء الثانية من احْمَرَّ هي الزائدة وليست الأولى لماذا؟ لِمَا سبق من الزيادة أنسب بالآخر الزيادة دائمًا تكون في الأخير وليست في الأوائل هذا أولى ما يقال، إذ كان عندنا حرفان أحدهما زائد فالحكم بكون الثاني زائدًا أولى من الحكم بكون الأول هو الزائد، وهنا اختار أن يكون الثاني. (4/14) ________________________________________ (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ فِي أَوَّلِِهِ وَحَرْفٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِ) يعني من مثل (لاَمِ فِعْلِهِ فِي آخِرِهِ) فاختار المصنف هنا أن الزائد هو اللام الثانية لأن الزيادة بالآخر أولى، (وَبِنَاؤُهُ لِمُبَالَغَة الَّلازِمِ) يعني: بناء هذا الفعل لِمَا وضعته العرب لِمَا بُنِيَ لِمَا صِيغَ لِمَا رُكِّبَ على هذه التركيبة افْعَلَّ يَفْعَلُّ افْعِلَلاً لمبالغة اللازم وبنائه مختص لمبالغة الفعل اللازم لمبالغة اللازم يعني الفعل اللازم هذا صيغة المنصوب المحذوف، وما يكون لمبالغة اللازم حينئذٍ يكون هو في عينه لازمًا، بذلك هذا الباب لا يَتِعَدَّى لِمَاذا؟ لأن أصل وضعه لِمُبَالَغة في اللازم، فلا يكون مُتَعَدِّيًّا قَطْعًا، (وَقِيْلَ: لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ) نحن ذكرنا سابقًا أن أصل وضع هذا الباب لمبالغة الأفعال الدالة على العيوب والألوان، هنا قال (وَقِيْلَ) هذا إما أنه تصحيف والمراد به ويَغْلِبُ أو ويَكْثُرُ، وإمَّا ثَمَّ قول آخر وهو أنه وضع للألوان والعيوب من غير ملاحظة المبالغة، وهذا خطأ، ولذلك ضعفه المصنف هنا، (وَقِيْلَ) هذا صيغة تضعيف، لِمَا ضعف المصنف هذا قول (وَقِيْلَ: لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ) مع أن أصل وضعه يقول (احْمَرَّ يَحْمَرُّ احْمِرَارًا) ثم يقول: ... (وَقِيْلَ: لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ) كيف هذا ما يجتمعان؟ (4/15) ________________________________________ أما أن نقول: أن قوله (قِيْلَ) هذا تصحيف، والأصل ويَكْثُرُ ويَغْلِبُ وهذا اختيار [الأستاذ حسن ## ... 58.51] ويَغْلِبُ ويَكْثُرُ، وإما أن يقال وهو أجود: يقال النسخة كما هي (وَقِيْلَ: لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ) ونقول (وَقِيْلَ: لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ) من غير ملاحظة المبالغة، فحينئذٍ يستوي احْمَرَّ وحَمِرَ، وهذا خطأ ليست بصواب فحينئذٍ تمريره لهذا القول في محله في محله، فهمتم النكتة؟ ها (وَقِيْلَ: لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ) قلنا أصل وضع هذا الباب افْعَلَّ للدلالة على ماذا؟ المبالغة في ألألوان والعيوب، هذا هو أول الصحيح لا إشكال في هذا نفي كلمة المصنف هنا قال (وَقِيْلَ: لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ) مع كونه مَثَّلَ لِمَا ذكرناه أولاً لأنه قال (احْمَرَّ يَحْمَرُّ احْمِرَارًا). إذًا وقال: (وَبِنَاؤُهُ لِمُبَالَغَة الَّلازِمِ) إذًا لا إشكال، إلى هناك هو معنا، لكن قال: ... (وَقِيْلَ) وهذا صيغة تَضْعِيف. (وَقِيْلَ) أي قيل هذا الباب مَبْنِيٌ وموضوع ومساق للدلالة على الألوان والعيوب. إذًا نقض أصل الباب من أوله فلا بد من تأويل، إما أن نقول حصل تصحيف، فقيل أي ويكثر ويغلب (لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ)، وإما أن نقول هذا قول ثاني ليس في القول الذي ذكرناه، وهو أنه وضع هذا الباب (لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ) من غير ملاحظة المبالغة، وهذا خطأ لأنه يلزم منه أنه حَمِرَ واحْمَرَّ بمعنى واحد، وهذا باطل ليس بصواب، حَمِرَ واحْمَرَّ ليسا بمعنى واحد بل هما مختلفان ... (وَقِيْلَ: لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ) بل الصواب أن نقول هو لمبالغة الفعل اللازم، لذلك قيل لا يَتَعَدَّى لأنه يختص بالألوان والعيوب، والألوان والعيوب هذه لا تتعدى أليس كذلك؟ إذا اعْوَرَّ زيدٌ هل إن اعْوَرَّ يَتَعَدَّى؟ ما يتعدى، وإذا قيل احْمَرَّ عَمْرو الاحمرار لا يَتَعَدَّى، إذًا لا يمكن أن يُتَصور هذا الفعل افْعَلَّ وهو دال على الألوان والعيوب أن يكون مُتَعَدِّيَّا لأن المعاني التي أُخِذَ منها لازمة، وما لَزِمَ لَزِمَ، ما لَزِمَ من جهة المعنى لَزِمَ من جهة العمل كما ذكرناه في باب فَعُلَ. مثال الفعل الدال للألوان نحو هو مثل للألوان ويقول: (وَقِيْلَ: لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ) هذا غريب، مثال الفعل الدال نحو (احْمَرَّ زَيْدٌ) هذا لازم، أصله حَمِرَ بُولِغَ في وجود هذه الحمرة فقيل (احْمَرَّ) وسيأتي إِحْمَارَّ من باب إِفْعَالَّ، حَمِرَ يدل على وجود الْحُمْرَةِ في الجملة يعني قلة حَمِرَ زيدٌ، حَمِرَ وجه زيدٌ، وإذا أريد المبالغة أنها ازدادت قليلاً ولم تنتهِ للغاية قيل ... (احْمَرَّ زَيْدٌ) يعني الحمرة قد زادت فيه على حَمِرَ وإذا أريد النهاية التي ما بعدها فيقال: احْمَارَّ زيد بالألف، ولذلك مذهب سيبويه أن هذا الباب ليس مستقلاً، وإلا ما هو مقصور من باب إِفْعَالَّ بحذف الألف، لكن جمهور الصرفيين على خلاف مذهب سيبويه، ولذلك ذكره المصنف هنا بابًا مستقلاً، لأنه لو كان مقصورًا ومأخوذًا من باب إِفْعَالَّ بحذف الألف لَمَا صح جعله بابًا مستقلاً لأنه يكون داخلاً في الباب الآتي الذي سيأتي معنا. (4/16) ________________________________________ نحو (احْمَرَّ زَيْدٌ)، ومثال العيوب نحو احْمَرَّ واخْضَرَّ واسْوَدَّ وابْيَضَّ .. إلى آخره (وَمِثَالُ العُيُوبِ نَحْوُ: اعْوَرَّ زَيْدٌ) عَوِرَ زيدٌ فإذا اشتد الْعَوَر يقال اعْوَرَّ زيدٌ هذا أشد، وإذا بلغ النهاية إِعْوَارَّ زيدٌ، لكن الناس ما يقولون هذا، واعْمَشَّ عَمْرو اعْمَشَّ عَمَشَ أو عَمِشَ [$ هل تترك على التخيير] واعْمَشَّ عَمْرو هذا يظهر من العيوب، هذا الباب الثالث. (4/17) ________________________________________ (البَابُ الرَّابِعُ: تَفَعَّلَ يَتَفَعَّلُ تَفَعُّلاً، مَوْزُونُهُ تَكَلَّمَ يَتَكَلَّمُ تَكَلُّمًا.)، (تَفَعَّلَ) ما الذي زيد التاء في أوله وحرف آخر من جنس عين فعله، ما الدليل على أنه من جنس عين فعله، الإدغام التكرار تكرار العين لأن ما كان من جنس الحرف هذا في الميزان ماذا نعطيه؟ ها يُضَعَّف ماذا؟ إن كان من جنس العين كُرِّرَتِ العين وإن كان من جنس اللام كُرِّرَتِ اللام (احْمَرَّ) كررت اللام حينئذٍ وزن افْعَلَّ اللام مدغمة، إذا لام في مقابلة الراء الأصلية، ولام في مقابلة الراء الزائدة، لماذا قابلناها باللام ولم نقابلها بالراء وقد قيل به؟ لأنه من جنس الحرف السابق، فلَمَّا كان من جنس حرف أصلي عينه مثله أَكْرَمُ، ليس كـ أَكْرَمَ مثلاً أفعل، الهمزة ليست من جنس الفاء ولا العين ولا اللام، فلما كان احْمَرَّ الراء الزائدة من جنس اللام واللام حرف أصلي فحينئذٍ في الميزان يقابل بما قوبل به ذاك الحرف الأصلي، كذلك هناك العين مضاعفة فدل على ماذا؟ على أن الحرف الذي زيد إنما هو من جنس العين وقد يكون بين الفاء والعين أو بين العين واللام. (يَتَفَعَّلُ) هذا الفعل المضارع مبدوء بالياء يتفعل وإذا كان مبدوءًا بالهمزة كذلك لا إشكال، وبالنون لا إشكال، وإنما الإشكال في إذا بُدِءَ بالتاء يجتمع عندنا تاءان، تاء الفعل وتاء المضارعة، فقيل مثلاً تَعَلَّمَ تَتَعَلَّمُ يا زيد تَتَعَلَّمُ اجتمع عندنا تاءان فأحدث ثِقَلاً في اللسان فجوز أهل العربية حذف إحدى التائين جَوَّزُوا حذف إحدى التائين، {فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى} [عبس: 6] أي تتصدى حذفت التاء {نَاراً تَلَظَّى} [الليل: 14] أي: نارًا تتلظى حذفت أحد التاءين النحو مهم، {تَلَظَّى} تتلظى و {تَصَدَّى} [عبس: 6] وتتصدى هذا فعل مضارع، تَصَدَّى فعل مضارع لا تقل فعل ماضي، أين التاء؟ تاء المضارعة؟ {تَلَظَّى} أين تاء المضارعة. تَعَلَّمُ أين تاء المضارعة؟ قيل: لا بد من قبيل التخفيف حذف إحدى التاءين، واختلف هل هي تاء الفعل أم تاء المضارعة؟ على قولين: قيل هذا وقيل هذا والأولى أن يقال: إن المحذوف هي الأصل التي من الفعل، وليس التاء التي هي حرف المضارعة لماذا؟ لأن التي من الفعل، الْفعل الماضي ولو كانت زائدة في أصل الفعل الماضي هي حرف مبنى وليست حرف معنى، وأما أحرف المضارعة فكلها حروف معنى يعني مثل في وعن والباء واللام .. إلى آخره فهي قسيمة الفعل والاسم في باب الكلمة، فنقول: الكلمة اسم وفعل وحرف، حرف جاء لمعنى وهذا قيد لبيان الواقع لا نحتاجه لماذا؟ هكذا يقولون: أقسامه ثلاثة اسم وفعل وحرف جاء لمعنى. جماهير الشراح يقولون: جاء لمعنى هذا من باب الاحتراز. وأنا أقول: خطأ، هذا ليس من باب الاحتراز وإنما لبيان الواقع لأن الحرف الذي يكون قسيمًا للاسم والفعل هو حرف المعنى وليس حرف المبنى، فلما قيل الكلمة: لا بد من مراعاة مفهوم الكلمة وهي أنها قول مفرد أو لفظ (ها) دل على معنى مفرد فحينئذٍ خرج حرف الذي يقال عنه أنه حرف مبنى، تقييدًا للكلمة اسم وفعل وحرف، فلم يدخل معنا حرف المبنى، فلم يدخل حرف المبنى. (4/18) ________________________________________ إذًا أحرف المضارعة هذه من حروف المباني، وإذا دار الأمر بين كون المحذوف حرفًا أصليًا من ذات الكلمة جزء الكلمة الذي هو حرف مبنى، وبين حرف المعنى فالقول بحذف الأول أولى، القول بأن الذي حُذف هو جزء من أجزاء الكلمة وليس بكلمة مستقلة فهو أولى، فحينئذٍ {فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى} [عبس: 6] تَتَصَدَّى التاء هذه حرف مضارعة، وتَتَ الثانية هي التي حذفت تخفيفًا {نَاراً تَلَظَّى} [الليل: 14] تتلظى التاء الثانية هي التي حذفت وليست التاء الأولى لماذا؟ دفعًا للثقل (تَفَعَّلَ يَتَفَعَّلُ تَفَعُّلاً)، ... (تَفَعُّلاً) ما الفرق بين المصدر هنا والفعل الماضي؟ ضم العين فقط، ضم العين يعني من جهة الحركات وإلا الأول فعل والثاني اسم ولذلك نون (تَفَعَّلَ) هذا مبني على الفتح (يَتَفَعَّلُ تَفَعُّلاً) (تَفَعُّلاً) بضمها فرقًا بين الماضي والمصدر، لأنه لو قيل: تَفَعَّلَ يَتَفَعَّلُ تَفَعَّلاً هذا ما يستقيم التفريق بين المصدر والماضي، لكن لما ضمت العين دل على أن ثَمَّ فرقًا بين الماضي والمصدر، لكن هل هو مطرد تَفَعُّلاًّ في كل فعل؟ الجواب: لا، يعني نقول: (تَفَعُّلاً) هذا حكم المصدر لكن في غير الفعل الناقص وأما الفعل الناقص فيكون بكسر العين، أما الضم فهذا يستوي فيه الصحيح والمهموز والأجوف .. إلى آخره أما الناقص فلا، فبكسر العين لتُجانس الياء، التَّمَنِّي تَمَنَّى يَتَمَنَّى تَمَنِّيًّا بضم النون؟! لا يمكن، لماذا؟ لأنه لو ضمت النون وسكنت الياء لوجب قلب الياء واوًا لأن القاعدة أن الياء إذا سكنت وضم ما قبلها وجب قلب الياء واوًا فرارًا عن هذا قالوا: إذا نقلب الضم إلى الكسر حفاظًا على الناقص، إذًا (تَفَعُّلاً) بضم العين يُستثنى منه الناقص فتكسر العين مثل التَّمَنِّي والتَّجَنِّي والتَّمَشِّي .. (4/19) ________________________________________ إلى آخره، فنقول هنا: بكسر التَّرَجِّي والتَّعَدِّي والتَّمَنِّي بكسر العين (مَوْزُونُهُ تَكَلَّمَ يَتَكَلَّمُ تَكَلُّمًا)، وبعضهم زاد على التَّفَعُّل تِفِعَّال نحو تِمِلاَّق تِفِعَّال بكسر الأول التاء والفاء وتشديد العين تِفِعَّال لكنه غير مشهور، نحو تَمَلَّقَ يَتَمَلَّقُ تَمَلُّقًا وتِمِلاَّقًا، تِمِلاَّقًا بكسر التاء والميم والتشديد، موزونه أي تَفَعَّلَ تَكَلَّمَ يَتَكَلَّمُ تَكَلُّمًا بضم اللام مع التشديد، وعلامته أن يكون ماضيه على خمسة أحرف بزيادة التاء في أوله، يكون ماضيه على خمسة أحرف ثلاثة أصلية وحرفان زائدان، بزيادة يعني بسبب زيادة التاء في أوله، وقد تحذف فيما إذا كان الفعل المضارع مفتتحًا بتاء المضارعة، لأن هذه حرف التاء نقول: زائدة على الأصل ولكنها لَمَّا زِيدَتْ لِمَعْنى لزمت بزيادة تاء في أوله يعني في مكان أو محل قريب من أوله، وحرف آخر من جنس الجنس المراد به المثل هنا، من مثل عين فعله يعني ضُعِّفَتْ العين بين الفاء والعين حدد لك محل الزيادة بين الفاء والعين فحينئذٍ تَكَلَّمَ أين الزيادة؟ التاء في أوله، واللام الأولى التي تقع بين الكاف، اللام الثانية ولا الأولى؟ وحرف آخر من جنس عين فعله بين الفاء والعين، (ها) تَكَلَّمَ أين فاؤه؟ الكاف، طيب التاء زيدت في أوله تَكَلَّمَ أين عينه؟ اللام، نقول: تَفَعَّلَ هنا زيدت اللام قال: بين الفاء والعين، إذًا الميم هي اللام، الميم تَكَلَّم على وزن تَفَعَّلَ ميم تَكَلَّمَ هي لام الكلمة، أين عينها؟ هي اللام، تَكَلَّمَ هي عين الكلمة، زيدت اللام قال: بين الفاء والعين، فحدد لك أن اللام الأولى هي الزائدة، وقيل اللام الثانية هي الزائدة، ومذهب سيبويه يجوز الوجهين لتعارض الدليلين، لكن إذا قيل بأن الثاني هو أنسب لمحل الزيادة وهو الزائد فهو أولى، إذًا لزيادة التاء في أوله وحرف آخر من جنس عين فعله من مثل عين فعله كاللام هنا بين الفاء والعين، حَدَّدَ لك محل الزيادة، إذًا زيد حرفان، فَسُكِّنَ الأول وأدغم في الثاني على القاعدة التي ذكرناها سابقًا، (وَبِنَاؤُهُ) لِمَ بُنِيَ هذا الفعل تَفَعَّلَ؟ قال: (لِلتَّكَلُّفِ) - يعني للدلالة على التكلف -، والتكلف هذا تَفَعُّل وهو في اللغة التَّجَشْم، يقال: تَكَلَّفْتُ الشيءَ أو للشيءِ إذا تَجَشَّمْتُهُ، وكَلَّفَهُ تَكْلِيفًا أمره بما يَشُقُّ، على الأصل في التكليف عند الأصوليين، ومعنى التَّكَلُّف في الاصطلاح عند الصرفيين (تِحْصِيلُ المَطْلُوبِ شَيْئًا بَعْدَ شَيءٍ)، تَفَعُّل هذا يدل على التَّكَلُّف تحصيل الشيء يعني تمام و (تِحْصِيلُ المَطْلُوبِ) أي تحصيل تمام المطلوب وكماله، (شَيْئًا بَعْدَ شَيءٍ)، أي يقع شيئًا بعد شيءٍ، ولأن الحدث قد يقع دفعة واحدة وقد يقع على دَفَعَات، والثاني ما يسمي بالمصادر السيالة، كالكلام مثلاً تقول: التَّكْلِيم والكلام هذا من المصادر السيالة، ما معنى السيالة؟ يعني التي توجد شيئًا فشيئًا، لا يوجد الكلام هكذا دَفْعَة واحدة في ثانية واحدة، وإنما تقول: تَكَلَّمَ كَلِمَةً، والكلمة هذه جاءت في ساعة تقريبًا لها أول ولها آخر، فحينئذٍ نقول: التَّكلم والكلام من المصادر (4/20) ________________________________________ السيالة لماذا؟ لأنه تدل على حصول الشيء مرة بعد مرة، أفراده لا يقع دفعة واحدة، تَعَلَّمْتُ الْعِلْم [ها] دفعةً واحدة؟ ما يأتي وإنما حصل شيئًا بعد شيء، حصل العلم شيئًا بعد شيء، أفرادًا بعد أفراد، وجدتْ بعض أحاده ثم بعض أحاده ثم بعض أحاده .. حتى كمل. إذًا والتَّكلف المراد به هنا في باب التَّفَعُّل وهو معاني مقصودة في وضع وبناء هذا الباب تحصيل المطلوب مثل ماذا؟ العلم تحصيل المطلوب كماله وتمامه شيئًا بعد شيء يعني شيئًا من أفراده أو تحصيل شيئًا من أفراده بعد تحصيل شيء آخر، مثاله (تَعَلَّمْتُ العِلْمَ مَسْأَلَةً بَعْدَ مَسْأَلَةٍ)، مسألة بعد مسألة الظاهر أنه إيضاح وليس المراد أن المسألة بعد مسألة هذا هو المعنى الذي وُضِعَ له اللفظ، لا، لأن التكلف هنا مسألة بعد مسألة هذا صريح وليس هو مفهوم ضمني في ضمن الفعل، وإنما (تَعَلَّمْتُ العِلْمَ) مباشرة تفهم ماذا؟ أن التَّعلم هنا تَفَعُّل بمعنى أن العلم الذي هو المطلوب حصل شيئًا بعد شيءٍ ولم يحصل دفعة واحدة، أما (مَسْأَلَةً بَعْدَ مَسْأَلَةٍ) نقول: هذا الظاهر أنه من باب الإيضاح، هذا معنى من المعاني التي وضع لها هذا الباب. وقد يَرِدُ لِمعان أخر أولها مطاوعة فَعَلَ، وعرفنا معنى المطاوعة يعني يأتي تَفَعَّلَ مُطَاوِعًا لمعنى فَعَّلَ، خَرَّجْتُهُ فَتَخَرَّجَ، عَلَّمْتُهُ فَتَعَلَّمَ، أَدَّبْتُهُ فتَأَدَّبَ، إذا قبل الأدب أَدَّبْتُهُ فتَأَدَّبَ قبول أو ليس بقبول؟ قد يقبل وقد لا يقبل فإذا قَبِلَ نقول: هذا المطاوعة، كَسَّرْتُهُ فَتَكَسَّرَ، إذًا الكسر فيه المطاوعة، كَسَّرْتُهُ فانْكَسَرَ، كَسَّرْتُهُ فَتَكَسَّرَ، تَكَسَّرَ هذا الْمُطَاوِع، وانْكَسر مُطَاوِع، وجَمَعْتُهُ فاجْتَمَعَ، اجْتَمَعَ مُطَاوِع، إذًا المطاوعة هذه معنى لا يختص به بناء دون بناء، لكن الأصل في وضع انْفَعَلَ بالمطاوعة فقط، وغيره يُشاركه غيره، غَيره يعني غير انْفَعَل يشاركه غيرها غير باب انْفَعَلَ باب [المطاوعة $ 1.19.49] غير المطاوعة، ولكن التَّكلف الذي ذكره المصنف هنا الذي (تِحْصِيلُ المَطْلُوبِ شَيْئًا بَعْدَ شَيءٍ)، تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ يعني مسألة بعد مسألة، تَكَرَّمَ زيد هذا تَكَلَّفَ، وتَحَلَّمَ وتَصَبَّرَ يعني وقع التَّصَبُّر شيئًا بعد شيء، ويأتي للاتخاذ وهي للدلالة على أن الفاعل قد اتخذ المفعول فيما يدلُّ عليه أصل الفعل، تَوَسَّدت يَدِي يعني اتخذتها وسادة، فدل تَوَسَّدت هنا تَفَعَّلَ على الاتخاذ، اتخاذ ماذا؟ اتخاذ المفعول به تَوَسَّدت يَدِي فيَدِي هي التي صارت وسادة. الرابع: التَّجَنُّب. التَّجَنُّب أي أن الفاعل قد ترك أصل الفعل تحرجت يعني تركت الحرج، تَأَثَّمْتُ يعني تَرَكْتُ الإثم، ولذلك جاء في الحديث (فأخبر بها معاذ تَأَثُّمًا) ما معنى. يعني يريد الإثم أو بُعدًا عن الإثم؟ بعدًا عن الإثم، هذا هو التَّجَنُّب، تَهَجَّدتُ أي تركتُ الوُجُودَ وهو النوم. (4/21) ________________________________________ الخامس: الدلالة على أن الفعل قد وجد مرة بعد مرة. هكذا يقوله الصرفيون والظاهر أنه داخل في التَّكَلُّف. لكن التَّكَلُّف قد يُزاد فيه نوع القصد والمبالغة في إيجاد العمل، وأما تَجَرَّعْتُ الدواء يعني تجرعته يعني أخذته مرة بعد مرة، تَجَرَّعْتُ الدواء ما الفرق بينه وبين تَعَلَّمْتُ؟ على كلٍّ يخصون هذا بمعنى وهذا بمعنى، تَفَهَّمْتُ المسألة [ها] هذا بمعنى ماذا؟ دلال على أن الفعل قد وجد مرة بعد مرة تَفَهَّمْتُ المسألة يعني أَحْدَثْتُ الْفَهْمَ مرة بعد مرة. ويأتي المعنى السادس والأخير: وهو الطلب. تَعَظَّمَ هذا متى؟ إن طلب أن يكون كبيرًا وعظيمًا، تَكَبَّرَ إن طلب أن يكون كبيرًا، تَعَظَّمَ إن طلب أن يكون عظيمًا، ويجيء تَفَعَّلَ بمعنى فَعَّلَ نحو وَلَّى وتَوَلَّى. (4/22) ________________________________________ (البَابُ الخَامِسُ: تَفَاعَلَ يَتَفَاعَلُ تَفَاعُلاً)، (تَفَاعَلَ) بزيادة التاء في أوله والألف بين الفاء والعين، (يَتَفَاعَلُ) بفتح حرف المضارعة لِمَا ذُكِرَ لأنه خماسي (تَفَاعُلاً) بضم العين ويقال فيه ما قيل في التَّفَعُّل أن العين ضمت هنا فرقًا بين الماضي والمصدر، (تَفَاعَلَ يَتَفَاعَلُ تَفَاعُلاً) ضمت العين هنا في المصدر فرقًا بينها وبين الماضي، وأما في الناقص فتكسر كما في باب التَّفَعُّل تكسر في الناقص للعلة السابقة وهي لئلا تنقلب الياء واوًا لأن الياء إذا سكنت وضم ما قبلها وجب قلب الياء واوًا، مثل التَّوَانِي تَوَانَى يَتَوَانَى تَوَانِيًّا بكسر النون تَوَانِيًّا، كذلك التَّجَافِي تَجَافَى يَتَجَافَى تَجَافِيًّا، ليست بضم الفاء للعلة السابقة، (تَفَاعَلَ يَتَفَاعَلُ تَفَاعُلاً مَوْزُونُهُ تَبَاعَدَ) وبَعُدَ (تَبَاعَدَ يَتَبَاعَدُ تَبَاعُدًا)، وهذا البناء مشترك بين اللازم والْمُتَعَدِّي، يعني يكون مُتَعَدِّيًّا ويكون لازمًا، (وَعَلاَمَتُهُ) التي تميزه عن غيره من الأبنية (أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى خَمْسَةِ أَحْرُفٍ)، ثلاثة الأصول وحرفين زائدين، بسبب زيادة (التَّاءِ فِي أَوَّلِهِ)، في أوله يعني في محل قريب من أوله (وَالأَلِفِ بَيْنَ الفَاءِ وَالعَيْنِ)، (وَبِنَاؤُهُ لِلْمُشَارَكَةِ بِيْنَ الاِثْنَيْنِ فَصَاعِدًا)، يعني أصل وضع هذه البنية وهذه الصيغة للدلالة على المشاركة، والمراد بالمشاركة هنا التَّشارك والاشتراك، لأن ثَمَّ فرقًا بين المشاركة والتَّشارك، وهنا نحمله على الاشتراك والتشارك وليس المشاركة، فالمشاركة أي التشارك بين الاثنين في أصل الفعل مع تساويهما فيه، المشاركة والاشتراك، المشاركة هذه سبقت في باب فَاعَلَ في باب فَاعَلَ ضَارَبَ زَيْدٌ عَمْرًا، وشَارَكَ زيدٌ عَمْرًا، ما الفرق بينهما؟ لو قيل: ضَارَبَ زيد عَمْرًا كل منهما ضَارِبٌ ومَضْرُوب حصلت المشاركة في أصل الفعل أو لا؟ حصلت المشاركة، لكن شَارَكَ زَيْدٌ عَمْرًا هل فيها معنى المشاركة بالمعني السابق؟ شارك زيد عَمْرًا، إذا عَمْرًا هو الأصل وزيد قد شاركه في أصل الحدث، ولذلك فرقوا بين المشاركة والتشارك، وهنا المراد به التشارك، تَبَاعَدَ زيد وعَمْروٌ، ليس عندنا مشاركة بمعنى ضَارَبَ زَيْدٌ عَمْرًا، فهناك حصل أو وقع الحدث من كل منهما ولذلك قيل: أُسْنِدَ إلى الفاعل صراحة وهو في نفس الوقت هو مفعول، ضَارَبَ زيدٌ، زيد هذا أُسْنِدَ إليه ضَارَبَ وهو فاعل صراحةً يعني يعرب فاعلاً في الاصطلاح وهو في نفس الوقت مفعول به في المعنى ضمنًا، وعَمْرًا هذا لم يسند إليه الفعل فحينئذٍ يُعرب مفعولاً به وفي المعنى هو فاعل أيضًا لأنه أحدث شيئًا من الضرب، أما تَبَاعَدَ زيدٌ وعَمْرو هذا ليس في كل منهما مشاركًا للآخر في أصل الفعل، (وَبِنَاؤُهُ لِلْمُشَارَكَةِ بِيْنَ الاِثْنَيْنِ)، المشاركة قال هنا: لا تضاف إلا إلى الفاعل أو المفعول يقال: أعجبتني مشاركة زيدٍ عَمْرًا، إذًا أحدهما مُشَارِك والآخر مُشَارَك، ولا يلزم أن يكون كل منهما قد بذل في أصل الفعل ما يصدق عليه الحدث بخلاف الاشتراك والتشارك فإنهما يضافان إليهما معًا، ولذلك (4/23) ________________________________________ فرق بينهما بعض بما سيأتي. [نكمل الموضوع] (وَبِنَاؤُهُ لِلْمُشَارَكَةِ بِيْنَ الاِثْنَيْنِ فَصَاعِدًا)، فَصاعدًا هذه ماذا إعرابها؟ حال ... # 1.27.56 فذهب الاشتراك صاعدًا فذهب الاشتراك حال كونه آخذًا في الزيادة إلى ثلاثة وأربعة وخمسة .. إلى آخره، لا يُحَدُّ بحد، (مِثَالُ المُشَارَكَةِ بَيْنَ الاِثنَيْنِ نَحْوُ: تَبَاعَدَ زَيْدٌ وعَمْرو) الأصل عن عَمْرٍو وليس بصواب، تباعد زيدٌ وعَمْرٌو، تَبَاعَدَ هنا الاشتراك حصل بين أجزاء الفعل كل من زيد قد أحدث بعض أجزاء الفعل تَبَاعَدَ زيدٌ وعَمْرٌو، زيد أحدث بعض أجزاء التَّبَاعد، وعَمْرٌو أحدث بعض أجزاء التباعد، إذًا الاشتراك هنا بين أجزاء الفعل. (وَمِثَالُ المُشَارَكَةِ بَيْنَ الاِثنَيْنِ فَصَاعِدًا نَحْوُ: تَصَالَحَ) على وزن تَفَاعَلَ، (تَصَالَحَ الْقَوْمُ)، هنا ليست بين فردين كما يقال تَبَاعَدَ زَيدٌ وعَمْرٌو، وإنما يقال: تَصَالَحَ القومُ، القوم هذا اسم [أقل الجمع (1)] أقل معنى الجمع كم؟ ثلاثًا، وهل القوم جمع؟ اسم جمع، وكيف نقول: أقل معنى الجمع؟ مدلوله الجمع، لذلك قلت: أقل معنى الجمع ولم أقل الجمع الاصطلاحي، أقل معنى الجمع يعني ما يدل على الجمع وهو ست أشياء - ذكرناها في الملحة - ست أشياء تدل على الجمع منها: اسم الجمع، وهو ما دل على معنى الجمع ولا واحد له من لفظه، قوم دل على معنى الجمع أقله ثلاثة هل له واحد من لفظه؟ ليس له واحد، مثل نساء ورهط هذا يدل على أقل ما يدل عليه الجمع هو ثلاثة، فحينئذٍ نقول: تصالح القوم أي ثلاثة فصاعدًا، إذًا فظهر الفرق بين الْمُفَاعَلَةِ الذي هو مصدر فَاعَلَ أو التَّفَاعُل والتَّفَاعُل. ذكر بعض الصرفيين قال: لأن باب أو بناء الْمُفَاعَلِة، مُفَاعَلَ هذا مصدر فَاعَلَ، بِنَاءُ الْمُفَاعَلَةِ، [لا #1.30.30] نريد الفرق بين فَاعَلَ وتَفَاعَلَ، ما الفرق بينهما؟ __________ (1) سبق لسان. (4/24) ________________________________________ نقول: بناء الْمُفَاعَلَة التي هي مصدر فَاعَلَ يكون لنسبة أصل الفعل إلى أحد الشريكين، أصل الفعل منسوب إلى أحد الشريكين، الذي يُعرب فاعلاً في الاصطلاح ضَارَبَ زيدٌ: زيدٌ هذا أُسند إليه الفعل أحد الشريكين، وتعلقه بالآخر صريحًا فيلزم عكسه ضِمْنًا، فحينئذٍ لَمَّا تعلق من جهة الاصطلاح ضَارَبَ زيدٌ لا بد أن يُنسب هذا إلى الآخر من جهة المعنى في الضمن فحينئذٍ له فاعلان ضَارَبَ زيدٌ عَمْرًا له فاعلان، أُسند إلى الأول أحد الشريكين صراحة وإلى الثاني ضمنًا، لأن كل منهما فاعل ضَارَبَ زيد عَمْرًا، ضَارَبَ فعل ماضي، زيدٌ فاعل، عَمْرًا مفعول به هذا من جهة الظاهر، لكن من جهة المعنى ضَارَبَ أُسند إلى زيد على أنه فَاعِلٌ له وتعلق بالثاني الذي هو في اللفظ مفعول به لكنه في المعنى هو فاعلٌ أيضًا، لذلك قالوا هنا نص الصرفيين بهذه العبارة: أن يكون باب الْمُفَاعَلَة لنسبة أصل الفعل إلى أحد الشريكين لأنه فَاعِلٌ صراحة، وتعلقه بالآخر صريحًا فيلزم عكسه ثانية فيتعلق بالأول على أنه فاعل وبالثاني على أنه مفعول به، وكلاهما صريح، إذا أعربت الأول فاعل فهو فاعل صريح، وإذا أعربت الثاني مفعولاً به فهو مفعول به صريح، لكن من جهة المعنى الأول مفعول به ضمنًا والثاني فاعل ضمنًا، واضح تعكسها الأول فاعل صريح وهو مفعول ضمنًا، والثاني مفعول صريح وهو فاعلٌ ضمنًا، لكن من جهة الإسناد أُسند إلى أحد الشريكين هذا من جهة الاصطلاح لأنه لا يتعدد الفاعل اصطلاحًا وإنما واحد فقط، بخلاف الخبر وبناء باب التَّفَاعُلِ يكون لإفادة الشَّرِكَة تَشَارُك، ليست السابق الذي ذكرناه في المشاركة يُشارك هو مدلوله الْمُفَاعَلَة، وهنا نقول: باب التَّفَاعُل يكون لإفادة الشركة بين أجزاء الفاعل في أصل الفعل، تَبَاعَدَ زَيدٌ وعَمْرٌو، زَيدٌ وعَمْرٌو هما الفاعل اشتركا في أجزاء الفعل، وهذا مراده ليس المراد أجزاء الفاعل، الفاعل الاصطلاحي تَبَاعَدَ تَضَارَبَ زَيْدٌ وعَمْرٌو، ضَارَبَ واضح، تَضَارَبَ زيد وعَمْرٌو، ليس عندنا كالأول فاعل ومفعول، عندنا زيدٌ وعَمْرٌو فاعل كلاهما في المعنى فاعل اشتركا في أجزاء التَّضارب، ففرق بين المشاركة والتشارك والاشتراك لِمَا ذكرناه، ولذا نقص تفاعل مفعولاً عن فَاعَل، فما كان مُتَعَدِّيًّا لواحد في باب فَاعَلَ وجيء به على وزن تَفَاعَلَ فحينئذٍ لزم الثاني ولا يَتَعَدَّى، وإذا كان الأول مُتَعَدِّيَّا للاثنين تَعَدَّى الثاني إلى الأول، يعني مادة واحدة مثل ضَارَبَ وتَضَارَبَ، ضَارَبَ زيدٌ عَمْرًا تَعَدَّى أو لا؟ تَعَدَّى إلى واحد، إذا جئت ضَارَبَ زيدٌ عَمْرًا إذا جئت به على الباب الذي معنى تَفَاعَلَ تنقصه المفعول، تحذفه فتقول: تَضَارَبَ زيدٌ وعَمْرٌو، أين المفعول به؟ ليس له مفعول، لماذا؟ لأن باب تَفَاعَلَ مبني على باب فَاعَلَ، فما تَعَدَّى هناك إلى واحد لزم هنا، وما تعدَّى هناك إلى اثنين هنا تعدَّى إلى واحد، ولذا قالوا: لذا نقص تَفَاعَلَ مفعولاً عن فَاعَلَ، [فإن كان تَفَاعَلَ (1)] __________ (1) سبق لسان .. (4/25) ________________________________________ فإن كان لِفَاعَلَ مفعول واحد نحو ضَارَبَ زيدٌ عَمْرًا كانت تَفَاعَل لازمًا نحو تَضَارَبَ زيدٌ وعَمْرٌو، فاعل واحد في المعنى اشتركا في أجزاء التضارب، وإن كان له مفعولان نحو جَاذَبَ زيدٌ عَمْرًا الثَّوب، جَاذَبَ فعل ماضي على وزن فَاعَلَ، زيدٌ فاعل، عَمْرًا مفعول أول، الثوب مفعول ثاني. إذا بنيت جاذب على وزن تَفَاعَلَ تقول: تَجَاذَبَ زيدٌ وعَمْرٌو الثوب، تعدَّى إلى واحد، أين المفعول الأول؟ صار في المعنى فاعلاً. والخلاصة أن تَفَاعَلَ يدل على المشاركة في الفعل بين الاثنين صراحةً، وفَاعَلَ يدل على أحدهما صراحة ويدل على أن الثاني فاعل ضِمْنًا. هذا الفرق بين باب تَفَاعَلَ وفَاعَلَ. النوع الثالث: وهو ما زيد فيه ثلاثة أحرف على الثلاثي، وهو أربعة أبواب. نقف على هذا. وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. (4/26) ________________________________________ ( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات ) شرح متن البناء عناصر الدرس * النوع الثالث: ما زيد فيه ثلاثة أحرف على الثلاثي المجرد. * أبوابه: اسْتَفْعَلَ ـ افْعَوْعَلَ ـ افْعَوَّلَ ـ افْعَالَّ وعلاماتها. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: قال المصنف رحمه الله تعالى: (النَّوْعُ الثَّالِثُ). لا زال الحديث في الثلاثي المزيد، الثلاثي المزيد قلنا: هذا على ثلاثة أنواع، لأنه يعني تنوع إلى ثلاثة لأنه بالاستقراء الزيادة على الثلاثي المجرد إما أن تكون بحرف أو بحرفين أو بثلاثة، ما كان بحرف هو النوع الأول، وما كان بحرفين هو النوع الثاني، وقد أخذنا ما يتعلق بهما، ثم قال: (النَّوْعُ الثَّالِثُ). وهذا ما يتعلق بزيادة ثلاثة أحرف على الثلاثي المجرد. (النَّوْعُ الثَّالِثُ) (5/1) ________________________________________ القسم الثالث من الأنواع الثلاثة المتشعبة عن الثلاثي المجرد لأنه بسبب الزيادة صار ثَمَّ نوعًا ثالثًا، (وَهُوَ) أي: النوع الثالث. (مَا زِيدَ فِيهِ ثَلاَثَةُ أَحْرُفٍ)، (مَا) اسم موصول بمعنى الذي يصدق على فعل، يعني: فعل زِيدَ (فِيهِ) يعني على ماضيه، (ثَلاَثَةُ أَحْرُفٍ) وهذه الحروف الثلاثة كلها زائدة وبها صار الثلاثي المجرد سداسيًا بالمزيد، صار الثلاثي سداسيًّا بالمزيد، لأنه بالاستقراء لا يزيد الفعل على ستة أحرف، أما كونه سداسيًّا مجردًا هذا باستقراء كلام العرب لا وجود له، فإذا انتفى وجود الخماسي المجرد فمن باب أولى وأحرى انتفاء السداسي المجرد، وإنما يَرِدُ التعليل لِمَا لم يوجد في الفعل خماسي مجرد كما وجد في الاسم وقد سبق ذكر التعليل، (ثَلاَثَةُ أَحْرُفٍ) بسبب هذه الثلاثة الأحرف سُمِّيَ الثلاثي المجرد سداسيًا على الثلاثي المجرد، لا بد من زيادة كلمة المجرد يعني ما تجرد ماضيه عن الزائد، (وَهُوَ) أي: النوع الثالث (أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ) باستقراء كلام العرب يعني لا يوجد سداسي إلا وهو من هذه الأبواب الأربعة، لا يخرج عنها أبدًا، يعني يقصد به المشهور، ما اشتهر عن ألسنة العرب، وأما ما هو شاذ أو قليل أو نادر هذا قد يوجد قليل، لذلك ذكرنا أن الملحق بالرباعي ذكر هو خمسة أو ستة أوصلها بعضهم إلى السبعين، وبعضهم إلى الثمانين، وبعضهم إلى التسعين، فيدل على ماذا هذا؟ يدل على تشعب الأوزان. حينئذٍ لو نُظِرَ إلى كل هذه الثمانين أو التسعين لم # 2.50 ضبط الصرف لو كل وزن شاذ أو قليل أو نادر جعل أصلاً ثم جُعِلَ باب له ثم جعلت له أمثلة لتشعب فن الصرف ولم يمكن ضبطه، ولذلك المشهور عند الصرفيين أن جمع التكسير لكثرت أوزانه لا يمكن ضبطها، وإنما الذي يضبط مسائل معدودة وما عداه فهو سماعي، حكموا عليه بأنه سماعي لماذا؟ لكونه لا ينضبط لكثرة الأمثلة، كذلك - فيما سبق معنا وسيأتي معنا إن شاء الله الليلة - أن الثلاثي المجرد فَعَلَ أو فَعِلَ أو فَعُلَ هل مصدره قياسي أو سماعي؟ هذا فيه خلاف ما سبب الخلاف؟ عدم الانضباط. وبعضهم جعله مقيسًا بماذا؟ قالوا: سماعي لعدم الانضباط. وبعضهم جعله مقيسًا لماذا؟ لكون الغالب والأكثر كونه جاء على وزن كذا، فَفَعَلَ المتعدِّي الأكثر جاء على وزن فَعْل كضَرَبَ يَضْرِبُ ضَرْبًا، فضربًا هذا مصدر من فَعَلَ قالوا: فَعَلَ هذا لا يطرد فيه كونه على وزن فَعْل، ولكن الأكثر أنه يأتي على وزن فَعْل، منه ما جاء على الأكثر والأغلب جعله مقيسًا وما عداه فهو سماعي، ومنه قال: لا، كونه أكثر ولم يطرد في كل وزن هذا لا يمكن أن نجعله قياسًا، وإنما نجعل الباب كله سماعي، هذا سبب الخلاف بين الصرفيين في الثلاثي المجرد هل مصدره قياسي أو سماعي. (5/2) ________________________________________ إذًا وهو أربعة أنواع أو أربعة أبواب الذي هو النوع الثالث بالاستقراء ونقول: المراد بالاستقراء هنا ليس نفي ما عدا هذه الأربعة وإنما استقراء كلام العرب فيما اشتهر على ألسنة العرب فوجدوا أنها هذه الأربعة، ولا يلزم منه نفي أنه لا يوجد من السداسي إلا على هذه الأربعة ويقال مثل ما قيل في هذا النوع كذلك في النوع الثاني والنوع الثالث بل يكاد يكون مطرد في أبواب التصريف كلها، وهو أربعة أبواب بالاستقراء. أربعة أبواب: باب الاسْتِفْعَال، وباب الإفْعِيعَال، وباب الإفْعِوَّال، وباب الإفْعِيلال. هذه الأربعة تنسب إلى المصادر وما عداها فهو ليس مشهورًا. (البَابُ الأَوَّلُ) أي: النوع من هذا النوع الثالث وهو السداسي للزيادة (اسْتَفْعَلَ) هذا ماضي (اسْتَفْعَلَ)، مضارعه (يَسْتَفْعِلُ اسْتِفْعَالاً) سبق من وزن الاثنين تعرف ما الزائد وما الأصلي، لأنه تقرر أن الميزان الصرفي يكون في مقابلة الحرف الأصلي الأول الفاء والثاني العين والثالث اللام، خَرَجَ على وزن فَعَلَ فالخاء هي فاء الكلمة، والراء هي عين الكلمة، والجيم هي لام الكلمة، حينئذٍ إذا وجدت الفاء والعين واللام في وزن فتحكم بأن ما يأتي في موضع هذه الفاء أو يأتي في موضع هذه العين أو اللام فتحكم ... بأنه أصلي [أحسنت]، فَاسْتَفْعَلَ نزلت الهمزة كما هي في الوزن؛ لأن هذا ميزان صرفي، والسين نزلت كما هي نطقت بلفظها ((وزائد بلفظه))، والتاء كذلك نزلت بنفسها، إذًا الهمزة همزة وصل، والسين، والتاء في هذا الوزن الذي هو اسْتَفْعَلَ تحكم بأنها زائدة من نفس الوزن، ما الدليل؟ أنها نُطِقَ بلفظها، وما كان أصليًّا لا ينطق بلفظه وإنما ينطق بالفاء أو العين واللام، فلما قيل: (اسْتَفْعَلَ). حكمت بأن الأول والثاني والثالث زوائد، وما يقابل الفاء والعين واللام أصول، فلو قيل: اسْتَغْفَرَ على وزن اسْتَفْعَلَ حكمت بأن اسْتَغْفَرَ الغين والفاء والراء أصول وبأن الهمزة والسين والتاء زوائد من أين أخذت هذا؟ من الميزان الصرفي نفسه، فحينئذٍ يطرد في كل الأبواب السابقة تستطيع أن تأخذ الحرف انْفَعَلَ تأخذ الحرف الزائد بأنه الهمزة والنون، أَفْعَلَ تأخذ بأن الحرف الزائد هو همزة القطع .. وهلم جرا. (اسْتَفْعَلَ) إذًا بزيادة الألف الهمزة والسين والتاء على الثلاثي المجرد فَعَلَ وغَفَرَ صار بها سداسيًّا كان ثلاثيًّا فصار سداسيًّا، كان ثلاثيًّا مجردًا عن الزيادة فلما زيدت عليه الألف والسين والتاء صار العدد كم؟ ستة، فحينئذٍ سمي سُداسيًّا نسبة إلى عدد الحروف الزوائد والأصول معًا، فلا يفرق بينهما. (يَسْتَفْعِلُ) بفتح الياء حرف المضارعة لماذا؟ لأنه سداسي وأحرف المضارعة لأن ماضيه سداسي وأحرف المضارعة حكمها أنها إذا زيدت على ماضي سداسي حكمها الفتح وكذلك الثلاثي وكذلك الخماسي، والرباعي؟ لا، الرباعي تضم. وَضُمَّهَا مِنْ أَصْلِهَا الرُّبَاعِي ... مثل يُجِيبُ مَنْ أَجَابَ الدَّاعِي وَمَا سِوَاهُ فَهِيَ مِنْهُ يُفْتَتَحْ ... وَلا تُبَلْ أَخَفَّ وَزْنًا أَمْ رَجَحْ (5/3) ________________________________________ مِثَالُهُ يَذْهَبُ زَيْدٌ وَيَجِي ... وَيَسْتَجِيشُ تَارَةً وَيَلْتَجِي (1) إذًا الثلاثي والخماسي والسداسي حرف المضارعة يكون مفتوحًا، والرباعي يكون مضمومًا، (يَسْتَفْعِلُ) هذا المضارع، (اسْتِفْعَالاً) قلنا: المصدر يكون من السداسي بكسر ثالثه وزيادة مدة قبل آخره هذا في باب كل ماضي ابْتُدِئَ بهمزة الوصل فالمصدر منه بكسر ثالثه وزيادة مدةً حرف ألف قبل آخره، انْطَلَقَ هذا بُدِئَ بهمزة الوصل تقول: انْطِ بكسر الطاء لأنها الثالث انْطِلاقًا، زدت قبل القاف ألفًا أليس كذلك؟ (اسْتَخْرَجَ يَسْتَخْرِجُ) اسْتِ بكسر التاء (اسْتِخْرَاجًا) زدت قبل الجيم ألفًا هنا قال: (اسْتِفْعَالاً). ماذا صنع؟ الهمزة والسين والتاء كما هي في المصدر وإنما لما كانت التاء مفتوحة في الماضي (اسْتَفْعَلَ) كُسِرَتْ في المصدر فقيل: (اسْتِفْعَالاً). زيدت المدة قبل ماذا؟ قبل اللام التي هي بين العين واللام، وهذا (اسْتِفْعَالاً) (اسْتَخْرَجَ يَسْتَخْرِجُ اسْتِخْرَاجًا) لذا قال: (مَوْزُونُهُ). يعني: ما يوزن به هذا الوزن أو الباب الأول من النوع الثالث (اسْتَخْرَجَ يَسْتَخْرِجُ اسْتِخْرَاجًا) هذا تطبيق للوزن، (اسْتَخْرَجَ) زيدت الهمزة والسين والتاء وأصله خَرَجَ على وزن فَعَلَ ثلاثي مجرد، خَرَجَ من ثلاثة أحرف وكلها أصول بدليل أنها فِعْل وأقل الفعل ثلاثة أحرف، وبدليل أنه يقابل الخاء بالفاء، والراء بالعين، والجيم باللام فقيل: خَرَجَ. على وزن فَعَلَ فدل على أن (اسْتَخْرَجَ) الهمزة والسين والتاء زوائد (يَسْتَخْرِجُ) هذا المضارع (اسْتِ) بكسر التاء (اسْتِخْرَاجًا) قبل الجيم زيدت الألف. لماذا ينصب اسْتِفْعَالاً واسْتِخْرَاجًا؟ (اسْتَفْعَلَ يَسْتَفْعِلُ) لماذا لا يقال: اسْتِفْعَالٌ أو (اسْتَخْرَجَ يَسْتَخْرِجُ اسْتِخْرَاجٌ) إعرابه على ماذا؟ مفعول مطلق [نعم أحسنت] على أنه مفعول مطلق، لماذا؟ (اسْتَفْعَلَ)، ... (اسْتِفْعَالاً) ضَرَبَ زَيْدٌ ضَرْبًا، ضَرْبًا هذا مفعول مطلق (اسْتَخْرَجَ اسْتِخْرَاجًا) هذا مفعول مطلق، إذًا لا يرفع لكن لو رفع لأن المقام هنا ليس مقام معنى وإنما المقام هنا مقام إيضاح للفظ فلو قيل: (اسْتَخْرَجَ) - وهذا من عندي - لو قيل اسْتَخْرَجَ يَسْتَخْرِجُ اسْتِخْرَاجٌ وهو أي المصدر على أنه [ ... # 12.37 المحذوف] في ظني أنه جائز ولا يجب اللفظ، لأنه ليس كـ ضَرَبْتُ زَيْدًا ضَرْبًا يجب اللفظ لأن المراد المعنى وهنا ليس المراد المعنى، وإنما تضطرب أبواب النحو كلها بحركاتها وحروفها وإعرابها وبنائها إذا أريد بها المعنى، وإذا أريد بها اللفظ صارت مجردةً عن المعنى وإذا صارت مجردة عن المعنى حينئذٍ لا يلزم تطبيق القواعد النحوية عليها، لأن النحو إنما ينطبق على أي شيء الذي هو الإعراب والبناء؟ على المعاني مع الألفاظ ولذلك أجمعوا على أنه ماذا؟ أن الكلمة لا توصف بكونها معربة حقيقةً أو مبنيةً حقيقة إلا بعد التركيب وأما قبل التركيب فهذا فيه نزاع. __________ (1) ملحة الإعراب الأبيات 38: 40 ص 27 طبعة دار الأمل - الأردن. (5/4) ________________________________________ (مَوْزُونُهُ اسْتَخْرَجَ يَسْتَخْرِجُ اسْتِخْرَاجًا) إذًا عرفنا أن المصدر هنا ... (اسْتِفْعَالاً) والباب هو (اسْتَفْعَلَ) ونقول: هذا البناء (اسْتَفْعَلَ يَسْتَفْعِلُ اسْتِفْعَالاً) مشترك كما سيذكره المصنف بين اللازم والْمُتَعَدِّي، يعني يكون تارة مُتَعَدِّيًا ينصب مفعولاً به، وتارة يكون لازمًا يرفع فاعلاً ولا ينصب مفعولاً به، والتَّعَدِّي فيه أكثر من اللزوم، (اسْتَفْعَلَ يَسْتَفْعِلُ اسْتِفْعَالاً) نقول: (اسْتِفْعَالاً) هذا المصدر إذا كان صحيحًا على هذا الوزن، وأما إذا كان معتل العين الأجوف هذا يطرأ عليه نوع تغيير كما قيل في أَفْعَلَ يُفْعِلُ إِفْعَالاً، أَقَامَ يُقْوِمُ إِقْوَامًا مثله (اسْتَفْعَلَ) لو كانت العين معتلة حرف علة فحينئذٍ يطرأ على هذا الباب ما طرأ على باب الإِفْعَال، فحينئذٍ نقول ماذا؟ (اسْتَفْعَلَ يَسْتَفْعِلُ اسْتِفْعَالاً) اسْتِفْعَالاً إذا كان معتل العين فيطرأ عليه ما طرأ على باب الإِفْعَال من كون العين محركة تنقل إلى ما قبلها حركتها يعني وما قبلها في الأصل ساكن، فحينئذٍ نقول: تحرك الحرف بالنظر إلى السابق وفُتِحَ ما قبله بالنظر إلى الآن فقلبت العين ألفًا (اسْتَفْعَلَ) (اسْتَخْرَجَ) هذا الصحيح (يَسْتَخْرِجُ) أيضًا هذا من الصحيح (اسْتِخْرَاجًا) هذا من الصحيح وليس فيه ثَمَّ إعلال، لكن لو قيل: اسْتَفْعَلَ، اسْتَقْوَمَ يَسْتَقْوِمُ اسْتِقْوَامًا اسْتَفْعَلَ، اسْتَقْوَمَ نحن لا نقول: اسْتَقْوَمَ. (5/5) ________________________________________ اسْتَقْوَمَ هذا هو الأصل ونحن نقول: اسْتَقَام، طيب لما نقول: اسْتَقَامَ العرب لم تنطق بـ اسْتَقْوَمَ على المشهور عند الصرفيين وإن جوز بعضهم كالشارح الأساس جوز أنه في هذا الباب يُنطق بالوجهين لكن المشهور هو اسْتَقَامَ ولا ينطق بـ اسْتَقْوَمَ هذا المشهور، وجوز الشارح تبعًا لغيره اسْتَقْوَمَ واسْتَقَامَ يجوز فيه الوجهان لكن اسْتَقْوَمَ لا إشكال فيه اسْتَقْوَ حينئذٍ نقول تحركت الواو لأنه يرد السؤال لماذا نطق بنفسه اسْتَقْوَمَ؟ نقول: هنا تحركت الواو وسكن ما قبلها فلم توجد علة القلب حينئذٍ بقي الحرف على هيئته اسْتَقْوَمَ لا إشكال فيه لأن العلة التي هي موجبة لقلب الواو ألفًا مركبة من شيئين لا بد من وجودهما تقديرًا أو حقيقةً فـ اسْتَقْوَمَ اسْتَقْ القاف هذه ساكنة والواو مفتوحة ومتى تقلب الواو ألفًا؟ إذا تحركت الواو وانفتح ما قبلها وهنا لم ينفتح ما قبلها إذًا بقيت على أصلها، واسْتَقَامَ إذًا قلبت الواو ألفًا وعللنا أيهما أصل وأيهما فرع اسْتَقْوَمَ أصل، فإذا كانت أصل فحينئذٍ اسْتَقَامَ صارت فرعًا، فإذا انتفى علة قلب الواو ألفًا في الأصل كيف قلبت الواو ألفًا في الفرع؟ فورد إشكال عند الصرفيين حينئذٍ لا بد من التماس حكمة قد يقبلها العقل قد لا يقبلها، قد يضحك منها البعض، قد يستأنس منها البعض يختلف الناس فيها، فحينئذٍ قالوا: إما أن نقول: الأصل اسْتَقْوَمَ اسْتَقْوَ نقلت حركة الواو إلى القاف فصار عندنا نظران نظر أولي، ونظر ثانوي، اسْتَقْوَ هذا الأصل تحركت الواو، هذا في الأصل تحركت الواو اسْتَقْوَ ثم لما نقلنا الحركة حركة الواو إلى ما قبلها، قلنا: تحركت باعتبار الأصل قبل النقل وفتح ما قبلها الآن فقلبت الواو ألفًا. قبلته أو لا، لا بد من التعليل أو كما يقول شيخي الأستاذ حسن يقول: الأولى أن نقول اكتفاءً بجزء العلة. بدلاً من التكلف نقول: ما دام أن العرب قلبت الواو ألفًا فحينئذٍ اكتفت بهذا الموضع بماذا؟ بجزء العلة وهو تحرك الواو فقط. لكن هذا لا يطرد في كل واو يعني: الاكتفاء بجزء العلة هذا توجد الأصول تنقل لغة العرب ثم بعد ذلك نطلب الحكمة في مثل هذا لا إشكال، لكن لو وُلِّدَتْ بعض الكلمات أو المسائل أو في باب التمارين لا يصلح الاكتفاء بجزء العلة. (5/6) ________________________________________ إذًا اسْتَفْعَلَ اسْتَقْوَمَ صار اسْتَقَامَ أليس كذلك؟ اسْتَقَامَ قلبت الواو ألفًا، المصدر منه اسْتِقْوَامًا زيدت الألف قبل آخره كُسر الثالث اسْتِ كسرت التاء وزيدت الألف المدة قبل لامه فقيل: اسْتِقْوَامًا. تحركت الواو العرب ما قالت: اسْتِقْوَامًا. لم تنطق بهذا وإنما قالت: اسْتِقَامَةً بالتاء وألف واحدة فحينئذٍ لا بد من التخريج، نخرجها على ما خرجنا به باب الإفعال فنقول: اسْتِقْوَامًا. نُقْلَتْ تحركت الواو ثم نقلت حركة الواو إلى ما قبلها، إذًا عندنا نظران تحركت الواو باعتبار الأصل اسْتِقْوَا ثم نقلت حركة الواو إلى ما قبلها فصار بالنظرين كلمتين تقول: تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا يعني ستجعل لك نظرين هكذا، اسْتِقْوَا تحركت الواو ثم بعد النقل تنقل حركت الواو إلى القاف فتقول: تحرك ما قبلها وقلبت الواو ألفًا فاجتمع عندنا ألفان: الألف المنقلبة عن الواو وهي عين الكلمة، والألف التي جيء بها إلى المصدرية. لا بد من حذف إحداهما لماذا؟ لأنه التقى ساكنان، وإذا التقى ساكنان الأصل تحريك ما؟ الساكن الأول وهنا يمتنع تحريك الألف، فحينئذٍ نلجأ إلى الطريقة الثانية وهي حذف الساكن الأول لكن بشرط أن يكون حرف لين وأن يكون ما قبله دليل عليه يعني بعد حذفه. فحذفت إحدى الألفين وعُوِّضَ عنها تاء التأنيث فقيل: اسْتِقَا. هذه ألف واحدة اسْتِقَامَةً التاء هذه المنونة التاء هذه تاء التأنيث بدل عن الألف المحذوفة وهي المرجحة لمذهب من يرى أن المحذوف الألف هي المنقلبة عن الواو وليست الألف المصدرية لماذا؟ لأن الألف الأولى المنقلبة عن العين حرف مبنى، والألف التي جيء بها للمصدرية للدلالة على أن الكلمة مصدر هذه حرف معنى كلام وفي وعن، وإذا دار الأمر بين حذف حرف المبنى وحرف المعنى فالأولى القول بحذف حرف المبنى وليس المعنى، هذا أولاً في ترجيح أن المحذوف هو حرف المبنى وهو العين أو الألف المنقلبة عن عين الكلمة. (5/7) ________________________________________ الدليل الثاني: أن المحذوف هو الألف المنقلبة عن الواو التعويض بالتاء لأنه من المعلوم أن العرب إذا حذفت أصلاً عَوَّضَتْ عنه حرفًا وهو من أدلة الكوفيين في القول بأن اسم مأخوذ من السمة لأنه أصل من وَسِمَ لكن مردود بأوجه أخرى لكن الذي هو أظهر وأوضح عِدَةٌ أصله من الوعد حذفت الواو التي فاء الكلمة وعُوِّضَ عنها تاء التأنيث، على مذهب البصريين وهو أصح لَمَّا حذفت سِمْو#22.56 حذف الواو وهو لام الكلمة لم يعوض عنها شيء لماذا؟ لأن قاعدة العرب أنه إذا حُذف ما حُذف اعتباطًا هذا يجعل نَسْيًا مَنْسِيًّا ولا يُلتفت إليه ولا يُجعل في حكم المقدر أبدًا وإنما الذي يحذف لعلة تصريفية هذا يقال فيه ((الْمُقَدَّر كالثابت)) الحرف المحذوف لعلة تصريفية كالثابت حينئذٍ لا بد من التعويض عنه، فالتاء هذه دليل على أن الألف المحذوفة هي المنقلبة عن الواو يعني الألف الأولى. فاسْتِقَامَ وجهه اسْتِفَالَة هذا هو الصواب إذًا قوله: (اسْتِفْعَالاً). نقول: هذا مصدر الصحيح وأما مصدر معتل العين فحينئذٍ يجري فيه ما جرى في باب الإِفْعَال ويقال فيه اسْتِقَامَة اسْتِفَالَة (مَوْزُونُهُ اسْتَخْرَجَ يَسْتَخْرِجُ اسْتِخْرَاجًا. وَعَلاَمَتُهُ) أي: دليله الذي يدل على أن الكلمة من هذا الباب أن يكون ماضيه (أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى سِتَّةِ أَحْرُفٍ) يعني معدود بأحرف ستة، ثلاثة أصلية وهي الثلاثي المجرد، وثلاثة زوائد أو زائدات (عَلَى سِتَّةِ أَحْرُفٍ) كيف صارت ستةً قال: (بِزِيَادَةِ). باء هذه باء السببية يعني بسبب زيادة صار ستةً ونحن نقول هذا الكلام في الثلاثي المجرد كيف صارت ستة أحرف (بِزِيَادَةِ) يعني بسبب زيادة (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ) همزة وصل (وَالسِّيْنِ) التي تلي همزة الوصل (وَالتَّاءِ) على التوالي رتبها لك لأن الألف تكون سابقة، ثم السين، ثم التاء ولا يجوز تقديم وتأخير لماذا؟ هل يجوز التقديم والتأخير، نقدم السين على الألف ما دام أن الزائد ثلاثة أحرف الهمزة والسين والتاء إذًا نقدم ونؤخر يجوز أو لا يجوز؟ لا يجوز ما الدليل؟ .. عدم الوقوع، لأن اللغة توقيفية ومبناها على النقل، أما العقل ليس له مجال إلا بالاستنباط نستنبط كما قلنا قلبت ألف تحركت ... إلى آخره هذا باستنباط العقل أما في التأصيل والحكم على الكلمة بتقديم حرف على حرف ابتداءً دون تعليل أو التماس حكمة فهذا موقوف على العرب أنفسهم. وعرفت بالنقل لا بالعقل فقط بل استباطه بالنقل واللغة الرب لها قد وضعا ... وعزوها للاصطلاح سُمعا (1) __________ (1) مراقي السعود البيت 167. (5/8) ________________________________________ إذًا الصواب أن اللغة توقيفية وعليه لا يجوز أن نقول: (اسْتَفْعَلَ). ساتفعل مثلاً ونقصد به التقديم والتأخير هنا، (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ وَالسِّيْنِ وَالتَّاءِ فِي أَوَّلِهِ) يعني في محل قريب من أوله، وقد تحذف التاء سماعًا في بعض المواضع نحو: اسْطَاعَ. أصلها اسْتِطَاعَ حذفت التاء للتخفيف فقيل: اسْطَاعَ يَسْطِيعُ أصلها اسْتِطَاعَ حذفت التاء للتخفيف، هذه إذا كانت الهمزة مكسورة وأما إذا فتحت اسْطَاعَ فحينئذٍ صار من باب الإفْعَالَ، اسْطَاع وصارت السين زائدة لأن أصله أَطَاعَ وقيل: أَطَاعَ بفتح الهمزة فحينئذٍ يكون من باب أَكْرَمَ يُكْرِمُ إِكْرَامًا، وقد زيدت السين على غير قياس يعني: يوقف على السماع. إذًا نقول: قوله: (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ وَالسِّيْنِ وَالتَّاءِ). أن التاء قد تحذف في بعض المواضع من باب التخفيف مثاله: اسْطَاعَ. أين التاء؟ حذفت لما حذفت؟ للتخفيف نقول: هذا إذا كان بكسر الهمزة اسْطَاعَ أما أَسْطَاعَ فحينئذٍ نقول: هذا من باب أَكْرَمَ يُكْرِمُ إِكْرَامًا من باب الإِفْعَال، وحينئذٍ تكون هذه السين أصلها طاع والسين زيدت على غير قياس (وَبِنَاؤُهُ) أي بناء هذا الباب (لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا)، (اسْتَخْرَجَ) قيل: هذا نُزِّلَ منزلة أَخْرَجَ، وَأَخْرَجَ هذا مُتَعَدِّي وأصله خَرَجَ وهو لازم، فلما زيدت الهمزة أَخْرَجَ صار اللازم مُتَعَدِّيًا، مثله: (اسْتَخْرَجَ). إذًا صار ماذا؟ صار للتعدية، اسْتَيْقَنَ قالوا: هذا بمنزلة أَيْقَنَ. وَأَيْقَنَ هذا متعدي إلى واحد، ... (وَبِنَاؤُهُ) أي هذا الباب (اسْتَفْعَلَ) (لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا، وَقَدْ يَكُونُ لاَزِمًا)، (قَدْ) هذا احتراز من قوله: (غَالِبًا). وهذا تصريح بما علم من مفهوم السابق لأن قوله: (وَبِنَاؤُهُ لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا). يعني في الأكثر. إذًا في غير الأكثر يكون ماذا؟ يكون لازمًا، لأن القسمة ثنائية إذا أثبتت التعدية في الأكثر لزم من ذلك من جهة المفهوم أن اللازم يكون كذلك لكنه على جهة القلة، وصرح بذلك فقال: (وَقَدْ يَكُونُ). أي باب اسْتَفْعَلَ (لاَزِمًا) فيرفع فاعلاً ولا ينصب مفعولاً به (مِثَالُ المُتَعَدِّي) المثال كما سبق معنا مرارًا جزئي يذكر لإيضاح القاعدة، والشامل جزئي يذكر لإثبات القاعدة فرق بينهما، (مِثَالُ المُتَعَدِّي نَحْوُ: اسْتَخْرَجَ زَيْدٌ المَالَ)، (اسْتَخْرَجَ) على وزن (اسْتِفْعَالاً) وهنا نصب مفعولاً به فدل على ماذا؟ على أن باب الاستفعال قد ينصب مفعولاً به (اسْتَخْرَجَ) فعل ماضي مبني على الفتح لا محل له من الإعراب فـ (زَيْدٌ) فاعل مرفوع ورفعه ضمة ظاهره على آخره و (المَالَ) منصوب، والعامل فيه (اسْتَخْرَجَ). إذًا اسْتَخْرَجَ رفع ونصب لأنه بمعنى أَخْرَجَ، أصله خَرَجَ وهو لازم فلما دخلت عليه الهمزة همزة التعدية عداه إلى مفعول واحد، كذلك (اسْتَخْرَجَ) بمعنى أَخْرَجَ، وَاسْتَيْقَنَ بمعنى أَيْقَنَ .. وهلم جرا. (5/9) ________________________________________ (وَمِثَالُ الَّلازِمِ) الذي يرفع فاعلاً ولا ينصب مفعولاً (نَحْوُ: اسْتَحْجَرَ الطِّيْنُ) (اسْتَحْجَرَ) (اسْتَفْعَلَ) الحاء والجيم والراء أصول والهمزة والسين والتاء هذه زوائد فحينئذٍ (اسْتَحْجَرَ) على وزن (اسْتَفْعَلَ)، (الطِّيْنُ) (اسْتَحْجَرَ الطِّيْنُ) أين المفعول به؟ ليس عندنا مفعول به لأن المراد هنا تحول الطين إلى الحجرية (اسْتَحْجَرَ الطِّيْنُ) بمعنى تحول إلى الحجرية ويلزم منه الصيرورة لماذا؟ لأن (اسْتَحْجَرَ الطِّيْنُ) دل على التحول بالبنية والزنة والصيرورة المشهور أنها يدل عليها بالسين فقط ونحن نبحث ماذا؟ نبحث ما يدل عليه البناء أو ما يدل عليه حرف من أحرف البناء؟ نحن نبحث عن ماذا؟ عن ما دل عليه البناء بمجموع الحروف بزيادة لما صار (اسْتَخْرَجَ) خَرَجَ فلما زيدت عليه الهمزة والسين والتاء صار ماذا؟ صار ستة أحرف بمجموعه يدل على معنى، هذا الذي يبحث عنه الصرفيون في مثل هذه المعاني، وليس المراد أن السين لوحدها تدل على كذا لأنه صار من ماذا؟ صار من مبحث الحروف المعاني، صار المبحث مبحث حروف المعاني وليس المراد هو هذا في هذا المقام وإنما ما يدل عليه البنية الميزان أو الوزن أو الصيغة بمجموعها ستة أحرف ولذلك نقول: (اسْتَحْجَرَ الطِّيْنُ) في مثل هذا المقام نقول: (اسْتَحْجَرَ) يعني: تحول (الطِّيْنُ) إلى حجرٍ، ويلزم منه الصيرورة ولا مانع أن يقال أيضًا: السين تدل على الصيرورة، لا مانع أن يقال: إن السين أيضًا تدل على الصيرورة كما سيأتي في الطلب (نَحْوُ: اسْتَحْجَرَ الطِّيْنُ) أي تحول الطين إلى الحجرية ويلزمه الصيرورة، (وَقِيلَ: لِطَلَبِ الفِعْلِ)، (وَقِيلَ) هذه لِمَ أتى بالقيل هنا؟ لماذا؟ للتضعيف، إذًا مجيء (اسْتَفْعَلَ) لطلب الفعل عند المصنف هنا ضعيف مع أن المشهور أن (اسْتَفْعَلَ) للطلب، لماذا ضَعَّفَهَ المصنف هنا؟ (وَقِيلَ: لِطَلَبِ الفِعْلِ) بعضهم يصحح يقول: ويكثر لطلب الفعل. يقول: (وَقِيلَ) هذا فيه خطأ من النُّسَّاخ والصواب أنه ويكثر لطلب الفعل. وهذا لا بأس به أيضًا لأن الأكثر في باب (اسْتَفْعَلَ) أنه للطلب، ما المراد بطلب (وَقِيلَ: لِطَلَبِ الفِعْلِ) يعني بناؤه موضوعٌ لطلب الفعل، أي لطلب فاعل من مفعوله أصل الفعل، إذا قيل: اسْتَغْفِرِ اللهَ مطلوب منك ماذا؟ إيجاد أصل الفعل وهو الاستغفار طلب المغفرة، هذا المراد بطلب فعل، هنا قال: (وَقِيلَ) لماذا مَرَّضَهُ؟ لعل وجه التمريض - كما ذكر الشراح هنا - وجه التمريض أن طلب الفعل المشهور أنه بالسين فقط يعني: مأخوذ من ماذا؟ (اسْتَفْعَلَ) اسْتَغْفِرِ اللهَ أو (أَسْتَغْفِرُ اللهَ) أطلب مغفرة الله، ما الذي دل على الطلب هنا المشهور هو السين، السِّين فقط فهل البحث هنا في - كما في ذكرناه سابقًا الآن - هل البحث في بنية الكلمة وما تدل عليه أو البحث فيما يدل عليه بعض أحرف البنية؟ (5/10) ________________________________________ الأول فحينئذٍ التمريض يكون على وزنه، لكن لا ينفي أن يكون ماذا؟ أن يكون أكثر باب اسْتَفْعَلَ للطلب ولو كان بحرف لماذا؟ لأن الكلمة لو ضعت على وزن اسْتَفْعَلَ بمجموع هذه الأحرف الستة تدل على التعدية تعدية معنى الفعل إلى المفعول به بعد ماذا؟ بعد تلبس الفاعل به، هذا معنى من المعاني يوضع له الفعل ولا بأس به، ولذلك يذكره كثيرًا المصنف فيما مضى، هذا معنى مأخوذ من ماذا؟ من بعض الحروف أو من البنية نفسها؟ من البنية نفسها، لكن الطلب هذا ليس مأخوذًا من البنية نفسها وإنما هو مأخوذ من السين وليس البحث فيه، فحينئذٍ قوله: (وَقِيلَ: لِطَلَبِ الفِعْلِ). ليس المراد به أن باب اسْتَفْعَلَ لا يأتي للطلب، وإنما يأتي للطلب لكن بواسطة حرف من الحروف التي زيدت على أصل الفعل الثلاثي المجرد، والبحث هنا فيما وضع له البناء بنفسه بمجموع الأحرف الستة، واضح هذا؟ إذًا (وَقِيلَ: لِطَلَبِ الفِعْلِ) هذا تمريض ولا بأس به يعني محق المصنف هنا أن يمرض هذا القول. لماذا؟ لأن طلب الفعل لم يفهم من الصيغة كلها (أَسْتَغْفِرُ) نقول: الطلب فُهِمَ من السين فقط وليس من البنية (أَسْتَغْفِرُ) وبحثنا في ماذا؟ في البنية وما وضعت له في لغة العرب، فَثَمَّ فرقٌ بينهما، فإذا قيل: البنية وضعت لطلب الفعل. نقول: ليس بصواب، واضح ليس بصواب، وإن كان هذا المشهور عند كثير من الصرفيون يفسرون (أَسْتَغْفِرُ) يقول: السين لطلب الفعل. لكن السين لوحدها والهمزة والتاء على أي شيء تدل؟ نقول: البنية كلها هي التي توضع لها المعنى لذلك المصنف مرض هذا القول وقيل بناؤه لطلب الفعل ولعل وجه تمريضه أن هذا البناء يكون متعديًا غالبًا ولازمًا تارةً بجميع حروفه الأصول والزوائد، لكونه يعد بمجموعها من السداسي، وأما معنى الطلب فمفهوم من السين فقط لا من مجموع البناء، هكذا ذكره الشارح، (نَحْوُ) أي مثال ما ذكر أنه لطلب الفعل (أَسْتَغْفِرُ اللهَ أَيْ: أَطْلُبُ المَغْفِرَةَ مِنَ اللهِ تَعَالَى) إذًا الطلب من أي شي فُهِمَ؟ نقول: من السين وليس من مجموع البناء مجموع الحروف الزائدة والأصلية. (5/11) ________________________________________ وبعضهم يرى أن (وَقِيلَ: لِطَلَبِ الفِعْلِ) أن ثَمَّ معارضة بين التعدية وطلب الفعل لأنه قال في الأول: (وَبِنَاؤُهُ لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا)، (وَقِيلَ: لِطَلَبِ الفِعْلِ) هذا عطف على ما سبق هل بينهما تعارض؟ لو قيل: وبناؤه (لِلتَّعْدِيَةِ) وبناؤه (لِطَلَبِ الفِعْلِ) هل بينهما تعارض؟ ليس بينهما تعارض، حينئذٍ لا يصح أن يُجعل قوله: (وَقِيلَ: لِطَلَبِ الفِعْلِ). لكونه في أصله وُضِعَ للتعدية، نقول: لأن التعدية هذا وضع عليه البناء من جهة العمل، وكونه لطلب الفعل وضع له البناء من جهة المعنى فلا تعارض، لا تعارض بينهما فليس حينئذٍ قوله: (وَقِيلَ: لِطَلَبِ الفِعْلِ). لكون قرر أولاً قوله: (وَبِنَاؤُهُ لِلتَّعْدِيَةِ). بل مراده أنه اشتهر عند الصرفيين وكثير من النحاة أن (اسْتَفْعَلَ) للطلب وليس كذلك بل الذي دل على الطلب هو السين وليست هي البنية، (أَسْتَغْفِرُ) هذه الهمزة همزة ماذا؟ همزة قطع لأن الفعل المضارع الهمزة فيه همز قطع مطلقًا من الثلاثي والرباعي والخماسي والسداسي مطلقًا (أَسْتَغْفِرُ) هذا من السداسي والهمزة فيه همزة قطع، إذًا نقول: من المعاني التي يَرِدُ عليها أو لها باب (اسْتَفْعَلَ) ما ذكره المصنف بقوله: (وَقِيلَ: لِطَلَبِ الفِعْلِ) وهو المراد به في قول بعضهم أنه يأتي للطلب وهذا هو الغالب على الصيغة لكنه بواسطة السين لا من جهة البنية، نحو (أَسْتَغْفِرُ اللهَ) كما ذكره المصنف، وَاسْتَفْهَمْتُهُ يعني: طلبت الفهم. اسْتَشَرْتُهُ يعني: طلبت مشورته وهذا الطلب يكون حقيقة، وقد يكون مجازًا اسْتَخْرَجْتُ الذَّهَبَ من الأرض هنا طلب من الأرض قالوا: هذا مجاز. اسْتَوْقَدْتُ النار يعني: طلبت من النار أن تَتَقِدْ حينئذٍ قالوا: هذا مجاز. النوع الثاني: المعنى الثاني الذي يَرِدُ له (اسْتَفْعَلَ) التحول الذي ذكرناه فيما سبق أي: أن الفاعل قد انتقل من حالته إلى الحالة التي يدل عليها الفعل (اسْتَحْجَرَ الطِّيْنُ) أي: تحول من الطين إلى الحجرية، ومَثَّلَ أيضًا الصرفيون بِاسْتَنْوَقَ الجمل إذا تخلق بأخلاق الناقة، اسْتَنْوَقَ على وزن اسْتَفْعَلَ اسْتَنْوَقَ الجمل أي: تخلق بأخلاق الناقة، وهذا على وجه التشبيه وقد يكون التحول حقيقةً كما ذكرناه في (اسْتَحْجَرَ الطِّيْنُ) أي: صار حجرًا أو تحول إلى الحجرية ويلزمه الصيرورة. الثالث: المصادفة. معنى الثالث المصادفة ومعناه أن الفاعل قد وجد المفعول على معنى ما صيغ منه الفعل، اسْتَكْرَمْتُهُ أي: وجدته كريمًا. يعني: يُنسب إلى المفعول ما اشْتُقَّ منه الفعل وهو الكرم اسْتَكْرَمْتُهُ أي: وجدته كريمًا. اسْتَعْظَمْتُهُ أي: وجدته عظيمًا. الرابع: اختصار حكاية الجمل. نحو: اسْتَرْجَعَ. إيش معنى اسْتَرْجَعَ؟ قالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون. هذا اختصار مثل: هَلَّلَ، وكَبَّرَ، وسَبَّحَ. الخامس: مطاوعة أَفْعَلَ. السابق أَكْرَمَ قد يأتي اسْتَفْعَلَ مطاوِعًا له، أَحْكَمْتُهُ فَاسْتَحْكَمَ إذًا وقع مطاوِعًا له. أَقَمْتُهُ فَاسْتَقَامَ وقد يجيء اسْتَفْعَلَ بمعنى فَعَلَ وهذا على خلاف القياس لماذا على القياس؟ .. نعم .... (5/12) ________________________________________ الأصل فيما أنه زيد على الثلاثي المجرد هذه قاعدة في الثلاثة الأنواع الأبواب السابقة كلها، الأصل فيما زيد على الثلاثي المجرد سواء زيد عليه حرف واحد فتدخل الأبواب السابقة، أو حرفان، أو ثلاثة، الأصل مغايرة المعنى في الثلاثي المزيد عن الثلاثي المجرد، هذا هو الأصل، وهذا هو القاعدة بناءً على ماذا؟ على أن زيادة المبنى تدل على زيادة في المعنى، فإذا جاء اسْتَفْعَلَ بمعنى فَعَلَ لِمَ زيدت الألف والسين والتاء؟ إذا جاء أَفْعَلَ بمعنى فَعَلَ لِمَ زيدت الهمزة صارت حشوًا، حينئذٍ نقول: إذا زيدت، زيد عليه حرف أو حرفان وجاء بمعنى فَعَلَ نقول: هذا قليل ويحكم بالسماع فقط، وقد يجيء اسْتَفْعَلَ بمعنى فَعَلَ أَنِسَ وَاسْتَأْنَسَ قالوا: بمعنى واحد. أَنِسَ وَاسْتَأْنَسَ، وَهَزَأَ به وَاسْتَهْزَأَ به، هزأ به فَعَلَ واسْتَهْزَأَ به قيل هذه بمعنى واحد إذًا ما الفائدة من الزيادة؟ نقول: هذا مرجعه إلى السماع، وهذا هو الأصل من صعب عليه النحو من جهة التعليلات والصرف يأخذها سماعًا ولا يعلل، لأنه الأصل لأن التعليلات هذه يعني كما يقال عند الصرفيين والنحاة لتشحيذ الذهن فقط، يعني الذهن إذا كان مغلق الدراسات النظامية أغلقت أشياء كثيرة فتأتي هذه العلل تيسر الطريق تفتح الطريق لأن التَّفَكُّرْ والتَّفْكِير والتأمل والتدبر في دقائق المعاني هذه تجعل الذهن يتوقف مباشرة، ولذلك الذي يكثر من هذه ابتداءً في شهرين أو ثلاثة الذهن عنده يفتح كثيرًا فتسهل عليه المصائب التي يسمعها. إذًا عرفنا المعاني التي يأتي لها باب اسْتَفْعَلَ، وباب اسْتَفْعَلَ هذا ينفرد عن النوع الثالث الأربعة الأبواب لماذا؟ لأنه كل الأبواب التي ستأتي الثاني والثالث والرابع تدل على معنى واحد، وهو: قوة المعنى وزيادته على أصله، وأما باب اسْتَفْعَلَ هو الذي انفرد بالمعاني الخمس التي ذكرناها. (5/13) ________________________________________ الباب الثاني من الأبواب الأربعة في النوع الثالث مما زيد فيه حرفان ... (افْعَوْعَلَ يَفْعَوْعِلُ افْعِيْعَالاً)، (افْعَوْعَلَ) كلما صعبت الكلمة في النطق قل استعمال العرب لها، وكلما خفت الكلمة على اللسان كثر استعمال العرب لها، ولذلك الثلاثي أكثر من الرباعي بكثير في لسان العرب يعني لغة العرب، ولو فتحت المعاجم القاموس ولسان العرب ونحوها لو جدت أن أكثر ما يذكره المصنف هو الثلاثي أكثر من الرباعي لماذا؟ لأن الرباعي بزيادة حرف واحد صار ثقيلاً عن الثلاثي فقل استعماله فكيف (افْعَوْعَلَ يَفْعَوْعِلُ افْعِيْعَالاً)؟ (افْعَالَّ يَفْعَالُّ) نقول: هذا قليل جدًا هذا قليل. لذلك لا يستصعب الصرفي مثل هذا (افْعَوْعَلَ يَفْعَوْعِلُ افْعِيْعَالاً)، ... (افْعَوْعَلَ) هنا عندنا ماذا من الوزن إذا أردنا أن نأخذ الحرف الزائد همزة الوصل والواو هذه ماذا؟ نطق بها بلفظها فقيل: افْعَوْ الواو نزلت في اللفظ كما هي والهمزة همزة الوصل نزلت في الوزن كما هي، لكن بقي ماذا؟ تكرار العين، العين مكررة فدل على أن الحرف الثالث الذي زِيد على الثلاثي المجرد من جنس عينه فحينئذٍ يقابل في الوزن بماذا؟ بالعين نفسها حينئذٍ هذه ثلاثة أحرف الهمزة والواو وإحدى العينين الأولى أو الثانية ... (افْعَوْعَلَ يَفْعَوْعِلُ) يَفْعَوْ بفتح الياء لأنه من السداسي (افْعِيْعَالاً) افْعِوْعَالاً هذا الأصل سكنت الواو وانكسر ما قبلها أو كُسِرَ ما قبلها فوجب قلب الواو ياءً لأنه يرد السؤال (افْعَوْعَلَ) الواو موجودة (يَفْعَوْعِلُ) الواو موجودة وفي المصدر أين ذهبت هربت؟! نقول: قلبت هي الياء المذكورة الموجودة افْعِي وقعت افْعَوْعَ وقعت الواو بين العينين أليس كذلك؟ ثم تنظر (افْعِيْعَالاً) بين العينين ياء من أين جاءت هذه الياء؟ قلبت الواو ياءً لماذا؟ لسكونها وانكسار ما قبلها لأن القاعدة أن السداسي كالخماسي المبدوء بهمزة الوصل أنه في المصدر يكسر ثالثه، وثالثه افْعَوْ التي هي العين أليس كذلك؟ كسرت العين في المصدر وبعدها ماذا؟ بعدها واوٌ ساكنة فلزم ماذا؟ سكنت الواو وانكسر ما قبلها فوجب قلب الواو ياءً، مثل مِيعَ أصلها مِوْعَ واو ساكنة قبلها ميم مكسورة فوجب قلب الواو ياء، مِوْزَان مِيزَان، نقول: مِيزَان من الوزن أيضًا أين الواو؟ نقول: أصلها مِوْ سكنت الواو وانكسر ما قبلها فوجب قلبها ياءً، وهذا مما يدل على أن اللغة توقيفية ولا يمكن أن تكون بهذه القواعد اصطلاحية، هذا يعجز عنها البشر أن يطرد يكون الأصل مطردًا كل ما وجدت الواو ساكنة انكسر ما قبلها إذًا لماذا وضعتها هكذا ضعوها مباشرة ميزان ولا تقول منقلبة عن واو ولا يكون لها أصل، يجعل أصلها واوي ويائي، لكن هذا يدل على ماذا؟ على أن الراجح وهو مذهب الأكثرين أن اللغة توقيفية، (افْعِيْعَالاً) إذًا عرفنا أن هذه الياء منقلبة عن واو (مَوْزُونُهُ: اعْشَوْشَبَ يَعْشَوشِبُ اعْشِيْشَابًا)، (اعْشَوْشَبَ) ما الذي زِيد؟ أصله عَشَبَ أو عَشُبَ هذا وجدتُ خلاف فيه أهو عَشَبَ أو عَشِبَ أو عَشُبَ بعضهم يرى أنه عَشُبَ كالشارح المتن وبعضهم يضبطه عَشَبَ ووجدت مثال للعرب يقول: ولا يقال عَشَبَتِ الأَرْضُ. (5/14) ________________________________________ وما استطعت أن أبحثها، لكن نأخذ المثال وتبحثون أنتم (مَوْزُونُهُ: اعْشَوْشَبَ) الهمزة همزة الوصل زائدة والواو والشين الثانية يعني: الواو وقعت بين عينين هنا بين عينين، العين الأولى الشين الأولى عين أصلية، والعين الثانية التي بعد الواو هذه عين زائدة وليست بأصلية وإنما هو حرف زيد من جنس عين الفعل، عَشَبَ الشين هي العين حينئذٍ لما زيدت الواو بين الشين العين وبين الباء التي هي اللام كررت العين قيل: (اعْشَوْشَبَ). إذًا ثلاثة أحرف (اعْشَوْشَبَ) وزائده ثالث ثاني المتجانسين اتفاقًا وسيأتي (يَعْشَوشِبُ اعْشِيْشَابًا) عندكم العين مفتوحة أليس كذلك؟ خطأ هذا اعْشِ بكسر الشين الأولى التي هي ثالث الفعل وقلب اعْشِوْ هذا أصلها اعْشِوْشَابًا سكنت الواو وانكسر ما قبلها فوجب قلبها ياءً (اعْشِيْشَابًا) أصلها اعْشِوْشَابًا فقلبت الواو ياء، (وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى سِتَّةِ أَحْرُفٍ) ثلاثة أصلية وثلاثة زائدة لأن أصله ما زيد على الثلاثي المجرد (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ)، الباء هنا للسببية يعني: كيف صار ستة أحرف، (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ فِي أَوَّلِهِ) وبزيادة حرف (آخَرَ مِنْ جِنْسِ عَيْنِ فِعْلِهِ) ليس المراد الجنس الذي هو عند أرباب التجويد وإنما المراد من جنس عينيه يعني: من مثل عينيه نفس الحرف الشين هو عينه الشين والراء هو عينه الراء والتاء هو عينه التاء .. وهلم جرا، (مِنْ جِنْسِ عَيْنِ) يعني: من مثل عينه. أو حرف زائدًا مماثلاً لعينه (وِالوَاوِ) هذا الحرف الثالث هنا قال: (وَحَرْفٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِ عَيْنِ فِعْلِهِ). ولم يبين موضعه فأبهم أليس كذلك؟ يَرِدُ السؤال (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ فِي أَوَّلِهِ) بَيَّنَ محل الزيادة هنا ليست متتالية كاسْتَفْعَلَ، لا، الزيادة هنا متفرقة، فحينئذٍ قال: (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ فِي أَوَّلِهِ). بَيَّنَ الزيادة (وَحَرْفٍ آخَرَ) يعني: بزيادة حرف آخر. (مِنْ جِنْسِ عَيْنِ فِعْلِهِ) وأين هذا الزيادة؟ نقول: قبل اللام قيدها قبل اللام ... (وِالوَاوِ) يعني: وبزيادة حرف وهو: الواو. (بَيْنَ العَيْنِ وَالَّلامِ) وحينئذٍ الشين تكون بعد الواو التي هي مكررة من عين الفعل (اعْشَوْشَبَ) صارت الشين بعد الواو أليس كذلك؟ فحينئذٍ الواو إذا أردنا من باب التقريب الواو زيدت بين العينين صحيح؟ الواو زيدت بين العينين، لكن العينين ليست أصلية وإنما إحداهما أصلية والثانية زائدة [أو قل: تقليد]. (5/15) ________________________________________ فالشين الأولى هي الأصلية والثانية هي الزائدة، فحينئذٍ يكون التثنية ليست على حقيقتها وهذا لا بأس به أن يقال: زيدت محل زيادة الواو بين العينين والقول كما قال المصنف هنا (وِالوَاوِ بَيْنَ العَيْنِ وَالَّلامِ) أيضًا لا حرج فيه لماذا؟ لأن مراده بالعين العين الأصلية واللام التي هي مقابلة للحرف الأخير حينئذٍ صح أن الواو زائدة بين العين واللام، كذلك (وَحَرْفٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِ عَيْنِ فِعْلِهِ) قبل اللام وبعد الواو، وزيادة الواو بين العينين لك أن تعبر هكذا، وزيادة الواو بين العين واللام ولا إشكال واضح هذا؟ إذا قيل: (اعْشَوْشَبَ) اخْشَوْشَنَ، اغْدَوْدَنَ، (اعْشَوْشَبَ) على المثال الذي ذكره المصنف الهمزة زيدت في أوله ولا إشكال قال: (وَحَرْفٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِ) عينه، ما هي عين فعل (اعْشَوْشَبَ) الشين، أين زيدت الشين هذه اتفاقًا أن الثانية هي المزيدة أين زيدت؟ أي جاوبوا أنتم. .. [واحد يجيب كيف أسمع من يجيب ها يا نبيل]. بين الواو واللام [أحسنت]، ويصح أن تقول: بين الواو واللام ... (اعْشَوْشَبَ) اعْشَوْ الواو ثم شَبَ الباء التي هي اللام إذًا زيدت الحرف الثاني من جنس عين الفعل زيدت بين الواو واللام، والواو أين زِيدت؟ بين العينين هذا لا إشكال بين العينين وكونها بين العينين نقول: لا ينافي ما ذكره المصنف لأن بعض أهل العلم يغلط المصنف هنا يقول: (وِالوَاوِ بَيْنَ العَيْنِ وَالَّلامِ) هذا خطأ ليس بصواب. نقول: لا، صواب، ولك أن تعبر بزيادة الواو بين العينين وتكون العين الأولى أصلية والثانية هي المزيدة، وأن تقول: والواو بين العين الأصلية واللام وتكون الواو قبل العين الزائدة، لا إشكال في هذا ولا في ذلك، ولا نغلط المصنف، إذًا قوله: (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ فِي أَوَّلِهِ وَحَرْفٍ آخَرَ). يعني: بزيادة حرف آخر من جنس أي: مماثل لعين فعله أين مكان الزيادة؟ نقول: قبل اللام نزيد، أو تجعله معطوف أو ما بعده معطوفًا عليه (وَحَرْفٍ آخَرَ) (وِالوَاوِ بَيْنَ العَيْنِ وَالَّلامِ) ولا إشكال أيضًا على هذا، (وَحَرْفٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِ عَيْنِ فِعْلِهِ وِالوَاوِ) والواو هذا معطوف على قوله حرفٍ آخر، إذًا بَيَّنَ لك أنه يزاد بعد الهمزة حرفٍ من جنس عين فعله (وِالوَاوِ) ثم بين لك محل الزيادتين فقال: (بَيْنَ العَيْنِ وَالَّلامِ). ولا إشكال أيضًا في هذا الوجه الثاني، فعبارة المصنف على أي وجهٍ صحيحان ولا داعي للتغلط. (وَبِنَاؤُهُ) أي: هذا الوزن أو هذا البناء مختص (لِمُبَالغَةِ الَّلازِمِ) لمبالغة في اللازم. يعني مبالغة في الفعل اللازم، يعني للدلالة على ماذا؟ على قوة المعنى وزيادته على أصله، هذا المراد بالمبالغة أنه أكثر معنًى من المعنى السابق، ولذلك أن يكون ماذا؟ يكون هذا الباب كله لازمًا ولا يكون متعديًا (وَبِنَاؤُهُ لمُبَالغَةِ) في الفعل (الَّلازِمِ) فيكون فرعًا عن اللازم وما كان فرعًا عن اللازم فهو لازم (لأَنَّهُ) أي: الحالة والشاهد (يُقَالُ عَشُبَ الأَرْضُ) ويصح عَشُبَتِ الأَرْضُ على ما ذكره المصنف بأنه من باب فَعُلَ، عَشُبَتِ الأَرْضُ عَشُبَ الأرض يجوز الوجهان الثأنيث لازم أو جائز؟ جائز، لماذا؟ (5/16) ________________________________________ لأنه مؤنث مجازي الأرض مؤنث مجازي لا فرج لها، فحينئذٍ نقول: يجوز عَشُبَتِ الأَرْضُ وَعَشُبَ الأرض لأنه يقال في لسان العرب: عَشُبَ من العْشُبِ وهو النبات الر#57.56 ... عَشُبَتِ الأَرْضُ أو عَشُبَ الأرض (إِذَا) ماذا؟ (إِذَا نَبَتَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ فِي الجُمْلَةِ) عَشُبَ الأرض عَشُبَتِ الأَرْضُ إذا نبت يعني العشب الذي هو الكلأ. (نَبَتَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ) وجه هذا قيل إمَّا إنه زائد على الأرض وإما أنه وزن القول بزيادة الأسماء هذا خلاف الأصل، وإنما القياس يكون في الحروف، إما أن يكون على الأرض وتكون وجه هذا مزيد زائد وهو اسم خلاف الأصل وإما أن يكون (عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ) بمعنى على ظهر الأرض أو على سطح الأرض يعني: يجوز أن يكون له معنًى مستقل ويكون (عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ) يعني: على سطح الأرض. (فِي الجُمْلَةِ) يقال في الجملة وبالجملة، في الجملة هذا يقال في القلة، وبالجملة بالباء هذا يقال في الكثرة، إذا كان الحكم #59.03 .... مثل المجموع والجميع، (فِي الجُمْلَةِ) يعني في البعض. وبالجملة يعني: في الكثير الذي يكاد أن يكون مستوفٍ من الكل مثل الجميع والمجموع عند المناطقة، (فِي الجُمْلَةِ) أي المعنى، المعنى إذا قيل في الجملة نبت النبات على الأرض نباتًا كائنًا في الجملة فيكون حاصل المعنى صار الأرض ذا نبات قليل لماذا؟ لأنه قال: (فِي الجُمْلَةِ). إذا قيل: عَشُبَتِ الأَرْضُ. بمعنى النبات قد طرأ على وجه الأرض لكنه قليل إذا كان النبات هذا كثير كيف تصنع في لغة العرب؟ تأتي به على وزن (افْعَوْعَلَ) تنقله من فَعُلَ إلى باب (افْعَوْعَلَ) فحينئذٍ تقول: اعْشَوْشَبَتِ الأَرْضُ. يعني: صار النبات فيها كثير مبالغة للأول لماذا؟ لأن الزيادة في المبنى تدل على زيادة في المعنى، فإذا كان قوله: عَشُبَتِ الأَرْضُ. دلت على أن الأرض سطح الأرض أو وجه الأرض قد طرأ عليه الكلأ فحينئذٍ إذا زيد على الفعل ثلاثة أحرف يدل على أن المعنى قد ازداد وأن المعنى قد قوي على وجه الأرض وهو النبات هنا وهو النبات، ... (وَيُقَالُ اعْشَوْشَبَ الأَرْضُ) اعْشَوْشَبَت أيضًا (إِذَا كَثُرَ نَبَاتُ وَجْهِ الأَرْضِ) (إِذَا كَثُرَ) إذًا فيه مبالغة أو لا؟ فيه مبالغة، عَشُبَتِ الأَرْضُ هذا فيه هذا لازم ولما قيل: اعْشَوْشَبَتِ الأَرْضُ هذا فيه زيادة معنى على الأول، إذًا يقال في الجملة ويستعمل في القلة وبالجملة يستعمل في الكثرة لو قال في الثاني: إذا كثر نبات وجه الأرض بالجملة. لكان جيدًا (وَيُقَالُ اعْشَوْشَبَ) الشين هذه زائدة أليس كذلك؟ حكمنا عليه بأنها زائدة وحرف الزيادة عند الصرفيين ((سألتمونيها)) أو ((اليوم تنساه)) مجموعة في هذا هل منها الشين؟ ليست منها الشين كيف حكمنا بأنها زائدة؟ نعم التكرير وإذا كانت للتكرير. .. (5/17) ________________________________________ [أحسنت] إذا لكانت للتكرير الحرف المزيد لأن الزيادة كما سبق إما أن تكون بأصل الوضع وهذه ليست داخلة معنا، وإما أن تكون للإلحاق أو للتكرير أو لغيرهما، إن كانت لغيرهما هي التي تكون محصورة في ((اليوم تنساه))، لا يجوز الزيادة إلا من هذه الأحرف العشرة ((اليوم تنساه))، ((سألتمونيها))، وأما ما زيد للإلحاق أو للتكرير إذا كان من جنس العين أو من جنس اللام فهذا يزاد فيه أي حرف ولا نتقيد بهذه الحرف. (5/18) ________________________________________ (البَابُ الثَّالِثُ: افْعَوَّلَ يَفْعَوِّلُ افْعِوَّالاً) (افْعَوَّلَ) بزيادة همزة الوصل وبزيادة واوين بين العين واللام ثلاثة أحرف، وصار بها ستة سداسي مزيد، (افْعَوَّلَ) الفاء أصل، والعين أصل، واللام أصل، ما الذي زِيد؟ الواوان عندنا مدغم هذه الواو ساكنة والثانية متحركة وهمزة الوصل في أوله (يَفْعَوِّلُ افْعِوَّالاً) (يَفْعَوِّلُ) أيضًا يقال فيه بفتح حرف المضارعة (افْعِوَّالاً) هذا المصدر يكون بماذا؟ بكسر ثالثه، قاعدة عامة كل ما كان من الماضي مبدوءً بهمزة وصل فالمصدر مباشرة كسر الثالث وزده مدة قبل آخره قبل اللام، قاعدة مطردة ولذلك لما انتفى الاطراد عن الثلاثي هناك قيل بأنه سماعي، يعني الثلاثي وسيأتي أنه قياسي (افْعِوَّالاً) إذًا كسر ماذا؟ العين كسرت العين وزيدت مدةً قبل اللام فقيل افْعِوَّا هذه المدة زيدت لماذا؟ مدة المصدر، هنا يَرِدُ سؤال يقال: (افْعِوَّالاً) الواو الأولى عندنا واوان الأولى ساكنة أليس كذلك؟ الحرف المدغم في جنسه الأول ساكن والثاني متحرك، إذًا الواو الأولى ساكنة وكُسِرَ ما قبلها صحيح؟ افْعِ كسرت العين والقاعدة أنه إذا سكنت الواو وانكسر ما قبلها وجب قلبها ياءً وهنا لم تقلب ياءً، إذًا الواو الأولى هكذا قال بعضهم الواو الأولى ساكنة وكسر ما قبلها فلم تقلب ياءً على القاعدة لماذا؟ لأنها بإدغامها استعصت على القاعدة صارت قوية بأختها لأنها دخلت في الحرف المتحرك فقيل: الحرف الساكن الأول تلى ساكن، فلذلك تقوت واستعصت على القاعدة، فحينئذٍ لا نستطيع أن نطبق القاعدة لأن الحرف الذي قلنا إن الواو الأولى ساكنة وانكسر ما قبلها ليس ساكنًا بمعنى كلمة ساكن فليس السكون هنا خالص فلما أدغمت في الواو المتحركة وهي من جنسها قويت فصارت عندها قوة واستعصت على القاعدة خرجت عن القاعدة فحينئذٍ انفردت بكونها لم تقلب الواو ياءً فاستعصت على القاعدة ولأن أختها متحركة (مَوْزُونُهُ اجْلَوَّذَ يَجْلَوِّذُ اجْلِوَّاذًا) هذا أصله جَلَذَ الإبل إذا سار بسرعةً إذا سار أو نوع من السير نوع من سير الإبل، (اجْلَوَّذَ) البعير مثلاً (يَجْلَوِّذُ) على وزن (يَفْعَوِّلُ افْعِوَّالاً) وهذا الباب على صعوبة النطق به لذلك قيل لم يسمع إلا ثلاثة كلمات اجْلَوَّذَ وَاعْلَوَّطَ وَاخْرَوَّطَ، اعْلَوَّطَ الفرس إذا ركبه بغير سراج، وَاخْرَوَّطَ الطريق إذا ماذا؟ إذا طال وامتد اخْرَوَّطَ الطريق إذا طال وامتد، وَاعْلَوَّطَ البعيرَ إذًا ليس لازمًا دائمًا قد يأتي لمبالغة المتعدي مثل اعْلَوَّطَ البعيرَ وهو بعير؟ لا، اعْلَوَّطَ الفرس ركبه بغير سراج، وَاجْلَوَّذَ هذا لازم، وَاخْرَوَّطَ الطريقُ هذا لازم بعضهم يقول: لا أعرف رابعةً لهذه الكلمات، على كلٍّ لو جد فهي خمسة أو ست أو سبعة لا تصل إلى عشرة. (5/19) ________________________________________ (وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى سِتَّةِ أَحْرُفٍ) ثلاثة أصلية وثلاثة زائدة (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ فِي أَوَّلِهِ) بيان لمحل الزيادة (وِالوِاوَيْنِ) زيدتا معًا، فأدغمت الأولى في الثانية (بَيْنَ العَيْنِ وَالَّلامِ) هذا بيان لمحل زيادة الواوين، (وَبِنَاؤُهُ أَيْضًا لِمُبَالَغَةِ الَّلازِمِ) بناؤه أيضًا آضَ يَئِيضُ أَيْضًا يعني كما بُنِيَ الباب السابق وهو (افْعَوْعَلَ) لمبالغة في اللازم كذلك الباب الثالث بني لمبالغة اللازم أي لإفادة المبالغة والكثرة في أصل الفعل اللازم لأن ما يكون لمبالغة اللازم يكون لازمًا أصلاً وفرعًا كما ذكرناه سابقًا. (وَبِنَاؤُهُ أَيْضًا) مختص (لِمُبَالَغَةِ) الفعل (الَّلازِمِ لأَنَّهُ) لأن الحال والشأن يقال في لسان العرب وفي لغة العرب (جَلَذَ الإِبِلُ) وهو نوع من السير (إِذَا سَارَ سَيْرًا بِسُرْعَةٍ) يعني فيه نوع السرعة ليست السرعة التامة وإنما نوع السرعة فإذا أسرع البعير أو الإبل قيل: (جَلَذَ الإِبِلُ). هكذا ثلاثي فإذا زاد سرعة شوي أو بلغ الغاية في السرعة يقال: اجْلَوَّذَ الْبَعِيرُ. ويقال: اجْلَوَّذَ الإِبْلُ إذا سار سيرًا بزيادة السرعة (إِذَا سَارَ) هذا يقال فيه ما قيل في السابق إذا سارت الإبل بالتأنيث سيرًا بزيادة سرعةٍ يعني: سار سيرًا سريعًا لا سرعة فوقها، إذًا يقال: (جَلَذَ الإِبِلُ). وهذا فيه دلالة على أنه سار سيرًا بسرعة ولكن في الجملة، وإذا زاد السرعة على ما سبق كيف تعبر عنه؟ تقول: اجْلَوَّذَ الإِبْلُ. يعني: بلغ المنتهى في السرعة. (البَابُ الرَّابِعُ: افْعَالَّ يَفْعَالُّ افْعِيعَالاً) عندكم افْعِيعَالاً هكذا في النسخ افْعِيعَالاً والصواب افْعِيلالاً يعني: تجعل العين الثانية لامًا، افْعِيلالاً، ولذلك من أخذ عن الكتب يقولون: لم يفلح. يقرأ هكذا (افْعَالَّ يَفْعَالُّ افْعِيعَالاً) فيُدَرِّس هكذا (افْعِيْعَالاً) وهو خطأ افْعِيلالاً أصله (افْعَالَّ) زيدت ماذا؟ الهمزة في أوله والألف بين العين واللام وحرف من جنس لامه، ولذلك صار اللام مدغمًا هنا، لماذا أدغم اللام في الوزن؟ لأن زيادة الحرف الثالث من جنس اللام، إذًا الهمزة في أوله، والألف بين العين واللام، وتكرار اللام، يعني: زيادة حرفٍ من جنس للامه، افْعِي (يَفْعَالُّ) أيضًا يقال فيه بأنه بفتح حرف المضارعة افْعِيلالاً أين الألف التي زيدت بين العين واللام؟ هي التي قلبت ياء لأن الياء هذه من أين جاءت دائمًا في المصدر إذا جاءت واو ولم تكن في الفعل الماضي نقول: من أين جاءت هذه الواو لا بد من علة، وإذا كانت هناك [عين] واوًا في الماضي ثم صارت ياءً لا بد من السؤال، ودائمًا إذا كانت الواو في الماضي وجاءت الياء في المصدر فالواو منقلبة ياء وإذا كان العكس فحينئذٍ تكون الياء منقلبة عن واو، وهنا (افْعَالَّ) الألف وليست عندنا واو ولا ياء فكيف صارت افْعِيلالاً؟ نقول: الألف إذا كُسر أو ضم ما قبلها وجب قلب الأف بحرف من جنس الحركة التي قبلها، فإذا كسر ما قبلها وجب قلب الألف ياءً، وإذا ضم ما قبلها وجب قلب الألف واوًا، وإذا فتح ما قبلها؟ ... كيف؟ . (5/20) ________________________________________ ماذا يحصل؟ إذا فُتِحَ ما قبل الألف نقلبها ماذا؟ ألفًا ما تُقلب شيء، لماذا؟ لأن الألف لا يناسبها ما قبلها إلا مفتوحًا فإذا كان مفتوحًا حينئذٍ وجب إبقاء الألف على ما هي عليه، وأما لو ضم أو كسر فحينئذٍ يتعذر النطق بألف قبلها كسرة أو قبلها ضمة، فوجب قلب الألف واوًا أو ياءً، فحينئذٍ هنا افْعِ قلنا على القاعدة كسر الثالث لأنه فعل ماضي مبدوء بماذا؟ بهمزة الوصل فمصدره بكسر ثالث مع زيادة ألف المد قبل لامه. (5/21) ________________________________________ وهنا كسر افْعِ جاءت الألف لا يمكن النطق بألف قبلها كسرة فوجب قلب الألف ياءً فقيل افْعِيلالاً قلبت الألف في المصدر ياءً بعد كسر عينه حملاً على قلب الواو ياءً في مصدر (افْعَوْعَلَ) والقاعدة الأولى هي الأصح لأن الألف إذا كُسر ما قبلها تقلب من حركة جنس ما قبلها وهذا خاص بالكسر والضمة، وأما إذا كانت مفتوحة فتبقى على أصلها. (مَوْزُونُهُ احْمَارَّ يَحْمَارُّ احْمِيرَارًا) (احْمَارَّ) ما الذي زِيد هنا؟ ما الذي زيد؟ همزة الوصل والألف بين العين واللام وتكرار اللام (احْمَارَّ) أصلها احمارر، اجتمع مثلان فوجب إدغام الأول في الثاني ولو كان الأول ساكنًا لا إشكال ولو كان الأول متحركًا وجب إسقاط حركة الأولى ليتمكن من الإدغام، فهنا قيل: (احْمَارَّ) في الماضي وجب الإدغام لوجود شرطه - وسيأتي في آحر الكتاب مبحث الإدغام - (يَحْمَارُّ) أيضًا وجد شرطه وهو اجتماع مثلين وسكن أولهما سواء ابتداءً أو إسقاطًا للحركة للتمكن من الإدغام (احْمِيرَارًا) احْمِ هذه الألف التي زيدت قلبت ياءً لانكسار ما قبلها افْعِ قلنا الياء منقلبة عن [ألف المصدر] (1) عن الألف عفوًا عن الألف وهنا (احْمِيرَارًا) أين ألف المصدر؟ إيش فيكم يا إخوان؟ التي بين الراءين هي ألف المصدر والألف الأولى التي انقلبت ياءً ما نوعها؟ هي الحرف الزائد، أما نقول في الأول: (افْعَالَّ) يزاد فيه تكرار اللام والهمزة همزة الوصل والألف بين العين واللام، هل هذه الثلاث الزيادات موجودة في المصدر؟ موجودة؟ احْ الهمزة، مِي الألف بين العين واللام، رَارًا كررت اللام موجودة أو لا؟ وزيد عليه ماذا؟ ألف المصدر فصار في احْمِرَارًا كم حرف زائد؟ أربعة أحرف لماذا؟ لأن المصدر لا بد من علامة تدل عليه وجعلوا له المدة قبل اللام، إذًا ... (احْمِيرَارًا) هنا فيه أربعة زيادات الزيادات الثلاث التي في الماضي موجودة كما هي في المصدر مع قلب الألف ياءً لوجود المقتضِي وهو كسر ما قبلها، وزيدت مدة وهي ألف المصدر بين اللامين اللام الأصلية واللام الزائدة، ولذلك فُك الإدغام لماذا قيل: (احْمَارَّ يَحْمَارُّ) بالإدغام ثم قيل: ... (احْمِيرَارًا)؟ لعدم وجود المقتضِي أين المثلان اللذان اتصلا بعضهما ببعض، لَمَّا وجدت الألف، ألف المصدر فصلت بين الراءين فامتنع الإدغام امتنع الإدغام، (وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى سِتَّةِ أَحْرُفٍ) ستة أحرف يعني: سداسي ثلاثة أصلية وثلاثة زائدة (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ فِي أَوَّلِهِ وَالأَلِفِ)، (فِي أَوَّلِهِ) هذا بيان محله (وَالأَلِفِ بَيْنَ العَيْنِ وَالَّلامِ، وَحَرْفٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِ لاَمِ فِعْلِهِ فِي آخِرِهِ) يعني: بتكرار اللام، وعليه حدد لك الموضع وهو أن محل الزيادة هي اللام الثانية، فاحْمَارَّ الراء الثانية هي الزائدة وليست الراء الأولى لأنه قال: (فِي أَوَّلِهِ). وقال: (وَحَرْفٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِ لاَمِ فِعْلِهِ فِي آخِرِهِ). __________ (1) سبق لسان استدركه الشيخ. (5/22) ________________________________________ فالثاني هو الزائد (وِبِنَاؤُهُ) البناء هذا البابي (افْعَالَّ) مختص (لمُبَالَغَةِ الَّلازِمِ) (لمُبَالَغَةِ) في الفعل (الَّلازِمِ) وعليه يكون الأصل لازمًا الذي جيء هذا الباب للدلالة على المبالغة ويكون الفرع كذلك لازمًا، لأن هذا الباب فرع أصله حَمِرَ زَيْدٌ، حَمِرَ هذا حَمِرَ زَيْدٌ لازم أريد المبالغة إذًا ما هو الأصل حَمِرَ ثم جاء الفرع وهو (احْمَارَّ) صار (احْمَارَّ) هذا فرع عن حَمِرَ إذا كان الأصل لازمًا فالفرع يكون لازمًا من باب أولى (وِبِنَاؤُهُ لمُبَالَغَةِ الَّلازِمِ؛ لَكِنْ) هذا استدراك لماذا؟ لأنه قد يتحد إلى هنا قد يفهم اتحاد البابين (افْعَلَّ) السابق (احْمَرَّ يَحْمَرُّ احْمِرَارًا) (افْعَلَّ يَفْعَلُّ) و (افْعَالَّ يَفْعَالُّ) وقلنا: مذهب سيبويه هو أن ذاك الباب مقصور من هذا الباب وعليه فهو باب واحد، لأن احْمَر أصله (احْمَارَّ) قُصِرَ منه وهذا لا بأس به قلنا بحذف بعض الكلمة أو حرف منها فيكون فرعًا وله أصل، فعند سيبويه باب (افْعَلَّ) و (افْعَالَّ) واحد، ولكن المشهور عند الصرفيين وهم الجمهور أن ثَمَّ فرقًا بين البابين ولكن التفريق عسير، ولذلك عنون هناك باب (افْعَلَّ) وباب (افْعَالَّ) لماذا؟ لأن كلاً منهما مستقل بمعنًى يزيد عن الآخر، نظروا إلى شدة المبالغة فجعلوه بابًا مستقلاً (لَكِنْ) هذا حرف استدراك والاستدراك هو تعقيب الكلام برفع ما يتوهم ثبوته أو نفيه وهنا قد يُتوهم ماذا؟ استواء البابين، فقال لك: (لَكِنْ). (5/23) ________________________________________ يتوهم المتوهم أن باب (افْعَلَّ) هو عينه باب (افْعَالَّ) فقال لك: (لَكِنْ) لا، الوهم هذا لا بد من طرده لا بد من إخراجه (لَكِنْ هَذَا البَابُ) دفع التوهم بناء (هَذَا البَابُ أَبْلَغُ) باب افْعَالَّ بالمد (أَبْلَغُ مِنْ بَابِ الاِفْعِلاَلِ) الذي هو باب (احْمَرَّ يَحْمَرُّ احْمِرَارًا) هذا الباب أبلغ من ذلك الباب أي: أن هذا الباب أكثر مبالغة أبلغ هذا اسم تفضيل، إذًا هذا الباب أكثر مبالغةً من باب الإِفْعِلال لماذا؟ لأن باب الإِفْعِلال من الخماسي وهذا من السداسي، وزيادة المبنى تدل على زيادة في المعنى فلذلك فصلوه عن سابقه، وسيبويه يرى أن باب (افْعَلَّ) خماسي فرعًا لا أصلاً وأصله سداسي، فلا فرق بينهما عنده، لكن هذا الباب أي: باب (افْعَالَّ) (أَبْلَغُ) يعني: أكثر مبالغةً (مِنْ بَابِ الاِفْعِلاَلِ) لأن زيادة البناء تدل على زيادة في المعنى (لأَنَّهُ يُقَالُ) في لسان العرب (حَمِرَ زَيْدٌ) من الثلاثي حَمِرَ على وزن فَعِلَ لأن ما كان من الألوان من الثلاثي يأتي على وزن فَعِلَ (لأَنَّهُ) يعني: لأن الحال والشأن الضمير ضمير الشأن (يُقَالُ) في لسان العرب (حَمِرَ زَيْدٌ) من الثلاثي (حَمِرَ) يعني: إذا كان له حمرة في الجملة يعني قليلة في الجملة عرفنا أنه يستعمل في القلة، (إِذَا كَانَ لَهُ) إذا حصل لزيد له لزيد (حُمْرَةٌ فِي الجُمْلَةِ) قليلة ... (وَيُقَالُ) في لسان العرب (احْمَرَّ زَيْدٌ) احْمَرَّ على وزن افْعَلَّ الذي هو الباب ذكر في أنواع الخماسي (إِذَا كَانَ) لزيد (حُمْرَةٌ مُبَالغَةً) أي: كثيرة بنوع كثرة لم تبلغ النهاية وإنما كثيرة باعتبار ما قبلها، (وَيُقَالُ) أيضًا في لسان العرب (احْمَارَّ) من هذا الباب سداسي (احْمَارَّ زَيْدٌ) من هذا الباب (إِذَا كَانَ لَهُ حُمْرَةٌ زِيَادَةَ مُبَالَغَةٍ) أي أكثر مبالغة من السابق، إذًا ارتفاعًا من القلة إلى الكثرة تقول: حَمِرَ زَيْدٌ احْمَرَّ زَيْدٌ احْمَارَّ زَيْدٌ، احْمَارَّ زَيْدٌ حَمِرَ زَيْدٌ على جهة التنزه لكن هذا ليس بموجب أن يجعل باب مستقلاً لأن تميز المبالغة بعضها عن بعض هذا نسبي، وإذا كان نسبيًا حينئذٍ لا نحتاج إلى وضع باب مستقل، لكن المشهور هذا أنه باب مستقل، والمشهور أنه أيضًا يكون تَفْعَلَّ كباب الإِفْعِلال يعني: يكون خاصًا بالألوان والعيوب، وإذا سُمِعَ من باب (افْعَلَّ) أو (افْعَالَّ) من غير العيوب والألوان فيجعلونه قليلاً يعني: الأصل القياس المطرد أن يكون باب (افْعَلَّ) و (افْعَالَّ) للألوان والعيوب، وإذا جاء من غير الألوان والعيوب فيجعلونه قليلاً، ولذلك يقال: اقْطَارَّ النبت أي: ولى وأخذ يجف. اقْطَارَّ النبت ويقال: ابْهَارَّ الليل. إذا اشتدت ظلمه، وَابْهَارَّ القمر إذا كثر ضوؤه، واضح هذا؟ إذًا سُمِعَتْ بعض الكلمات ليست من الألوان وهي على وزن (افْعَالَّ) كـ اقْطَارَّ وَابْهَارَّ - وابْهَارَّ هذا من ظلمة الليل # 1.23.44الليْل إذا اشتدت ظلمته وَابْهَارَّ القمر إذا كثر ضوؤه، كيف كثر ضوؤه واشتد ظلمته؟ وهذا من الألفاظ التي تُستعمل باب التضاد وإنما تميز بموصوفها. (5/24) ________________________________________ إذًا عرفنا النوع الثالث وهو: ما زيد على أصله [حرفان] ثلاثة أحرف، وصار بها سداسيًّا، وبهذا نختم مبحث الثلاثي المجرد والمزيد، لأن المجرد المراد به ما كان على ثلاثة أحرف فقط، والمزيد ما كان أصله ثلاثيًّا مجردًا فزيد عليه إما حرف أو حرفان أو ثلاثة، وذكرنا من المسائل التي نص عليها أو نبه وأشار إليها المصنف بذكر المصادر أو ذكر مصادر المزيد مزيد ثلاثي لماذا؟ بناءً على أنه من باب القياس وأسقط مصادر الثلاثي باب فَعَلَ فَعِلَ فَعُلَ لم يذكر المصادر قال: (فَعَلَ يَفْعُلُ) كـ (نَصَرَ يَنْصُرُ) و (فَعَلَ يَفْعِلُ) كـ (ضَرَبَ يَضْرِبُ). وأسقط المصادر لماذا؟ جريًا على المشهور عند الصرفيين بأن مصادر الثلاثي سماعية وليست قياسية لماذا؟ لأنها غير مطردة عندهم شرط أن المصدر لا يخرج عنه فرد من أفراد كما هو في القاعدة ... (اسْتَفْعَلَ يَسْتَفْعِلُ اسْتِفْعَالاً) كل المصادر التي على وزن (اسْتَفْعَلَ) ماضيها (اسْتَفْعَلَ) فلا تخرج عن كسر الثالث وزيادة مدته قبل لامه، أما فَعَلَ وَفَعِلَ وَفَعُلَ هذا غير مطرد ولكن المشهور كما ذكرنا - وهو مذهب سيبويه -المشهور أنها سماعية، والمشهور عند المتأخرين وخاصة بعد ابن مالك لأنه جعلها قياسية نص عليه. فَعْلٌ قياس مصدر المعدى. نص عليه فَعْلٌ قِيَاسُ مَصْدَرِ الْمُعَدَّى ... مِنْ ذِي ثَلاثَةٍ كَرَدَّ رَدّا (1) __________ (1) الألفية البيت 440. (5/25) ________________________________________ فذهب كثير ممن تابع ابن مالك رحمه الله وهو منسوب لسيبويه أنها قياسية، وهذا هو الأصح أنها قياسية وما خرج عن القياس يحفظ ولا يقاس عليه، وكل قاعدة لها مستثنيات فكون الأكثر في باب فَعَلَ المتعدي يأتي على فَعْل أكثر الأوزان مصادر تأتي على وزن فَعْل، فإذا خرج بعضها عن وزن فَعْل فحينئذٍ لا نحكم بكون فعل هذا ليس بقياس وإنما هو سَمَاع؟ لا، نقول: هو قياس وما عداه فهو محفوظ، والذي ينبني على هذا ذكرنا في السابق أن اللغة كلها نقلية، فحينئذٍ ما الفائدة إذا قيل هذا قياس وهذا سماعي؟ لأن مرد القياس الحقيقةً مرده إلى السماعي لأنه لا يجوز إذا سُمِعَ في لغة العرب فَعَلَ سَخِطَ سُخْطًا، سَخِطَ هذا لا يأتي على السُّخْط هل لك أن تأتي به على القياس فتقول: فَعِلَ سَخِطَ زَيْدٌ. إذًا كان فَعِلَ اللازم لا يأتي فَرِحَ فَرَحًا يأتي على وزن ماذا؟ على فَعَلٍ بتحريك الفاء والعين، إذا قيل فَعِلَ اللازم قياسه فَرَحُ طيب سَخِطَ سُخْط فحينئذٍ لا نأتي به على القياس ونقول: هذا سماعي وما جاء على قياس لا يصح إخراجه عن القياس كما أن ما خرج عن القياس لا يصح إجرائه على القياس، فحينئذٍ يصير المرجع في النوعين إلى السماع، وإنما الفائدة التي يستفيدها الطالب والناظر أنه إذا سمع فِعْلاً ثلاثيًّا ولم يقف على مصدره فيأتي به مباشرة على الوزن يأتي به يعني مثلاً ما يعرف ضَرَبَ أنه على وزن الضَّرْب لكن يعرف أن ضَرَبَ فَعَلَ متعدي وقياس مصدر فعل المتعدي على فَعْلٍ فيأتي به ولو لم يرجع إلى المراجع، فيقول وزنه أي مصدره على وزن فَعْلٍ بسكون العين وفتح الفاء، فلو ثبت أنه أخطأ فحينئذٍ يجب التصويب من كتب اللغة، فحينئذٍ صار المرجع إلى السماع، وإنما الفائدة فيما يقال في إنه قياسي الفائدة فيه أنه مباشرة يأتي به على الوزن الذي يعرفه، يعني لا يحتاج أنه كل كلمة تسمعها لا بد أن تفتح اللسان وتبحث، كل كلمة مصدر تريد أن تنطق به فتفتح اللسان والقاموس والمختار .. إلى آخره، فتنظر كيف نطق به العرب ثم تنطق نقول: هذا صعب وإنما اللغة أقيسة وأصول وقواعد عامة فحينئذٍ تأتي به على ما عرفت أنه قياسي ولو قيل إنه سماعي للزم أن كل فعل لا بد أن نقف على العرب ماذا نطقت به، لا بد أن تقف فتقول: ضرب لا بد أن تقف على اللسان فتقول: نطقت العرب بكذا. وهذا متعذر ما يمكن، مثله مثل الفعل نقول: ما كان على وزن فَعَلَ نأتي به على وزن يَفْعُلُ أو يَفْعَلُ أو يَفْعِلُ لكن لكل لها شروط، فحينئذٍ تأتي بالفعل المضارع مباشرةً دون نظر إلى سماع تلك الكلمة بعينها من لغة العرب، وإلا ما الفائدة من دراسة الصرف والقواعد والنحو ... إلى آخره، أن الفائدة أنك تقيس ما تسمعه على ما أُصِّلَ وقُعِّدَ عند النحاة وبعد ذلك إذا تبين لك أخطاء فتصحح الخطأ. (5/26) ________________________________________ نقول: الصواب أن الثلاثي المجرد مصادره قياسية هذا هو الصواب - عشر دقائق وننتهي منها - فَفَعَلَ وهو الأصل الغالب الكثير في لغة العرب فَعَلَ وَفَعِلَ هذا يأتي بعده منزلة لثقله ثم فَعُلَ بضم العين، فَعَلَ وَفَعِلَ المتعدِّي لأن فَعَلَ يأتي متعدي ولازم والأكثر أنه يأتي متعدي، وَفَعِلَ بكسر العين يأتي لازم ويأتي متعدي إذًا المتعدي من باب فَعَلَ وفَعِلَ يأتي على وزن فَعْلٍ بفتح الفاء وإسكان العين، هذا هو القياس فيه قال ابن مالك: فَعْلٌ قِيَاسُ مَصْدَرِ الْمُعَدَّى (1) __________ (1) الألفية البيت 440. (5/27) ________________________________________ الْمُعدَّى أطلق هناك المعدَّى هذا عام يشمل ما كان من باب فَعَلَ وما كان من باب فَعِلَ ولا يدخل فَعُلَ لأنه لا يكون متعديًا، إذًا لا يكون متعديًا وإنما يكون لازمًا دائمًا، إذًا فَعَلَ وفَعِلَ المتعدي يكون مصدره على وزن فَعْلٍ ضَرَبَ ضَرْبًا وَرَدَّ رَدًّا وَفَهِمَ فَهْمًا وَأَمِنَ أَمْنًا، إذًا أَمِنَ على وزن فَعِلَ أَمِنَ زَيْدٌ الْعَدُوَّ إذًا هو متعدي وهو على وزن فَعِلَ تأتي به على وزن أَمْنٍ فَعْلٍ وسواء كان معتل الفاء كـ وَعِدَ وَعْدًا أو أجوف كـ بَاعَ بَيْعًا وَقَالَ قَوْلاً، أو كان ناقصًا كـ غَزَى غَزْوًا وَرَمَى رَمْيًا مطلقًا يأتي على وزن فَعْلٍ يعني: ليس خاصًا بالصحيح، بل يشمل المثال الواوي ويشمل الأجوف الواوي واليائي بَاعَ بَيْعًا وَقَالَ قَوْلاً، ويشمل الناقص سواء كان واوًا كـ غَزَى غَزْوًا واليائي رَمَى رَمْيًا، هذا المتعدي، بقي فَعِلَ وَفَعَلَ اللازم، فَعِلَ اللازم وفَعَلَ اللازم، لأن كل منهما قسمان من حيث التعدي واللزوم، باب فَعِلَ اللازم يأتي أو قياس مصدره على فَعَلٍ بفتح الفاء والعين، فَرِحَ زَيْدٌ تقول في المصدر فَرَحًا بفتح الراء، كانت مكسورة فَرِحَ زَيْدٌ هذا فعل المصدر فَرِحَ زَيْدٌ فَرْحًا هذا مصدر وهو مفعول مطلق وَجَوِيَ جَوًا وَشَلَّتْ يَدُهُ شَلَلاً شَلَّتْ يَدُهُ، هناك لحن مشهور يقال شُلَّتْ يَدُهُ وهذا خطأ شُلَّتْ يَدُهُ خطأ وإنما يقال شَلَّتْ يَدُهُ شَلَلاً، هذا فَعِلَ إذًا فَعِلَ اللازم يأتي على وزن ماذا؟ على وزن فَعَلٍ فَرِحَ فَرَحًا، وفَعِلَ المتعدي يأتي على وزن فَعْلٍ، فَعَلَ المتعدي يأتي على وزن فَعْلٍ، فَعَلَ اللازم يأتي على وزن فُعُول قَعَدَ زَيْدٌ هذا على وزن ماذا؟ فَعَلَ وهو لازم وليس بمتعدي فيأتي حينئذٍ قياسه المطرد فُعُول، جَلَسَ زَيْدٌ نقول: هذا على وزن فَعَلَ وهو لازم. جُلُوس على وزن فُعُول وَقَعَدَ زَيْدٌ على وزن فَعَلَ وهو لازم تقول: قُعُود على وزن فُعُول. هذا قياس مطرد ما لم يدل على ما أحد المعاني التي ستذكر، يعني: يستثنى من قاعدة فَعَلَ اللازم أنه يأتي على وزن فُعُول يُستثنى منه أن يكون مصدره على وزن فِعَال أو فَعْلال أو فُعَال يستثنى منه أن يأتي مصدره لا على فُعُول وإنما يأتي على فِعَال ويأتي على فَعْلال أو فُعَال متى يأتي على وزن فِعَال، إذا دل على امتناع أَبَى إِبَاءً على وزن فِعَال لماذا جاء على هذا الوزن وخرج عن الأصل؟ لأنه دال على امتناع أَبَى إِبَاءً، وَنَفَرَ نِفَارًا على وزن فِعَال، ويأتي على وزن فَعْلال إذا دل على تقلبٍ غَلايَان طَافَ طَوفَانًا، طَافَ أصله طَوَفَ وهو لازم فحينئذٍ الأصل أن يأتي على وزن فُعُول لكن لم يرد على وزن فُعُول وإنما جاء على وزن فَعْلال طَافَ طَوَفَانًا وَجَالَ جَوَلانًا، نقول: هذا لكون دالاً على تقلبٍ. وما يأتي على وزن فُعَال كل فعل دل على داع أو صوت، سَعَلَ سُعَال تقول: سُعَال. سُعَال هذا على وزن فُعَال والأصل أنه جاء مصدرًا لِسَعَلَ وَسَعَلَ هذا على وزن فَعَلَ وهو لازم والأصل في باب فَعَلَ اللازم أن يأتي على فُعُول كيف خرج؟ تقول: لكونه دالاً على الداء. (5/28) ________________________________________ ومَشَى بطنه مُشَاءً، مُشاءً على وزن ماذا؟ على وزن فُعَال، وكذلك ما دل على صوت يأتي على وزن فُعَال نَعَقَ نُعَاقًا وَنَعَبَ الْغُرَابُ نُعابًا وَأَذَّتِ الْقِدْرُ أُذَاذًا أَذِيذًا وَأُذَاذًا فُعَالاً، ويأتي الفعيل دالاً على الصوت نحو: نَعَبَ نَعِيبًا، وَأَذَّت أَذِيذًا، وَصَهَلَتِ الْخَيْلُ صَهِيلاً. ويدل على السير أيضًا زَمَلَ زَمِيلاً وَرَحِلَ رَحِيلاً. إذًا نقول: القاعدة في باب فعل اللازم أنه يأتي على وزن فُعُول إلا إذا دل على داءٍ أو صوت أو تقلب فحينئذٍ يأتي على فُعَال أو فَعَلال أو فِيعَال، حينئذٍ هذه ثلاثة الأوزان لا بد أن تكون دالت على معاني معينة، وأما باب فَعُلَ فيكون مصدره المقيس على فُعُولَةٍ أَوْ فَعَالاً، فُعُولة بضم الفاء والعين أو فَعَالَة سَهُلَ الأَمْرُ سُهُولَةً على وزن فُعُولَةً، سَهُلَ عن باب فُعُلَ سَهُلَ الأَمْرُ سُهُولَةً وَصَعُبَ الأَمْرُ صُعُوبَةً وَعَذُبَ الأَمْرُ عُذُوبَةً، وعَذُبَ الشَّايُ عُذُوبَةً، جَزُلَ جَزَالةً على وزن فَعَالَ، فَصُحَ زَيْدٌ فَصَاحَةً، ضَخُمَ الأَمْرُ ضَخَامَةً وما عدا ذلك فهو سماعي، كل ما لم يذكر في هذه الأوزان المذكورة السابقة فهو سماعي ليس بمقيس، سَخِطَ سُخْطًا وَرَضِيَ رِضًا وَذَهَبَ ذَهَبَ زَيْدٌ الأصل يأتي على وزن فُعُول لكن لو ما سمع سُمع ذَهَابًا حينئذٍ قُوعَدًا نقول: هذا مصدر مقيس، وذَهَابًا هذا مصدر سماعي، وَشَكَرَ شُكْرًا شُكْر فُعْل هذا ليس من الأوزان السابقة فحينئذٍ يكون ماذا؟ يكون سماعيًا، وَعَظُمَ عَظَمَةً ليس عندنا عَظَمَ ليس من المقيس لأنه إما من باب فَعْلٍ أو فَعَلٍ أو فُعُولة أو فَعَالَة أو فِعَال أو فَعْلَلال أو فُعَال هذه كلها مقيسة وما عداه فهو سماعي. وبهذا نكون ختمنا كلام المصنف على الثلاثي، ونشرع إن شاء الله غدًا في الرباعي المجرد ثم المزيد. وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. (5/29) ________________________________________ ( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات ) شرح متن البناء عناصر الدرس * أنواع الفعل الرباعي. * سبب تقديم الثلاثي على الرباعي. * نوع المزيد الرباعي المجرد فَعْلَلَ وعلامته. * أبواب الملحق بالرباعي المجرد: فَوْعَلَ ـ فَيْعَلَ ـ فَعْوَلَ ـ فَعْيَلَ ـ فَعْلَلَ ـ فَعْلَى وعلاماتها. * معنى الإلحاق. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: قال المصنف رحمه الله تعالى: (وَوَاحِدٌ مِنْهَا لِلرُّبَاعِيِّ المُجَرَّدِ) (وَوَاحِدٌ مِنْهَا) أي: من الأبواب ... من الخمسة والثلاثين التي ذكرها في أول الكتاب، اعلم أن أبواب التصريف خمسةٌ وثلاثون بابًا، ذكر ما يتعلق بالثلاثي بنوعيه: الثلاثي المجرد، والثلاثي المزيد، ثم شرع في الرباعي، وذكرنا هذا في ما سبق أن الفعل نوعان أصلي ذو زيادة. أصلي: وهو ما كان تجرد ماضيه عن الزائد. وذو زيادة: يعني الذي اشتمل ماضيه على الزائد، وإن شئت قل ما كانت حروفه كلها أصلية، هذا في الأصل الذي خلا عن الزائد، وهذا قلنا نوعان المجرد نوعان: ثلاثي ورباعي. (6/1) ________________________________________ أنهى الثلاثي وقدمه على الرباعي لِمَا سبق بيان التعليل أن الثلاثي مقدم طبعًا فقدم وضعًا ليوافق الوضع الطبع، أن الثلاثي مقدم طبعًا يعني: في طبائع النفوس أول ما يتبادر الثلاث قبل الأربع، الواحد قبل الاثنين والثلاثة قبل الأربعة والخمسة قبل الستة، هذا في الطبائع أن الجزء مقدمٌ على الكل، وما كان أدنى مقدمٌ على ما كان أعلى، وحينئذٍ - كما كان هذا في طبيعة النفس أو طبيعة الوجود أن الأقل وجود مقدمٌ على الكل قُدِّمَ الثلاثي على الرباعي وقيل: لا، بل الثلاثي أصلٌ بالنسبة للرباعي وهذا على المذهب البصريين يقسمون الفعل المجرد إلى ثلاثي ورباعي، وأما الكوفيون فلا ليس عندهم إلا الثلاثي وأن الرباعي كله ليس فيه مجرد وإنما هو مزيد على ماذا؟ على الثلاثي، فحينئذٍ قالوا: الثلاثي أصلٌ بالنسبة للرباعي، وهذا لا يتمشى على مذهب الكوفيين أما على مذهب البصريين فلا، إنما يقال: قدم وضعًا ليوافق الوضع الطبع، (وَوَاحِدٌ مِنْهَا لِلرُّبَاعِيِّ) نسبة إلى أربعة وذكرنا أن هذا شاذ والصواب أن يقال: أربعيٌ بالهمز وسكون الراء وبدون مدها، ورُبا ضمت الراء والأصل في المنسوب أن يكون تابعًا لأصله قُرشي قُريش فيبقى كما هو ونحذف الياء لعلةٍ وأما أربعي فالأصل أربعة فالأصل إذا نسب إليه يقال: أربعيٌ، ولكن المسموع في لغة التصرفيين يقال: رُباعي بضم الراء هذا شذوذ أول، وأسقطوا الهمزة وهذا شذوذ ثاني، وزادوا مدةً بعد الباء رباعي وهو أربعي عين مباشرة بعد الباء هذه ثلاث شذوذات، لكن هذا هو المشهور عند الصرفيين (وَوَاحِدٌ مِنْهَا لِلرُّبَاعِيِّ) (وَوَاحِدٌ مِنْهَا) أي: تلك الأبواب الخمسة والثلاثين (لِلرُّبَاعِيِّ) وهو ما كان ماضيه على أربعةِ أحرفٍ أصول لماذا؟ لأن الرباعي نوعان رباعيٌ أحرفه كلها أصول، ورباعيٌ مزيد أصله ثلاثي فزيد عليه حرفٌ فصار أربعة أحرف، فحينئذٍ العدد بالأربعة في الفعل لا يلزم منه أن يكون مجردًا بل قد يكون مجردًا وقد يكون ثلاثيًا مزيدًا عليه حرفٌ واحد (وَوَاحِدٌ مِنْهَا لِلرُّبَاعِيِّ) وهو ما كان ماضيه على أربعةِ أحرفٍ أصول احترازًا من الرباعي المزيد فيه وأصله ثلاثي (المُجَرَّدِ) هذا نعت للرباعي الخالي عن الزيادة لأن التجرد كما سبق هو الخلو عن الزيادة والمراد به هنا كما ذكرناه في الثلاثي المجرد ما كانت حروفه كلها أصلية لا تسقط في أحد التصاريف وإن سقط سيكون لعلةٍ تصريفية. (وَهُوَ بَابٌ وَاحِدٌ) قال وهو بابٌ واحد مع أنه قال: (وَوَاحِدٌ مِنْهَا لِلرُّبَاعِيِّ المُجَرَّدِ) عرفنا أنه واحد العدد هو واحد وقوله: (وَهُوَ بَابٌ وَاحِدٌ) لذلك ذكر بعض الشراح أن قوله: (بَابٌ وَاحِدٌ) هذا حشو والأولى إسقاطه، لكن أجيب بأن قوله: (وَوَاحِدٌ مِنْهَا) يحتمل أنه نوع، والنوع تحته أبواب كما قيل في الثلاثي المزيد. النوع الأول، وتحته خمسة أبواب، النوع الثاني وتحته ثلاثة. (6/2) ________________________________________ وقوله: (وَوَاحِدٌ مِنْهَا) يحتمل ماذا؟ أو يتوهم المتوهم - وخاصةً هذا الكتاب للمبتدئ - يتوهم أن الواحد المقصود به النوع فلا يمنع التعدد، فحينئذٍ قوله: (وَهُوَ بَابٌ وَاحِدٌ) هذا لدفع الوهم، والمراد بقوله: ... (وَوَاحِدٌ مِنْهَا) (بَابٌ وَاحِدٌ) واضح هذا الإشكال؟ قوله: (وَهُوَ بَابٌ وَاحِدٌ) نقول: قال بعضهم: هذا حشو والأولى إسقاطه لماذا؟ لأن كون الباب واحدًا هذا معلومٌ من قوله: (وَوَاحِدٌ مِنْهَا) من الأبواب الخمسة والثلاثين، إذًا صار قوله: (وَهُوَ بَابٌ وَاحِدٌ): هذا حشو زيادة لأنه معلومٌ مما سبق، وإذا كانت الجملة لا فائدة منها وهي معلومةٌ مِمَّا سبق لا داعي لذكرها فإسقاطها أولى من ذكرها حذفها أولى من ذكرها، لكن يجاب بأن قوله: (وَوَاحِدٌ مِنْهَا) يحتمل أو يتوهم عند القارئ أو المبتدئ أنه نوعٌ، والنوع لا يمنع التعدد كما سبق معنا في النوع الأول من الثلاثي المزيد، ما زِيد على أصله حرف واحدٌ وهو أبوابٌ أربعة أليس كذلك؟ فحينئذٍ النوع لا يمنع التعدد (وَهُوَ) أي الرباعي المجرد (بَابٌ وَاحِدٌ) وهذا بالاستقراء والتتبع، لأنه فقير الرباعي بالنسبة إلى الثلاثي فقير، ولذلك قل دورانه على الألسنة، ولو نظرت في المعاجم لوجدت أن أكثر الأفعال ثلاثية لماذا؟ لكونها خفيفةً على اللسان فلما زادوا حرفًا على الثلاثي زادوه باعتبار كونه أصلاً ليس كونه مزيدًا، إنما نطقوا به ابتداءً على أربعة أحرف صار ثقيلاً لكثرة حروفها ولم يتصرفوا فيه كما تصرفوا في الثلاثي لماذا؟ لكون الثلاثي على ثلاثة أحرف وهو خفيف لأنه ثلاثي مجرد ولذلك التزموا فيه الفتحات فَعْلَلَ بفتح الفاء واللام الأولى واللام الثانية هذه علامة البناء التزموا الفتحات هنا لماذا؟ طلبًا للخفة لأن أنسب ما يحرك به الفعل هو الفتح أخف الحركات هو الفتح، لما كان الرباعي المجرد ثقيلاً بزيادة حرفٍ لم يتصرفوا فيه كما تصرفوا في الثلاثي المجرد، ولذلك لما ثقل بزيادة حرفٍ أصلي على الثلاثي المجرد التزموا فيه الفتحات، وهو فتح الفاء واللام الأولى واللام الثانية هذه محل بناء، لذلك قوله: (وَهُوَ بَابٌ وَاحِدٌ) بالاستقراء والتتبع، (وَزْنُهُ فَعْلَلَ) وزن ذلك الباب الواحد المحفوظ المتتبع بلغة العرب (فَعْلَلَ) بسكون العين لذلك لم يتحرك كل الحروف في باب (فَعْلَلَ) وإنما فتحوا الفاء للخفة وفتحوا اللام التالية للخفة ولكونه لو سكن للزم منه التقاء ساكنين العين واللام لماذا؟ لأنه لا بد من تسكين حرفٍ من الحروف الثلاثة وأما الحرف الرابع فهذا محل بناء ولا يتعرض له الصرفي من هذه الجهة وإنما الذي ينظر فيه الصرفي في باب (فَعْلَلَ) الفاء والعين واللام الأولى إذًا (فَعْلَلَ) هذا فعلٌ ماضي وبناؤه على الفتح إذًا هو محركٌ بالفتحة، بالفتح، ولو حرك الفاء والعين واللام وهو على أربعةِ أحرف للزم ماذا؟ توالي أربعة متحركات فيما هو كلمةٌ واحدة وهذا ممتنعٌ في لغة العرب، لا يوجد كلمة واحدة متحركة كل الحروف مطلقًا بأي شخصٍ من الأشخاص حركات يمتنع أن يوجد أربعة أحرف كلها متحركة لا بد أن تجد الثاني أو الثالث حرفًا ساكنًا طلبًا للخفة، فلو حركت العين واللام والفاء مع تحريك اللام للزم منه (6/3) ________________________________________ توالي أربع متحركات فيما هو كالكلمة الواحدة، حينئذٍ لا بد من تسكين حرفٍ واحدٌ لا يمكن أن يكون الفاء لأنها أول والأول لا يبتدئ بالساكن الأول لا يبتدئ به إذا كان ساكنًا، ولا يمكن تسكين اللام الأولى لماذا؟ لأن الفعل الماضي إذا اتصل به ضمير رفع المتحرك سكن آخره، ولو كان السكون عارضًا فلو سكنت اللام الأولى وسكنت اللام الثانية دحرجْ دحرجْت سكنت الجيم فلو سكنت الراء للزم منه التقاء ساكنان على غير حده، إذًا يمتنع تسكين اللام الأولى ماذا بقي؟ بقي العين ولذلك سكنت، إذًا سكون العين في باب فعْلَلَ دفعًا لتوالي أربع متحركات فيما هو كلمة واحدة، (وَزْنُهُ فَعْلَلَ يُفَعْلِلُ فَعْلَلَةً وَفِعْلاَلاً) نأخذ من هذا أن الرباعي المجرد محصورٌ في باب واحدٍ لأن الفعل الماضي لا يكون أوله وآخره إلا مفتوحين كما ذكرناه لكونه مبنيٌ على الفتح ولا يمكن سكون اللام الأولى لالتقاء الساكنين في نحو دحرجت، فحركوها بالفتح لخفتها وأسكن العين لئلا يلزم توالي أربع حركات في كلمةٍ واحدة، ولذلك من جهة العقل باب فَعْلَلَ أو (الرُّبَاعِيِّ المُجَرَّدِ) من جهة عقلية يقتضي أن يكون على ثمانيةٍ وأربعين وجه ثمانيةٍ وأربعين كما ذكرنا في باب فَعَلَ الثلاثي المجرد هذا بالنظر للعقل من الأول أن يكون محركًا بثلاث حركات والثاني بأربعة مع السكون ثلاثة في أربعة باثني عشر، إذًا الجهة العقلية القسمة العقلية يكون أن باب فَعَلَ الفعْلُ الثلاثي الفاء والعين واللام أن يكون على اثني عشر وَزْنًا، وأما باب فَعْلَلَ فيقتضي ماذا؟ أن يكون على ثمانية وأربعين وزْنًا لماذا؟ لأن الفاء بالطبع لا تكون ساكنة يتعذر الابتداء بالساكن فحينئذٍ إما أن تكون مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة ثلاثة أحوال للفاء، اللام فع العين: هذه يحتمل أنها ساكنة أو مفتوحة أو مضمومة أو مكسورة ثلاثة في أربعة باثني عشر، واللام الأولى أحوال أن تكون مفتوحة أو مضمومة أو مكسورة أو ساكنة اثنا عشر في أربعة بثمانيةٍ وأربعين وزن، هذا من جهة العقل ولكن ما سُمِعَ إلا (فَعْلَلَ) لِمَا ذكرناه بأن الفعل ثقيل فلم يجوزوا زيادة حروفه على الثلاثة إلا بالتزام كون الحركة فتحة للخفة فلم يبق للتعدد مجال، لأنه إذا وجب سكون العين والعين هي محل التعدد اختلاف حركة العين هي التي يُنظر إليها في باب الفعل الماضي سواءٌ كانت ثلاثية أو رباعية وفي المضارع ولذلك نقول: فَعَلَ فَعِلَ فَعُلَ لماذا حصل هنا الخلاف بين الأبواب؟ بحركة العين، فَعَلَ: الفاء مفتوحة، فَعِلَ فَعُلَ: الفاء مفتوحة واللام مفتوحة ماذا بقي؟ العين إذًا تعدد الأبواب إنما يكون باختلاف حركة العين، وهنا العين وجب كونها ساكنة، فإذا وجب كونها ساكنة كيف يمكن التعدد؟ امتنع التعدد فلا يمكن أن يتعدد باب فَعَلَ لأنهم التزموا ألا يزيدوا على الثلاثي إلا بكون الحركة حركة الفعل يعني يكون محركًا بالفتحة طلبًا للخفة، فلَمْ يبقَ للتعدد مجال فإنهم لم يكونوا باختلاف الحركات هذا في الثلاثي وفي الرباعي، (فَعْلَلَ يُفَعْلِلُ) (يُفَعْلِلُ) بضم أوله لماذا؟ لأنه على القاعدة أن ما كان ماضيه فعل المضارع ما كان ماضيه على أربعة أحرف فحينئذٍ يكون حرف المضارعة (6/4) ________________________________________ مضمومًا مطلقًا سواءٌ كانت الهمزة أو النون أو التاء أو الياء أنيت، كل ما كان من باب أنيت فحينئذٍ يكون الحركة في رباعي إذا كان ماضيه على أربعة أحرف فإنما يكون بضمه. وَضُمَّهَا مِنْ أَصْلِهَا الرُّبَاعِي ... مثل يُجِيبُ مَنْ أَجَابَ الدَّاعِي (1) __________ (1) ملحة الإعراب البيت 38 ص 27 طبعة دار الأمل - الأردن. (6/5) ________________________________________ من قولك أجاب الداعي وما عداه فهي تكون بالفتح وكان ثلاثيًا أو رباعيًا أو خماسيًا (فَعْلَلَ يُفَعْلِلُ) (يُفَعْلِلُ) بكسر ما قبل آخره، إذًا يكون أوله مضمومًا (يُفَعْلِلُ) ويكون حركة ما قبل آخره، اللام الأولى يكون مكسورًا هذا في مضارع ماذا؟ دَحْرَجَ يُدَحْرِجُ يعني في الماضي إذا كان رباعيًا نحو دَحْرَجَ حينئذٍ يكون حركة أوله الذي هو حرف المضارعة مضمومًا ويكون حركة ما قبل آخره مكسورًا أو غير رباعي يعني حكم عام لكنه ليس مبدوءًا بالتاء الزائدة وهذا كلام في غير الثلاثي ليس مبدوءًا بتاء بالتاء الزائدة، فحينئذٍ يكون حكمه كالرباعي بكسر ما قبل آخره، أما إذا كان مفتتحًا بتاء بالتاء الزائدة تَفَاعَلَ تَقَاتَلَ نقول: هذا يكون بفتح ما قبل آخره تَقَاتَلَ تقول في المضارع: يَتَقَاتَلُ، إذًا لم تقل يُدَحْرِجُ، يُدَحْرِجُ يَنْطَلِقُ يَسْتَخْرِجُ يُخَرِّجُ نقول: هذا كله بماذا؟ بكسر ما قبل آخر - والكلام في غير الثلاثي - أما الثلاثي فبحثه مضى يَفْعُلُ يَفْعَلُ .. إلى آخره في الأبواب السابقة، وأما المضارع ما عدا الثلاثي سواءً كان رباعيًا أو خماسيًا أو سداسيًا ما لم يكن مبدوءًا بالتاء الزائدة فيكون حينئذٍ بكسر الحرف الذي قبل الآخر، يُدَحْرِجُ هذا في الرباعي يَنْطَلِقُ بكسر اللام يَنْطَلِقُ، يَسْتَغْفِرُ بكسر ما قبل الراء، وأما نحو تَفَعَّلَ تَعَلَّمَ ماذا تقولون؟ يَتَعَلَّمُ بفتح اللام لماذا؟ لكونه مبدوءًا بالتاء تَقَاتَلَ، تقول ماذا؟ يَتَقَاتَلُ تَجَلْبَبَ يَتَجَلْبَبُ، تَدَحْرَجَ يَتَدَحْرَجُ، تَقَدَّمَ يَتَقَدّمُ، إذًا بفتح ما قبل آخره، أما الثلاثي فهو الأبواب الستة التي سبقت معنا إن كان من باب فَعَلَ فيأتي يَفْعُلُ يَفْعَلُ يَفِعُلُ وإن كان من باب فَعِلَ يَفْعَلُ يَفْعِلُ، وإن كان من باب فَعُلَ يَفْعُلُ، إذًا ما قبل اللام يكون على القياس المقيد الذي ذكرناه سابقًا، وأما ما عدا الثلاثي فالقاعدة عامة سواءٌ كان رباعيًا أو خماسيًا أو سداسيًا ما لم يكن مبتدءًا بالتاء الزائدة حينئذٍ يكسر ما قبل آخره، وإذا كان مفتتحًا بالتاء الزائدة يفتح ما قبل آخره، وأما حركة حرف المضارعة فإن كان ماضيه رباعيًّا سواء كانت كلها أصول أو زوائد يُضم أوله وما عداه فهو بفتح أوله، لذلك قال: (فَعْلَلَ يُفَعْلِلُ) بكسره اللام الأولى لماذا؟ لكونه رباعيًا فيُضم أوله ويكسر ما قبل آخره (فَعْلَلَةً) هذا المصدر الأول (فِعْلاَلاً) دَحْرَجَ يُدَحْرِجُ دَحْرَجَةً ودِحْرَاجًا كم مصدر؟ مصدران، ذكر المصدرين، المصدر الأول: (فَعْلَلَةً) والمصدر الثاني: (فِعْلاَلاً)، (فَعْلَلَةً) هذا مصدرٌ مقيس مطلقًا والفِعْلالُ هذا فيه خلاف، لذلك يقال: مصدر الرباعي باختصار مصادر الرباعي المجرد ثلاثة: الفَعْلَلَة، وهذا مقيسٌ في المضاعف وفي غيره. (6/6) ________________________________________ الثاني: الفِعْلال، فِعْلال الذي ذكره دِحْرَاج فِعْلال دِحْرَاج هذا الجمهور جمهور الصرفيين على أنه مقيسٌ في المضعَّف وفي غيره مطلقًا يعني من التفصيل مثل (فَعْلَلَةً) عند الجمهور الفِعْلال مثل: (فَعْلَلَةً) بلا تفريق، وبعضهم فرَّق في الفِعْلال بين المضعَّف وغيره، فقالوا في الْمُضَعَّف: هو مقيس وفي غير المضعَّف غير مقيس وسيأتي المثال. الثالث: الفَعْلال بفتح الفاء، فِعْلال وفَعْلال إذًا الفَعلال هذا مصدرٌ، كالفِعلال هذا مقيس اتفاقًا لاتفاق الصرفيين في المضعَّف وغير مقيسٍ اتفاقًا أيضًا بين الصرفيين في غير المضعَّف، إذًا الفَعللة هذا باتفاق مقيسٌ في المضعَّف وفي غيره المراد بالمضعَّف هنا ما اتحد أو كانت عينه من جنس زَلْزَلَ زَلْ-زَلَ فاؤه ولامه الأولى من جنسٍ واحد، وعينه ولامه الثانية من جنسٍ واحد، مثل: زَلْزَلَ ووَسْوَسَ هذا يسمى مُضَعَّف في باب الرباعي. إذًا الفَعْلَلَة، الفَعْلَلَة هذا مقيسٌ في المضعَّف وفي غيره دَحْرَجَ يُدَحْرِجُ دِحْرَاجًا، دَحْرَجَ يُدَحْرِجُ دَحْرَجَةً ودِحْرَاجًا، دَحْرَجَةً هذا ليس من المضعَّف دحرج ليس كزلزل ووسوس وإنما هو غير مضعَّف حينئذٍ يكون الفَعْلَلَة مقيسًا فيه، وكذلك يكون مقيسًا في المضعَّف، زَلَزَلَ يُزَلْزِلُ زَلْزَلَةً، وَسْوَسَةً إذا جاء على وزن ماذا؟ على وزن (فَعْلَلَ) فحينئذٍ حكم الصرفيون بأن باب الفَعْلَلَة وهو مصدرٌ للرباعي يكون مقيسًا في ماذا؟ في المضعَّف وفي غيره، في المضعَّف نحو ماذا؟ زَلْزَلَةً ووَسْوَسَةً، وغيره كدَحْرَجَةً، دَحْرَجَةً هذا على وزن (فَعْلَلَةً) إذًا الفَعْلَلَة مقيسٌ اتفاقًا في المضعَّف وغيره، أمَّا الفِعْلال بكسر الفاء فالمضعَّف يكون مقيسًا فيه الفِعْلال باتفاق يقال: زَلَزَلَ يُزَلْزِلُ زَلْزَلَةً وزِلْزالاً على وزن (فِعْلاَلاً) وهو مضعَّف، وكما يقال: دِحْرَاجًا قالوا: زِلْزَالاً وِسْوَاسًا كما قالوا: دِحْرَاجًا، إذًا الجمهور على هذا أن الفِعْلال مقيسٌ فيه ماذا؟ في المضعَّف وفي غيره، وغير المضعَّف هذا بعضهم نفى قياسته فيه، قالوا: لا، دِحْرَاج هذا لا يأتي على وزن فِعْلال لكنه مسموع ولذلك الجمهور على إثباته سُمِعَ (دَحْرَجَ يُدَحْرِجُ دَحْرَجَةً وَدِحْرَاجًا) ماذا نقول في دِحْرَاجًا ليس بالمضعَّف فحينئذٍ لا بد أن نثبت أنه جاء وزن فِعْلال فنعمم باب الفِعْلال بأنه للمضعَّف ولغيره، الفَعْلال بالفتح فتح الفاء هذا باتفاق أنه يكون للمضعَّف، وأما غير المضعَّف فلا يفتح فاؤه، فلا يقال: (دَحْرَجَ يُدَحْرِجُ دَحْرَجَةً وَدِحْرَاجًا) ودَحْراجًا، دَحْراجًا هذا لَمْ يسمع وإنما يقال: زَلَزَلَ يُزَلْزِلُ زَلْزَلَةً وزِلْزالاً وزَلْزَالاً، زِلْزَالاً وزَلْزَالاً فِعْلال وفَعْلال ووِسْواس ووَسْواس بالكسر كسر الفاء وفتح الفاء، إذًا الفَعلالُ هذا خاصٌ باتفاق بالمضعَّف، وأما غير المضعَّف هذا لا يأتي على وزن الفَعْلال وإنما يكون على وزن الفِعْلال. (6/7) ________________________________________ إذًا نقول: مصادر الرباعي المجرد ثلاثة فَعْلَلَةٌ وفِعْلال والفَعْلال. الفَعْلال هذا باتفاق خاصٌ بماذا؟ بالمضعَّف يعني: زَلَزَلَ يُزَلْزِلُ زَلْزَلَةً وزِلْزالاً وزَلْزَالاً (وَزْنُهُ فَعْلَلَ) يعني وزن ذلك الباب الواحد (فَعْلَلَ يُفَعْلِلُ) هذا مضارعه (فَعْلَلَةً وَفِعْلاَلاً) إذا سُمِعَ فيه المصدران وكلاهما قياسيان على الصحيح ويزاد عليه الفَعْلال بفتح الفاء في المضعَّف فقط، وما عداه لا يأتي على الفَعْلال (مَوْزُونُهُ) يعني: ما يُوزن بذلك الوزن (دَحْرَجَ يُدَحْرِجُ دَحْرَجَةً وَدِحْرَاجًا) ولم يسمع دَحْراجًا بفتح الدال وإنما سمع (دِحْرَاجًا) ولذلك أثبته جمهور الصرفيين. (وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ) كلها أصول لأنه رباعيٌ مجرد قلنا: المجرد من التجريد وهو الخلو عن الزيادة، (عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ بِأَنْ يَكُونَ) هذا تفسيرٌ للمراد بكونه (عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ بِأَنْ يَكُونَ جَمِيعُ حُرُوفِهِ أَصْلِيَّةً.) كلها أصلية لا تسقط أبدًا ولو سقطت في بعض التصاريف فإنما يكون إسقاطه أو سقوطه لعلةٍ تصريفية، والفرق بين الحرف الزائد وغيره هو الذي، ما الفرق بين الحرف الأصلي والزائد؟ الأصلي هو الذي لا يسقط أبدًا في جميع تصاريفه، وإن سقط فيكون سقوطه لعلةٍ تصريفية، إذًا سقوطه لعلةٍ تصريفية لا ينافي كونه أصليًّا وإنما الذي يحكم عليه بأنه زائد هو ما سقط في بعض التصاريف بغير علةٍ تصريفية، كَتَبَ الكاف والتاء والباء هذه كلها أصول يَكْتُبُ نقول: الياء هذه زائدة لأنها غير موجودة في الكَتْبِ ولا في كَتَبَ. (6/8) ________________________________________ كَاتِبٌ الألف زائدة لأنها تسقط، مَكْتَب مَكْتَبةٌ مَكَاتِب، كُتُب كُتَّاب كُتيبٌ كلها الكاف والتاء والباء موجودة ولم تسقط في أي تصريف من التصاريف المذكورة يعني سهل الاشتقاقات - تأتي بالجمع وتأتي بالتكثير وتصغره و .. إلى آخره، فحينئذٍ ما ثبت في جميع الاشتقاقات تحكم بأنه أصلي وما سقط تحكم بأنه زائد، مثل يكتب الياء هذه قد يسأل سائل هل هي زائدة أو لا؟ فتحكم أنه زائدة. ما الدليل؟ يقال لك: ما الدليل؟ قل: لأنها غير موجودة في الكَتْبِ وهو مصدر، عدم وجودها في الكَتْبِ وهو مصدر دليل على أنها زائدة، وتقول: كَتَبَ فعلٌ ماضي، والفعل الماضي أقل ما يتألف من ثلاثة أحرف إذًا الياء غير موجودة، كذلك مكتوب الواو هذه زائدة وليست بأصلية كذلك الميم مكتوب لأنها غير موجودة في الكَتْبِ، لكن وَعَدَ يَعِدُ سقطت الواو؟ سقطت إذًا زائدة، نحكم بكون الواو زائدةً على القاعدة [ها يا محمد] وَعَدَ يَعِدُ لعلةٍ تصريفية، إذًا الواو أصلية وكونها سقطت لأن المثال الواوي تحذف فاؤه في الفعل المضارع، وَصَلَ يَصِلُ وَرِثَ يَرِثُ أين الواو؟ ذهبت لماذا؟ لوقوعها بين عدوتيها وَعَدَ يَوْعِدُ هذا الأصل وقعت بين الكسرة التي تليها وبين الياء والياء والكسرة عدوان للواو، فحينئذٍ وجب حذفها قيل: يَعِدُ، أصلها يَوْعِدُ، يَوْرِثُ يَرِثُ يَوْرِثُ وَصَلَ يَصِلُ يَوْصِلُ إذًا وقعت الواو بين عدوتيها فوجب حذفها، إذًا حذفها لا اعتباطًا وليس لتغيير معنى كما هو في كاتبٍ ومكتوب وإنما لعلةٍ تصريفية يعني: بناءً على قاعدة عند الصرفيين إذا وُجِدَ مقتضاها فحينئذٍ يجب تطبيقها. (6/9) ________________________________________ نقول: هذه قاعدةٍ تصريفية بأن يكون جميع حروفهِ أصلية بخلاف الرباعي المزيد فيه فإن أصله ثلاثي مجرد فزيد عليه واحد فصار رباعيًا لكنه رباعي بماذا؟ بالزيادة مثل: أَكْرَمَ وفَعَّلَ، أَكْرَمَ أَفْعَلَ وفَعَّلَ، خَرَّجَ نقول: نحن إحدى الرائين زائدة، وأَكْرَمَ الهمزة زائدة وهو بهذا صار رُبَاعِيًّا لكنه مزيدًا فيه، إذًا قوله: (حُرُوفِهِ أَصْلِيَّةً) أي بأن يكون (جَمِيعُ حُرُوفِهِ أَصْلِيَّةً) هذا احترازًا عن الرباعي المزيد على الثلاثي، فإن أحد حروفه زائدة والثلاثة أصلية، ... (وَبِنَاؤُهُ) هذا الباب الواحد (لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا)، (غَالِبًا) إن لم تفهموا منه أنه قد يكون للزوم، إذًا باب (فَعْلَلَ) قد يكون مُتَعَدِّيًا وقد يكون لازمًا، والتَّعَدِّي فيه أكثر من لزومه، وهذا هو الأولى أن يكون عليه حتى بمقتضى العقل لأنه بابٌ واحد وأكثر الأحداث متعدية لا لازمة لمحالها، فحينئذٍ ناسب أن يكون أكثر باب (فَعَلَ) للتعدي لماذا؟ لأنه في باب فَعَلَ وفَعِلَ وفَعُلَ يختلف التعدِّي واللزوم في هذه الأبواب الثلاثة، فإذا لَزِمَ في باب فَعُلَ فحينئذٍ عندنا باب فَعَلَ يتعدَّى وعندنا باب فَعِلَ، لكن لَمَّا كثر استعمال فَعَلَ وهو خفيف من حيث فتح العين صار التعدي فيه أكثر من اللزوم، ولَمَّا ثَقُلَ بالكسر باب فَعِلَ بكسر العين صار اللزوم فيه أكثر من التعدي، لكن عندنا هنا (فَعْلَلَ) فقط وليس عندنا باب آخر فحينئذٍ يناسبه من جهة العقل أن (فَعْلَلَ) هو حَدَث، والأحداث المتعدية التي لها آثار في الغير هذه أكثر من اللازمة لمحالها، فحينئذٍ ما المناسب عقلاً أن يوضع للأكثر أو للأقل؟ للأكثر، ولذلك يقول: (وَبِنَاؤُهُ لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا)، (غَالِبًا) يعني قَدْ يَكُونُ لاَزِمًا. وهذا الموافق للسماع لأن هذا الحكم ثابتٌ باستقراء وأيضًا ثابتٌ من جهة ما يقتضيه العقل، (وَقَدْ يَكُونُ لاَزِمًا) لا ينصب مفعولاً به (قَدْ) هنا للتقدير، (مِثَالُ المُتَعَدِّي نَحْوُ: دَحْرَجَ زَيْدٌ الحَجَرَ)، (دَحْرَجَ) هذا على وزن (فَعْلَلَ)، (دَحْرَجَ) فعلٌ ماضي مبنيٌ على الفتح لا محل له من الإعراب (زَيْدٌ) فاعل و (الحَجَرَ) مفعولٌ به، إذًا نصب أو لا؟ نصب تقول: الحجر دَحْرَجْتُهُ إذا اتصل به ها غير المصدر فدل على أنه متعدِّي، و (دَحْرَجَ) بمعنى: دَوَّرَهُ، دَحْرَجَ الحجر بمعنى: أداره من علوٍ إلى سفلٍ. (وَمِثَالُ الَّلازِمِ نَحْوُ: دَرْبَخَ زَيْدٌ)، (دَرْبَخَ) على وزن (فَعْلَلَ)، (زَيْدٌ) (دَرْبَخَ) بمعنى: خضع وَطَأْطَأَ رأسه، و (زَيْدٌ) هذا فاعله إذًا تعدَّى أو لزم؟ لزم: {حَصْحَصَ الْحَقُّ} [يوسف: 51]، {الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ}، {حَصْحَصَ} على وزن (فَعْلَلَ) و {الْحَقُّ} فاعل وهو لازم، إذًا يكون متعدِّيًا ويكون لازمًا. (6/10) ________________________________________ ثم قال: (وَسِتَّةٌ مِنْهَا لمُلْحَقِ دَحْرَجَ) في باب الرباعي ما يسمى عندهم بالإلحاق، ذكر هنا من أبواب أو الأبواب الملحقة للرباعيُ المجرد ستة لذا قال: (وَسِتَّةٌ مِنْهَا) أي من الخمسة والثلاثين (لمُلْحَقِ دَحْرَجَ) يعني: بزيادة حرفٍ واحدٍ على الثلاثي المجرد، أصله ثلاثيٌ مجرد فزيد عليه حرفٌ واحد، فيرد السؤال لم زِيد عليه حرفٌ واحدٌ؟ نقول: أنواع الزيادة تختلف كما ذكرنا سابقًا قد تكون الزيادة بأصل وضع الكلمة، وقد تكون للتكرار، وقد تكون بالإلحاق، وقد تكون لغير هذين الموضعين أو الثلاثة حينئذٍ تختلف الزيادة، هنا أصله ثلاثيٌ مجردٌ زيد عليه حرفٌ واحد ليسير بهذا الحرف موازنًا للرباعي المجرد، والمراد به والغرض من الزيادة لأن الغرض قد يكون لفظيًا وقد يكون معنويًا، الزيادة قد تكون لفظية وقد تكون معنوية، يعني الحرف هذا لم زِيدَ؟ وإن كان القاعدة العامة المطردة عندهم أن زيادة المبنى تدل على زيادة في المعنى هذا هو الأصل لكن يُستثنى منها بعض الأبواب الموقوف على السماع، فحينئذٍ ألفُ كاتب نقول: ألف هذه زائدة، هل لها معنى أو لا؟ لها معنى، وهي دلالة على أنه اسم فاعل فحينئذٍ هذه الزيادة ذات معنى، وهذا هو الأصل على القاعدة المطردة زيادة المبنى تدل على زيادة في المعنى، لكن قد يزاد للمجرد اللفظي فحسب ولا معنى له، وإنما المراد إلحاق هذا اللفظ بهذا اللفظ أن يكون موازنًا إلحاق بناءٍ ببناء كما قال: بعضهم. فحينئذٍ يكون المقصود من هذا الحرف الذي زيد على الثلاثي المجرد أن يكون مساويًا للرباعي المجرد، مساويًا للرباعي المجرد في ماذا؟ في زنة الفعل الماضي يكون على وزن (فَعْلَلَ) ثم يأتي مضارعه مثل مضارع دَحْرَجَ فيقال: (يُفَعْلِلُ)، وكذلك المصدر الأول وقيل: الأول والثاني (فَعْلَلَةً) فمثلاً دَحْرَجَ نقول: هذا رباعيٌ مجرد. (6/11) ________________________________________ عندنا جَلَبَ هذا ثلاثيٌ مجرد أرادوا أن يجعلوا جَلَبَ في وزنه الماضي والمضارع والمصدر مثل: (دَحْرَجَ يُدَحْرِجُ دَحْرَجَةً وَدِحْرَاجًا) فماذا صنعوا؟ قالوا: إن المزيد محاصر جَلَبَ فنزيده حرفًا ليصير موازيًا لفَعْلَلَ فقالوا: جَلْبَبَ اللام الثانية زائدة على وزن (فَعْلَلَ) إذًا جَلْبَبَ على وزن (فَعْلَلَ) مثل: (دَحْرَجَ) أليس كذلك؟ لكنه في الوزن لا في الحقيقة لأن الباء الثانية هذه زائدة فهو رباعيٌ مزيد ولكنه ليس من باب أَكْرَمَ لأن باب أَكْرَمَ هناك أريد بالزيادة المعنى فقط ولم يجعل موازيًا لباب (دَحْرَجَ يُدَحْرِجُ دَحْرَجَةً) لم يكن موازيًا له في المضارع ولا في المصدر، وإنما هنا أريد به أن يكون موازيًا لهم لذلك سيعرف المصنف هنا أن الإلحاق اتحاد المصدرين، بعد اتحاده في الماضي والمضارع لا بد من هذا، ولا يكفي المصدرين لكن هذا من باب التقريب، فحينئذٍ قالوا: جَلَبَ هذا الأصلٌ الثلاثي المجرد أردنا أن يكون موازيًا ويلحق بناء جَلَبَ ببناء (دَحْرَجَ) فزادوه حرفًا ثانيًا من جنس اللام الأولى فقالوا: جَلْبَبَ على وزن (فَعْلَلَ) كـ (دَحْرَجَ) جَلْبَبَ يُجَلْبِبُ (يُدَحْرِجُ) جَلْبَبَةً (فَعْلَلَةً) جِلْبَابًا ... (دِحْرَاجًا) صار موازيًا له في جميعٍ تطرد سائر معه هذا المراد بباب الإلحاق، وهذا يختلف هنا عند الملحق بباب (دَحْرَجَ) هو ثلاثي مجرد مزيدٌ عليه بحرفٍ واحد، قد يلتبس على البعض كَرُمَ وأَكْرَمَ، وخَرَجَ وخَرَّجَ نقول: الزيادة هناك بمعنى وهنا الزيادة لمجرد اللفظ فقط، ليس له معنًى جَلْبَبَ هو المعنى الذي كان قبل الزيادة، واضح هذا؟ إذًا نقول: الإلحاق قد تكون الزيادة لأجل إلحاق بناءٍ ببناء كما ذكرناه في جَلْبَبَ فإن اللام الثانية زيدت في الكلمة لغرض إلحاق هذا الفعل بنحو دَحْرَجَ فحينئذٍ لزم من جَلْبَبَ كما ذكرناه سابقًا إذا كان الحرف زائدًا وزيادته من جنس لامه، فحينئذٍ يُزاد لامًا ثانيةً فيه في الوزن، جَلَبَ على وزن فَعَلَ زيدت لامٌ ثانية باءٌ ثانية من جنس اللام فحينئذٍ نقول: جَلْبَبَ، فنقول: فَعْلَ ثم نزيد لامًا ثانية لِماذا؟ لكون الحرف الزائد من جنس اللام، وإذا كان الحرف الزائد من جنس أصلٍ فحينئذٍ ماذا؟ نصنع نكرر العين أو نكرر اللام، كذلك جَلْبَبَ نقول: على وزن (فَعْلَلَ)، مما لامه الثانية أصل حتى يصير الملحق موازنًا للملحق به في حركاته وسكناته وعدد حروفه فيتصرف تصرفه هذا المراد، يتصرف تصرفه هذا هو الغاية، لكن باب (أَكْرَمَ يُكْرِمُ إِكْرَامًا) ليس فيه أَكْرَمَة كـ (فَعْلَلَةً) سُمِعَ؟ ما سُمِعَ (فَعْلَلَةً) أَكْرَمَةً فحينئذٍ لم يتحد مصدره مع مصدر ماذا؟ (دَحْرَجَ يُدَحْرِجُ دَحْرَجَةً) ولو قيل: إن باب الإفعال موافق للمصدر الثاني أجيب بأن المراد أولاً الزيادة أن تكون لذات الغرض اللفظي لا للمعنوي فيخرج باب الإفعال، وقيده بعضهم بكون الاتحاد الظاهري أن المعتبر هو المصدر الأول، فحينئذٍ باب الإِفْعَال الإِكْرَام هذا وافق المصدر الثاني للأول لأن الإِفْعَال هذا كالدِّحْرَاج مثله دِحْرَاج (دَحْرَجَ يُدَحْرِجُ)، (دِحْرَاجًا)، فَعْلَلَ (أَكْرَمَ يُكْرِمُ إِكْرَامًا) مثل (6/12) ________________________________________ دِحْرَاجًا حينئذٍ اتفق معه في المصدر الثاني، نقول: الشرط الاتفاق في المصدر الأول بدليل ماذا؟ أن عَرْبَدَ وقَحْطَبَ هذه من الملحق وهي وافقت في الأول دون الثاني، عَرْبَدَ يُعَرْبِدُ، عَرْبَدَ بمعنى: ساء خُلُقه عَرْبَدَ يُعَرْبِدُ عَرْبَدَةً ولم يُسمع عِرْبَادًا، ما سُمِعَ حينئذٍ لو كان الشرط هو اتحاد المصدرين حينئذٍ خَرَجَ عَرْبَدَ وقَحْطَبَ يُقَحْطِبُ قَحْطَبَةً ولم يُسمع قِحْطَابًا فحينئذٍ صار الذي يكون موازيًا أو اتحاد المصدرين هو اتحادًا المصدر الملحق الذي ألحق في باب (فَعْلَلَ) أن يكون موازيًا لباب (دَحْرَجَةً) وأما الفِعْلال فهذا ليس بشرط لماذا؟ لوجود الملحق دون سَمَاع فِعْلال والذي سُمِعَ فيه (فَعْلَلَةً)، ولوجود الفِعْلال دون وجود (فَعْلَلَةً) حينئذٍ هذا للإدخال والإخراج، وسيأتي مزيد بيانه. ولذلك قالوا: - لَمَّا عرفنا الآن أن الزيادة لأجل الإلحاق إلحاق بناءٍ ببناء عَرَّفَهُ بعضهم بقوله: الإلحاق جعل كلمةٍ مثل أخرى بسبب زيادة حرفٍ أو أكثر لتصير الكلمة المزيدُ فيها مساويةً للملحق به في عدد الحروف والحركات المعينة والسكنات. بحرفٍ واحد أو أكثر لأن الملحق بباب الأفعال على ثلاثة أنواع سيذكرها المصنف متتابعة على ثلاثة أنواع: النوع الأول: ملحق بدَحْرَجَ، وهذه هي الستة الأبواب التي سيذكرها مثل جَلْبَبَ. الثاني: ملحقٌ بتَدَحْرَجَ وهو رباعيٌ مزيد بحرف واحد نحو تَشَيْطَنَ. الثالث: ملحقٌ (باحْرَنْجَمَ) هذا الخماسي، رباعي مزيد بحرفين مثل ماذا؟ (اقْعَنْسَسَ) إذًا الملحق في باب الفعل ثلاثة أنواع: ملحقٌ بفَعْلَلَ تَدَحْرَجَ. ملحقٌ بالرباعي المزيد بحرف: تَشَيْطَنَ. ملحقٌ بـ ويقال فيه: ملحقٌ بتَدَحْرَجَ لأن أصل دَحْرَجَ زيدت عليه التاء في أوله ويسميها البعض تاء المطاوعة، الثالث: الملحق (باحْرَنْجَمَ) وهو أصله رباعي زيد عليه حرفان نحو (اقْعَنْسَسَ) ولذلك قال: بسبب زيادة حرف أو أكثر نحو (اقْعَنْسَسَ) أصله قعس سيأتي في موضعه. (6/13) ________________________________________ مما يتعلق بابه الإلحاق أن يقال: الأكثر - الغالب يعني - أن يكون معنى الكلمة قبل زيادة الإلحاق وبعد الزيادة متغير أو لا؟ لِمَ؟ لأن الزيادة لفظية [أحسنت]، بخلاف ما هو هناك، الزيادة للمعنى فحينئذٍ الأصل - كما ذكرناه القاعدة المطردة - أن يكون الفعل بعد الزيادة مخالفًا لمعناه قبل الزيادة، أما هنا فلا، إذًا نقول: الأكثر أن يكون معنى الكلمة قبل زيادة إلحاق وبعد زيادة الإلحاق متحد لأن الغرض بالزيادة هنا أن يكون تصريف الكلمة التي زِيد عليها مثل تصريف الكلمة الملحق بها من جهة اللفظ فيكون موازنًا للفعل الماضي في عدم الحروف والحركات والسكنات وكذلك المضارع وكذلك المصدر الأول وهو (فَعْلَلَةً)، وربما كانت الكلمة قبل زيادة الإلحاق غير دالةٍ على معنى ربما للقلة قالوا: كوكب على وزن فَوْعَل كجَوْهَر كَوْكَب هذا في باب الأسماء لأن الإلحاق يكون في الفعل ويكون في الأسماء، كَوْكَب الواو هذا مزيد، والمراد به أنه يصير به الثلاثي موازيًا للرباعي في باب الأسماء، لكن هل عندنا ككب لم يسمع ككب لا معنى له فحينئذٍ قد يخرج الأصل أو يخرج عن الأصل وهو كون الزيادة التي تكون لغرض اللفظ أن يكون المزيد عليه مسموعًا يكون على ثلاثة أحرف سواءٌ كان في الأسماء أو في الأفعال فيزاد عليه حرف، هذا هو الأصل ويكون معنى الفعل أو الاسم بعد الزيادة كمعناها قبل الزيادة لأن الغرض هنا لفظيٌ بحت ولا دخل له في المعنى، لكن قد يوجد بعض الألفاظ التي حُكِمَ عليها بكونها ملحقةً بالرباعي سواء كان في الأسماء أو في الأفعال لا ثلاثي لها نقول: هذا خارج عن الأصل، ولذلك لكلمات معدودة ولا أعرف إلا هذا المثال كَوْكَب فقط، ولا يقال: كَكَب. قال بعضهم: لا وجود لها. (6/14) ________________________________________ أن الزيادة التي تكون للإلحاق الأكثر فيها أنها تدل على معنى مطرد سوى ما يدل عليه المجرد منها، يعني: يتحد الفعل بعد الزيادة مع معناه قبل الزيادة فلا فرق لماذا؟ لكون هذه الزيادة إنما المقصود بها فَرَضٌ لفظي لا معنوي، أن الحروف التي تزاد بالإلحاق لا تختص بحروف ((سألتمونيها)) كما ذكرناه بالأمس، بل أي حرف يصح زيادته فيزاد، وأما الذي يُشترط أن يكون من باب ((سألتمونيها)) فهذا ما زيد ولم يكن للتكرار أو للإلحاق، أما التكرار هذا لا يُشترط خَرَّجَ ضعفنا الراء، هل الراء من حروف ((سألتمونيها))؟ ليست من حروف ((سألتمونيها))، قَطَّعَ ضعفنا الطاء ليست من حروف ((سألتمونيها))، إذًا في باب التكرار الذي هو التَّضْعِيف تضعيف اللام ... (احْمَارَّ) الراء ليست هذه لام ضُعِّفَتْ وليست من حروف ((سألتمونيها))، كذلك خَرَّجَ الراء التي هي العين ضُعِّفَتْ وليست من حروف ((سألتمونيها)) لماذا؟ لكون الزيادة هنا للتكرار فلا يُشترط كونها من حروف ((سألتمونيها))، وكذلك الإلحاق، ((سألتمونيها)) قد يكون منها مثل كَوْكَب الواو من حروف ((سألتمونيها)) وقد لا يكون مثل ماذا؟ (جَلْبَبَ) الباء الثانية التي قلنا أنها زيدت للإلحاق هل هي من حروف ((سألتمونيها))؟ ليست من حروف ((سألتمونيها))، أنك لا تدغم في زيادة الإلحاق ولو مع وجود موجب الإدغام لو وجد (جَلْبَبَ) قالوا: هذا يمكن الإدغام. بل بعضهم قال بوجوبه بإسقاط حركة الباء الأولى كما هو مصطنع كثير فتدغم الباء في الباء، لكن لو أدغمت الباء في الباء ماذا حصل؟ فات الغرض لأن الغرض إنما هو ليكون (جَلْبَبَ) على وزن فَعْلَلَ ولو قيل جَلَّبَ وين فَعْلَلَ جَلَّبَ أو جَلَبَّ بإدغام الباء في الباء نقول: فات الغرض من الزيادة حينئذٍ لا يجوز الإدغام يجب ولو وجد مقتضيه حينئذٍ نقول: لا يجوز الإدغام لأنك لو أدغمت في (جَلْبَبَ) لفات الغرض من الزيادة وهو موازنة الكلمة لكلمة أخرى. إذًا الملحق - قاعدة عامة - يجب أن يكون مثل الملحق به لفظًا فلا يعل ولا يدغم لئلا يبطل الإلحاق ولا يبطل بقلب الآخر، كما سيأتي في باب ... (سَلْقَى)، (وَسِتَّةٌ مِنْهَا لمُلْحَقِ دَحْرَجَ) يعني: أصله ثلاثي فزيد عليه حرف واحد لغرض اللفظ وهو الإلحاق، وعرفنا معنى الإلحاق، وهذه ستة بالاستقراء والتتبع وليس لها معنى، ليس لها معنى كما قيل فيما سبق لماذا؟ لأن الغرض من الأبواب الستة هو الإلحاق والمسموع هي هذه الستة وزاد بعضهم أوصلها إلى ثمان (وَيُقَالُ لِهَذِهِ السِّتِّ المُلْحَقُ بِالرُّبَاعِيِّ) وهذه الجملة سيذكرها في آخر الباب بعد سرد الست حينئذٍ الأولى تأخيرها، الأولى إسقاطها من هنا كما قال بعض الشراح. (بِالرُّبَاعِيِّ) أي: المجرد. إذًا هذه ملحقة بالرباعي المجرد. (6/15) ________________________________________ (البَابُ الأَوَّلُ) يعني: من الرباعي المزيد على الثلاثي الملحق بالرباعي المجرد (البَابُ الأَوَّلُ) من الرباعي المزيد لأن (فَوْعَلَ) هذا رباعي مزيد، أصله فَعَلَ فزيدت الواو بين الفاء والعين، أما قلنا الأبواب الستة هذه كلها ثلاثي مجردة في الأصل فزيد عليها حرف واحد، إذًا هي رباعي مجرد أو مزيد؟ رباعي مزيد، إذًا لا إشكال لا تستغربوا. (البَابُ الأَوَّلُ) من الرباعي المزيد على الثلاثي الملحق بالرباعي المجرد ليتصرف تصرفه (فَوْعَلَ) إذًا حرف واحد وهو الواو بين والفاء والعين (يُفَوْعِلُ فَوْعَلَةً وَفِيْعَالاً) أين الواو؟ قلبت ياء، لِمَ؟ لسكونها وكسر ما قبلها فِوْعَالاً مثل مِوْعاد وَمِوْزَان سكنت الواو وانكسر ما قبلها فوجب قلب الواو ياءً، إذًا فِيعَالاً أصله فِوْعَال فإن قيل سبق تقرير أن حرف أو ما زيد للإلحاق لا يجوز إعلاله فكيف أُعِلَّتْ ... فِوْعَال؟ قالوا: يجوز يُستثنى ما لا يبطل الوزن، يستثنى من الإعلال ما لا يبطل الوزن، لأن المقصود بالزيادة هو أن يتصرف هذا المزيد فيه تصرف الملحق به، فحينئذٍ ينظر في الوزن هل هذا الإعلال يُبطل الوزن أو لا؟ فإن أبطله لا يجوز الإعلال فإن لم يبطله فحينئذٍ يجوز الإعلال، وَفِيعَال هذا لا يبطله لماذا؟ لأننا قلنا (فَوْعَلَةً) هذا على القول بماذا؟ بأنه يشترط اتحاد المصدرين، وإذا قلنا على الأول وهو أظهر أن المراد فَعَلَلَ لكن لا إشكال، لأن الإعلال حصل في فِيعَال وهو الثاني وليس في الأول والضابط هو الأول، إذًا إن قيل لا يجوز في الملحقات الإعلال في غير الآخر كما أنه لا يجوز فيها الإدغام مطلقًا فكيف جاز هنا؟ قيل: يجوز الإعلال فيها إذا لم يكن مبطلاً للإلحاق بأن يخرج عن الوزن بخلاف ما إذا أبطل. وما نحن فيه من قبيل الأول، يعني لا يبطل الميزان. (مَوْزُونُهُ حَوْقَلَ) أصله حَقَلَ من الضعف والْهَرَم فزيد عليه الواو ليصير مثل دَحْرَجَ فصار حَقَلَ (حَوْقَلَ) فَعْلَلَ (يُحَوْقِلُ) يُفَعْلِلُ (حَوْقَلَةً) فَعْلَلَةً (حِيْقَالاً) فِيعَالاً، (وَحِيْقَالاً) هذا أصله حِوْقَالاً سكنت الواو بعد كسر فوجب قلبها ياءً (حَوْقَلَ) أصله حَقَلَ أي: ضَعُفَ وهَرَم. (يُحَوْقِلُ حَوْقَلَةً وَحِيْقَالاً. وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ) ثلاثة أصلية وواحد زائد (بِزِيَادَةِ الوَاوِ بَيْنَ الفَاءِ وَالعَيْنِ) هذا بيان لمحل الزيادة (بِزِيَادَةِ الوَاوِ بَيْنَ الفَاءِ وَالعَيْنِ) والواو هذه من حروف ((سألتمونيها)) ولا يشترط فيه ذلك (وَبِنَاؤُهُ لِلازِمِ فَقَطْ) يعني فحسب. (نَحْوُ: حَوْقَلَ زَيْدٌ) أي: هَرَم وضَعُف. (6/16) ________________________________________ (البَابُ الثَّاني: فَيْعَلَ) بزيادة ماذا؟ الياء بين الفاء والعين (فَيْعَلَ يُفَيْعِلُ فَيْعَلَةً وَفِيْعَالاً) فِيعَالاً قلبت الواو ياءً؟! من يقول: نعم. هذا؟ فِيعَالاً ياء أصلية هذه يعني: من أصل ليست أصلية بمعنى أصلية وإنما لم تقلب عن واو لأن أصله (فَيْعَلَ يُفَيْعِلُ فَيْعَلَةً وَفِيْعَالاً) فزيدت الياء بين الفاء والعين (مَوْزُونُهُ بَيْطَرَ يُبَيْطِرُ بَيْطَرَةً وَبِيطَارًا) بِيطَارًا (وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ) ثلاثة أصلية وواحد زائد (بِزِيَادَةِ اليَاءِ بَيْنَ الفَاءِ وَالعَيْنِ) إذًا حدد لك محل الزيادة (وَبِنَاؤُهُ لِلتَّعْدِيَةِ فَقَطْ) فحسب (نَحْوُ بَيْطَرَ زَيْدٌ القَلَمَ) بمعنى شقه فسره هنا بـ للتنصيص على كونه متعدِّيًا (أَيْ شَقَّهُ)، (بَيْطَرَ زَيْدٌ القَلَمَ أَيْ شَقَّهُ) هذا في القديم أن يأتي محل الكتابة فيشقه أو يفتحه فيضع الحبر ونحوه، إذًا الباب الثاني باب (فَيْعَلَ). (البَابُ الثَّالِثُ: فَعْوَلَ) بزيادة الواو بين العين واللام فقيل: (فَعْوَلَ). على وزن فَعْلَلَ (يُفَعْوِلُ فَعْوَلَةً وَفِعْوَالاً)، (فَعْوَلَةً) هذا موزن كما نص الشارح في كتب اللغة والثاني هذا مشكوك في وجوده لكن أكثر الصرفيين يذكرونه مثال وهو (جَهْوَرَةً)، (وَفِعْوَالاً) ذكر الشارح أنه غير موجود في كتب اللغة لكن المشهور عند الصرفيين أن موزونه كما ذكره هنا ... (مَوْزُونُهُ جَهْوَرَ يُجَهْوِرُ جَهْوَرَةً وَجِهْوَارًا) (وَجِهْوَارًا) هذا محفوظ يعني كيف يقال أنه غير موجود فيه كتب اللغة (مَوْزُونُهُ جَهْوَرَ) أصله جَهَرَ على وزن فَعَلَ يقال جَهَرَ بِالْقَوْلِ رفع صوته به (يُجَهْوِرُ) (جَهْوَرَ) جَهَرَ هل بينهما فرق في المعنى؟ هل بينهما فرق؟ لا فرق أجيبوا، لا فرق بينهما في المعنى لماذا؟ مع كون الزيادة في المبنى تدل على زيادة في المعنى نقول: لا، لا فرق هنا، هذا استثناء من القاعدة العامة كيف مطردة نعم؟ لكن سُمِعَتْ بعض الأبواب أن الزيادة فهيا تكون لغرض لفظي بحت، النظر للفظ فقط دون المعنى فحينئذٍ جَهَرَ هو معنى (جَهْوَرَ) سيان قبل الزيادة وبعد الزيادة وهذا من ضوابط الإلحاق (بَيْطَرَ) وبَطَرَ حَقَلَ وحَوْقَلَ كلها بمعنى واحد ولا فرق بينهما، (مَوْزُونُهُ جَهْوَرَ يُجَهْوِرُ جَهْوَرَةً) فَعْلَلَةً (وَجِهْوَارًا) فِعْللال، إذًا اتحد المصدران (وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ) ثلاثة أصلية وحرف زائد (بِزِيَادَةِ الوَاوِ بَيْنَ العَيْنِ وَالَّلامِ) هذا بيان لمحل الزيادة (وَبِنَاؤُهُ أَيْضًا لِلتَّعْدِيَةِ)، (أَيْضًا) آضَ يَئِضُ أَيْضًا يعني: كما بني الباب السابق للتعدية بني هذا الباب أيضًا (نَحْوُ: جَهْوَرَ زَيْدٌ الْقُرْآنَ) (جَهْوَرَ) أي: رفع صوته بالقرآن. (6/17) ________________________________________ (البَابُ الرَّابِعُ: فَعْيَلَ يُفَعْيِلُ) بضم اللام وليس بالفتح لأنه فعل مضارع مرفوع (فَعْيَلَ) بزيادة الياء بين العين واللام، وَبَيْطَرَ هناك بزيادة الياء بين الفاء والعين (فَعْيَلَ يُفَعْيِلُ فَعْيَلَةً وَفِعْيَالاً) دَحْرَجَ يُدَحْرِجُ دَحْرَجَةً وَدِحْرَاجًا (مَوْزُونُهُ عَثْيَرَ) أصله عَثَرَ زيد حرف الإلحاق فصار عَثْيَرَ على وزن فَعْلَلَ عَثْيَرَ فَعْيَلَ موازن لفَعْلَلَ بفتح الأول وإسكان الثاني وتحريك أو فتح الثالث ... (عَثْيَرَ يُعَثْيِرُ عَثْيَرَةً وَعِثْيَارًا) قال بعض الصرفيين: إن هذا الباب مصنوع لا وجود له لم يُسمع في لغة العرب (فَعْيَلَ) بهذا الوزن غير موجود، وإنما المسموع فِعْيَلَ بكسر الفاء وليس بعين ولذلك قيل: ليس في الكلام فَعْيَلَ بفتح الفاء إلا صَهْيَدَ على وزن فَعْيَلَ وهو مصنوع معناه صلب شديد يعني صَهْيَدَ مصنوع معناه صلب شديد كذا في الصحاح، ولهذا لم يأخذ أكثر المصنفيين هذا الوزن في باب الملحق لم يذكروا هذا الوزن لأنه مصنوع، لأن هذا الوزن إما نادر ودائمًا في التقعيد والتأصيل لا يؤتى بالنوادر وإنما يؤتى بالمشهورات، وأما النادر هذا لا حكم له فلا يجعل بابًا مستقلاً، وإما مصنوع، إما نادر وإما مصنوع ليس بلغة أصلية ولا يوجد في لسان العرب وإنما موجود فيه عِثْيَرَ بكسر العين وسكون الثاء وفتح الياء، فِعْيَلَ عِثْيَرَ بكسر الفاء وسكون العين وفتح الياء. قال: (وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ) ثلاثة أصلية وحرف زائد (بِزِيَادَةِ اليَاءِ بَيْنَ العَيْنِ وَالَّلامِ وَبِنَاؤُهُ) أي هذا الباب فَعْيَلَ (لِلازِمِ، نَحْوُ: عَثْيَرَ زَيْدٌ أَيْ طَلَعَ) عَثَرَ عليه عُثُورًا أي طلع. ويقال عَثَرَ عُثُورًا أي زل ولم تستقر رجله موضع وضعه لكن موزن عَثَرَ وَعِثْيَرَ أما ... (عَثْيَرَ) على ما ذكره هذا لم يُسمع. (البَابُ الخَامِسُ: فَعْلَلَ يُفَعْلِلُ فَعْلَلَةً وَفِعْلاَلاً) هذا نفسه الأول وهو باب واحد ووزنه (فَعْلَلَ يُفَعْلِلُ فَعْلَلَةً وَفِعْلاَلاً) لم عاده؟ هو يقول: ... (فَعْلَلَ). السابق يقول: وفَعْيَلَ وَفَيْعَلَ وفَعْوَلَ رجع الوزن الأول (فَعْلَلَ) .. [أحسنت] (فَعْلَلَ) الذي معنا هذا ليس رباعي مجرد وإنما هو رباعيٌ مزيدٌ فيه ولذلك مثل له بـ (جَلْبَبَ) فحينئذٍ يكون (فَعْلَلَ) لو قيل لك (فَعْلَلَ) هذا وزنٌ للرباعي المجرد أو المزيد فيه؟ السؤال، فهم السؤال نصف الإجابة (فَعْلَلَ) هل هذا الوزن للرباعي المجرد أم للمزيد فيه أم لهما؟ ..... واحد من ثلاثة، اختر واحد للرباعي المجرد فقط، للمزيد فيه فقط، لهما؟ لهما، لماذا؟ (6/18) ________________________________________ لأنه يقال (فَعْلَلَ) (دَحْرَجَ) ويقال (جَلْبَبَ) (فَعْلَلَ) أيضًا حينئذٍ (جَلْبَبَ) هذا موزون (فَعْلَلَ)، و (دَحْرَجَ) موزون (فَعْلَلَ) إلا أن ... (فَعْلَلَ) وإن استوى في النطق، فإذا كان الموزون به نحو (دَحْرَجَ) صارت اللام الثانية أصلاً وإذا كان الموزون به (جَلْبَبَ) صارت اللام الثانية زائدة وليست بأصل. إذًا هنا وافقهم في اللفظ فقط، وأما في الحقيقة لا، قوله: (وَهُوَ بَابٌ وَاحِدٌ وَزْنُهُ فَعْلَلَ) تلك اللامان أصليتان، وهنا (البَابُ الخَامِسُ: فَعْلَلَ) اللام الثانية زائدة وليست بأصل وليست بأصل (فَعْلَلَ يُفَعْلِلُ فَعْلَلَةً وَفِعْلاَلاً) ولذلك كثير يمثل بـ (جَلْبَ وجَلْبَبَ) لماذا؟ لأنه موازٍ، مواز لماذا؟ لـ (دَحْرَجَ يُدَحْرِجُ دَحْرَجَةً وَدِحْرَاجًا)، ووزن الكل (فَعْلَلَ يُفَعْلِلُ فَعْلَلَةً وَفِعْلاَلاً) وأنسب ما يمثل للإلحاق هو (جَلْبَبَ) هذا الباب، واضح هذا؟ لأنه على وزن (فَعْلَلَ) فهو موافق للملحق به في النطق أيضًا، وما كان موافق له في النطق أيضًا ولو كان بحرف زائد فهو أولى بالتنفيذ، (فَعْلَلَ يُفَعْلِلُ فَعْلَلَةً وَفِعْلاَلاً) (مَوْزُونُهُ جَلْبَبَ) كما ذكرنا أن الباء هنا لم تدغم في الباء الثانية مع أن الإدغام فيه واجب لئلا يبطل الإلحاق بـ (دَحْرَجَ) لأن الإدغام يُبطل الإلحاق ويكسر وزن الملحق مطلقًا كما يبطله الإعلال في الوسط بخلاف الإعلال في الآخر فلا يبطله كما في (سَلْقَى) بقلب آخره ألفًا لكون الآخر محل التغيير، سيأتي هذا. (مَوْزُونُهُ جَلْبَبَ يُجَلْبِبُ جَلْبَبَةً وَجِلْبَابًا. وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ) ثلاثة أصلية لأن الثلاثي مجرد وحرف واحد زائد (بِزِيَادَةِ حَرْفٍ وَاحِدٍ مِنْ جِنْسِ لاَمِ فِعْلِهِ فِي آخِرِهِ) بَيَّنَ لك أن الحرف المزيد من جنس اللام يعني مماثلاً له هذا المراد بالجنس هنا مماثلاً له باء يكون باء مثله ... (فِي آخِرِهِ) دل على أن اللام الثانية هي الزائدة وليست اللام الأولى، ليست الباء الأولى الزائدة وإنما الباء الثانية لماذا؟ لأن كما قيل - القاعدة العامة - لأن الأخير أنسب للزيادة، الأخير دائمًا يكون محلاً للزيادة كما أن الأخير هو محل التغيير دائمًا تطرأ تغيرات عن الحرف الأخير (بِزِيَادَةِ حَرْفٍ وَاحِدٍ مِنْ جِنْسِ لاَمِ فِعْلِهِ فِي آخِرِهِ) إذا بين لك محل الزيادة (وِبِنَاؤُهُ لِلتَّعْدِيَةِ فَقَطْ) فحسب يعني (نَحْوُ: جَلْبَبَ زَيْدٌ إِذَا لَبِسَ الجِلْبَابَ) كيف هذا يقول (بِنَاؤُهُ لِلتَّعْدِيَةِ فَقَطْ) ثم يقول (جَلْبَبَ زَيْدٌ إِذَا لَبِسَ الجِلْبَابَ) ها هل يصح المثال؟ ... # 1.04.22 بناؤه لماذا؟ للزوم لا للتعدية، فإن ثبت في لسان العرب (فَعْلَلَ: جَلْبَبَ) مثله متعدِّيًا فحينئذٍ يُعَمَّمُ الباب، وأما نفس (جَلْبَبَ زَيْدٌ) بمعنى تجلبب (جَلْبَبَ زَيْدٌ إِذَا لَبِسَ الجِلْبَابَ)، (جَلْبَبَ زَيْدٌ) يعني (إِذَا لَبِسَ الجِلْبَابَ) قد يحتاج إلى مراجعة. (6/19) ________________________________________ (البَابُ السَّادِسُ: فَعْلَى)، (فَعْلَى) أصله فَعْلَيَ بزيادة الياء في آخره، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفا (فَعْلَى) آخرها ألف هل هي أصلية؟ ليست بأصلية، ما أصلها؟ منقلبة عن ياء، والياء هذه أصلية؟ لا، إذًا الألف هذه زائدة مطلقًا لأنها منقلبة عن زائدٍ ودائمًا الألف تأخذ حكم الحرف المنقلبة عنه، انقلبت عن أصل مثل قال: قول باع بيع فحينئذٍ تكون أصلية لا لذاته وإنما لكونها انقلبت عن أصله، وأما (فَعْلَى) كما هو هنا أصله فَعْلَيَ الياء زائدة للإلحاق، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفًا، هل هذا الإعلال يُخِلُّ بالبناء؟ الجواب: لا، إذا وقع الإعلال في الأخير لأنه هو محل التغيير وهو الذي يطرأ عليه التغيير حينئذ لا يُخِلُّ بالبناء فيجوز لا ينافي الإلحاق. (فَعْلَى) لذلك لَمَّا كان أصلها الياء كتبت على صورة الياء، لِمَ كتبت على صورة الياء هنا؟ للإشارة إلى أن أصلها ياء ... (يُفَعْلِي) بترك الياء على حالها، لماذا تركت الياء هنا؟ لكسر ما قبلها ... (يُفَعْلِي) ياء ساكنة أدخلت الضمة للثقل لأنه فعل مضارع منقوص أليس كذلك؟ فعل مضارع مختوم بالياء فهو منقوص حينئذ يكون إعرابه بماذا؟ مثل يَرْمِي إعرابه بضمة مقدرة وفتحةٍ ظاهرة بفتحةٍ ظاهرة لَن يرْمِيَ كذلك الواو لَن ندْعُوَ، إذًا هنا (يُفَعْلِي) بقيت الياء ولم تقلب لانتفاء تحركها وانفتاح ما قبلها، ولو كانت متحركة وقد كسر ما قبلها. (فَعْلَيَةً) كـ دَحْرَجَةً (فَعْلَيَةً) تحركت الياء وانفتح ما قبلها (فَعْلَيَةً) أليس كذلك؟ دَحْرَجَةً، والقاعدة أن الياء إذا تحركت وانفتح ما قبلها وجب قلبها ألفاً وهنا لا يجوز قلبها ألفًا لماذا؟ لأن هذا الإعلال يُخل بالبناء، فإذا أَخَلَّ الإعلال بالبناء امتنع القلب ولو كان القاعدة موجودة متوفرة في المحل، فحينئذ نقول: هذا استثناء من القاعدة العامة. إذًا (فَعْلَيَةً) لم تقلب الياء فيه ألفاً لئلا يبطل الإلحاق بخروجها عن الآخرية بالتاء، لأنها ليست آخر، وقيل آخرًا وقع التأخر، لا، التاء جعلت ما قبلها ليس بآخر، التاء هذه زائدة، التاء زائدة، فحينئذ إذا زيدت تاء تأنيث على الكلمة قبل زيادتها ما قبلها هو الآخر، ثم لما زيدت صارت هي محل الآخر بدليل ماذا؟ الإعراب، تقول: صائمٌ، الميم محل الإعراب، هذا صائمٌ، هذه صائِمَةٌ، زدت التاء تاء التأنيث، زائدة أو لا؟ زائدة، طيب قبل الزيادة ما هو الآخر؟ الميم، هي محل الإعراب، الميم نفسها هي محل الإعراب لكن لما زيدت التاء صارت هي الآخر وجعلت ما قبلها ليس بآخرًا، فحينئذ لو قيل (فَعْلَيَةً) الياء هي الآخر لأن أصله كما سبق (فَعْلَيَ) هذا أصله فالياء هي الآخر، نقول: لا. كانت قبل زيادة التاء هي الآخر، فلما زيدت التاء صارت هي في الأثناء والإعلال في باب الإلحاق في الأثناء في الغالب أنه يُخل بالبناء فلذلك امتنع قلب الياء ألفًا، (فَعْلَيَةً) تحركت الياء وانفتح ما قبلها فلا يجوز قلبها ألفًا لأنه لو قلبت ألفًا لا اختل البناء، يرد بأن الإعلال في باب الإلحاق يدخل الآخر كما ذكرناه في (فَعْلَى)، (فَعْلَيَ) دخل الإعلال، نقول: لا. (6/20) ________________________________________ (فَعْلَيَةً) كانت آخرًا ثم صارت قبل الآخر لاتصال تاء التأنيث بها بدليل ماذا؟ صائمٌ وصائمة، صائمٌ التنوين أو الضمة صدرت أو ظهرت على الميم فهي آخر ولا إشكال، لَمَّا زيدت التاء صارت الميم ليست بآخر (فَعْلَيَةً وَفِعْلاَءً)، (َفِعْلاَءً) دِحْرِاجًا (َفِعْلاَءً) هذا بالهمز أصله فِعْلايًا يعني دِحْرَاجًا قلبت الياء ألفًا فِعْلايًا قلبت الياء ألفًا أولاً قلبت الياء ألفًا لكونها واقعة بعد ألف زائدة فاجتمع عندنا ألفان، اجتمع عندنا ألفان فانقلب الألف الثاني همزة فصار (َفِعْلاَءً)، صار (َفِعْلاَءً)، إذا الهمزة هذه من أين جاءت؟ أصلها فِعْلايًا وقعت الياء بعد ألف كما في فنايٌ وقعت الياء بعد ألف زائدة، فحينئذ وجب قلب الياء ألفًا أليس كذلك؟ الأصل أن نقول: التقى ألفان فنحذف، لكن لو حذفنا لبطل البناء فتعين ماذا؟ قلب الألف الثانية همزة، وإلا الأصل هو هذا أن نقول: اجتمع عندنا ألفان فحينئذ وجب حذف إحداهما، لكن لو حذفت إحدى الألفين لاختل البناء فوجب قلب الثانية ألفًا فاجتمع ألفان فانقلب الثاني همزة فصار (َفِعْلاَءً)، ولم تحذف إحداهما لئلا تكون الممدودة مقصورة فيختل الغرض، هكذا قال بعضهم (مَوْزُونُهُ سَلْقَى) أصله سَلَقَ، زِيدت عليه الياء بعد القاف يعني بعد لامه، فقيل: سَلْقَيَ فَعْلَلَ سَلْقَيَ يعني الأول مفتوح والثاني ساكن والثالث مفتوح هذا المراد، (يُسَلْقِي سَلْقَيَةً) وسِلْقَايًا يقال فيه ما قيل في الأول، سِلْقَاءً هذه الهمزة أصلها ألف والألف منقلبة عن ياء لأن الموزون حكمه الوزن، فإذا قيل فِعْلاءً أن أصل الهمزة هذه ألف، وأصل ألف منقلبة عن ياء، كذلك سِلْقَايًا هذا الأصل (وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ) ثلاثة أصلي وحرف زائد (بِزِيَادَةِ اليَاءِ فِي آخِرِهِ) يعني بعد لامه، ثم قلبت الياء ألفًا في الماضي كلمة الياء ألفًا لأنه يقال فَعْلَى هو الأصل إذا قيل زيدت الياء في آخره أين الياء؟ قلبت ألفًا قلبت الياء ألفًا (وَبِنَاؤُهُ لِلتَّعْدِيَةِ نَحْوُ: سَلْقَيْتُ رَجُلاً)، (سَلْقَيْتُ رَجُلاً) أي: ألقيته على ظهره وأوقعته على قفاه (سَلْقَيْتُ) فعل فاعل و (رَجُلاً) ها مفعول به، (وَيُقَالُ لِهَذِهِ السِّتَّةِ) (وَيُقَالُ لِهَذِهِ) الأبواب (السِّتَّةِ) أي المعدودة بالستة، (وَيُقَالُ) أي يُسمى (لِهَذِهِ) أي الأبواب (السِّتَّةِ) (المُلْحَقُ بِالرُّبَاعِيِّ) المجرد # 1.13.45 ... (6/21) ________________________________________ [أحسنت] (يُقَالُ لِهَذِهِ) الأبواب (السِّتَّةِ المُلْحَقُ بِالرُّبَاعِيِّ) المجرد، يعني أصل الفعل الذي أُلحق أصله ثلاثي فزيد عليه حرف التي هي الأبواب الستة لتصير مثل الرباعي المجرد في حركاته وسكناته ووزنه ومضارعه ومصدره، ولذلك قال (وَمَعْنى الإِلحَاقِ) الواو هذه للاستئناف، الواو للاستئناف وللبيان، لأنه يَرِدُ السؤال إذا قال: (يُقَالُ لِهَذِهِ السِّتَّةِ المُلْحَقُ) يَرِدُ السؤال: ما معنى الإلحاق؟ قال: ومعنى الإلحاق عند الصرفيين (اتِّحَادُ المَصْدَرَيْنِ أَيْ المُلْحَقِ وَالمُلْحَقِ بِهِ) أي (جَلْبَبَ) والْجِلْبَاب (وَالمُلْحَقِ بِهِ) الدَّحْرَجَة والدِّحْرَاج، هذا مطلق كلام المصنف، اتحاد المصدرين، أي تفسيرية (َالمُلْحَقِ) الذي هو مثل (جَلْبَبَ)، ... (جَلْبَبَ يُجَلْبِبُ جَلْبَبَةً وَجِلْبَابًا) المصدران (وَالمُلْحَقِ بِهِ) دَحْرَجَة ودِحْرَاجًا إذًا اتحد المصدران أو لا؟ اتحد المصدران (جَلْبَبَ يُجَلْبِبُ جَلْبَبَةً) ودَحْرَجَةَ (وَجِلْبَابًا) ودِحْرَاجًا اتحد المصدران، والبعض يرى أن الشرط هو اتحاد المصدر الأول فقط، وهو فَعْلَلَة، لماذا؟ للإدخال والإخراج الشرط هذا يدخل ويخرج يدخل ماذا؟ ما سُمِعَ فيه من الملحق، سُمِعَ فيه المصدر الأول ولم يُسمع الثاني، وحكموا عليه بأنه ملحق بالرباعي المجرد مثل ما ذكرناه في عَرْبَدَ، عَرْبَدَ يُعَرْبِدُ عَرْبَدَةً ولم يُسمع عِرْبَادًا هل هذا ملحق أو لا؟ قالوا: ملحق. إذًا لم يتحد المصدران وإنما وجد الأول، فلو قيل لاتحاد المصدرين معنا خرج عَرْبَدَ وقَحْطَبَ، وللإخراج ما سُمع فيه الثاني دون الأول وهو باب أَكْرَمَ باب الإِفْعَال السابق، باب الإِفْعَال، ونقول: إِفْعَال هذا على وزن دِحْرَاج مثله، هل نقول هو من الملحق؟ نقول: لا، ليس من الملحق، لماذا؟ لانتفاء المصدر الأول وهو فَعْلَلَةً، ويمكن أن يزاد عليها أيضًا يقال الزيادة التي في فِعْلَل لذات معنى وهنا لغرض لفظي، ومعني الإلحاق اتحاد المصدرين وبعضهم يقول: القصد بالإلحاق تكثير الأبنية لغرض المبالغة، تكثير الأبنية (وَمَعْنى الإِلحَاقِ اتِّحَادُ المَصْدَرَيْنِ أَيْ المُلْحَقِ وَالمُلْحَقِ بِهِ)، المراد من المصدر المصدر الأول فَعْلَلَةً دون فِعْلال لعدم إطراده هذا هو الأصح، فإن مصدر عَرْبَدَ وقَحْطَبَ يجيء فَعْلَلَة لا فِعْلالاً، فخرج باب الإِفْعَال عن كونه ملحق بدَحْرَجَ ودخل معنا عَرْبَدَ وقَحْطَبَ ونحوه. (وَثَلاَثَةٌ مِنْهَا لِمَا زَادَ عَلَى الرُّبِاعِيِّ المُجَرَّدِ) لما أنهى (المُلْحَقُ بالرُّبِاعِيِّ المُجَرَّدِ) وذكره بعد (الرُّبِاعِيِّ المُجَرَّدِ) ولم يذكر الرباعي المزيد لكون الملحق أو الأبواب الستة الملحقة بالرباعي المجرد أنسب بالذكر المزيد فيه، لأنه كما سيأتي الرباعي المزيد نوعان: مزيد بحرف فيصير به خمسة أحرف. ومزيد بحرفين فيصير به ستة أحرف. وهذا يأتي بيانه في الدرس القادم بإذن الله تعالى. وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. (6/22) ________________________________________ ( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات ) شرح متن البناء عناصر الدرس * بيان أقسام الفعل من جهة كونه سالماً وغير سالم للثلاثي والرباعي المجرد والمزيد. * بيان أقسام الفعل من جهة كونه صحيحاً أو معتلاً. * تعريف الصحيح والمعتل وبيان حروفه…. * تعريف الإدغام وأنواعه. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: لما ذكر المصنف رحمه الله تعالى أن باب التصريف منحصر عنده في خمسة وثلاثين بابًا، شرع في بيان بعض المسائل المتعلقة بالفعل، لأنه كما سبق أن هذه الرسالة مصنفة في بيان تصريف الأفعال خاصة دون الأسماء، والتي ذكرنا العلة بأن تصريف الأفعال أكثر وطروء التصريف أو التغيرات والحذف والنقص في الفعل أكثر منه في الاسم لأن الفعل في الأصل هو مشتق، وسبق أن الصرف هو تحويل الأصل الواحد إذًا عندنا تصريف وتصرف في الكلمة من حيث الاشتقاق، فحينئذٍ ما كان مشتقًا فالأصل دخول الصرف فيه، وما كان جامدًا فالأصل عدم دخول الصرف فيه، لماذا؟ لعدم وجود الأصل الواحد، فحينئذٍ صار كلام المصنف هنا منحصرًا في الفعل بخلاف الاسم فإن أكثره من الجوامد. إذًا ليس من المشتقات، وكل الأسماء التي يطرأ عليها الصرف فإنما هي أسماء متصلة بالفعل بمعنى أن فيها رائحة الفعل، كـ: اسم الفاعل، واسم المفعول، وصيغة المشبهة، وحال التفضيل .. إلى آخره، نقول: هذه كلها تدل على معنى الفعل. قال رحمه الله تعالى: (ثُمَّ اعْلَمْ). لَمَّا فرغ من تعداد الأبواب أصلاً ومزيدًا يعني: المجرد والمزيد فيه ملحقًا وغيره. أراد أن يشرع في بيان أقسام الفعل من جهة كونه سالمًا وغيره، يعني: مجرد اصطلاحات. ليميز لك الفعل الذي يكون صحيحًا أو سالمًا فإذ لا يدخله تصريف أو يكون سالمًا في غالبه تصريف، والفعل الذي يكون مشتملاً على ما يوجب التغير والتصريف. فقال: (ثُمَّ اعْلَمْ). ثم هذه للتراخي في الرتبة يعني: رتبة ما سيذكره تاليًا وتابعًا لرتبة ما سبق. وإن كان الكثير من الصرفيين يذكرون هذه المسائل وهي: السالم، والصحيح. يذكرونها في أول الكتب وهي أحوج وأولى من أن تجعل في الأخير، لماذا؟ لأنه يطرأ التغيير فيقال: انقلبت، وتحركت الواو، وانفتح ما قبله وقلبت ألفًا، كذلك يعرف هذا مثال، وهذا أجوف، وهذا ناقص، هذا صحيح، هذا سالم. فالأولى تقديمه على الأبواب الخمسة والثلاثين، هذا هو أولى، لكنه ذكرها متأخرًا لأن مقصوده - والعلم عند الله - حصر الأبواب وليس المقصود أن يُفَرِّع المسائل على المثال، والأجوف، والناقص لماذا؟ لأنهم يذكرون مثلاً أن المثال الماضي يأتي على وزن كذا ولا يطرأ فيه تغيير وكذلك الأجوف والمضارع من المثال يكون بقلب الواو ياءً مثلاً أو حَثِيَ وكذلك في المصدر أَوْعَدَ يُوعِدُ يَعِدُ، أَوْعَدَ يُوعِدُ وَعِدَ يَعِدُ، ثبتت الواو في أَوْعَدَ وحذفت في يَعِدُ، إِيعَادًا قلبت الواو ياءً. إذًا ثَمَّ تفاريع على كون الفعل مثالاً أو أجوف أو ناقص، لكن المصنف هنا لم يذكرها وإنما ذكر مجرد أسماء واصطلاحات، فلك ما وجدت الواو في أول الكلمة وهي مقابلة لفاء الفعل فاحكم بأنه مثال ولم يتقيد أو يذكر أي مسائل تتعلق بالمثال لكن أكثر ما ذُكر في هذا الفصل أو هذه الخاتمة مذكور في ((المقصود)) بل نظمه هناك على جهة التفصيل وأكثره مشروح في الشرح الذي نحيل عليه دائمًا. (8/1) ________________________________________ (ثُمَّ اعْلَمْ) ثم للتراخي والرتبة، (اعْلَمْ) هذه كلمة يؤتى بها للتنبيه للدلالة على أن ما بعدها من شأنه أن يُعلم ومن شأنه أن يُؤمر به لأنه مهم، والأصل في العلم أنه مهم إنما كان متممًا لغيره أو كان من الْمُلَحِ ونحوها. (ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الفِعْلَ المُنْحَصِرَ) المراد بالفعل هنا الفعل الاصطلاحي لا الفعل اللغوي لماذا؟ لأن البحث هنا في الصرف، والصرف متعلقه الأفعال المتصرفة، وهذه من شأن ماذا؟ من شأن الفعل الاصطلاحي الذي هو: كلمة دلت على معنى في نفسها واقترنت بأحد الأزمنة الثلاثة مطلقًا سواء كان أمرًا أو ماضيًا أو مضارعًا، سواء كان ماضيًا أو مضارعًا أو أمرًا مطلقًا (ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الفِعْلَ المُنْحَصِرَ) منحصر يعني: من الحصر، والمراد به هنا الحصر الاستقرائي لماذا؟ لأن البحث هنا في اللغة، واللغة إنما هي فرع عن النقل، فإذا ثبت الحصر فحينئذٍ يكون الحصر استقرائيًا لا عقليًّا ولا جعليًّا لماذا؟ لأن العقل لا مدخل له في إثبات اللغات، ولأن الجعل الذي هو الاصطلاح لا مدخل له في إثبات اللغات، وإن كان له مدخل في تصنيف اللغات يعني: يصنف لك مثلاً كلمة اسم أو فعل أو حرف. التصنيف هذا والترتيب والحصر من أين جاء؟ باصطلاح النحاة هو حصر جعلي، لكنه أساسه حصر استقرائي يعني: نظروا في الكلام فلم يجدوا إلا اسمًا أو فعلاً أو حرفًا، فلو وجدوا أو عثروا على كلمة رابعة فحينئذٍ للزم أن تثبت، ولكن لم يعثروا على كلمة رابعة فأثبتوا أن الكلمة ثلاثة أقسام. إذًا المراد بـ (المُنْحَصِرَ) المراد بالحصر الحصر الاستقرائي وهو أن يتتبع النحوي أو الصرفي كلام العرب في المفردات، هنا الصرف في المفردات لا في التراكيب، فيبحث المفردات فلا يجد أن الفعل إلا وهو داخل في الأقسام التي سيذكرها الأقسام الثمانية. (اعْلَمْ أَنَّ الفِعْلَ المُنْحَصِرَ فِي هَذِهِ الأَبْوَابِ) الخمسة والثلاثين (إِمَّا ثُلاَثِيٌّ) هذه إمذَا للتفصيل حينئذٍ يكون ثّمَّ تقدير (اعْلَمْ أَنَّ الفِعْلَ المُنْحَصِرَ فِي هَذِهِ الأَبْوَابِ) الخمسة والثلاثين ثمانية أقسام، لذلك سيذكر فيما سيأتي أن هذه الأقسام يقال لها الأقسام الثمانية، للفعل قسمتان: قسمة ثُمَانِيَّة. وقسمة أخرى سَبْعِيَّة. أو إن شئتَ قل: سُبَاعِيَّة. (8/2) ________________________________________ (ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الفِعْلَ المُنْحَصِرَ فِي هَذِهِ الأَبْوَابِ) الخمسة والثلاثين ثمانية أقسام بحسب الاستقراء لأنه أي: الحال والشأن أو الفعل بحسب الاستقراء (إِمَّا ثُلاَثِيٌّ مُجَرَّدٌ سَالِمٌ) هذه ثلاثة أوصاف (إِمَّا ثُلاَثِيٌّ) لكونه على ثلاثة أحرف أصول، (مُجَرَّدٌ) لكونه خاليًا عن الزيادة، (سَالِمٌ) هذا وصف للثلاثي، (ثُلاَثِيٌّ مُجَرَّدٌ سَالِمٌ)، (مُجَرَّدٌ) هذا نعت للثلاثي ... و (سَالِمٌ) نعت للمجرد، إن شئت قل: للثلاث الأشكال. وسالمٌ لكونه عاريًا عن حروف العلة والهمزة والتضعيف، لأن السالم عند بعضهم هو مرادف للصحيح، والصحيح هو ما خلا عن حروف العلة يعني لم يقابل فاؤه ولا عينه ولا لامه بحرف من حروف العلة الثلاثة التي هي: الألف، والواو، والياء. زاد بعضهم أن يخلو ويعرى عن الهمزة والتضعيف، وظاهر صنيع المصنف هنا يرى أن صحيحه والسالم مترادفان بمعنى واحد، وبعضهم فرق بينهما وقد يأتي معنا. إذًا (إِمَّا ثُلاَثِيٌّ مُجَرَّدٌ)، (ثُلاَثِيٌّ) لكونه ثلاثة أحرف (مُجَرَّدٌ) لكونه خاليًا عن الزيادة، (سَالِمٌ) لكونه عاريًا عن حروف العلة والهمزة والتضعيف، فهو سالم عند الصرفيين والنحاة لماذا؟ لأن جميع حروفه أصلية سَلِمَتْ عن الحروف المذكورة السابقة وهي: حروف العلة، والهمزة، والتضعيف. (نَحْوُ: كَرُمَ) كَرُمَ على وزن فَعُلَ وأنه من الكاف والراء والميم على وزن فَعُلَ، نقول: هذا ثلاثي لكونه على ثلاثة أحرف، ومجرد لماذا؟ لكونه لم يشتمل ماضيه الذي هو كَرُمَ على حرف زائد، وسالم لأنه لم يقابل فاؤه ولا عينه ولا لامه بحرف من حروف العلة، ولم يقابل كذلك فاؤه ولا عينه ولا لامه بهمزة أو تضعيف، حينئذٍ نقول: كَرُمَ. هذا سالم عند الصرفيين وسالم عند النحاة. إذا قلنا: الصحيح على ظاهر كلام المصنف صحيح والسالم مترادفان أو بمعنى واحد وهذا صنيع المصنف على هذا فحينئذٍ نقول: كَرُمَ هذا صحيح سالم عند النحاة وعند الصرفيين، لكن نحو: رَمَى. هذا ليس بصحيح ولا سالم عند الصرفيين ولا النحاة لماذا؟ لكون لامه حرفًا من حروف العلة، رَمِيَ هذا الأصل حينئذٍ قوبلت لامه بحرف من حروف العلة فسقط كونه صحيحًا عند الصرفيين، وكون لامه حرفًا من حروف العلة صار معتلاً وليس بصحيح عند النحاة، لأن الفرق بين الصحيح والمعتل عند النحاة بالنظر إلى لامه اللام الأخيرة لماذا؟ لأن مبحث النحاة في الإعراب والبناء، والإعراب والبناء محلهما الحرف الأخير، أثر ظاهر أو تقديرًا، أثر ظاهر أو مقدرٌ يجلبه العامل في آخر الكلم، إذًا آخر الكلم التي هي اللام فحينئذٍ نقول آخر الكلم اللام أو ما زيد بعد اللام، سواء كان لامًا حقيقةً أو مكررًا أو حرفًا زائدًا، المراد أن الحرف الأخير هو الذي يكون محلاً للإعراب والحكم للبناء، فحينئذٍ رَمَى نقول: هذا ليس بصحيح ولا سالم عند النحاة ولا الصرفيين لماذا؟ لكون رَمَيَ فَعَلَ لامه حرف من حروف العلة فسقط كونه صحيحًا عند الصرفيين، وكون آخره حرفًا من حروف العلة سقط كونه صحيحًا عند النحاة. (8/3) ________________________________________ إذًا كلمة رَمَى غير سالمة عندهما. بَاعَ أصله بَيَعَ هذا غير سالم عند الصرفيين لكون عينه حرفًا من حروف العلة بَيَعَ على وزن فَعَلَ إذًا عينه ياء ولكنه سالم وصحيح عند النحاة لأن لامه عين وعينه ليست بحرف علة، إذًا النظر إلى خاتمة الكلمة، إذًا سالم عند النحاة لكون آخره عاريًا عن الحروف المذكورة سابقًا. كلمة اسْلَنْقَى هذا سالم عند الصرفيين غير سالم عند النحويين اسْلَنْقَى أصله اسْلَنْقَيَ تحركت الياء وانفتح ما قلبها فقلبت ألفًا نقول: هذا سالم عند الصرفيين صحيح أو لا؟ .... صحيح لِمَ؟ .... ليس حرفًا أصليًّا [أحسنت] اسْلَنْقَيَ الياء هذه لم تقابل باللام، وشرط الصحيح أن يكون أحد حروف الأصول وهو ما يقابل بالفاء أو العين أو اللام حرفًا من حروف العلة، فإذا كان الفعل مشتملاً على حرف من حروف العلة فيه واو أو ألف أو ياء وليس هذا الحرف حرف العلة مقابلاً بأصل من أصول الكلمة حينئذٍ لا نحكم عليه بأنه معتل عند الصرفيين، ولذلك نقول: قَاتَل. هذا معتل أو صحيح؟ صحيح مع كون فيه ألف وهو من حروف العلة، الواو والياء والألف، نقول: بَيْطَرَ على وزن فَيْعَلَ بَيْطَرَ هل هو معتل؟ الجواب: لا، لماذا؟ لكون الياء هذه مع كون الفعل مشتمل على حرف من حروف العلة وهو الياء لكنه لم يقابل بالفاء ولا العين ولا اللام. إذًا ليس كل فعل اشتمل على حرف من حروف العلة يكون معتلاً، لا، وإنما إذا كانا هذا الحرف حرف العلة مقابلاً بالفاء أو العين أو اللام، حينئذٍ اسْلَنْقَيَ افْعَلْيَا اسْلَنْقَيَ اسْلَنْ إذًا اللام هي اللام، والياء هذه زيادت للإلحاق كما سبق حينئذٍ لم تقابل بالياء، إذًا اسْلَنْقَى سالم عند الصرفيين، وغير سالم عند النحاة لكون محل الإعراب حرفًا من حروف العلة. إذًا نظر النحويين إلى الكلمة من حيث الإعراب والبناء باعتبار الحرف الآخر، فإن كان صحيحًا ولو كان زائدًا حكموا عليه بأنه صحيح، وإن كان حرف علة ولو كان زائدًا حكموا عليه بأنه معتل. (8/4) ________________________________________ (ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الفِعْلَ المُنْحَصِرَ فِي هَذِهِ الأَبْوَابِ إِمَّا ثُلاَثِيٌّ مُجَرَّدٌ سَالِمٌ نَحْوُ: كَرُمَ. وَإِمَّا ثُلاَثِيٌّ مُجَرَّدٌ غَيْرُ سَالِمٍٍ نَحْوُ) إذًا قسم لك الثلاثي المجرد إلى سالم وغير سالم، سالم من ماذا؟ من حروف العلة والهمزة والتضعيف، وغير سالم إذا اشتمل على حرف من حروف العلة أو الهمزة أو التضعيف، وإما ثلاثي مجرد غير سالم بل معتل أو مهموز أو مضعَّف كما سيأتي (نَحْوُ: وَعَدَ) هذا على وزن فَعَلَ فاؤه واو إذًا هو ثلاثي وَعَدَ ثلاثي مجرد لم يشتمل على حرف زائد، وغير سالم لكون فائه حرفًا من حروف العلة، مَدَّ مضعَّف إذًا غير سالم، كذلك أَخَذَ مهموز، إذًا (وَإِمَّا ثُلاَثِيٌّ مُجَرَّدٌ غَيْرُ سَالِمٍٍ) بل معتل كـ وَعَدَ أو مضاعف كـ مَدَّ أو مهموز كـ أَخَذَ وهذه كلها ثلاثية وكلها مجردة لكنها غير سالمة لاشتمال وَعَدَ على حرف علة والتضعيف في مدَّ والهمز في أخذ، حينئذٍ نحكم على هذه الثلاثة الأفعال وَعَدَ وَأَخَذَ ومَدَّ بأنها غير سالمة لكن عند من؟ عند الصرفيين، وأما النحاة فوَعَدَ عندهم هذا صحيح ليس بمعتل لأن اللام وَعَدَ آخره ليس حرفًا من حروف العلة، وكذلك أَخَذَ ومَدَّ، (وَإِمَّا رُبَاعِيٌّ مُجَرَّدٌ) إذًا نظر للثلاثي، ثم انتقل إلى الرباعي المجرد، قدم الأول على الثاني لكون الأول أصلاً بالنسبة للثاني هذا على تعليل الكوفيين، وإما أن يقال أن الثلاثي مقدم طبعًا فقُدِّمَ وضعًا ليوافق الوضع الطبع. (وَإِمَّا رُبَاعِيٌّ مُجَرَّدٌ سَالِمٌ) من حروف العلة وما يلحقها (نَحْوُ: دَحْرَجَ) دَحْرَجَ هذا رباعي لماذا؟ لكونه على أربعة أحرف وهو مجرد لماذا؟ لكون خاليًا عن الزيادة وزنه فَعْلَلَ، وأيضًا هو سالم لخلوه عن الهمزة والتضعيف، (وَإِمَّا رُبَاعِيٌّ مُجَرَّدٌ غَيْرُ سَالِمٍ) إذًا الرباعي المجرد سالم وغير سالم، هذه أربعة أقسام: ثلاثي مجرد سالم. وثلاثي كـ كَرُمَ. وثلاثي مجرد غير سالم كـ وَعَدَ وَمَدَّ وَأَخَذَ. ورباعي مجرد سالم كـ دَجْرَجَ. (8/5) ________________________________________ و (رُبَاعِيٌّ مُجَرَّدٌ غَيْرُ سَالِمٍ نَحْوُ: وَسْوَسَ وَزَلْزَلَ) وَسْوَسَ لوجود حرفٍ من حروف العلة في حروف الأصلية لأن وَسْوَسَ على وزن فَعْلَلَ، وَسْوَسَ فحينئذٍ فاؤه ولامه الأولى حرفان من حروف العلة وهما: الواو. لأن الواو حرف من حروف العلة، إذًا وَسَوَسَ نقول: هذا رباعي مجرد غير سالم لم يسلم من حرف من حروف العلة، فحكمنا عليه بأنه معتل لماذا؟ لوجود حرفٍ من حروف العلة مقابلةً لفائه ولامه الأولى، (وَزَلْزَلَ) لكونه مضعَّف الرباعي لأن الشرط شرط السالم أن يكون خاليًا وعاريًا عن حرف من حروف العلة وعن الهمزة والتضعيف، والتضعيف الثلاثي يكون بنحو مَدَّ عينه ولامه من جنس واحد فيجب الإدغام أو يجوز، والمضعف الرباعي ما كانت فاؤه ولامه الأولى من جنس وعينه ولام الثانية من جنس زَلْزَلَ، على وزن فَعْلَلَ الزاي الأولى مقابلة بالفاء والزاي الثانية مقابلة باللام الأولى إذًا اتحدا أو لا؟ اتحدا صارا متماثلين، ولامه مقابلة بفَعْ العين ولامه الثانية مقابلة باللام هذا يسمى المضعَّف عند الصرفيين مضعَّف الرباعي لكنه لا يهتمون به لماذا؟ لأنه ليس كالمضعَّف الثلاثي، المضعف الثلاثي يطرأ عليه من التغيرات في الماضي والمضارع والأمر وفي المصادر ونحوها، وأما مضعف الرباعي فلا يطرأ عليه تغيير في الغالب، فَوَسْوَسَ ليس عندنا إعلال وليس عندنا إدغام لماذا؟ وَسْوَسَ لا يمكن أن يقال بإدغام الواو في الواو لوجود الفاصل بينهما وهو شرط في صحة الإدغام، ولا يمكن أن يقال بإدغام السين في السين لوجود الفاصل بينهما وهو شرط في صحة الإدغام، وكذلك زَلْزَلَ إذًا انتفى الإدغام، وإذا انتفى الإدغام وهو أشد ما يدخل ويطرأ على المضعَّفة كما في مَدَّ واشْتَدَّ. (وَإِمَّا ثُلاَثِيٌّ مَزِيدٌ فِيهِ) إذًا انتهى من الثلاثي المجرد بنوعيه السالم وغير السالم، والرباعي المجرد السالم وغير السالم، ثم انتقل إلى بيان المزيد، والمزيد كما سبق ثلاثي مزيد فيه، ورباعي مزيد فيه، مزيد الثلاثي ومزيد الرباعي وكل منهما إما سالم وغير سالم، فالقسمة رباعية مع الأربعة السابقة فهي ثمانية. إذًا باعتبار السلامة وعدمها الصحة وعدمها إما سالم وإما غير سالم قسمان، ويندرج في السالم الثلاثي المجرد، والرباعي المجرد، والثلاثي المزيد فيه، والرباعي المزيد فيه، أربعة أقسام، ويندرج تحت غير السالم الأربعة الأقسام السابقة ثلاثي مجرد، ورباعي مجرد، والثلاثي المزيد فيه، والرباعي المزيد فيه، لذلك صارت القسمة كم؟ ثمانية. (8/6) ________________________________________ (وَإِمَّا ثُلاَثِيٌّ مَزِيدٌ فِيهِ سَالِمٌ)، (ثُلاَثِيٌّ) لكونه على ثلاثة أحرف (مَزِيدٌ فِيهِ) إذًا هناك قال: (مُجَرَّدٌ)، (مَزِيدٌ فِيهِ) يعني من اشتمال ماضيه على حرف زائد (نَحْوُ: أَكْرَمَ) يقول: (سَالِمٌ). وأَكْرَمَ هذا مزيد فيه الهمزة، إذًا لم يسلم من الهمزة؟ ... ليست أصلاً ليست في مقابلة الفاء ولا العين ولا اللام وشرط الحكم بكونه غير سالم أن تقع الهمزة أو التضعيف أن تقع الهمزة مقابلة للفاء كـ أَخَذَ وَأَكَلَ أو العين كـ سَأَلَ وَسَئِمَ أو اللام كـ قَرَأَ، قَرَأَ الهمزة هنا مقابلة باللام وَسَئِمَ الهمزة مقابلة للعين وَأَخَذَ مقابلة بالفاء، إذا وقعت الهمزة في الفعل وليست مقابلة للفاء ولا العين ولا اللام فهو صحيح، مثل: أَكْرَمَ. حينئذٍ الزيادة هنا لا تخرجه عن كونه سالمًا لأن أصله كَرُمَ، وَكَرُمَ هذا سالم فبعد الزيادة وقبل الزيادة هو سالم، لماذا؟ لكون كَرُمَ الثلاثي مقابل الكاف بالفاء والراء بالعين والميم باللام، إذًا لا يمكن أن يقع بدل الكاف مقابلاً للفاء وبدل [ال كَرُمَ! بدل] الراء مقابلاً للعين وبدل الميم مقابلاً للام حينئذٍ يطرد في المجرد وفي المزيد، فلو زيد عليه ما زِيد ما دام أن أصله ثلاثي مقابل كل حرف بميزانه في ميزانه بحرف صحيح وليس بحرف علة حينئذٍ نقول: لو زيد عليه ما زيد فهو سالم، وهنا أَكْرَمَ على وزن أَفْعَلَ إذًا بالزيادة لم يخرج الكاف عن كونه فَاءِ الكلمة، وبالزيادة لم يخرج الراء عن كونه عين الكلمة، وبالزياد لم يخرج الميم عن كونه لام الكلمة. إذًا قبل الزيادة هو سالم فكذلك هو سالم بعد الزيادة. (وَإِمَّا ثُلاَثِيٌّ مَزِيدٌ فِيهِ غَيْرُ سَالِمٍ) والثلاثي المزيد فيه ثلاثة أنواع: قد يكون رباعيًا. وقد يكون خماسيًا. وقد يكون سداسيًا. إذًا يوصف بكونه غير سالم سواء كان رباعيًّا أصله ثلاثي وزيد عليه حرف كـ أَوْعَدَ، أو خماسي أصله ثلاثة أحرف وزيد عليه حرفان كـ اتَّعَدَ، أو أصله ثلاثي وزِيد عليه ثلاثة أحرف كـ اسْتَوْعَدَ. إذًا أَوْعَدَ هذا مثال لنوع من أنواع الثلاثي المزيد فيه لأنه ثلاثة أنواع كما سبق بيانه. ثلاثي مجرد وزيد عليه حرف واحد صار رباعيًّا. ثلاثي مجرد زيد عليه حرفان فصار خماسيًّا. ثلاثي مجرد فزيد عليه ثلاثة أحرف فصار سداسيًّا. كل منها يوصف بكونه سالمًا وغير سالم. (وَإِمَّا ثُلاَثِيٌّ مَزِيدٌ فِيهِ غَيْرُ سَالِمٍ نَحْوُ: أَوْعَدَ) هذا مثال للرباعي، أَوْعَدَ هذا غير سالم لماذا؟ لكون فائه واوًا، أَوْعَدَ على وزن أَفْعَلَ، إذًا الواو وقعت فاء الكلمة، وإذا وقعت فاء الكلمة حينئذٍ صارت أصلاً، وإذا وقعت الواو أصلاً في الفعل حكمنا عليه بكونه غير سالم، وأما الهمزة هذه لا تخرجه عن أصله. وَاتَّعَدَ، اتَّعَدَ على وزن افْتَعَلَ، قلبت الواو تاءً فأدغمت التاء في التاء. (8/7) ________________________________________ وَاسْتَوْعَدَ على وزن اسْتَفْعَلَ أصله وَعَدَ زيدت عليه الهمزة والسين والتاء، حينئذٍ نقول: اسْتَوْعَد على وزن اسْتَفْعَلَ، وقعت الواو مقابلة الفاء إذًا هو معتل ولو زيد عليه ثلاثة أحرف إذًا العبرة بالأصل، إذا شككت في المزيد فيه هل هو سالم أو لا؟ انظر إلى الأصل الثلاثي المجرد فقابل فاؤه وعينه ولامه إن سلمت هذه الأصول الثلاثة عن حرف من حروف العلة أو التضعيف أو الهمزة، فاحكم عليه بأنه سالم ولو زيد عليه ما زيد، فسلامته قبل الزيادة كسلامته بعد الزيادة، يعني: لا يكون سالمًا وهو مجرد ثم يكون بعد الزيادة غير سالم هذا لا وجود له، لماذا؟ لأن الزيادات التي زيدت لا تقابل الفاء والعين ولا اللام. (وَإِمَّا ثُلاَثِيٌّ مَزِيدٌ فِيهِ غَيْرُ سَالِمٍ نَحْوُ: أَوْعَدَ. وَإِمَّا رَبَاعِيٌّ مَزِيدٌ فِيهِ) انتقل إلى الرباعي المزيد يعني: مزيد الرباعي وهو قسمان: سالم، وغير سالم. (وَإِمَّا رَبَاعِيٌّ مَزِيدٌ فِيهِ سَالِمٌ) يعني: عن حروف العلة والهمزة والتضعيف (نَحْوُ: تَدَحْرَجَ) لأن أصله دَحْرَجَ وهو سالم فتعين حينئذٍ أن يكون تَدَحْرَجَ سالِمًا تبعًا لأصله هذا فيما زيد عليه حرف واحد وذكرنا أن الرباعي المزيد فيه نوعان: مزيد بحرف واحد، ومزيد بحرفين. مزيد بحرف واحد وهو: تَدَحْرَجَ. وما أُلْحِقَ به. ومزيد بحرفين نحو: حَرْجَمَ احْرَنْجَمَ، حَرْجَمَ أصله فَعْلَلَ سالم أو لا؟ سالم إذًا احْرَنْجَمَ بعد الزيادة زيد عليه الهمزة همزة الوصل في أوله والنون للمطاوعة، سالم لأن النون هذه لم تقابل بأصل ولو قوبلت بأصل ليست حرف علة ولا همزة ولا تضعيف، إذًا تَدَحْرَجَ نقول: هذا مثال للرباعي المزيد فيه حرف واحد وهو سالم، واحْرَنْجَمَ هذا مثال للرباعي مزيد فيه وهو سداسي يعني: زيد عليه حرفان فصار سداسيًّا. (وَإِمَّا رُبَاعِيٌّ مَزِيدٌ فِيهِ غَيْرُ سَالِمٍ نَحْوُ: تَوَسْوَسَ) لأن أصله وَسْوَسَ وهو غير سالم تَوَسْوَسَ لعدم السلامة في أصله اسْنَوْنَسَ، كاحَرنْجَمَ احْرَنْجَمَ اسْنَوْ احْرَنْ إذًا مقابل الراء ماذا؟ الواو اسْنَوْنَسَ فحينئذٍ يكون معتلاً اسْنَوْ الهمزة زائدة والنون زائدة إذًا الواو هذه مقابلة للأصل (نَحْوُ: تَوَسْوَسَ. وَيُقَالُ لِهَذِهِ الأَقْسَامِ: الأَقْسَامُ الثَّمَانِيَةُ) ولو قال: سالم، وغير سالم. لكان أقصر لأن مرجع الثمانية إلى قسمة ثنائية (وَيُقَالُ) يعني يسمى (لِهَذِهِ الأَقْسَامِ) المذكورة (الأَقْسَامُ الثَّمَانِيَةُ) لكون مسماها ثمانية. إذًا إذا قيل لك اذكر الأقسام الثمانية للفعل ماذا تذكر؟ .... (8/8) ________________________________________ ثم قال: (وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ إِمَّا صَحِيْحٌ). (وَاعْلَمْ) يعني: بعد أن ذكر لك الأقسام الثمانية شرع في تقسيم الفعل إلى الأقسام السبعة وهو كون صحيحًا معتلاً مثال معتل بالفاء معتل بالعين معتل بالواو المضعَّف اللفيف المفروق، اللفيف المقرون ... إلى آخره هذه كلها سبعة سيذكرها متواليةً من حيث التعريف فقط وإلا أحكامها كثيرة جدًا، بل أكثر ما يظهر من القواعد الصرفية في هذه المباحث المعتلات وهذا عنون له في نظم المقصود المعتلات، وذكرنا أكثر من مثال هناك فليرجع إليه كلها مجرد اصطلاحات فقط. ... (وَاعْلَمْ) هذا أيضًا كلمة يؤتى بها للاهتمام بما بعدها يعني: لما ذكر لك تقسيم الفعل الأقسام الثمانية شرع في بيان تقسيم الفعل الأقسام السبعة. يعني من حيث الصحة والاعتلال. فقال رحمه الله: (وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ). (كُلَّ فِعْلٍ) أتى بالكلية هنا لأن الحكم على الأفراد يعني: أن كل فرد من أفراد الفعل باعتبار الآخر غير الاعتبار السابق منحصر في سبعة سواء كان الفعل ماضيًا أو مضارعًا أو أمرًا منحصر في سبعة لا يخرج عن هذا البتة بالاستقراء والتتبع، فالدليل هنا الاستقراء، دليل الاستقراء (وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ إِمَّا صَحِيْحٌ)، (وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ) منحصر في سبعة أقسام لأنه (إِمَّا صَحِيْحٌ) هكذا التقديم لأنه إما صحيح هنا قال: (إِمَّا صَحِيْحٌ). وفي السابق قال: السالم) يُشعر بماذا؟ أنه يرى الترادف بين الصحيح والسالم لأنه سبق أراد أن يقابل هنا ما فيه حرف من حروف العلة والمهموز والمضعّف قابله بالصحيح وهناك قابله بماذا؟ بالسالم فدل على ماذا؟ دلّ على أن الصحيح والسالم عند المصنف كما هو المشهور بمعنى واحد. إذًا قوله: (إِمَّا صَحِيْحٌ). ولم يقل: سالم. إشعارًا بأن الصحيح والسالم عنده بمعنى واحد لا أعم منه، وعند بعضهم بينهما عموم وخصوص مطلق يجتمعان في مادة وينفرد العام بمادة لا يشاركه فيها الأخص، والسالم هنا أخص مطلقًا، والصحيح أعم مطلقًا، ولذلك نقول: كل سالم صحيح ولا عكس. لماذا؟ لأن شرط الصحيح أن يخلو ما يقابل فاؤه أو عينه أو لامه من حروف العلة ولو اشتمل على همز أو تضعيف هذا المشهور في الصحيح عند الصرفيين، والسالم أخص أن يخلو عن الهمزة والتضعيف مع ما سبق فحينئذٍ أَخَذَ ماذا نقول؟ صحيح غير سالم، لماذا؟ لاشتماله على الهمزة، كَرُمَ؟ صحيح سالم هل يمكن أن ينفرد الصحيح عن السالم؟ في ماذا؟ نعم أو لا أولاً؟ .. في ماذا؟ واحد يتكلم. .. (8/9) ________________________________________ المضعّف والمهموز هذا صحيح غير سالم، هل ينفرد السالم عن الصحيح؟ لا، إذًا أيهما أعم وأيهما أخص؟ الصحيح أعم والسالم أخص، فلذلك لا يمكن أن ينفرد الأخص عن الأعم وينفرد الأعم عن الأخص، ولذلك نقول: السالم أخص مطلقًا والصحيح أعم مطلقًا إذ لم يشترط فيه عدم وجود الهمزة والتضعيف، يعني: لا يشترط في الصحيح عدم وجود الهمزة والتضعيف بل نَبْدَأ نقول: هذا صحيح. وَأَخَذَ صحيح ولو قلنا بالترادف ليس بصحيح وَمَدَّ ليس بصحيح، فأَخَذَ ليس بصحيح وَمَدَّ ليس بصحيح يعني: ليس بفعل صحيح لماذا؟ لأننا إذا اشترطنا انتفاء حرف من حروف العلة وانتفاء الهمز والتضعيف صار أَخَذَ وَمَدَّ ليس بصحيح، والمشهور هو ما ذكره، أما ما ذكره غير هذا المصنف وهو أن الصحيح أعم من السالم، فيشترط عدم الهمز والتضعيف في السالم دون الصحيح حينئذٍ يكون الصحيح أعم من السالم. إذًا إن لم يشترط فيه يعني: في الصحيح. عدم وجود الهمزة والتضعيف بخلاف السالم فإنه شُرِطَ فيه ذلك، وإنما اعتبر الْخُلُو من الهمزة والتضعيف في السالم لماذا؟ لأنه قد يترتب عليه ما أحكامه معتل لأن الهمزة قد يطرأ عليها من الإبدال والحذف وغيرهما إذًا أشبهت ماذا؟ أشبهت حرف العلة، حرف العلة سُمِيَ معتلاً أو حرف علة لماذا؟ من الاعتلال لكثرة ما يطرأ عليها من التغيرات وهذا هو مبحث التصريف، قلنا التصريف في الأصل في اللغة هو التغيير، إذًا تغيرات تطرأ على حرف العلة من حيث الحذف كما يَعِدُ وَعَدَ قلنا: يَعِدُ. حذفت قَالَ أصله قَوَلَ تحركت الواو وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفًا، إذًا حصل تغيير، مِوْزَان سكنت الواو وانكسر ما قبلها فقلبت الواو ياءً إذًا حصل تغيير، كذلك الهمزة والتضعيف يحصل فيها نوع من التغيير وإن لم يكن كحروف العلة. (8/10) ________________________________________ (وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ إِمَّا صَحِيْحٌ) صحيح فعيل من الصحة قيل: صيغة مشبهة. وهو ضد المريض، ولو قيل: الصحيح لغةً هو السليم. لصح أيضًا (وَهُوَ) أي: الفعل الصحيح. (الَّذِي) أي: الفعل (الَّذِي لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ فَائِهِ، وَعَيْنِهِ، وَلامِهِ حَرْفٌ مِنْ حُرُوْفِ العِلَّةِ) وحروف العلة ثلاثة أشار إليها بقوله: (وَهِيَ: الوَاوُ، وَاليَاءُ، وَالأَلِفُ) الواو والياء باتفاق أنهما حرفا علة، والألف على المشهور لماذا؟ لأن الألف لا يمكن أن تكون في الفعل المجرد أو مقابلة العين أو اللام إلا وهي منقلبة عن أصل عن واو أو ياء، فـ (قال) الألف هذه زائدة أو أصل؟ أصل ما تكون الألف أصلية باتفاق، منقلبة عن أصل، الألف بذاتها بالنظر إليها من حيث هي دون نظر إلى كونها منقلبة عن أصل الألف من حيث هي لا يمكن أن تكون حرفًا أصليًّا وإنما تكون زائدة تكون حرفًا زائدًا لكنها إذا وجدت في الثلاثي المجرد يعني: إذا قوبلت بالعين أو اللام ولا أقول الفاء لأنها لا توجد في الأول، إذا قوبلت بالعين كـ قال نقول: الألف هذه عين الكلمة. كيف جاءت عين الكلمة والعين أصلية والألف لا تكون أصلاً؟ الجواب: أن هذه الألف منقلبة عن أصل وهو الواو، قَالَ أصله قَوَلَ تحركت الواو وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفًا، إذًا الألف هذه ليست أصل وإنما هي منبعثة ومنشقة عن أصل، بَيَعَ بَاعَ بَاع الألف هذه مقابلة بعين الكلمة باع والألف لا تقع أصلاً فيرد إشكال هكذا ترتيب الكلام تقول: بَاعَ وزنه فَعَلَ إذًا وقعت الألف عين الكلمة ومعلوم أن العين أصل والألف لا تكون أصلاً فكيف جاءت عنا مقابلة العين؟ تقول: هذه ليست أصلاً وإنما هي منقلبة عن أصل وأصله ياء بَيَعَ تحركت الياء لأنه مأخوذ من البيع تحركت الياء وانفتح ما قلبها فوجد قلبها ألفًا، ولذلك قال وباَعَ ما وزنهما؟ فَالَ هكذا؟ .... فَعَلَ أو فَالَ؟ ... من يقول: فَالَ؟ هذا اليوم آخر درس وأخذناه في أول درس على قول نعم لكن المشهور أنه يعتبر الأصل فـ قَالَ تقول: وزنه فَعَلَ. تنظر إلى قَوَلَ، قوَلَ هو الأصل وقال فرع والميزان يتجه إلى الأصل فتقول: قَالَ على وزن فَعَلَ. ولا تقول: فَالَ. لماذا؟ لكون الألف هنا ليست أصلاً، ليست بأصلية فحينئذٍ كيف تأخذها في الميزان، والميزان يقابل به الأصول والفاء والعين واللام، فحينئذٍ تقول: قَالَ وزنه فَعَلَ، وَبَاعَ وزنه فَعَلَ. ولا تقل: فَالَ في قَالَ ولا بَاعَ. (8/11) ________________________________________ إذًا عرفنا أن الألف هنا المراد بها الألف المقلوبة عن الواو أو الياء، ألف مقلوبة عن واو أو الياء. (وَالهَمْزَةُ، وَالتَّضْعَيفُ) إذًا عرفنا هنا قال: (الَّذِي لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ فَائِهِ). وهو حرف أصلي والفاء هنا المراد بها فاء الميزان، وعينه وهي حرف أصلي والعين هنا المراد به عين الميزان فَعَلَ، (وَلامِهِ) التي هي لام الميزان والمراد بها الحرف الأصلي، (حَرْفٌ مِنْ حُرُوْفِ العِلَّةِ وَهِيَ) أي: حروف العلة، الواو هنا للاستئناف البياني كأن سائل قال: ما هي حروف العلة؟ فقال: [الواو. هي مبتدأ (الوَاوُ) أي مسمَّى الواو، الواو وما عُطِفَ عليها [ .. نعم الواو ما مبتدأ] هي مبتدأ، الواو وما عطف عليه خبر المبتدأ لا بد من التقدير] (1)، إذًا هذه (حُرُوْفِ العِلَّةِ)، (العِلَّةِ) المرض لم سميت حروف علة؟ قيل: سميت لذلك لوقوع التغييرات فيها كثيرًا، لكثرة تغيراتها وما يطرأ عليها من التبديل والنقص والحذف سميت حروف علة، وحقيقة العلة تغيير الشيء عن حاله كالصحيح يكون صحيحًا ثم يطرأ عليه المرض فيقال: عليل. إني عليل، وتسمى أيضًا حروف الزوائد واللين والمد، أما كونها حروف زوائد فهذا واضح لأنها من حروف ((سألتمونيها)) إذًا الواو والياء والألف قد تزاد وليس كل ما وجدت الواو فهي زائدة لكن قد توجد الواو فيحكم عليها بكونها أصلية أو حرفًا زائدًا، إذًا لا يطرد ليس كل واوٍ تكون زائدة لأنها من حروف ((سألتمونيها))، ولذلك الحروف العشرة المجموعة في قولهم: ((سألتمونيها))، أو ((هويت السمان))، ((اليوم تسناه)). هذه كلها إن وُجد في فعل أو الاسم حرف زائد فلا يخرج عن العشرة، إن وجد في الفعل أو الاسم حرف زائد حكمنا عليه بكونه حرفًا زائدًا لسقوطه في بعض تصاريف الفعل أو الاسم لغير علة تصريفية حكمنا عليه بأنه حرف زائد لا يخرج عن هذه العشرة ((اليوم تنساه)) من غير عكس ليس كل ما وجدنا حرفًا من الأحرف العشرة فهو حرف زائد أليس كذلك؟ لأن واو هذا كلها أصول، واو كلها أصول، وهي كلها حروف علة، فلو قيل: كل ما وجدت الواو فهو حرف علة. إذًا ما بقي شيء في الكلمة هذه وهو أصل. إذًا نقول: سُمِّيَتْ حروف الزوائد لكون الواو قد تزاد والياء والألف كذلك وأما باللين فلما فيهما من اللين لاتساع مخارجها، وأما بالمد فلقبولها الامتداد يعني: سميت حروف مد لقبولها الامتداد. فالعلة أعم من المد واللين يعني حروف العلة أعم من المد واللين لصدقها على المتحرك والساكن منهما، يعني حرف العلة قد يكون متحركًا الواو أو الياء وقد يكون ساكنًا، وأما حروف المد واللين فلا، لا بد أن يكون حرف المد ساكنًا وحركة ما قبله من جنس الواو أو الياء بخلاف المد، ثم اللين أعم من المد لعدم اشترطه أن يكون حركة ما قبله من جنسه وأما المد فهو مشروط بهذا الشرط. __________ (1) حدث سبق لسان وخاصل كلام الشيخ [هي مبتدأ، والواو وما عطف عليها خبر المبتدأ، لا بد من التقدير]. (8/12) ________________________________________ (وَالهَمْزَةُ) هذا معطوف على قوله: (حَرْفٌ). لذلك هو بالرفع (وَلامِهِ حَرْفٌ) (لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ فَائِهِ، وَعَيْنِهِ وَلامِهِ حَرْفٌ) حرف هذا اسم ليس عُطِفَ قوله: (وَالهَمْزَةُ، وَالتَّضْعَيفُ) إذًا خلا من حروف العلة والهمزة والتضعيف، وليست الهمزة من حروف العلة ليست معطوفة على الواو (وَهِيَ: الوَاوُ، وَاليَاءُ، وَالأَلِفُ، وَالهَمْزَةُ) لا، ليست الهمزة من حروف العلة، وقد ذكر بعضهم أنها من حروف العلة وليس بصواب (وَالتَّضْعَيفُ) سيأتي بيانه نحو ماذا؟ (نَصَرَ) نَصَرَ على وزن فَعَلَ هذا مثال للصحيح السالم نَصَرَ ليس في مقابلة فائه التي هي النون هنا حرف علة بل هي نون وليست بهمزة ولا تضعيف، وليست في مقابلة عينه التي هي الصاد حرف من حروف العلة الصاد ليست حرفًا من حروف العلة، وليس في مقابلة لامه وهي الراء هنا حرف من حروف العلة بل هي راء وهي مغايرة لحروف العلة والهمزة والتضعيف، فحينئذٍ نحكم على نَصَرَ بأنه سالم صحيح، (وَإِمَّا مُعْتَلٌ) إما صحيح (وَإِمَّا مُعْتَلٌ) وأكثر النسخ وإما مثال، وقد يطلق على المثال المعتل بالفاء لكن جعل النسخة وإما مثال أولى جعله إما مثال أولى (وَإِمَّا مُعْتَلٌ وَهُوَ) أي المثال. إذًا نقول: وإما مثال. والمثال في اللغة المماثلة والمشابهة سُمِّي المعتل بالفاء مثالاً لماذا؟ قالوا: لأنه يماثل ماضيه الصحيح ماثل الصحيح لأنه لا يطرأ عليه تغيير وَعَدَ هذا مثل خَرَجَ وَكَرُمَ لن يطرأ عليه أي تغيير، ولذلك أكثر التصريف أو القواعد التصريفية إنما تكون بالسوالم والأواخر، ولذلك دائمًا إذا حكم على حرف بأنه زائد قالوا: الأولى والأنسب أن يكون آخر الكلمة لماذا؟ لأنه محل التغيير ومحل ما يطرأ عليه من التغيرات، وأما الأوائل فهذا قليل، موجود لكنه قليل. إذًا لكون المثال وهو ما كان فاؤه حرفًا من حروف العلة وهو الواو أو الياء لكونها متحركة ولا يطرأ عليها تغيير في الغالب أشبه الصحيح، والصحيح خَرَجَ وَكَرُمَ ونَصَرَ هذا لا يطرأ على فائه التغيير لأن التغيير قد يكون متعلقًا بالفاء فقط، وقد يكون متعلقًا بالعين فقط، وقد يكون متعلقًا باللام فقط، والفاء هنا صحت. إذًا سمي المعتل بالفاء مثالاً لِمُمَاثلة ماضيه الصحيحة في تحمل الحركات وعدم الإعلال أن يحرك ويقال له المعتل الفاء (وَهُوَ) أي المثال. (الَّذِي) أي الفعل (الَّذِي يَكُونُ) يوجد ويحصل (فِي مُقَابَلَةِ فَائِهِ) باعتبار الميزان (حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ العِلَّةِ) الثلاثة؟ . الواو والياء لِمَ؟ لأن الألف لا تكون أولاً، وإنما تكون في العين أو اللام. (8/13) ________________________________________ إذًا مُقام ما كان (الَّذِي يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ فَائِهِ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ العِلَّةِ) وذلك الحرف إمَّا واوٌ (نَحْوُ: وَعَدَ)، (وَعَدَ) على وزن فَعَلَ (وَعَدَ) فَعَلَ، إذًا قوبلت الفاء بماذا؟ بالواو وهي حرف من حروف العلة مع صحة العين واللام فنحكم عليه بأنه مثال لأنه في الماضي فعل الماضي وَعَدَ الواو متحركة بالفتح ولم يطرأ عليه تغيير بقطع النظر عن المضارع يَعِدُ حصل تغيير لكن الكلام هنا بماذا؟ أشبه المثال بالفاء أشبه الماضي الصحيح في ماذا؟ في تحمل الحركة وعدم الإعلال، وأما المضارع فلا إشكال أنه يطرأ عليه نوع تغيير، وذلك الحرف إما واو نحو: وَعَدَ، وإما ياء نحو يَسَرَ على وزن فَعَلَ. إذًا قوبلت الفاء بالياء وهي حرف من حروف العلة وهي محركة بالفتح ولا يطرأ عليها تغيير ولا إعلال فأشبه الصحيح فلذلك سُمِّيَ مثالاً، ولا يكون ألف، لأن الألف لا تقع أولاً، (وَإِمَّا أَجْوَفُ)، إما مثال (وَإِمَّا أَجْوَفُ)، والأجوف في اللغة الشيء الخالي جوفه، ولذلك قيل: جوف الإنسان بطنه، وسُمِّيَ المعتل بأجوفَ لَمَّا وقع في وسطه التي هي عينه عين الفعل حرفًا من حروف العلة لأنه بمنزلة البطن العين بمنزلة البطن، فكان في محل العين حرف من حروف العلة فخلا الجوف - هذا هو المراد بالجوف - فخلا وسطه الذي هو العين عن حرف صحيح، (وَإِمَّا أَجْوَفُ وَهُوَ) الأجوف في اصطلاح الصرفيين: الفعل الذي يكون (فِي مُقَابَلَةِ عَيْنِهِ) النظر للعين والمثال يكون النظر للفاء في مقابلة عينه (حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ العِلَّةِ نَحْوُ: قَالَ، وَكَالَ) قَالَ: أصلها قَوَلَ هذا منقلبة عن واو. إذًا وقعت العين واوًا فتحركت الواو وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفًا، فقيل: قَالَ. كَالَ أصله كَيَلَ هذا مثال لما وقع في العين في الياء، وانظر لَمْ يمثل بما وقعت فيه العين ألف لأنها لا تكون أصلاً، قال منقلبة عن واو، وكال منقلبة عن ياء، إذًا كيف تكون هذه ألف أصلية لا تكون إلا منقلبة أبدًا ولا تكون أصلية يعني ليست منقلبة عن حرف علة (نَحْوُ: قَالَ، وَكَالَ) إذًا هذا أجوف ويقال له: ذو الثلاثة، يسمى أجوف، ويسمى معتل العين، ويسمى ذا الثلاثة لماذا؟ لأن ماضيه إذا اتصل به ضمير رفع صار ثلاثة أحرف قَالَ، قَال فعل ماضي صله بتاء فاعل قُلْتُ أين العين؟ حُذفت [أجيبوا]! العين حذفت لماذا؟ للتخلص من التقاء الساكنين أصلها قُولت واو ساكنة ولام ساكنة أصل اللام هنا ماذا؟ متحركًا بالفتح ولما اتصلت بضمير رفع متحرك سكنت دفعًا لتوالي أربع متحركات أو لتمييز الفاعل عن المفعول فالتقى ساكنان الواو واللام فحينئذٍ وجب التخلص من أحد الساكنين وهو: الأول. لأنه حرف علة وماذا؟ (8/14) ________________________________________ ووجد دليل يدل عليه، ولذلك تضم القاف أصله قال قَوَلَ قاف مفتوحة لِمَ ضُمَّتْ في قُلْتُ؟ دلالة على ماذا؟ لأنه إذا قيل قُلْتُ، أو لا، قبل الضم قَلْتُ عرفنا أن العين حرف من حروف العلة التقى ساكنان فوجب حذف العين لكن هل هو ياءٌ أو واو؟ ما ندري لو قُلْتُ: قَلْتُ، قَلْنَا. حينئذٍ ما تدري ما المحذوف هل هو واو أو ياء؟ لكن لا يجوز الحذف إلا إذا دل دليل على المحذوف، حينئذٍ أُلْقِيَتْ حركة القاف التي هي الفتحة وضم للضرورة وإلا الأصل كما سبق أن الفاء لا تكون فَعَلَ الفاء قلنا: لا تكون إلا مفتوحة طلبًا للخفة، وأما الضم والكسر فهذا منتفيان إلا إذا كانت الضمة عارضة نحو: ضُرِبَ. فلا إشكال ومن عورض الضمة مثل هذا المثال: قُلْتُ. فحينئذٍ نقول: الضمة هذه للدلالة على أن الفعل من ذوات أو بنات - كما يعبر البعض - من ذوات الواو. فنحكم عليه بأن العين واوٌ بدليل الضمة لو لم نضم القاف لالتبس علينا هل هو واوي أو يائي؟ فلا ندري، إذًا قُلْتُ يسمَّى ذا الثلاثة لماذا؟ لكونه يصير مع الفاعل ثلاثة أحرف لأن الفاعل كالجزء من الكلمة حينئذٍ قُلْتُ تقول هذه ثلاثة أحرف، القاف، واللام، والتاء. كأن التاء صار جزءًا من الكلمة، والمحذوف هذا حذف لعلة تصريفية. إذًا يقال له ذو الثلاثة لصيرورته في المتكلم وحده على ثلاثة أحرف كـ قُلْتُ، وتقول ماذا؟ بِعْتُ أيضًا بِعْتُ بكسر الباء أصلها بَعْتُ بَاعَ بَعْتُ سكنت العين التقى ساكنان الياء والعين فحذفت الياء فقيل بَعْتُ، هل المحذوف واو أو ياء، بَعْتُ هل المحذوف واو أو ياء؟ ما تدري فحينئذٍ لزم أن تغير حركة الفاء من جنس الحرف المحذوف ولذلك لا يجوز حذف حرف إلا بشرطين، في التخلص من التقاء الساكنين لا بد من شرطين أن يكون حرف علة وأن يوجد دليل يدل عليه من جنسه يعني إذا كان المحذوف واو لا بد أن يكون الحرف الذي قبله محرك بالضمة، وإذا كان المحذوف ياء لزم أن يكون الحرف الذي قبله محرك بالكسر للدلالة على المحذوف، حينئذٍ قُلْتُ وَبِعْتُ هذه الضمة في القاف والكسرة في الباء للدلالة على المحذوف أنه من بنات الواو أو من بنات الياء واضح هذا؟ (وَإِمَّا أَجْوَفُ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ عَيْنِهِ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ العِلَّةِ نَحْوُ: قَالَ، وَكَالَ. وَإِمَّا نَاقِصٌ) من النقص وهو الشيء الذي نقص منه حرف أو حركة هذا الأصل فيه، النقصان قد يكون بحركة وقد يكون بحرف ويقال له: المعتل اللامي. معتل اللام، كما قيل للأول المعتل الفاء والثاني معتل العين فيقيد لأن المعتل إذا أطلق ينصرف إلى الثلاث قد يكون مثالاً وقد يكون أجوف وقد يكون ناقصًا. ويقال له: المعتل اللام. وكونه ناقصًا لماذا صار ناقصًا؟ لنقصانه في الآخر حركة، لأن النقصان قد يكون بحركة، قاضي القاضي جاء القاضي هنا نقص ماذا؟ الضمة، مَرَرْتُ بِالْقَاضِي نقص الكسرة، رَأَيْتُ الْقَاضِيَ ظهرت عليه الفتحة فسمي ناقصًا، أو حرفًا نحو إذا قيل في الأفعال هنا مثلنا بـ لو قيل يَرْمِي يَخْشَى يَرْمِي نقول: هذا ناقص. (8/15) ________________________________________ لماذا؟ لنقصانه حركة لأن الضمة لا تظهر عليه أو لنقصانه حرفًا فيما إذا دخل عليه جازم، لم يَرْمِ حذف ماذا؟ حرف العلة، إذًا نقص، يَرْمِي زَيْدٌ نقول حذف الضم، إذًا نقص، إذًا نقصانه هنا إما باعتبار حذف الحركة أو باعتبار إسقاط الحرف، يَغْزُو لم يَغْز، ويقال له أيضًا ذو الأربعة لصيرورته مع ضمير المتكلم وحده أربعة أحرف غَزَوْتُ رَمَيْتُ غَزَا غَزَوْتُ رَمَى رَمَيْتُ إذًا صار أربعة أحرف (وَهُوَ) أي في اصطلاح الصرفيين (الَّذِي يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ لاَمِهِ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ العِلَّةِ) إما واو (نَحْوُ: غَزَا) هذه الألف منقلبة عن واو أصله غَزَوَ بدليل غَزَوْتُ لأن الضمير يرد الأشياء إلى أصولها، كذلك المصدر الغزو هو واوي فحينئذٍ علمنا أن غَزَا أصله غَزَوَ تحركت الواو وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفًا، غَزَوَ تحركت الواو وانفتح ما قبلها فوجب قَلْبُهَا ألفًا. وإما ياءً نحو: رَمَى. أصله رَمَيَ لأنك تقول: يَرْمِي رَمْي يَرْمِي إذًا رجعت الياء وأصله رَمَيَ تحركت الياء وانفتح ما قبلها فوجب قبلها ألفًا. إذًا ذكر لك ما يكون في مقابلة فائه فقط حرفًا من حروف العلة أو عينيه فقط أو لامه فقط والحرفان الآخران يكونان صحيحين. انتقل إلى نوع آخر قد يجتمع في الفعل حرفا علة وهو ما يسمى باللفيف (وَإِمَّا لَفِيفٌ) لَفِيف فَعِيل قيل سمي لفيفًا لأن فيه اجتماع حرفي العلة، إذ يقال للمجتمع لفيف أو لالتفاف حرفي العلة فيه بالآخر يعني فيه في الفعل نفسه، للتفاف من الالتفاف أو من الاجتماع، لالتفاف حرفي العلة بعضها على بعض وَقَى وَقَيَ هذا الأصل اجتمعا والتفا بعضهما على البعض أو لكون اجتماع حرفي علة في كلمة واحدة، فلما اجتمعا سمي لفيفًا إما لهذا أو لهذا، وإما لفيفٌ (وَهُوَ) أي: اللفيف من حيث هو يعني سواء كان [مقرونًا أو غير مقرون] مفروقًا أو مقرونًا [نعم]، وإما لفيف (وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ حَرْفَانِ مِنْ حُرُوْفِ العِلَّةِ) حرفان اجتمعا حرفان في مقابلة الفاء واللام أو العين واللام، (وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ) وإما لفيف وهو الذي يكون فيه حرفان من حروف العلة سواء كانتا واوين أو ياءين وهو أي: اللفيف باعتبار اقترانهما وافتراقهما على قسمين اثنين لا ثالث لهما بدليل الاستقراء والتتبع لكلام العرب. (8/16) ________________________________________ القسم (الأَوَّلُ: اللَّفِيفُ المَقْرُونُ) مقرون من الاقتران لاقتران حرفي العلة من غير فاصل بينهما، مقرون من الاقتران لم سمي مقرونًا؟ لاقتران حرفي العلة من غير فاصل بينهما (وَهُوَ) أي: اللفيف المقرون (الَّذِي) أي الفعل (الَّذِي يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ عَيْنِهِ وَلاَمِهِ) العين واللام (فِي مُقَابَلَةِ عَيْنِهِ وَلاَمِهِ حَرْفَانِ مِنْ حُرُوفِ العِلَّةِ) إذًا اجتمع عندنا ماذا؟ حرفا علة ولم يفصل بينهما فاصل فحينئذٍ سمي لفيفًا مقرونًا (نِحْوُ: طَوَى) أصله طَوَيَ تحركت الياء وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفًا طَوَيَ على وزن فَعَلَ إذًا قوبلت العين بالواو وقوبلت اللام بالياء إذًا اجتمعا حرفا علة واقترنا يعني: لم يفصل بينهما فاصل فسمي لفيفًا لاجتمع حرفي العلة في الفعل مقرونًا لعدم الفصل بينهما. (نِحْوُ: طَوَى) وهو من باب ضَرَبَ طَوَيَ يَطْوِي وَشَوَى وَهَوَى كل هذه من اللفيف المقرون. (وَالثَّانِي) القسم الثاني: (اللَّفِيفُ) أيضًا لما سبق (المَفْرُوقُ) مفروق من الافتراق لكونه فصل بين حرفي العلة في الفعل بحرف صحيح، فصل بينهما بحرف صحيح، إذًا ضد الأول لفيف مقرون لاقترانهما ولم يوجد فاصل بينهما أو لفيف مفروق مع اجتماعهما فصل بينهما بحرف صحيح، (وَالثَّانِي: اللَّفِيفُ المَفْرُوقُ) لكون حرفي العلة مفصولين بالحرف الصحيح (وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ فَائِهِ وَلاَمِهِ) مقابلة الفاء واللام (حَرْفَانِ مِنْ حُرُوفِ العِلَّةِ) ولذلك قيل: فائه ولامه. هل يوجد فاؤه وعينه في الفعل لا يوجد فاؤه وعينه حرفان من حروف العلة ولذلك ما ذكره ونص عليه هنا هو المشهور وما عداه إما يكون في الأسماء فقط وإما قليل ونادر وشاذ في الأفعال، ولذلك لا يوجد في المفروق غير ما كان فاؤه واوًا أو لامه ياءً، هذا أخص كما سيذكره هنا (وَقَى) أصله وَقَيَ أليس كذلك؟ على وزن فَعَلَ فاؤه واو وعينه قاف ولامه ياء إذًا اجتمعا عندنا حرفا علة وافترقا بحرف صحيح وهو: القاف. الفاء واو واللام ياء، ولا يوجد إلا هذا النوع أن يكون فاؤه واوًا ولامه ياءً، أما أن يكونا واوين أو ياءين أو الفاء ياء واللام واو هذا لا وجود له في الأفعال وإنما يوجد في بعض الكلمات في الأسماء. (نَحْوُ: وَقَى) وَوَعَى وَوَفَى (وَإِمَّا مُضَاعَفٌ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ عَينُهُ وَلاَمُهُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ) المضاعف [نكتبها المضاعف أم المضعَّف $ 1.05.05] هذا اسم مفعول من ضَعَّفَ يُضَعف وهو في اللغة عبارة عن ما تكرر الشيء فيه من اثنين - يعني من جهة المعنى - يقال له: الأصم. المضعَّف يقال له: الأصم. لاحتياجه إلى تكرار الحرف كما أن الأصم يحتاج إلى تكرار الصوت ليفهم هذا مثله، والمضعَّف نوعان: مضعف الثلاثي. ومضعف الرباعي. المضعف الرباعي كما ذكرناه سابقًا ما كانت فاؤه ولامه الأولى من جنس وعينه ولامه كان من جنس آخر، نحو: زَلْزَلَ، وَوَسْوَسَ، وَعَسْعَسَ. (8/17) ________________________________________ والثاني: المضعَّف الثلاثي ويسمى الأصم وهو ما كانت عينه ولامه من جنس واحد. وأكثر عناية الصرفيين بالمضعف الثلاثي لأن التغيرات تطرأ عليه، وأما زلزل وَوَسْوَسَ فلا يطرأ عليه شيء. ما كانت (عَينُهُ وَلاَمُهُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ) إذًا إذا كان التضعيف أو الحرفان من جنس ولو أدغما في غير مقابلة العين ولا اللام لا يسمى مُضَعَّفًا، اجْلَوَّذَ وجد عندنا مثلان أُدغم الأول في الثاني مثل شَدَّ وَمَدَّ، اجْلَوَّذَ قلنا: زيدت فيه لامان: الأولى ساكنة، والثانية متحركة. فأدغمت الواو الأولى في الثانية، هل هو مثل شَدَّ وَمَدَّ؟ شَدَّ وَمَدَّ لا إشكال لأنه مُضعَّف الثلاثي، واجْلَوَّذَ لا يُسمَّى مُضَعَّفًا لماذا؟ لكون الحرفين اجْلَوَّذَ الواو الأولى والثانية ليستا في مقابلة العين واللام، وشرط المضعَّف أن يكونا حرفا العلة في مقابلة العين واللام، إذًا يكونا أصليين، أن يكون الحرف المدغم في الحرف الآخر أن يكونا أصلين يعني: في مقابلة حرف الأصلي وهو العين أو اللام، وأما اجْلَوَّذَ نقول: هذا ليس في مقابلة حرفين أصليين، فهذه الواو لا تقابل العين ولا اللام بل هي زائدة، ثنتان وَقَطَّعَ هل هو مضعَّف؟ لا، ليس مضعَّف، لماذا؟ لأن أحد المتجانسين في مقابلة العين سواء الأولى أو الثانية، واللام قَطَّعَ عين، اللام هي العين. إذًا ليست أحد الحرفين المتجانسين والشرط أن يكون العين واللام هما الحرفان المدغم الأول في الثاني مثل شَدَّ الدال الأولى في مقابلة العين والدال الثانية في مقابلة اللام، لكن قَطَّعَ إحدى الطائين في مقابلة العين والطاء الثانية أو الأولى زائدة والذي يقابل اللام هو العين إذًا قَطَّعَ نقول: هذا ليس من المضعّف. خَرَّجَ مثله، احْمَرَّ الراء الأولى مدغمة في الثانية، احْمَرَّ على وزن افْعَلَّ إذًا العين ليست هي إحدى الرائين وإنما احْمَرَّ الميم هي عين الكلمة افْعَلَّ، واللام احْمَرَّ اللام المضعّفة هي إحدى الرائين أصلية والأخرى زائدة، فحينئذٍ وقع التضعيف للحرف الأول والثاني في مقابلة اللام مع حرف زائد بالتكرار فقيل: احْمَرَّ. ومثله: اقْشَعَرَّ. هذه الراء مكررة للإلحاق كما سبق بيانه فإن أحد الحرفين المتجانسين في هذه الأمثلة ليس في مقابلة العين بل هو تكرير للام لام الكلمة والمثال له وهو صحيح مَدَّ وَشَدَّ واشْتَدَّ وامْتَدَّ. (8/18) ________________________________________ إذًا المضعّف بنوعيه وأراد هنا المضعَّف الثلاثي (وَهُوَ الَّذِي) أي: المضعّف الفعل (الَّذِي يَكُونُ عَينُهُ وَلاَمُهُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ نَحْوُ) ماذا؟ (مَدَّ أَصْلُهُ مَدَدَ) على وزن فَعَلَ، اجتمع عندنا مثلان فوجب الإدغام الأول متحرك والثاني متحرك وشرط الإدغام إسكان الأول فوجب إسقاط حركة الدال فسقطت وليس عندنا نقل نسقطها فقيل: مَدَّ. بعد إسقاط حركة الدال الأولى نقول: سكنت ووجب إدغامها في الحرف الثاني فقيل: مَدَّ. (وَلاَمُهُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ نَحْوُ: مَدَّ. أَصْلُهُ مَدَدَ) ذكره (أَصْلُهُ مَدَدَ) هذا مثال لِمَا يكون التضعيف في أصوله (مَدَدَ) حذفت حركة الدال الأولى لِمَ حذفت؟ لأجل الإدغام لأن إسكان الأول شرط فيه ليتصل بالثاني (ثُمَّ أُدْغِمَتْ) بعد سلب الدال الأولى حركتها أدغمت وسكنت أدغمت هذه الدال الأولى الساكنة بعد طرح وإسقاط حركتها في الدال الثانية المتحركة، أدغمت في الدال الثانية المتحركة. (وَالإِدْغَامُ) إذًا سيذكر لك حقيقة الإدغام وهذا ما يُسمَّى بالاستطراد ذكر الشيء لمناسبةٍ وهنا ليس بحث هذا الإدغام هنا وإنما هذا باب يبحثه الصرفيون ولكنه باب مستقل له أحكام كثيرة، لكن لَمَّا ذكر الإدغام هنا في باب المضعَّف حينئذٍ ناسب أن يذكر حدّه وأنواعه الثلاثة فقال: (وَالإِدْغَامُ) إِفْعَال أَدْغَمَ يُدْغِمُ إِدْغَامًا إِفْعَال إِدْغَام بالتخفيف وإذا قيل إِدَّ بالتشديد حينئذٍ يكون من باب الافتعال الإدِّغام هذا مذهب الكوفيين وأما الإدغام هذا من باب الإفعال، والإدغام عندهم عند الصرفيين (إِدْخَالُ أَحَدِ المُتَجَانِسَيْنِ فِي الآخَرِ) نقول: الإدغام مصدر. أدغمتُ اللجام أي: أدخلته في فيه. ومنه إدغام الحروف. لأنه يُدخل الحرف الأول في الحرف الثاني، إذًا وجد فيه المعنى اللغوي لأنه قال: (وَالإِدْغَامُ إِدْخَالُ). إذًا فيه إدخال لماذا؟ لكون الإدغام في اللغة هو الإدخال المخصوص تقول: أدغمت اللجام أي: أدخلته في فيه. ومنه: إدغام الحروف. (إِدْخَالُ أَحَدِ المُتَجَانِسَيْنِ) أي: المتماثلين والمتقاربين في المخرج فقوله: (المُتَجَانِسَيْنِ). يشمل المتماثلين والمتقاربين في المخرج (فِي الآخَرِ) يعني: في الحرف الآخر (إِدْخَالُ أَحَدِ المُتَجَانِسَيْنِ) قلنا: المتماثلين مثل ماذا؟ مَدَدَ الذي ذكرناه مَدَّ مَدَدَ هنا متماثلان أو متقاربان؟ متماثلان فأدخلت الدال الأولى في الثانية بعد إسقاط حركتها، إمَّحَى أصلها انْمَحَى أدغمت النون في الميم بعد قلبها ميمًا فقيل إمَّحى هنا حصل عندنا إدغام لكنه ليس بمتماثلين بل متقاربين. (8/19) ________________________________________ إذًا الإدغام لغةً: الإدخال المخصوص. والغرض من الإدغام مطلقًا في كل الأبواب الغرض منه طلب التخفيف لماذا؟ لأنه إذا لم يكن إدغام سيكون فيه ثقل على اللسان، إذ مع الإدغام يرتفع اللسان ارتفاعة واحدة مرة واحدة مَدَّ، أما إذا قلت: مَدَدَ. نطقت بالدال ثم رجعت إليها مرة أخرى وهذا فيه ثقل، مَدَدَ ليس كمَدَّ مَدَّ أخف على اللسان مرة واحدة، إذ مع الإدغام يرتفع اللسان ارتفاعة واحدة لأن المكرر ثقيل على اللسان لما فيه من العود إلى الحرف بعد النطق به فيصير بعد الإدغام حرفًا مغايرًا لهما بهيئته وهو الحرف المشدد، الحرف المشدد مغاير للدالين مَدَدَ مَدَّ من حيث الهيئة مغاير، وزمانه أطول من زمان الحرف الواحد لا شك وأقصر من زمان الحرفين لا شك، وعرَّفه ابن الحاجب بقوله: الإدغام أن تأتي بحرفين ساكن ومتحرك من مخرج واحد من غير فصل. وهذا هو الشرط الثالث الذي ينبغي زيادته على كلام المصنف (إِدْخَالُ أَحَدِ المُتَجَانِسَيْنِ فِي الآخَرِ) من غير فصل بينهما لا بد من هذا هَذا شرط لا بد منه مع تحريك الثاني وإسكان الأول (وَهُوَ) أي: الإدغام. (عَلَى ثَلاَثَةِ أَنْوَاعٍ): (النَّوْعُ الأَوَّلُ: وَاجِبٌ: وَهُوَ) أي: الإدغام الواجب يكون في صورتين: الأولى: (أَنْ يَكُونَ الحَرْفَانِ المُتَجَانِسَانِ) المتماثلان أو المتقاربان (مُتَحَرِّكَيْنِ) في كلمة واحدة بقرينة المثال. (8/20) ________________________________________ أو الصورة الثانية: (يَكُونَ الحَرْفُ الأَوَّلُ) من الحرفين المتجانسين أو المتقاربين (سَاكِنًا وَالحَرْفُ الثَّانِي مُتَحَرِّكًا) أيضًا في كلمة واحدة، الفرق بينهما أن يكون الأول النوع الأول الحرفان متحركان فحينئذٍ يجب إسقاط حركة الحرف الأول أو النقل، الإسقاط في الماضي مثل مَدَدَ يجب إسقاط حركة الدال الأولى يعني: ليس عندنا إعلال بالنقل بخلاف (يَمُدُّ) مَدَدَ الميم مفتوحة و (يَمُدُّ) الميم مضمومة، لِمَ ضمت في المضارع مع فتحها في الماضي؟ لا بد من السؤال، قيل في مَدَدَ أُسقطت الحركة ولم تنقل إلى الميم قبلها لماذا؟ لكون الحرف الميم السابقة متحركة وشرط الإعلال بالنقل أن يكون الحرف السابق ساكن هذا الأصل أن يكون ساكنًا فإذا لم يكن ساكنًا كان متحركًا امتنع إعلال الإعلال بالنقل، حينئذٍ مَدَدَ نقول: أُسقطت الحركة حركة الدال الأولى وليس عندنا النقل، أما يَمْدُدُ على وزن يَفْعُلُ (مَدَّ يَمُدُّ) هذا من باب نَصَرَ يَنْصُرُ يَمْدُدُ يَفْعُلُ إذًا الميم هي الفاء وهي ساكنة، يَمْدُدُ أريد إدغام الحرف الأول الدال الأولى في الثانية وهي متحركة بالضمة، لا نقل نسقطها لماذا؟ لوجود شرط الإعلال بالنقل وهو كون الحرف السابق ساكنًا وهو صحيح فحينئذٍ نُقل ليس عندنا إسقاط نقول: نقلت حركة الدال الأولى إلى الميم قبلها الساكن الصحيح قبلها ثم أدغمت الدال في الدال بعد سكون الأولى فقيل لم يَمُد قيل: (يَمُدُّ) بضم الميم، المِيم هذه ضمت لماذا؟ حركت الدال التي أدغمت في الدال الثانية، إذًا هذا إعلال بالنقل وليس عندنا إسقاط بخلاف الماضي - وهذا شرحناه في المقصود - (أَوْ يَكُونَ) إذًا النوع الأول أو الصورة الأولى أن يكون الحرفان متحركين فحينئذٍ يجب إسقاط حركة الحرف الأول لأنه شرط، لا إدغام إلا بإسكان الحرف الأول، أو يكون الحرف الأول ساكن جائز فحينئذٍ تدغمه في الثاني ليس عندنا إسقاط وليس عندنا نقل، أن (يَكُونَ الحَرْفُ الأَوَّلُ) منهما (سَاكِنًا وَالحَرْفُ الثَّانِي مُتَحَرِّكًا) أيضًا في كلمة واحدة (نَحْوُ: مَدَّ) بفتح الميم (يَمُدُّ) هذا (مَدَّ يَمُدُّ مدًّا) من باب نَصَرَ يَنْصُرُ نَصْرًا، إذًا إذا قيل: نَصْرًا العين مَدًّا نَصْرًا العين ساكنة واللام متحركة حينئذٍ مَدًّا أصله مَدْد بإسكان الدال الأولى النطق صعب في هذا مَدْد حينئذٍ نسكن الدال الأولى لكونها من باب فَعْلٍ فسكن الأول ابتداءً والثاني متحرك الذي هو مثال للصورة الثانية، يكون الحرف الأول من المتماثلين ساكنًا والثاني متحرك كـ مَدٍّ وهو مصدر (مَدَّ يَمُدُّ) أما (مَدَّ يَمُدُّ) هذا مثال للصورة الأولى فيما إذا كان يعني: المثلين متحركين. إذا كان المثلان متحركين فـ (مَدَّ يَمُدُّ) صالح لهما لأن مَدَّ مَدَدَ وَيَمُدُّ يَمْدُدُ إذًا الحرف الأول متحرك بالفتح في الماضي وبالضم في المضارع، أما مَدًّا فالحرف الأول ساكن لأنه مصدر على وزن فَعْل لأنه من باب نَصَرَ يَنْصُرُ نَصْرًا هذا النوع الأول واجب يجب الإدغام هنا. (8/21) ________________________________________ (النَّوعُ الثَّاني: جَائِزٌ) يعني: جائز الإدغام وعدمه، يجوز أن تدغم ويجوز أن تترك الإدغام ليس كالأول. (النَّوعُ الثَّاني) من الأنواع الثلاثة من أنواع الإدغام (جَائِزٌ) يعني: جائز إدغامه وعدمه، والجواز هنا بمعنى سلب الوجوب عن الطرفين أي: الوجود والعدم جميعًا. (جَائِزٌ وَهُوَ) أي: الإدغام الجائز يتحقق في كلمة وقع فيها أن يكون الحرف الأول من المتجانسين متحركًا الأول متحرك والحرف الثاني ساكنًا عكس الأول، النوع الثاني الجائز أن يكون الحرف الأول متحرك والثاني ساكن لكن ليس سكونه مطلقًا بل بسكون عارضٍ فحينئذٍ يجوز الإدغام، إذًا صار عندنا سكون لكنه ليس بأصلي، السكون قد يكون أصليًّا، وقد يكون عارضًا ليس بأصلي، يعني: يمكن أن يجوز مثل ماذا؟ السكون الأصلي ضَرَبْتُ قالوا: السكون في هذا لازم لا ينفك الفعل الماضي إذا اتصل به ضمير رفع المتحرك عن السكون أبدًا لا ينفك عنه في كل حال من الأحوال ضَرَبْتُ قُمْتُ سَافَرْتُ ... إلى آخره هذا سكون لازم، وأما سكون الأمر فعل الأمر قالوا: هذا ليس بلازم. قُمْ، قُومَا، قُومِي، إذًا هذا عارض لكونه للمخاطب الواحد، وكذلك في الفعل المضارع المجزوم لَمْ يَقُمْ يَقُومُ لَمْ يَقُمْ السكون هنا عارض لوجود لَمْ فلو أزيلت لَمْ زال السكون فعاد الرفع أو النصب هذا يكون ماذا؟ يكون سكون عارضًا ليس بلازم، أن يكون الحرف الأول من المتجانسين أو متماثلين أو المتقاربين متحركًا والثاني الحرف الثاني ساكنًا لكن لا بمطلق السكون بل بسكون العارض لسبب الوقف أو الجزم ليس بأصل، فحينئذٍ يجوز الإدغام نظرًا إلى عدم سكونه يعني: لما كان هذا السكون عارضًا يمكن أن لا نلتفت إلى السكون ونعتبر الأصل أنه متحرك فحينئذٍ يجوز الإدغام تبعًا للأول بإسقاط حركة الأول مع حركة الثاني المقدر لاعتبار فيدغم الأول في الثاني، نظرًا إلى عدم سكونه في الأصل ويجوز تركه، يعني ترك الإدغام نظرًا إلى سكونه في الحال، إذًا السكون العارض هذا لَمَّا كان عارضًا حينئذٍ يلاحظ فيه الحركة يعني أمر اعتباري ذهني. إلا حرف أنه عارض فيمكن أن يزول فتعود الحركة فحينئذٍ لك أن تدغم، وإن نظرت إلى [لا، العكس]! إن نظرت إلى عدم سكونه في الأصل واعتبرت الحركة حينئذٍ يجوز الإدغام، وإن نظرت إلى كونه ساكنًا الآن في الحال والنطق بقطع النظر عن كونه متحركًا في الأصل فحينئذٍ يُترك الإدغام وذلك في الأمر الحاضر قُمْ، مُدَّ مثلاً والمجزوم لأن سكونهما غير أصلي رُدَّ كما مثل به هنا المصنف رُدَّ ما وزنه؟ رُدَّ كم حرف هذا؟ .... ما فاؤه؟ الراء ما عينه؟ الدال أيُّ دال؟ الأولى ما لامه؟ (8/22) ________________________________________ الدال الثانية، طيب هو مثَّل به لِمَا كان الأول فيه متحركًا والثاني ساكن، رُدَّ أصله يَرُدُّ أليس كذلك؟ يَرُدُّ لأنه أصله ماذا؟ الفعل؟ أصله الفعل المضارع رُدَّ وَلْيَرُدَّ ولم يَرُدَّ، رُدَّ هذا أصل يَرُدُّ وإذا كان ما بعد ياء المضارعة في الأمر يجوز فيه الوجهان رُدَّ بترك الهمزة ويجوز فكه ارْدُد يَرُدَّ يَرُدُّ حينئذٍ تكون الأمر بإسقاط حرف المضارعة وسكون آخره فتقول: رُدْ. الراء مضمومة تبعًا للأصل فأسقطت حرف المضارعة من أوله وسكنت الدال الثانية لماذا؟ ليس للإدغام لكونه فعل أمر كيف نصوغ فعل الأمر ضَرَبَ نقول: يَضْرِبْ. ننظر ما بعده فإن كان ساكنًا وجب الإتيان بهمزة وصل فإن لم يكن ساكنًا فلا يجب الإتيان بهمزة الوصل، مثل يَرُد رُد، يَضْرِب اضْرِب وهذا من جهة الأول نحذف حرف المضارع فننظر إلى ما بعده، إما أن يكون ساكنًا فنبتدئ بهمزة الوصل، وإما أن يكون متحركًا فلا نأتي بهمزة الوصل، وآخره إن كان صحيحًا سكَّناه للأمر وإن كان معتلاً أو من الأمثلة الخمسة حذفنا حرف العلة أو النون التي هي علامة الرفع فحينئذٍ نقول: يَرُدد. احذف الأول الياء صار رُدد وسكن الدال الثانية للبناء فحينئذٍ اجتمع ماذا؟ عندنا مثلان الأول متحرك والثاني ساكن، سكون الثاني أصلي أو عارض؟ عارض لماذا؟ لكونه فعل أمر، والجزم هنا بعد الحركة يَرُد رُد إذًا السكون عارض لك أن تنظر إلى الأصل تنظر إلى الأصل وهو يَرُدُّ وكونه متحركًا والسكون هذا عارضًا فحينئذٍ يجوز الإدغام فتقول: رُدَّ. بإدغام الحرف الأول في الثاني لكن بعد سلب حركة الدال الأولى إسقاطها وإدغامها في الثاني. ولك أن لا تنظر إلى الحركة وتعتبر الثاني ساكنًا فتفك، فتقول: ارْدُد. فجاز فيه الوجهان: الفك، والإدغام. الإدغام نظرًا إلى ماذا؟ إلى عدم سكونه في الأصل نظرًا لكون الثاني متحركًا وترك الإدغام نظرًا إلى ماذا؟ إلى كون هذا الحرف الأخير الثاني ساكنًا فحينئذٍ جاز فيه الوجهان، كذلك لَمْ يَرُدّ أصله لَمْ يَرْدُدْ، الدال الأولى مضمومة والدال الثانية ساكنة وسكونها عارض، نقول: يجوز الوجهان لكون السكون هذا عارضًا يجوز الوجهان، إما أن تقول: لَمْ يَرُدَّ بالإدغام، ولَمْ يَرْدُدْ. لَمْ يَرُدَّ بالإدغام نظرًا إلى أي شيء؟ إلى اعتبار الحركة وكون السكون هذا كلا شيء، والفك نظرًا إلى ماذا؟ إلى السكون. (8/23) ________________________________________ إن اعتبرت السكون من حيث هو سكون دون نظر إلى الحركة حينئذٍ أجاز لك الإدغام جاز لك الإدغام، وإن نظرت إلى الحركة التي جيء بالسكون بدلاً عنها مع ملاحظة تلك الحركة فحينئذٍ لك أن تفك فتقول: لَمْ يَرُدَّ ولَمْ يَرْدُدْ. لكن لَمْ يَرُدَّ إذا أدغمنا الأول في الثاني حينئذٍ نظرنا إلى ماذا؟ إلى كون السكون عارضًا فيجوز في حركة الدال هذه ثلاثة أوجه: الفتح، والضم، والكسر. فتقول: لَمْ يَرُدَّ، ولَمْ يَرُدِّ، ولَمْ يَرُدُّ. لماذا؟ لأنه التقى عندنا ساكنان الحرف الأول والثاني، فيجب حينئذٍ التخلص من التقاء الساكنين وهذا على خلاف القاعدة الأصل في التخلص من التقاء الساكنين يحرك الأول وهنا حرك الثاني، فلك أن تحركه بالفتح تخلصًا عن التقاء الساكنين لكون الفتح خفيف والفعل ثقيل فتقول: لَمْ يَرُدَّ. بالفتح ولهذا يُسئل دائمًا لم يقال لَمْ يَصِحَّ فَلْيَصْحح مثل لَمْ يَردُد فحينئذٍ لَمْ يَرُدَّ بالفتح كيف يكون هذا بالفتح مع كونه مجزومًا؟ تقول: الفتحة هذه للتخلص من التقاء الساكنين. ولم كانت فتحة؟ للخفة، ويصح لَمْ يَرُدِّ بالكسر الأصل في التخلص من التقاء الساكنين وهو الكسر ولكن الفتح أولى لأن الأصل في الكسر أن لا يدخل الأفعال ويصح لَمْ يَرُدُّ إتباع، إِتباع ماذا؟ اللام حركة العين لأنه من باب يَفْعُلُ، رَدَّ يَرُدُّ يَرْدُد يَفْعُل إذًا لوحظ فيه ماذا؟ لوحظ فيه أن عينه مضمومة فإتباعًا لحركة الدال إتباعًا لحركة العين ضمت الدال فقيل: لَمْ يَرُدُّ فحينئذٍ يصح فيما كانت عينه مضمومة الوجه الثاني، وأما ما لم تكن عينه مضمومة فلا يجوز، ولذلك يقال مُدَّ مُدِّ بالكسر والفتح، ويقال: لَمْ يَعَضَّ وَلَمْ يَعَضِّ ولا يجوز لَمْ يَعَضُّ، لَمْ يَعَضَّ بالفتح للخفة، لَمْ يَعَضِّ بالكسر وله وجهان: إما تخلصًا من التقاء الساكنين وهو: الأصل، وإما إتباعًا لحركة العين وهو: الكسر. لأنه من باب يَفْعِلُ عَضَّ يَعَضُّ هذا من باب ضَرَبَ يَضْرِبُ حينئذٍ يَعْضِضُ هذا الأصل فأتبعت الضاد الثانية حركت العين وهي مكسورة ولا يصح أن يقال: ولا يَعَضُّ بالضم لماذا؟ لأن العين ليست مضمومة هنا وإنما ضمت في لَمْ يَرُدُّ لكون العين مضمومة. (8/24) ________________________________________ إذًا الجائز صورتان: أن يكون الحرف الأول من المتجانسين متحركًا، والحرف الثاني ساكنًا بسكون عارضًا يعني: ليس بأصل نحو ماذا؟ مثل لك (لَمْ يَمُدَّ) فعل مضارع مجزوم بـ لم، عينه ولامه من جنس واحد متماثلان أدغم الأول في الثاني لَمْ يَمُدَّ، هل هذا الإدغام واجب أم جائز؟ نقول: جائز لماذا؟ لكون الدال الثانية ساكنة لوجود لَمْ، إذًا السكون عارض فلما كان السكون عارضًا جاز فيه الوجهان (نَحْوُ: لَمْ يَمُدَّ. أَصْلُهُ لَمْ يَمْدُدْ) لأنه على وزن يَفْعُل عينه التي هي الدال الأولى ولامه التي هي الدال الثانية (فَنُقِلَتْ حَرَكَةُ الدَّالِ) الأولى يعني أول المتجانسين (إِلَى المِيمِ) فصارت ساكنة، (ثُمَّ حُرِّكَتِ الدَّالُ الثَّانِيَةُ) لأنه لا بد الشرط في الإدغام أن يكون الأول ساكنًا والثاني متحركًا هذا الأصل فإذا سكن الأول ابتداءً فحينئذٍ يجب أن يكون الثاني متحركًا فإذا كان الأول متحركًا والثاني ساكنًا حينئذٍ يجب تسكين الأول ثم يجب تحريك الثاني لا بد من الشرطين. الأول: أن يكون ساكنًا فلو كان متحركًا يجب إسكانه. والثاني: لا بد أن يكون متحركًا فلو كان ساكنًا لا بد من تحريكه. فحينئذٍ أسقطت أو نقلت هنا نقلت حركة الأولى (يَمْدُدْ) يَفْعُلْ وهي عين الكلمة نقلت إلى الميم (ثُمَّ حُرِّكَتِ الدَّالُ الثَّانِيَةُ) لا بد أن يكون الثاني محركًا لشرط الإدغام، (إِمَّا بِالفَتْحِ) طلبًا للخفة لأن الفعل ثقيل، (أَوْ بِالضَّمِّ) بالفتح هذا مطلقًا سواء كان من باب يَفْعَلُ أو يَفْعِلُ أو يَفْعُلُ مطلقًا كل فعل أدغمت الدال الأولى في الثانية أو عينه في اللام جاز أن يحرك بالفتح في كل الأبواب يَفْعُلُ أو يَفْعَلُ أو يَفْعِلُ لماذا؟ لأن الغرض هنا والتعليل بالفتح لماذا؟ للخفة، وهي مطلوبة في الكل (أَوْ بِالضَّمِّ) يعني: إتباعًا لحركة العين لكن هذا يجب تقييده إذا كان المضارع من باب يَفْعُلُ فحينئذٍ تحرك الدال الثانية بالضم إتباعًا لحركة العين، وأما لَمْ يَفِرَّ لَمْ يَفِرِّ لا يجوز الضم لأنه من باب يَفْعِلُ وكذلك لَمْ يَعَضَّ لَمْ يَعَضِّ، لَمْ يَعَضُّ لا يجوز ليس كالمثال الذي معنا، إذًا جازت الثلاثة الأوجه الضم هنا في (لَمْ يَمْدُدْ) فقط يعني: ما كان مثله وهو من باب يَفْعُلُ أما إن كان من باب يَفْعِلُ أو يَفْعَلُ فيجوز فيه الفتح مطلقًا كما جاز في يَفْعُلُ، وأما الكسر والفتح الكسر فهو من باب يَفْعِلُ وَيَفْعَلُ يجُوز فيه الكسر، أقول أعيد: إن كان من باب يَفْعُلُ فيجوز في الدال اللام الثانية ثلاثة أوجه: الفتح، والضم، والكسر. (8/25) ________________________________________ وأما إن كان من باب يَفْعَلُ أو يَفْعِلُ فيجوز فيه الوجهان فقط: الفتح والكسر. الفتح طلبًا للخفة، والكسر للأصل في التخلص من التقاء الساكنين ويكون للإتباع إن كان من باب يَفْعِلُ مثل يَعَضِّ، إما بالفتح للكل لخفته، أو بالضم للإتباع، أو بالكسر في الكل أيضًا لأنه أصل في تحريك الساكن لكون سكونها عارضًا يعني: لم حرك أو جاز هذا الوجه؟ لكون سكونها عارضًا التي هي الدال الثانية بسبب الوقف أو الجزم فلا اعتداد بما يكون كالمعدوم لأن السكون العارض كالمعدوم فحينئذٍ لا اعتداد به، (ثُمَّ أُدْغِمَتْ الدَّالُ الأُولَى فِيهَا) يعني: في الدال الثانية، إذًا الدال الأولى ماذا حصل فيها؟ حصل فيها إعلالٌ بالنقل (لَمْ يَمْدُدْ) المثال الذي معنا (لَمْ يَمْدُدْ) الدال الأولى عين الكلمة مضمومة نقلت إلى ما قبلها فصارت ساكنة، الثانية ساكنة لوجود (لَمْ) إذًا سكونها عارض لا بد من تحريكها إما بالفتح أو بالضم أو بالكسر، فحينئذٍ هذه ثلاثة أوجه، ثم ندغم الدال الأولى في الدال الثانية، (ثُمَّ أُدْغِمَتْ الدَّالُ الأُولَى فِيهَا، فَصَارَ لَمْ يَمُدَّ) لم يَمْدِّ يَمُدُّ، وفي إعرابه تقول لم يَمُدَّ يَمُدِّ يَمُدُّ فعلٌ مضارع مجزومٌ بلم وجزمه سكون آخره أين السكون؟ ... السكون سكون آخره سكونًا مقدرًا منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة التخلص من التقاء الساكنين. هذا في يَمُدَّ ويَمُدِّ ويَمُدُّ إتباع حركة العين (ثُمَّ أُدْغِمَتْ الدَّالُ الأُولَى فِيهَا، فَصَارَ لَمْ يَمُدَّ بِالإِدْغَامِ) نظرًا لعروض السكون (وَيَجُوزُ لَمْ يَمْدُدْ بِالفَكِّ) نظرًا إلى سكون الثاني وإن كان عارضًا مع أن شرط الإدغام تحرك الثاني فلم يُدْغَم لعدم شرطه، إذا لم نحرك الثاني لم يمدد كيف لا يجوز الإدغام ولم يسكن الأول كيف يجوز الإدغام؟ إذًا انتفى الشرط، ولغة تميم بل قيل سائر العرب هو الإدغام لم يمدّ ويقال: امْدُدْ في الأمر [واعْضُدْ] عُضَّ عَضَّ في الأمر ولغة الحجاز الفك قيل: وهي القياس وبها جاء التنزيل {وَلَا تَمْنُن} [المدثر: 6] {وَلَا تُشْطِطْ} [ص: 22]، {فَلْيُمْلِلْ} [البقرة: 282]، {وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ} [لقمان: 19] هذه كلها الأصل فيها جواز الإدغام وتركه فجاء بماذا؟ جاء بالفك فدل على أنه أوفق للقياس. (8/26) ________________________________________ (النَّوعُ الثَّالِثُ) من الأنواع الثلاثة (مُمْتَنِعٌ) إدغامٌ ممتنع يعني: لا يجوز الإدغام، وهو إذا لم يوجد شرط الإدغام حينئذٍ نقول: يمتنع الإدغام (وَهُوَ) يتحقق في كلمة وقع فيه (أَنْ يَكُونَ الأَوَّلُ مِنَ المُتَجَانِسَيْنِ مُتَحَرِّكًا وَالثَّانِي سَاكِنًا بِسُكُونٍ أَصْلِيٍّ) فعند ذلك يكون سكونه كالجزء من الكلمة لماذا؟ لأن سببه أصليٌ وهو اتصال الفعل بما يوجب إسكانه، فعند ذلك يكون سكونه كالجزء من الكلمة فلا يمكن الإدغام لأنه لا بد عند الإدغام من تسكين الحرف الأول من المتجانسين ليتصل بالثاني فيجتمع ساكنان على غير حده ولا يجوز حذف أحدهما، يعني (أَنْ يَكُونَ الأَوَّلُ مِنَ المُتَجَانِسَيْنِ مُتَحَرِّكًا وَالثَّانِي سَاكِنًا بِسُكُونٍ أَصْلِيٍّ) لازم (نَحْوُ: مَدَدْتُ) هنا لا يصح الإدغام لماذا؟ لكون الثاني ساكنًا بسكون أصلي، وشرط الإدغام أن يكون الأول ساكن فحينئذٍ لو سُكِّنَ الأول والثاني ساكنٌ بسكونٍ أصلي مع أنه لا يجوز تحريكه حينئذٍ انتفى شرطٌ الإدغام وهو كون الثاني متحركًا وانتفى شرط الأول وهو كونه ساكنًا، فحينئذٍ لو سُكِّنَ الأول بالنقل أو بالطرح كما سبق التقى عندنا ساكنان ولا يمكن تحريك الثاني فماذا يحصل؟ لا بد من إلقاء أحد الحرفين فإذا أسقط أحد الحرفين سقط البناء، فإذا سقط البناء كيف يكون عندنا إدغام؟ إذًا انتفى الإدغام. (نَحْوُ: مَدَدْتُ إِلَى مَدَدْنَ) إذًا بسكون الأصل لازمٍ فلم يدغم لعدم تحرك الثاني الذي هو شرط الإدغام (نَحْوُ: مَدَدْتُ إِلَى) قولك (مَدَدْنَ) (مَدَدْتُ إِلَى) قولك ... (مَدَدْنَ) يَمْدُدْنَ وتَمْدُدْنَ وامْدُدْنَ ولا تَمْدُدْنَ .. إلى آخره، يعني: كل تصرفات الفعل الذي يتصل به التاء أو ضمير رفعٍ متحرك لأنه هو الذي يلزم فيه السكون مَدَدْتُ ومَدَدْنَا والنّسوة مَدَدْنَ ويَمْدُدْنَ وتَمْدُدْنَ ولا تَمْدُدْنَ .. إلى آخره. إذًا عرفنا الآن الإدغام وهو ثلاثة أنواع: واجبٌ، وجائزٌ، وممتنعٌ. (8/27) ________________________________________ ثم قال: (وَإِمَّا مَهْمُوزٌ) هذا معطوفٌ على ما سبق فحينئذٍ يكون قوله: الإدغام. هذا من باب الاستطراد (وَإِمَّا مَهْمُوزٌ) يعني: الفعل يكون مهموزًا (مَهْمُوزٌ) اسم مفعول من الهمز يعني: ما كان فيه حرفٌ في مقابلة العين سيذكره هو وهو الذي يكون أحد حروفه الأصلية همزة يعني ما كان في مقابلة الفاء أو العين أو اللام همزة حينئذٍ نحكم عليه أنه مهموز اسم مفعول من همزه يهمزه فهو مهموزٌ، (وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ أَحَدُ حُرُوفِهِ الأَصْلِيَّةِ هَمْزَةً، نَحْوُ: أَخَذَ) هذا في مقابلة الفاء، (وَسَأَلَ) هذا في مقابلة العين، (وَقَرَأَ) هذا في مقابلة اللام هذا يسمى مهموزًا (فَإِنْ كَانَتِ الهَمْزَةُ فِي مُقَابَلَةِ فَائِهِ يُسَمَّى مَهْمُوْزَ الفَاءِ) كما ذكرناه في أخذ وهذه لا تتغير إذا وقعت فاءً، وأما هراق قيل شاذ، هراق قلبت الهمزة هاءً أليس كذلك؟ أراق هراق هذا شاذ يحفظ ولا يقاس عليه، إذًا أخذ، وأمن، وأكل، وأمر نقول: هذا مهموز الفاء لكون الهمز وقع فاء الكلمة، وإن كانت الهمزة في مقابلة عينه يسمى مهموز العين نحو: سأل، وسئم، ورأس، وبأس، وهذه يجوز تخفيفها في بعضٍ سأل بثبوت الهمزة وهو الأكثر ويجوز قلبها ألفًا سال، يجوز قلبها ألفًا سأل سال في الماضي، وكذلك المضارع يسأل يسال بقلبها ألفًا، ويسل بحذفها، وفي الأمر كذلك {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} [النحل: 43]، {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: 211]، وقد تحذف في النوع الأول أيضًا في الأمر نحو: قل، وخذ، ومر على غير القياس، ويسمى مهموز العين وإن كانت الهمزة في مقابلة لامه يُسمَّى مهموز اللام نحو: قرأ، ورزأ، وطرأ، (وَيُقَالُ لِهذِهِ الأَقْسَامِ) المذكورة السبعة (الأَقْسَامُ السَبْعَةُ) لأنها معدودة بالسبعة (يَجْمَعُهَا) أي: تلك الأقسام هذا البيت قوله: صَحِيحَسْتْ مِثَالَسْتْ ومُضَاعَفْ ** لَفِيْفٌ ونَاقِصٌ ومَهْمُوزُ وأَجْوَفْ (صَحِيحَسْتْ) قيل هذه لفظة علامة الكون الكلمة خبرًا يعني: بالفارسية أعجمية (صَحِيحَسْتْ) يعني: صحيح هذه خبر لمبتدأٍ محذوف أولها صحيح، فإذا حذفوا المبتدأ وأرادوا بالكلمة الملفوظ بها أنها خبر زادوا عليه كلمة ست (صَحِيحَسْتْ) بحذف الهمزة (مِثَالَسْتْ) يعني: ثانيها مثالٌ ثم حذفت لدلالة ما قبلهتا عليها، وثالثها (ومُضَاعَفْ)، ورابعها (لَفِيْفٌ)، وخامسها (نَاقِصٌ)، وسادسها (ومَهْمُوزُ)، وسابعها (أَجْوَفْ). إذًا هذه المقدمة أو خاتمة جعلها المصنف في خاتمة الكتاب، والأولى أن تجعل في أول الكتاب وهو تقسيم الفعل إلى أقسامه الثمانية أو الأقسام السبعة. وبهذا نكون قد أتينا على جملة هذا الكتاب وشرح قد يعد فيه نوع اختصار لكن كل المسائل التي تُرك شرحها هنا فهي موجودة في ((نظم المقصود))، ((نظم المقصود)) هذا أوسع من متن البناء لأن متن البناء متعلق بالأفعال وكل الأفعال هذه نظمها هناك في أربعة أو خمسة أبيات فاختصرناها هناك والمسألة التي ذكرت في الأقسام السبعة أو الثمانية مبسوطة هناك. وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. (8/28)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليق مختصر على لمعة الاعتقاد للعثيمين

  تعليق مختصر على لمعة الاعتقاد للعثيمين مقدمة التحقيق إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالن...